تفاصيل الخبر

المباني الخضراء حاجة ملحة للحفاظ على البيئة!

28/09/2018
المباني الخضراء  حاجة ملحة للحفاظ على البيئة!

المباني الخضراء حاجة ملحة للحفاظ على البيئة!

 

بقلم وردية بطرس

المبنى الأخضر هو المبنى الذي يراعي الاعتبارات البيئية في كل مرحلة من مراحل البناء، وهي التصميم، التنفيذ، التشغيل والصيانة، والاعتبارات الرئيسية التي تراعى هي تصميم الفراغات وكفاءة الطاقة والمياه، وكفاءة استخدام الموارد، وجودة البيئة الداخلية للمبنى، وأثر المبنى ككل على البيئة. والمباني الخضراء توفر العديد من المزايا للعديد من الجهات المعنية بصناعة البناء، بما في ذلك سكان المباني والمجتمع ككل. وتشمل المباني الخضراء عادة جودة هواء أفضل، اضاءة طبيعية وفيرة، توافر اطلالات، ومكافحة الضوضاء التي تفيد شاغلي المبنى، مما يجعل هذه المباني مكاناً أفضل للعمل او المعيشة. ومن السمات الأساسية للمباني الخضراء التشديد على حماية التوازن البيئي الموجود، وتحسين البيئات التي قد تكون قد تضررت في الماضي.وغالباً ما تشيد المباني الخضراء في الأراضي الحساسة بيئياً، مع أخذ التدابير اللازمة لاستعادة الحياة النباتية. والمباني الخضراء تستفيد من أقل قدر ممكن من المواد من خلال تصميم جيد واهتمام بإزالة المواد غير الضرورية. بالاضافة الى ذلك، بناء تلك المباني يرشد في استخدام المواد ويعمل على اعادة تدوير المياه وان كفاءة استخدام الطاقة هي واحدة من أهم العوامل في تصميم المباني الخضراء، من الاختيار الدقيق للنوافذ، والعزل الجيد للحفاظ على درجة حرارة الهواء، وعزل مواسير التكييف، الى الوضع الصحيح لعوازل البخار والهواء، واستخدام الطاقة النظيفة في التدفئة والتبريد، فكل هذه العوامل تجعل المبنى أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، وكذلك فإن استعمال الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية او الطاقة الحيوية لتلبية الاحتياجات من الطاقة تقلل الى حد كبير من البصمة الكربونية لهذه المباني.

 

المباني الخضراء وتخفيض الانبعاثات الغازية!

وتشير مبادرة المباني المستدامة والمناخ لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة الى ان المباني تستخدم ما يقارب من 40 بالمئة من الطاقة العالمية، و 25 بالمئة من المياه في العالم، و 40 بالمئة من المصادر العالمية بينما تقوم تقريباً بطرح ثلث الانبعاثات الغازية التي تسبب الاحتباس الحراري. ومع ذلك تقدم المباني الخضراء الامكانيات الأكبر لانجاز تخفيض ملحوظ في الانبعاثات الغازية للاحتباس الحراري في البلدن المتقدمة والنامية. وكذلك يمكن تخفيض استهلاك الطاقة في المباني بنسبة 30 بالمئة الى 80 بالمئة باستخدام تقنيات حديثة ذات كفاءة عالية ومتاحة تجارياً، وهذا أحد الأسباب الذي يجعل كفاءة الطاقة في المباني بمثابة الغرض الأساسي لخطة الطاقة على المستويات المحلية والاقليمية والعالمية. أما الدوافع لاستخدام فكرة المباني المستدامة فبالنسبة للتفكير العالمي يسعى لتخفيض الانبعاثات الغازية لتخفيف تأثيرها على التغير المناخي العالمي وتقليل بصمتها الكربونية. وأيضاً تشجع الحكومات مواطنيها على اتباع المسار ذاته وبالتالي الاستثمار في استخدام المواد والتقنيات الصديقة للبيئة والأكثر استدامة ومراعاة للبيئة في المساكن او في عرض تصاميم بيئية عصرية وحديثة. وبالنسبة للشركات وأصحاب الأعمال الخاصة فقد يرونها حلاً محتملاً لدعم صورتهم كأصحاب اعمال ذات مسؤولية اجتماعية أكبر، بالاضافة الى أن اتباع أفضل الممارسات لتخفيض استهلاك الطاقة والمياه لا يعود فقط بالفائدة في تخفيض التكلفة التشغيلية وانما هي طريقة أيضاً للحد من تأثيرها البيئي، كمثل تطبيق أفضل الممارسات في مجالات ادارة النفايات والاهتمام بتحسين البيئة الداخلية للمباني.

