تفاصيل الخبر

المجلس الأعلى للدفاع تحرّك بعد قطع الطرق والتصعيد لكــن قـراراتـــــه الحازمــــة تحـتـــاج الى تـنـفـيـــذ عمـلــــي!

07/12/2018
المجلس الأعلى للدفاع تحرّك بعد قطع الطرق والتصعيد  لكــن قـراراتـــــه الحازمــــة تحـتـــاج الى تـنـفـيـــذ عمـلــــي!

المجلس الأعلى للدفاع تحرّك بعد قطع الطرق والتصعيد لكــن قـراراتـــــه الحازمــــة تحـتـــاج الى تـنـفـيـــذ عمـلــــي!

 

الاجتماع الذي عقده المجلس الأعلى للدفاع الأسبوع الماضي في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون، لم يكن مبرمجاً في <الأجندة> الرئاسية لأن الأولوية معطاة راهناً لتشكيل الحكومة الجديدة، إلا أن الاضطرابات التي رافقت الحملات الكلامية بين أنصار تيار <المستقبل> من جهة، وأنصار حزب التوحيد العربي برئاسة الوزير السابق وئام وهاب من جهة ثانية، والتي انتقلت الى الشارع حيث تم قطع طرق وشوارع بينها طريق الجنوب الرئيسية في الجية وغيرها، وتشكيل مواكب سيارات فيها مسلحون جابت عدداً من القرى الشوفية والساحلية، جعلت الرئيس عون يستشعر بضرورة تنبيه الأجهزة الأمنية الى دقة ما يجري مع بروز معطيات تؤشر الى امكانية حصول اضطرابات أمنية <تتناغم> مع الاضطرابات السياسية الناتجة عن عدم تشكيل الحكومة العتيدة. وعليه كانت الدعوة التي تقول مصادر وزارية معنية لـ<الأفكار> انها أُبلغت الى المعنيين قبل 24 ساعة من موعد انعقاد المجلس، وذلك تحت شعار تقييم الأوضاع الأمنية في البلاد ودرس الترتيبات المتعلقة بالإجراءات الواجب اتخاذها مع اقتراب موسم الاعياد وضرورة المحافظة على الأمن والاستقرار خلاله وتسهيل أمور المواطنين.

ومع التئام المجلس في قصر بعبدا بدا أن <المخاوف> التي كانت سبباً للدعوة الى الاجتماع، لم تبرز كثيراً في مداخلات رئيسي الجمهورية والحكومة وكذلك معظم الاعضاء من وزراء وقادة أمنيين، إذ <شطح> الحديث - وفقاً للمصادر الوزارية نفسها - الى إجراء جردة بالأرقام حول حوادث السير التي أوقعت 352 قتيلاً و2652 جريحاً، الى حوادث اطلاق النار من اسلحة حربية التي ذهب ضحيتها 106 قتلى و454 جريحاً، ناهيك بحوادث السرقة والنشل التي قاربت من 526 حادثاً وسلب نحو 612 سيارة، إضافة الى استعمال السلاح لارتكاب حوادث سلب بلغت 147 حادثاً. أما التقارير فقد أظهرت حصول 972 حادث إطلاق نار نتيجة خلافات أسفرت عن 267 جريحاً. وبلغ عدد غير اللبنانيين الذين تم توقيفهم لدخولهم البلاد خلسة 1661 شخصاً، كما تم توقيف 1768 مطلوباً. وانتهت هذه الجردة للفترة الممتدة من 1/1/2018 الى 26/10/2018، بأرقام حول واقع النازحين السوريين أظهرت أن عدد الذين غادروا لبنان طوعاً بلغ 27411 نازحاً من اصل مليون و804756 نازحاً، ما يعني أن الاراضي اللبنانية لا تزال تستضيف نحو مليون و777 ألف نازح.

