تفاصيل الخبر

المفاوضات مع صندوق النقد الدولي: تفاصيل وأسئلة.. ولا معلومات عن الالتزامات بعد!

03/06/2020
المفاوضات مع صندوق النقد الدولي: تفاصيل وأسئلة.. ولا معلومات عن الالتزامات بعد!

المفاوضات مع صندوق النقد الدولي: تفاصيل وأسئلة.. ولا معلومات عن الالتزامات بعد!

[caption id="attachment_78544" align="alignleft" width="375"] وزير المالية غازي وزني: الأجواء ايجابية وفريق صندوق النقد يبدي تجاوباً مع الطروحات اللبنانية[/caption]

تتوالى جلسات التفاوض بين الدولة اللبنانية ممثلة بوزير المال غازي وزني وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعدد من المستشارين، وبين صندوق النقد الدولي بواسطة "الفيديو كول" لعرض الأوضاع المالية والنقدية اللبنانية، ومدى امكانية تقديم الصندوق المساعدة للبنان التي تعلق عليها الحكومة اللبنانية آمالاً كبيرة من أجل الحصول على التمويل المطلوب لخطة التعافي المالي والاقتصادي التي أعلنتها قبل شهر تقريباً. ويبدي المسؤولون اللبنانيون تفاؤلاً في امكانية الوصول الى التمويل لأكثر من سبب منها ان لبنان عضو فاعل في الصندوق ولم يتأخر يوماً عن سداد حصته السنوية من الاشتراكات الخاصة بالدول، فضلاً عن ان نظام الصندوق يفرض مساعدة الدول الأعضاء عندما تطلب ذلك.

خلال جلسة مجلس الوزراء الأسبوع الماضي في بعبدا طلب الرئيس حسان دياب من الوزير وزني أن يقدم للمجلس تقريراً عن أجواء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فرد الوزير باختصار ان المفاوضات تجري بروح من الايجابية من الطرفين، ولكل جلسة مفاوضات عنوان يتم التركيز عليه للانتقال من بعده الى عنوان آخر. وفي الاجمال، يقول وزني، فإن الأجواء ايجابية ويبدي فريق صندوق النقد تجاوباً مع الطروحات اللبنانية، ويوجه أسئلة كثيرة حول النقاط ولا يحيد عن السؤال إلا بعد الحصول على جواب كاف عليه. لم تدخل المفاوضات بعد مرحلة سماع رأي الصندوق، لأن الكلام ما زال للفريق اللبناني وللايضاحات المطلوبة منه، وهو يجيب على كل التساؤلات لعلمه اليقين ان صندوق النقد قادر على الحصول على المعلومات التي يريدها من مصادر أخرى في الدولة اللبنانية، إضافة الى ان ادارة الصندوق تدرك ان المساعدة يجب أن تقدم الى لبنان لكن السؤال يبقى عن حجم هذه المساعدة وشروطها وظروفها.

تفاصيل... وطمأنة!

يعتبر الوزير وزني ان الأسئلة التي يطرحها فريق التفاوض عن صندوق النقد الدولي تدخل في تفاصيل التفاصيل وأحياناً يطلب المزيد من الشروحات، والجانب اللبناني ــ حسب وزير المال ــ مستعد للاجابة لأنه كان يتوقع هذه الأسئلة وسط المناخات المعروفة، ويبدي الوزير وزني تفاؤلاً بامكانية الوصول الى تقدم في المفاوضات خلال فترة قصيرة، لكنه يدرك في المقابل ان لدى الصندوق شروطاً تفاوضية قد يتعذر على الحكومة اللبنانية الالتزام بها ليس من الناحية السياسية أو لجهة ضبط الحدود وما يتبع ذلك، بل من ناحية الاصلاحات التي يتمسك بها الصندوق، فيما لا تزال الحكومة "تتمهل" بتحقيقها في المجالات المالية والاقتصادية المطلوب منها تنفيذها قبل البدء بصرف المساعدة الدولية. لقد أبلغ الوفد المفاوض عن الصندوق الجانب اللبناني انه لن يدخل في الشؤون السيادية اللبنانية ولن يفرض بالتالي على الحكومة أن تفعل هذه أو تلك من الاجراءات السيادية ولاسيما منها موضوع الحدود لجهة قفلها أو فتحها، لكن في المقابل، يريد الصندوق من الدولة اللبنانية أن تضبط ايراداتها وتعزيزها وهي التي تشكو من خزينة خاوية واحتياطات مالية في مصرف لبنان تتهاوى تباعاً، اضافة الى ضرورة سد مسارب الهدر ويأتي في مقدمها ملف الكهرباء الذي يمكن أن يوفر وحده نحو ملياري دولار أميركي، وهو المبلغ الذي يوازي ما يطلبه لبنان سنوياً من الصندوق من ضمن رزمة المليارات العشرة حتى العام 2024.

