تفاصيل الخبر

 المبادرة الفرنسية مستمرة اقتصادياً وانسانياً ولا تدخل في "الطبخات" الحكومية!

14/10/2020
 المبادرة الفرنسية مستمرة اقتصادياً وانسانياً ولا تدخل في "الطبخات" الحكومية!

 المبادرة الفرنسية مستمرة اقتصادياً وانسانياً ولا تدخل في "الطبخات" الحكومية!

[caption id="attachment_81936" align="alignleft" width="348"] الرئيس سعد الحريري يعلن انه مرشح طبيعي لرئاسة الحكومة.[/caption]

لم يكن من السهل انتزاع موقف فرنسي واضح حول التطورات الحكومية التي حصلت في الاسبوع الماضي وابرزها اعلان الرئيس سعد الحريري بأنه "مرشح طبيعي" لرئاسة الحكومة وانه مستعد ان يتولى رئاسة السلطة التنفيذية شرط التقيد بالمبادرة الفرنسية، ذلك ان باريس ابلغت من يعنيهم الامر في بيروت انها لن تتدخل في مسألة تشكيل الحكومة بعد الذي حصل مع مبادرة الرئيس "ايمانويل ماكرون" وتعثر مهمــــة الرئيس المكلف مصطفى اديب ما دفعه الى الاعتذار والعودة الى مقر عمله في السفارة اللبنانية في برلين.... لكنها مستمرة في الشق الانساني والاقتصادي من مبادرتها لجهة الدعوة الى مؤتمر لدعم لبنان انسانياً واجتماعياً نقل من شهر تشرين الاول (اكتوبر) الجاري الى تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وقد اتى اعلان وزير الخارجية الفرنسية "جان ايف لودريان" الاسبوع الماضي ليؤكد هذا التوجه وبالتالي استمرار " الرعاية" الفرنسية للوضع في لبنان لاسيما في شقيه الاجتماعي والانساني. واذا كان التدخل الفرنسي المباشر في موضوع تشكيل الحكومة قد انكفأ فان المعطيات المتوافرة من باريس تشير الى ان التدخل الفرنسي سيكون من نوع آخر، اي من خلال مجموعة الدعم الدولية للبنان التي ستجتمع خلال الايام القليلة المقبلة للتأكيد امام السلطات اللبنانية على اهمية تشكيل حكومة جديدة، وهذا يعني ان الرعاية الفرنسية ستكون سياسية دولية ولن تكون داخلية وحكومية.

من هنا اخذ التحرك الفرنسي من اجل لبنان بعداً آخر يتلخص بأن الرئاسة الفرنسية ومعها الديبلوماسية الفرنسية ما زالتا تقومان بمساعي مع الاطراف الدولية والمحلية لمساعدة لبنان على الخروج من ازماته. اما لماذا تعثرت المبادرة الفرنسية في لبنان، فإن مصادر ديبلوماسية تورد ثلاثة اسباب رئيسية من دون ان تهمل وجود اسباب لبنانية مباشرة لان اللبنانيين لم يتعاملوا بمسؤولية مع المبادرة، وظنوا انهم يتعاطون معها كما يفعلون بين بعضهم البعض....

اول هذه الاسباب عدم تعامل الفرنسيين بالزخم الكافي مع اللاعبين اللبنانيين فعندما وصل الرئيس "ماكرون" الى بيروت بعد انفجار المرفأ في 5 آب ( اغسطس) الماضي كانت الطبقة السياسية على الارض وهي بحاجة الى فرنسا التي اعطتهم الوقت الكافي للتحرك لذلك كان على الديبلوماسية الفرنسية ان تطالب بتنفيذ فوري من دون اعطاء المهل للسياسيين اللبنانيين الذين افشلوا مبادرتها....

[caption id="attachment_81937" align="alignleft" width="444"] وزير الخارجية الفرنسية "جان ايف لودريان" يعلن عن نقل مؤتمر دعم لبنان انسانياً واجتماعياً الى تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل[/caption]

ثاني هذه الاسباب، وفق مصادر متابعة للحراك الفرنسي من اجل لبنان، هو وجود توافق بين باريس وواشنطن حول الخطة، واخذت الخارجية الفرنسية الضوء الاخضر للقيام بهذه المبادرة، وما اختلف وهو عدم وجود اليوم في الولايات المتحدة الاميركية طرف واحد يقرر، بل عدة اطراف وفقاً لمصالحهم. ويبدو ان احد هذه الاطراف الذي كان على تواصل مع قوى اقليمية، عرقل المبادرة بـــاعــــلان عقوبات على طرفين سياسيين لبنانيين ممـــا افشل تشكيل حكومـــة " المهمة " التي كان من المفروض ان يترأسها مصطفى اديب والتي كانت وضعت باريس الامال عليها لتنفيذ خطتها الاصلاحية.