المصادر الوزارية نفسها أشارت الى أن المجلس الأعلى للدفاع تناول الملفات واحداً واحداً بدءاً من الوضع في المخيمات الفلسطينية بعد أحداث مخيم المية ومية حيث تبين أن <الأمور مضبوطة> على حد تعبير قائد الجيش العماد جوزف عون ولم تسجل حوادث كبيرة بعد معالجة وضع مخيم المية ومية، فيما يبقى مخيم عين الحلوة تحت المتابعة الدقيقة نظراً لوضعه الخاص، أما مخيمات الشمال فلم تسجل فيها حوادث تذكر. لكن أبرز ما توقف عنده المجتمعون على صعيد المخيمات الفلسطينية هو تراجع الخدمات التي تقدمها وكالة <الاونروا> لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين بعد توقف عدد من الدول وفي مقدمها الولايات المتحدة الاميركية عن دفع مساهمات مالية في موازنتها، فكانت لفتة من المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم حول ضرورة معالجة هذه المسألة التي يمكن أن تستغل لافتعال توترات أمنية تحت عناوين مطلبية اجتماعية وصحية وانسانية.

وأوضحت المصادر الوزارية ان المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان قدم تقريراً أظهر أن جرائم القتل الفردية أوقعت نحو 114 قتيلاً تم توقيف 213 من مرتكبيها، في حين بلغ عدد الموقوفين في جرائم ترويج المخدرات وتسويقها نحو 3470 موقوفاً في 2834 جريمة مخدرات، وتمكنت القوى الامنية من ضبط نحو 5 ملايين حبة <كبتاغون> خلال سنة واحدة، وما يزيد عن 20 طناً من الحشيشة. واتضح، حسب تقارير قوى الامن أن حوادث السير بلغت 3781 حادثاً سقط فيها 453 قتيلاً، فيما تم تنظيم أكثر من 385 ألف محضر ضبط، من بينها 326 ألف محضر بواسطة <الرادار> لمخالفة السرعة المحددة. وأثير خلال الاجتماع موضوع رخص حمل السلاح التي تعطى للمواطنين وضرورة إعادة النظر فيها والاشراف على بيع الاسلحة حتى في السوق السوداء بهدف القضاء تدريجاً على هذه السوق، فاتضح انه لا بد من اعداد نصوص قانونية حتى تتمكن الاجهزة الامنية والجهات المعنية من ضبط ظاهرة اقتناء السلاح عند اللبنانيين التي وصفها احد الحاضرين بـ<التراث>! ومن المقترحات التي طرحت في هذا السياق، تشديد العقوبات لردع المخالفين.

وقد رأى وزير العدل سليم جريصاتي ان القضاء، وبتوجيه مباشر منه، يصدر الاحكام المتشددة، إلا ان منظومة القوانين الجزائية باتت بحاجة الى تعديل ومقاربات مختلفة، لاسيما في ما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي التي تتحرك من دون أي ضابط قانوني. ولقيت مداخلة الوزير جريصاتي تجاوباً من الحاضرين الذين أثنوا على اقتراحات وزير العدل وطالبوه باقتراح ما يراه مناسباً من مشاريع قوانين في هذا الاتجاه.

وطرح المجتمعون وفقاً للمصادر الوزارية نفسها، ما تواجهه الوحدات العسكرية والأمنية من إطلاق نار خلال تنفيذ مهامها، فعرض قادة الأجهزة الامنية المعلومات المتوافرة لديهم حول هذه الحوادث، وكان تشديد على ضرورة مواجهة أي استهداف للقوى الأمنية لأن ذلك يرتبط مباشرة بهيبة الدولة وبضرورة حماية العسكريين من أي اعتداءات يمكن أن يتعرضوا لها خلال تنفيذهم مهمات امنية. وبدا واضحاً من سياق العرض، كمـــا تؤكد المصادر نفسها، أن التساهل ليس وارداً في حالات مماثلة ولن يحصل أي تراجع امام الضغوط التي يمكن أن تحصل في الميدان أو في السياسة.