وقد سارع الجانب اللبناني الى طمأنة الجانب الدولي الى ان الاستقرار في لبنان "خط أحمر"، وان القوى الأمنية والعسكرية ممسكة بالوضع الأمني في الداخل وعلى الحدود الجنوبية (بالتنسيق مع القوات الدولية) وعلى طول الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا، وان عملية ضبط المعابر غير الشرعية انطلقت بزخم خلال الأسبوعين الماضيين، كما أكد الجانب اللبناني ان مسارب الهدر والفساد والتهريب على الحدود يتم تسكيرها مسرباً إثر مسرب وان الاجراءات المتخذة ستضع حداً لأي عملية تهريب. لكن الجانب اللبناني قال أيضاً ان الاستقرار الأمني صنو الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي فمن الضرورة بمكان الحفاظ على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية حتى لا تنتشر الفوضى ويعم الفلتان والسرقات والسلب بحيث يصبح من الصعب ضبط مثل هذه الممارسات الشاذة إذا ما توسع اطارها بفعل عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي الناتج عن الفقر والعوز والجوع، علماً ان نسبة العائلات اللبنانية التي باتت تحت خطر الفقر تبلغ نحو 50 بالمئة من الشعب اللبناني!

كلام الحاكم!

[caption id="attachment_78543" align="alignleft" width="358"] حاكم مصرف لبنان رياض سلامة: لبنان غير مفلس ويملك احتياطات كافية لتمويل الواردات الأساسية الى البلاد[/caption]

في أي حال تستمر المفاوضات، وكل المعطيات تشير الى ان الجانب الدولي يتقبل شروحات الجانب اللبناني لكنه يركز من حين الى آخر على أوضاع مصرف لبنان، لاسيما بعد المواقف التي أطلقها حاكمه رياض سلامة والتي اعتبر فيها ان لبنان حقق عجزاً بقيمة 81 مليار دولار بسبب تراكم عجز الحساب الجاري والميزانية على مدى الأعوام الخمسة الماضية، مشيراً الى انه سعى في الفترة الماضية للمحافظة على استمرار دفع الديون الخارجية للبلاد بهدف منع أي توترات والمحافظة على تدفق رؤوس الأموال والعملات الأجنبية الى الى البلاد، لكن القيادة الرسمية كانت من الرأي المعاكس. واستوضح الجانب الدولي ما قاله الحاكم حول ان بعض القوى السياسية تحرك جزءاً من الشارع لتشويه صورة المصرف المركزي وحاكمه بطريقة كاريكاتورية، فرد الحاكم بأن هذا الأمر غير عادل لأنه ليس سبب المشاكل التي يواجهها لبنان، لاسيما وانه أبقى السياسة النقدية المنفذة لفترة طويلة على أسعار فائدة منخفضة، في حين ان ديون البلاد زادت من سنة الى أخرى، وبصوت واضح قال الحاكم للجانب الدولي انه على رغم حالة الركود التي يعيشها لبنان بسبب الظروف وبسبب فيروس "كورونا" وعلى رغم التقصير الحاصل، فإن لبنان ليس بلداً مفلساً.

وتقول مصادر مطلعة على مسار المفاوضات ان تأكيدات الحاكم بعدم افلاس لبنان كان موضع اهتمام الجانب الدولي الذي لم يلتقِ، حسب معلوماته، مع الحاكم سلامة في تشخيص نسبة الخسائر المالية لأن الأرقام عند صندوق النقد الدولي كانت مختلفة عن تلك التي أوردها الحاكم سلامة في مداخلته. علماً ان الحاكم أبلغ وفد الصندوق ان المصرف المركزي لا يزال يدعم وصول المنتجات الغذائية والبنزين والأدوية والطحين ما يؤكد على ان لبنان غير مفلس لأن امتلاك احتياطات كافية لتمويل الواردات الأساسية الى البلاد "يثبت اننا قمنا بعملنا بطريقة احترافية وإلا فلن يكون هناك مزيد من المصارف ولا مزيد من المال!".

وفيما أكد سلامة للوفد الدولي ان التفكير قائم حالياً عن حلول لخفض سعر صرف الدولار نسبة الى الأسعار التي يقدمها الصيارفة، أبدى وفد الصندوق اهتماماً بالارتفاع العشوائي للدولار وتراجع قيمة الليرة حياله، مستوضحاً الأسباب التي أدت للوصول الى هذا الواقع.

في أي حال، المفاوضات لم تنته، حتى ان البعض يقول انها لا تزال في بدايتها، وان الأيام الآتية قد تحمل المزيد من الايضاحات في الموقف اللبناني، تقابله من الجانب الدولي معطيات حول مدى استعداد صندوق النقد الدولي لتقديم المساعدة المالية التي يطلبها لبنان في توقيت يناسبه.