ثالث الاسباب انسحاب فرنسا من المبادرة بشكلها القديم بعد ان حددت السبل الجديدة لمبادرتها. فباريس كما اعلن "لودريان" وكما اعلن "ماكرون" في مؤتمره الصحافي حول لبنان مستمرة في مبادرتها ولكن التعاطي مع الازمة سيكون مختلفاً بعدما تعلمت باريس من اخطائها.

مبادرة  "ماكرون".... اقتصادية وانسانية

وتلتقي المصادر المتابعة على القول إن المبادرة الفرنسية مستمرة لأن القوى اللبنانية ما زالت تؤيدها في شقها الاقتصادي والمالي لانها خريطة الطريق الوحيدة المعروضة، ولانها ايضا مبادرة لها الغطاء الدولي الذي يمكنها من انتشال لبنان من ازماته، وتؤكد المصادر في هذا الاطار حصول الرئيس "ماكرون"، خلافاً لما يشاع، خلال

[caption id="attachment_81935" align="alignleft" width="418"] الرئيس "ايمانويل ماكرون" خلال اجتماعه بالقيادات اللبنانية في قصر الصنوبر[/caption]

الاجتماعين مع اللاعبين السياسيين على تأييدهم بعد ان كان حصل على تأييد دولي على مبادرته، وهي خطة اقتصادية متكاملة يمكن لاي حكومة جديدة ان تنفذها اذا حصل توافق داخلي للطبقة السياسية على مندرجاتها.

 ولعل ما يزعج الفرنسيين – وفقاً للمصادر نفسها- ان الملف الحكومي اللبناني مطروح من قبل الاطراف على انه عملية تصفية حسابات بين اللاعبين وكل طرف منهم له حساباته ورهاناته المحلية والاقليمية والدولية، وتقاذف مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة وافساد المبادرة الفرنسية يؤكدان على عدم تمتع القيادات اللبنانية - كما ترى باريس- بحس المسؤولية لاسيما وان بلدهم ينهار اقتصادياً ومالياً واجتماعياً....

ومع عودة الملف الحكومي الى الواجهة بعد اعلان الرئيس الحريري بأنه "مرشح طبيعي" لرئاسة الحكومة، تبدي المصادر المتابعة خشيتها من ان يستمر افرقاء في الداخل اللبناني على موقفهم لجهة عدم السير بالمبادرة الفرنسية بكل مندرجاتها وبالتالي منع تنفيذ بنودها، وهذا يعني عملياً عرقلة تنفيذ مقررات اجتماعات مؤتمر باريس واحد واثنين وثلاثة، وصولاً الى مؤتمـــر " سيدر" لأنه يرفض نقاطاً اصلاحية مطروحة.... من هنا تبدو مبادرة الحريري فرصة اضافية لاعادة احياء المبادرة الفرنسية لاسيما وانه اعلن نفسه "مرشح المبادرة الفرنسية" بعدما لمس ان " الفيتوات" التي كانت موضوعة على عودته الى السراي لم تعد موجودة او على الاقل خفت حدة تأثيرها وان المهم ان تعي الاطراف اللبنانية هذه المعطيات وتدعم ترشيح الحريري لئلا يستمر الفراغ على الصعيد الحكومي في ظروف دقيقة وخطيرة يمر بها لبنان. الا ان على القيادات الا تنتظر كلمة السر من باريس وهذا ما ورد بوضوح في كلمة وزير التجارة الخارجية الفرنسي "فراك رياشتير" امام الجمعية الوطنية اذ قال: "على اللبنانيين الان ان يتحملوا مسؤولياتهم ويتدبروا امورهم بانفسهم لانهم لم يلتزموا بتعهداتهم"!.

ويبقى السؤال : هل ستوقظ التحذيرات الفرنسية الاطراف اللبنانيين او تمنعهم من الاستمرار في ما هم يقصدونه او يريدونه او يساهمون فيه، في حين ان المعطيات التي كانت قائمة خلال الاسابيع القليلة الماضية بالنسبة الى تأليف الحكومة العتيدة لا تزال هي نفسها ولم تتغير؟. وفي هذا المجال يوجد حدان يتمثل احدهما في المطالبة بحكومة خبراء اختصاصيين، والاخر بحكومة سياسيين علماً ان الاثنتين اثبتتا فشلهما لان حكومة الخبراء افشلتها الوصاية السياسية للافرقاء الذين لا يرغبون في التخلي عن قبضتهم على السلطة وادارة الخبراء عن بعد، بينما حكومة الممثلين السياسيين اعاقت الاصلاح واغرقت البلاد في محاصصات ولكن يصر عليها فريق اساسي هو حزب الله تحت ذرائع مختلفة.

الأيام المقبلة قد تحمل الجواب في ظل متابعة فرنسية بعيدة عن "الطبخات" الحكومية الداخلية!