تفاصيل الخبر

ألمانيا تُزيد من تطويق "حزب الله" وتضعه على لائحة الإرهاب!

06/05/2020
ألمانيا تُزيد من تطويق "حزب الله" وتضعه على لائحة الإرهاب!

ألمانيا تُزيد من تطويق "حزب الله" وتضعه على لائحة الإرهاب!

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_77679" align="aligncenter" width="593"] الحكومة اللبنانية تتجنب القرار الالماني[/caption]

 إزدادت أزمة "حزب الله" المالية وعادت علاقاته الدولية الى مُربّع التعقيد من جديد عقب الحظر الذي فرضته المانيا عليه منذ أيّام منفّذة في العديد من المناطق الألمانية، مجموعة مداهمات ضد من يُشتبه بكونهم أعضاء ينتمون إليه. وربما النقطة الأسوأ بالنسبة إلى "الحزب" في هذا الحظر، أن الدولة الألمانية قامت بتصنيفه على انه منظّمة إرهابيّة ما يعني أنها لم تعد تُميّز بين جناحيه العسكري والسياسي، وهذا الأمر سوف يترتب عليه أمور كثيرة، أبرزها بما يتعلّق بالمردود المالي الذي يتكئ عليه "حزب الله" من خلال النشاطات السياسية وحملات التبرّع التي تأتيه من ألمانيا.

بعد طول أخذ ورد..المانيا تُحظر "حزب الله"

[caption id="attachment_77680" align="alignleft" width="330"] الشرطة الألمانية تدهم مقر جمعية الرشاد[/caption]

 في خطوة متوقعة إلى حد كبير منذ كانون الأول الماضي، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية منتصف الاسبوع المنصرم عن حظر مجمل أنشطة حزب الله في كل أجزاء البلاد وذلك بعد فترة طويلة ظلّت خلالها ألمانيا تُفرّق بين جناحي الحزب العسكري والسياسي وترفض تصنيف الجناح الأول كمنظّمة إرهابية، على الرغم من الضغوطات الدولية التي كانت تُمارس ضدها من أجل هذا الغرض، وفي طليعة هذه الدول الولايات المتحدة الأميركية بالإضافة إلى الإتحاد الأوروبي. واللافت أنه عقب صدور مذكرة الحظر، نفّذت الشرطة الألمانية مجموعة مداهمات طالت أربع جمعيّات تشرف على مساجد في مدن دورتموند، ومونستر، وبريمن والعاصمة برلين، بحجّة أنها مقربة من الحزب. وقدّر مسؤولون أمنيون ألمانييون أن ما يُقارب الـ 1050 شخصاً في ألمانيا هم أعضاء في حزب الله من بينهم 250 في العاصمة برلين.

 مصادر مقربة من "حزب الله" تؤكد لـ"الافكار" أن اسرائيل والولايات المتحدة الأميركية هما من يقف خلف هذا القرار من خلال الضغوطات التي مارساها على ألمانيا، والجميع ربّما يذكر زيارة وزير الخارجية الأميركية "مايك بومبيو" إلى ألمانيا العام الماضي والضغوط التي مارسها من أجل هذا الغرض وكلامه عن أنه يأمل أن تسير ألمانيا على نهج بقية الدول التي أعلنت حظر أنشطة "حزب الله" وتصنيفه كمنظمة إرهابية. وتسأل المصادر نفسها: ما معنى أن يُعرب وزير الخارجية الإسرائيلي "يسرائيل كاتس" عن شكره العميق للحكومة الألمانية على هذه الخطوة، وإشارته إلى أنها خطوة مهمة وكبيرة في الحرب ضد الإرهاب في العالم، اليس في هذا الأمر ما يستوجب التوقف عنده لمعرفة أسباب القرار الألماني المفاجئ؟

 تشير المصادر إلى أن ما يُحكى عن إستغلال "حزب الله" وجود جماعات له في ألمانيا لجمع الأموال بهدف تمويل عملياته العسكرية، يندرج ضمن مخطّط كبير هدفه إضعاف قدرة "حزب الله" داخلياً وتغيير نظرة الشعوب تجاهه بعد وسمه بصورة إرهابيّة خصوصاً من دولة متقدمة ومتحضرة مثل ألمانيا. كما أن اللوبي الصهيوني في العالم، يُدرك تماماً مدى التواصل أو التقارب بين "الحزب" والدولة الألمانية التي كانت لها مُساهمات عدة سواء بالدعم الاجتماعي أو العلمي أو السياسي حتّى، أو من خلال إشرافها على الكثير من عمليات تبادل الأسرى التي كانت تقوم بين حزب الله وإسرائيل.