والتنمية المستدامة والشاملة التي نادت بها قمة الأرض في العام 1992، ترى انه من الضروري ان نفعّل الموضوع البيئي في اي نشاط تنموي نقوم به انتاجياً او استهلاكياً، والنشاط العمراني يجب ان يكون في الطليعة لتجسيد هذه الضرورة وذلك من خلال استخدام ترشيدي وعقلاني للموارد الطبيعية المتاحة، مع بذل أقصى جهد ممكن للتقليل من الأضرار والآثار السلبية للمباني على مكونات البيئة الطبيعية، فالمباني الخضراء هي محاولة لتصحيح العلاقة بين حاجة الانسان الى البناء والتشييد وبين المحافظة على البيئة وما تحويه من موارد ومصادر وامكانات محدودة ومتوازنة، فالبيئة لم تعد مجرد مخزون لما نريد ومستودع لما لا نريد. وانطلاقاً من هذه الرؤية هناك ستة أبعاد رئيسية للمباني الخضراء، ومن خلال مناقشة مختصرة لهذه

الأبعاد نستطيع ان نتلمس ما هو مطلوب لكي نجعل من البناء والتشييد نشاطاً تنموياً معززاً للبيئة ونظمها.

ووفقاً لرئيس مجلس لبنان للأبنية الخضراء المهندس نهاد بوداني فإن المباني الخضراء تلعب دوراً مهماً على صعيد الحفاظ على البيئة، فهي تسهم بشكل كبير في معالجة المشاكل البيئية، اذ يعتبر بأن عملية تصنيع مواد البناء ونقلها وعملية البناء نفسها واستعمال المبنى من قبل شاغليه، كلها عمليات تستهلك طاقة وموارد طبيعية، وهي غالباً ما تتسبب في تلوث الهواء، الماء او التربة، ناهيك عن التلوث الصوتي، الضوئي وغيرهما من الملوثات، ويقول:

- تحدث المباني تغييرات مهمة سلبية على مستوى المناخ المحلي كما على مستوى المحيط الطبيعي او المشيّد، وتستهلك المباني والبنى التحتية مساحات ثمينة من الأرض، وتتسبب في بعض الحالات بحدوث كوارث طبيعية مثل الفيضانـات وهبـوط التربة وانزياحها. وليس القصد من ادراج هذه الحقائق القول ان علينا الاختيار بين البناء والبيئة اذ ان خياراً كهذا يبدو مستحيلاً، فالبناء تلبية للحاجات المتزايدة ولا يمكن ان يتوقف، ومن الناحية الأخرى فإن الحفاظ على البيئة بات من المهمات الضرورية والملحّة من أجل استمرار نوعية مقبولة وصحية من الحياة البشرية، لذلك فإن الاستنتاج المنطقي الوحيد مما تقدم هو الاقرار بضرورة ايجاد حلول للتوفيق ما بين البيئة والبناء.المبنى بمواده وشكله وحجمه وبتجهيزاته التقنية وتنظيمه الداخلي وطريقة استعماله، يحدد اذا ما كانت الموارد تُبدّد او تُستعمل باقتصاد، كما يحدد التأثيرات السلبية او الايجابية التي تحدث على البيئة وبالتالي على الصحة. لذلك فإن مراعاة العوامل البيئية في تصميم وتنفيذ المباني وفي التخطيط العمراني بشكل عام وهو ما بات يُعرف بالعمارة البيئية أو العمارة الخضراء او المستدامة، هو بالتحديد محاولة التوفيق بين ضرورتين: العمران والحفاظ على البيئة.

 

<جيلبير تيغو> والهدف من استخدام المباني الخضراء!