ومــــن بـــــاب فتحــــــه الرئــــــيس الحريــــــري حــــــول ضــرورة مراعــاة حقــــوق الإنســــان في التحقيقات التي تجريها الاجهزة الامنية ولاسيما عدم <حماسة الشباب> - على حد تعبير الحريري - في اثناء التحقيقات، دخل الحاضرون الى مواضيع شائكة من بينها مقاربة المؤسسات الانسانية لهذا الملف وتحميلها دائماً الاجهزة الامنية مسؤولية ممارسات لا تقع فعلياً وذلك بهدف إعداد تقارير تبرر عملها وتدخلها، وكذلك ضرورة تعديل بعض القوانين لاسيما تلك التي تتحدث عن التوقيف الاحتياطي، وصولاً الى ملف اكتظاظ السجون الذي تحدث فيه المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود مطولاً مقدماً مقترحات عملية لمعالجة هذه المسألة الدقيقة التي باتت تشكل أزمة حقيقية، اعتبر وزير الداخلية نهاد المشنوق أن حلها يكون من خلال بناء سجون جديدة، خصوصاً أن سجن رومية لم يعد يتسع ويعيش فيه السجناء في ظروف اجتماعية وانسانية لا تطاق. وقــــالت المصــــادر الوزاريــــة لـ<الأفكــــار> ان ما <يزيــــــد الطــــــين بــــلّة> وجود عدد من الموقوفين السوريين في السجون وقد بلغ عدد هؤلاء استناداً الى آخر إحصاء نحو 2538 موقوفاً أي 27,5 بالمئة من نسبة نزلاء السجون، وهذا الواقع لا يمكن التغاضي عنه كما لا يمكن أن يستمر ويتفاقم.

إلا أن المصادر نفسها لفتت الى أن الرئيس عون بدا خلال النقاش قلقاً من ظاهرة اضطراد جرائم تجارة وترويج المخدرات لاسيما في الجامعات والمدارس، وان التقارير التي تصله في هذا الصدد تشير الى تنامي هذه الظاهرة وعدم اتخاذ اجراءات عملية لمنعها أو الحد منها، ما يعرض الجيل الشاب للخطر المباشر وينعكس سلباً على مستقبله وعلى العلاقات العائلية. وفي هذا السياق شدد الرئيس عون على أهمية مطاردة المروجين واعتقالهم وعدم الاكتفاء بتوقيف المتعاطين لأن الخطر الحقيقي يأتي من المروجين والمسوقين الذين يتغلغلون في المؤسسات التربوية والجامعات والنوادي الليلية وغيرها. وأثارت ملاحظات الرئيس عون نقاشاً حول الاجراءات الامنية والقانونية الواجب اعتمادها، وتعديل بعض القوانين لاسيما تلك المتصلة بتبييض الأموال والسرية المصرفية وغيرها من الإجراءات التي يفترض أن تطاول تجار المخدرات إضافة الى مروجيها لاسيما في المدارس والجامعات والملاهي الليلية، خصوصاً بعدما اتضح للمجتمعين وجود تراخٍ في هذه المسألة.

وكي لا ينتهي الاجتماع من دون الحديث عن الغاية المعلنة من انعقاده، تم تناول مسألة الاجراءات الامنية في موسم الاعياد، فاتفق على استحداث غرفة عمليات مشتركة بين مختلف القوى الأمنية لمواكبة الاحتفالات بالميلاد ورأس السنة مماثلة لتلك التي شكلت السنة الماضية، والتي أثبتت فعاليتها في المحافظة على الأمن وسلامة المواطنين. كذلك كان توجيه من الرئيس عون الى الاجهزة الامنية للتنسيق في ما بينها لمساعدة اللجنة المنظمة للقمة العربية الاقتصادية المقرر عقدها في 20 كانون الثاني/ يناير المقبل.