الحظر في عيون الخصوم

 يرى بعض المراقبين الذين هم على خصام سياسي مع "حزب الله"، أنه من شأن هذا الحظر أن يؤثر على علاقات ألمانيا مع لبنان، لأن الجماعة ممثلة من خلال جناحها السياسي في البرلمان اللبناني منذ عام 1992. وهي تتمتع مع حلفائها حالياً بالأغلبية البرلمانية. كما أن هذا الحظر قد يفقد ألمانيا دورها كوسيط بين الأطراف المختلفة في المنطقة، إذ سبق لألمانيا أن توسطت في صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله، فضلاً عن أن الكثير من أنشطة حزب الله ستصبح غير قانونية في ألمانيا، ولن يُسمح برفع علمه وخاصة خلال المناسبات الدينية أو حتّى في مسيرة يوم القدس السنوية المثيرة للجدل التي اعتاد على تنظيمها هناك. وترى أنه بعد هذه الخطوة، من غير المُستبعد أن يؤسس حزب الله منظمة جديدة باسم آخر، لكنه سيفقد الكثير من الزخم الجماهيري. كما أنه لا يجب أن ننسى أن لحزب الله قواعد شعبية كبيرة بألمانيا، وتصفه أجهزة الاستخبارات بأنه تنظيم عقائدي على درجة كبيرة من التنظيم، سواء في العمل المباشر بصفته منظمة سياسية، أو العمل غير السياسي المتمثل في الجمعيات التابعة له. كل هذا لم يعد موجوداً بعد إعلان الحظر وبالتالي سوف يتأثر "الحزب" بنسبة عالية بالمدخول المالي الذي كان يأتيه عن طريق المساعدات التي كانت توفرها جماعاته من خلال التجارات المتعددة والمتنوعة التي يُمارسونها هناك.

[caption id="attachment_77681" align="alignleft" width="374"] كتلة الوفاء للمقاومة..الجناح السياسي لحزب الله[/caption]

"تاغس شبيغل": هذا ما قام به حزب الله في ألمانيا

صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية أشارت إلى أن المراكز الثقافية والمساجد التابعة لحزب الله في ألمانيا تقوم بالدعاية والتجنيد وجمع التبرعات لصالح الحزب وعلى نحو خاص مركز الإمام الرضا الإسلامي في العاصمة برلين. كما أشارت إلى أن السلطات الألمانية ترصد عمليات حزب الله لتهريب المخدرات حيث تصل شحنات المخدرات إلى ألمانيا قادمة من أميركا الجنوبية عبر افريقيا. وأضافت قائلة: إن الكوكايين يصل إلى ألمانيا من خلال موانئ هامبورغ، وروتردام الهولندي، وأنتويرب البلجيكي، ويستخدم الحزب الأموال التي يجنيها من هذه التجارة في شراء الأسلحة وتمويل عملياته. وبحسب الصحيفة أيضاً فإن حزب الله يستخدم شركة لتأجير السيارات في مدينة دوسلدورف غربي ألمانيا كواجهة لعمليات غسيل الأموال.

 مصادر مقربة من "حزب الله" ترد عبر "الافكار" بالقول: إن هذه الصحيفة معروفة بتأييدها الواسع للكيان الصهيوني ومدى تماهيها مع المشروع الإسرائيلي بالإضافة إلى وجود عدد من الكُتاب فيها، يُسيئون على الدوام للقضيّة الفلسطينيّة والمقاومة في فلسطين. وتضيف: من يُلاحظ كيفية سرد التلفيقات ضد "الحزب"، يُدرك على الفور أنها من نسج إسرائيلي. وأكثر من ذلك، ثمّة من يسعى من داخل إسرائيل إلى تقليب الرأي العام الأوروبي وتحديداً الألماني من اجل الوصول إلى قرار يجعل الدول الأوروبية تقوم بحسب الجنسيّات ممن يُشتبه بإنتمائهم إلى "حزب الله".

 وعلى الخط نفسه، أعرب لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية عن إدانته الشديدة واستنكاره  قرار الحكومة الألمانية باعتبار حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، لأنه يطال قسماً كبيراً من الشعب اللبناني، والحكومة الألمانية والعالم أجمع، يعلمون أن حزب الله هو حزب لبناني مقاوم يحظى بشعبية واسعة وله نواب ووزراء يعبرون عن حضوره الشعبي والسياسي في الحياة السياسية والبرلمانية اللبنانية، كما أنه قدم تضحيات كبيرة لتحرير أرضه من الاحتلال الإسرائيلي والإرهاب التكفيري، المدعومين أميركياً وغربياً.