 

فما أهمية المباني الخضراء خصوصاً مع تزايد نسبة التلوث على المستوى العالمي؟ وما هي فوائد استخدام المباني الخضراء، وغيرها من الأسئلة طرحناها على المتخصص في استشارات البناء البيئي السيد <جيلبير تيغو> ونسأله عن مفهوم المباني الخضراء فيقول:

- المباني الخضراء المعروفة أيضاً باسم البناء الأخضر او البناء المستدام تشير الى هيكل باستخدام مسؤول بيئياً والى كفاءة في استخدام الموارد في جميع أنحاء دورة حياة المبنى: من تحديد المواقع للتصميم الى البناء والتشغيل والصيانة والترميم والهدم، وهذا يتطلب تعاوناً وثيقاً بين فريق التصميم والمهندسين المعماريين والعاملين في جميع مراحل المشروع. وان  وممارسة المباني الخضراء تتوسع وتستكمل اهتمامات تصميم المبنى الكلاسيكي في الاقتصاد، الخدمات والتحمل والراحة. وعلى الرغم من ان التكنولوجيا الجديدة تتطور باستمرار لاستكمال الممارسات الحالية في خلق هياكل أكثر اخضراراً، فالهدف المشترك هو ان يتم تصميم المباني الخضراء للحد من الآثار السلبية على صحة الانسان والبيئة الطبيعية وذلك من خلال استخدام الطاقة والمياه وغيرها من الموارد بكفاءة عالية. وثمة مفهوم مماثل هو البناء الطبيعي، والذي غالباً ما يكون على نطاق أصغر ويميل الى التركيز على استخدام المواد الطبيعية المتوافرة محلياً. المواضيع الأخرى ذات الصلة تشمل التصميم المستدام والعمارة الخضراء، ويمكن تعريف الاستدامة بأنها تلبية احتياجات الأجيال الحاضرة دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تنفيذ المباني الخضراء. وقد وجد تقرير صدر في العام 2009 من قبل ادارة الخدمات العامة الأميركية 12 مبنى صممت على نحو مستدام وكانت اقل تكلفة للتشغيل كما وان أداء الطاقة كان ممتازاً، وبالاضافة الى ذلك فإن المستخدمين كانوا أكثر ارتياحاً مع المبنى مقارنة بالموجودين في المباني التجارية العادية.

وعن فوائد استخدام المباني الخضراء يشرح قائلاً:

- المباني الخضراء تُسمى أيضاً المباني المستدامة اذ تبدو مثل المباني القياسية وقد بُنيت لتلبية المعايير الجديدة التي تجعل منها حسنة المظهر، فاخرة وعصرية وهي تحد من المشاكل الصحية في الأماكن المغلقة، اضافة الى انها أكثر أماناً وأكثر انتاجية للسكان، وهي صديقة للبيئة كما انها ليست مكلفة. ونحن نعمل في هذا المجال بشكل وثيق ومستقل مع العديد من العقاريين والبنائين، وأصحاب ومديري المرافق، والمهندسين المعماريين، والمهندسين، ومصممي الديكور الداخلي، والمقاولين، ومديري البناء، والمقرضين والمسؤولين الحكوميين. وفي المباني الخضراء لا يوجد نهج مقاس واحد يناسب الجميع، ولكل مشروع مجموعة خاصة من <البارامترات> الحاسمة. ولدينا فريق استشاري متكامل من ذوي الخبرة الذين يقترحون الحلول بعد التحقيق في الاحتياجات الحقيقية لكل عميل لتحديد أنسب نظام لمشروعه. والاستدامة الحقيقية تدور حول ثلاثة جوانب رئيسية: الاقتصاد (الربح)، والبيئة (الكوكب)، والمسؤولية الاجتماعية (الناس)، وبناء على ذلك فإن اي مبنى حقيقي مستدام ينبغي ان ينتج أثراً اقتصادياً ايجابياً طويل الأجل، وان يستخدم ممارسات بيئية مستدامة، وان يكون مسؤولاً اجتماعياً عن طريق تحسين الحياة التي يتفاعل معها المبنى.

برنامج لمساعدة المدارس في لبنان!