 وأضاف: لذلك فإن قرار اعتبار "الحزب" منظمة إرهابية يعتبر إهانة للشعب اللبناني، وضربة لكل قيم الحرية والعدالة التي تدّعي ألمانيا احترامها والإلتزام بها. وختم: إن اللقاء يطالب الحكومة الألمانية بالتراجع الفوري عن هذا القرار الظالم والمنحاز لدول الشر في العالم، فضلاً عن أنه يشكل ضربة للعلاقات اللبنانية-الألمانية ولمصالح البلدين، كما أنه يؤشر إلى انعدام القيم الانسانية وقيم الحق والعدالة التي تميز الشعوب والدول الحرة عن تلك الخاضعة لهيمنة الدول المستكبرة، عدوة الشعوب.

هل تتوسّع القرارات؟

[caption id="attachment_77682" align="alignleft" width="381"] كنيست العدو الاسرائيلي..أي دور له في هذا القرار[/caption]

 هذا التصعيد في موقف ألمانيا ضد "حزب الله"، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية، يؤشر الى رغبة دولية آخذة في التوسع، بمحاربة نشاط حزب الله وكل الفصائل والتنظيمات المسلحة التي تدور في فلك الحرس الثوري الايراني، والمموّلة والمدعومة عتاداً وسلاحاً، من طهران، والى توجّه نحو تفعيل جهود تطويق الجمهورية الاسلامية وأذرعها، والتي بدأت في الواقع، منذ سنوات، "على الناعم" عبر عقوبات اقتصادية وتصنيفات. وفي هذا الاطار، تصب اشادة الخارجية الأميركية بخطوة المانيا ويصب أيضاً موقف السفير الأميركي في ألمانيا "ريتشارد غرينيل"، الذي رحب بموقف برلين، فاعتبر أن قرار الحكومة الألمانية بالتحرك يعكس عزم الغرب على التصدي للتهديد العالمي الذي يمثله حزب الله. ودعا الدبلوماسي الأميركي كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ تدابير مشابهة. وقد رحبت السعودية ايضاً بالموقف الالماني.

 ويبقى السؤال عن تداعيات هذا المسار على علاقة المجتمع الدولي ببيروت وبحكومتها ذات اللون الواحد، وقد أتى بها حزب الله وحلفاؤه الى السراي. فهل ستتأثّر سلبيا؟. منطقياً، الجواب عند البعض هو "نعم". وهنا يعود خصوم "الحزب" ليُدلوا بدلوهم في القضيّة على نحو أن الحكومة سوف تتعرّض لهجمة دولية خلال الفترة المقبلة، خاصة اذا لم تعرف كيف ترسم حداً فاصلاً بين قراراتها وسلوكها من جهة، وبين محاولات حزب الله لفرض هيمنته عليها وعلى توجهاتها المحلية والخارجية، السياسية منها والمالية والاقتصادية والامنية، من جهة ثانية.

والجدير ذكره، ان برلين كانت تدافع طوال السنوات الماضية عن موقفها بعدم حظر الجناح السياسي لحزب الله، قائلة إن ذلك سيضر بالعلاقات مع بيروت وحكومتها، مشيرة إلى أن للحزب دوراً اجتماعياً في لبنان.

نائب سابق: هكذا تورط "الحزب" في الخارج

 يرى أحد النوّاب السابقين أنه بصرف النظر عن ممارسات "حزب الله" في الخارج، إلا أن جزءاً كبيراً من اللبنانيين يعتبرون أن الحزب في الداخل مارس الإرهاب على المواطنين في محطات كثيرة، بداية من إخفاء المتهمين الأربعة باغتيال الرئيس رفيق الحريري وحمايتهم، مروراً بأحداث 7 أيار والتهديد الدائم بالقتل والعنف وصولاً إلى الدخول في القتال في سوريا وبالتالي تهديد أمن لبنان، معتبراً أن كل هذه العمليات ينطبق عليه المنطق الارهابي. ويُضيف: أما عن ممارسات "حزب الله" في الخارج، فيبدو أن الغرب يحاول أن يعمل على نوع من التفريق، خصوصاً في حديثه عن الجناح العسكري، مع أننا على اقتناعات أن "حزب الله" هو بالأساس جناح عسكري وفيلق من الحرس الثوري الإيراني.

 وأشار إلى أن التفريق الذي أقدم عليه الغرب سابقاً بين "حزب الله" العسكري والسياسي هو لفتح أبواب غير مغلقة بشكل كامل حتى لا تغلق، خصوصاً مع الدولة اللبنانية، لاحظاً أن من التدعيات الرئيسية جراء قرار ألمانيا ادراج حزب الله على لائحة الارهاب هو كيف ستتصرف اي حكومة فيها وزراء من حزب مُصنّف على أنه ارهابي.