 

ــ ما أهمية البرنامج الذي تهتمون به بما يتعلق بـ<المدارس الخضراء؟ وما هي أهدافه؟

- ان مهمتنا هي ضمان مدرسة خضراء لجميع الطلاب في لبنان، فالمدارس الخضراء عبارة عن برنامج شهادات وضعتها <اي- ايكوسوليوشن> برعاية وزارة التربية والتعليم العالي وبدعم من وزارة البيئة و<التحالف العالمي للمدارس الخضراء - فرع لبنان>، ويهدف البرنامج الى مساعدة المدارس في لبنان على التطور لتصبح جزءاً من المجتمعات الخضراء المتنامية بشكل كبير، والى تمكين أجيال المستقبل من ان يصبحوا مواطنين مسؤولين يراعون البيئة. والمدارس الرسمية والخاصة في لبنان مدعوة للمشاركة في برنامج شهادات <المدارس الخضراء> من أجل: تقييم، وتحسين، والاعلان عن مستوى الاستدامة في المدرسة. وتحصل كل مدرسة على نقاط خضراء استناداً الى لائحة مرجعية واضحة لحلول الاستدامة مقسمة الى 6 فئات: اعادة التدوير، المساحات الخضراء، الفعالية في استهلاك الطاقة، الفعالية في استهلاك المياه، الصحة والسلامة العامة، التعليم والابتكار المستدام.

وأضاف:

- ستقوم <اي - ايكوسوليوشن> بمراجعة الطلبات وستقدم جلسات استشارية بيئية للمدارس تقوم من خلالها بالتدقيق بالحلول البيئية المطابقة للمدرسة، وذلك بهدف اصدار شهادات بالمستوى الذي وصلت اليه المدرسة وذلك استناداً الى الخطوات الرئيسية الآتية:

الخطوة الأولى: تقييمهم الذاتي ويشتمل هذا الأمر على تقييمهم لمشاريع الاستدامة والممارسات المرتبطة بها والتي يتم تطبيقها في مدرستهم، وذلك من أجل تحديد مستوى الشهادة التي تنطبق على المدرسة، ويتم القيام بذلك عبر اتمام اللائحة المرجعية التي ستصلهم عند تسجيل المدرسة من أجل تحديد النتيجة المحتملة للنقاط الخضراء التي يمكن ان تحصل عليها مدرستهم. الخطوة الثانية: عملية تدقيقنا الأولى اذ ما ان يرسلوا لائحتهم المرجعية نزور مدرستهم من أجل التدقيق في مشاريع الاستدامة لديهم، والتحقق من أهلية مدرستهم للشهادة، وتحديد مستوى الشهادة الأعلى الذي يمكنهم الحصول عليه، كما قد نوصي أيضاً بحلول أخرى للاستدامة استناداً الى عملية التدقيق التي أجريناها بهدف مساعدة مدرستهم على تحقيق مستوى أعلى للشهادة في حال رغبوا بذلك. وفي حال كانت الحلول المطبقة حالياً تضمن الحصول على العدد المطلوب للنقاط الخضراء لنيل شهادة معينة، وكانت المدرسة لا ترغب في تطبيق المزيد من الحلول، نعمد عندئذٍ الى اصدار شهادة المدارس الخضراء في هذه المرحلة.

وزاد قائلاً:

- في الخطوة الثالثة تأتي عملية تدقيقنا الثانية، وذلك في حال تم تطبيق المزيد من الحلول البيئية، فنقوم باجراء عملية تدقيق ثانية وأخيرة بعد تطبيق هذه الحلول الجديدة، وبالتالي يتم اصدار <شهادة المدارس الخضراء>. وبعد نيل <شهادة المدارس الخضراء> تستطيع المدرسة السعي الى الحصول على مستوى شهادة أعلى كلما تم تطبيق المزيد من الحلول البيئية، وتبقى <شهادات المدارس الخضراء> صالحة لمدة عامين، ويتم بعد ذلك اجراء عملية تدقيق ثانية للحفاظ على مستوى الشهادة نفسها او الارتقاء الى مستوى أعلى. وسيتم الاعلان عن <المدارس الخضراء> ومنحها الشهادات من خلال احتفال فريد من نوعه، وسيتم ترشيح <المدارس الخضراء> العشر الأولى للمشاركة في مسابقة <المدرسة الأكثر مراعاة للبيئة في العالم> التي ينظمها <مركز المدارس الخضراء> ضمن المجلس الأميركي للأبنية الخضراء او <US Green Building Council> وهي منظمة أميركية غير حكومية لا تبغي الربح تأسست في العام 1993، وهي قائمة على تعزيز الاستدامة في هيكل المباني وتصميمها وبنائها وتشغيلها.