تفاصيل الخبر

الـمـعركة الـمـقـبلـة ستـكون على أبـــــواب راشـيـــــا وشبـعــــــا!  

20/11/2015
الـمـعركة الـمـقـبلـة ستـكون على  أبـــــواب راشـيـــــا وشبـعــــــا!   

الـمـعركة الـمـقـبلـة ستـكون على أبـــــواب راشـيـــــا وشبـعــــــا!  

بقلم علي الحسيني

الصراع-على-القنيطرة منذ ان انقلبت فصائل الثورة السورية على بعضها وتسلم الاسلاميون او ما يُعرف بتسمية <التكفيريين> زمام العمليات المسلحة ضد النظام والسوري وحزب الله، بدأ التداول بمعلومات تتعلق بترابط هذه الفصائل مع الاجهزة الامنية الاسرائيلية والتنسيق في ما بينها على مستويات عدة وتحديداً الامنية، خصوصاً وان الفريقين يخوضان حرباً ضد عدو مشترك ممثل بالنظام والحزب المدعومين ايرانياً.

مطلع الاسبوع الماضي كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي <بنيامين نتنياهو> عن وجود علاقات تربط إسرائيل بـ<جبهة النصرة> المعروفة بأنها فرع لتنظيم <القاعدة> في بلاد الشام، وان هذه العلاقات تتعلق بضمان امن اسرائيل وسلامة اراضيها ومواطنيها. وقد كشفت مصادر اعلامية اميركية ان <نتنياهو> اعترف خلال رده على استفسارات <اوباما> حول طبيعة العلاقة الخاصة التي نشأت بين اسرائيل و<جبهة النصرة> على حدود الجولان السوري وذلك خلال القمة التي جمعتهما حيث اوضح ان بلاده فعلاً تقيم علاقة خاصة مع مجموعات تابعة لـ<جبهة النصرة> على الحدود من الجانب السوري، وقالت المصادر الاميركية ان <نتنياهو> دافع عن هذه العلاقة بقوله، انها لضمان امن اسرائيل وليست لتعزيز قدرات <جبهة النصرة>. ومن المعروف ان <جبهة النصرة> تسيطر على مساحات واسعة من الحدود السورية مع منطقة الجولان المحتلة من قبل إسرائيل منذ عام 1967.

عدو اسرائيل.. <جبهة النصرة> ام حزب الله؟

تعتبر اسرائيل اليوم ان الاخطار المباشرة التي تتهددها في هذه المرحلة من جبهة الجولان وذلك بعد انهيار الجيش السوري وتفكك الدولة المركزية وتراجع سيطرتها على هذه الهضبة واقتصارها على جيب من هنا وهناك يربط الهضبة بدمشق ويتأذى بالدرجة الاولى من حزب الله وعناصره المنتشرة عند طول المناطق التي ما تزال موالية لنظام الأسد واصرار الحزب بدعم من الايرانيين على انشاء بنية تحتية عسكرية مشابهة لتلك القائمة في جنوب لبنان والوصول لاحقاً الى ربط جبهة الجولان السوري بجبهة الجنوب اللبناني. وانطلاقاً من هذا الافتراض انتهجت إسرائيل سياسة تهدف الى عرقلة هذا المسعى سواء عن طريق القيام بعمليات اغتيال موضعية مثل اغتيال جهاد مغنية ابن قائد مقاومة الحزب عماد مغنية ومسؤولين كبار من الحزب وضباط ايرانيين مطلع هذه السنة عند جبهة القنيطرة، أو من خلال اقامة قنوات اتصال مع الاطراف المعتدلين في المعارضة السورية التي تقاتل جيش الأسد والحزب في الجولان، وذلك عبر تقديم مساعدات انسانية وطبية. ولكن الشعب الاسرائيلي نفسه يعتبر ان الاخطار الحقيقية تنبع من وجود عدو خطر يتربص بأمنهم عند الحدود ويتمثل بتنظيمات جهادية متطرفة مثل <داعش> و<جبهة النصرة> اللتين اصبحتا تسيطران على أجزاء كبيرة من الهضبة في الجانب السوري.

النصرة-عند-معبر-القنيطرةالصراع على القنيطرة

منذ سبعة أشهر وحزب الله ومعه جيش النظام وفرق من الحرس الثوري الايراني بالإضافة الى وحدات عراقية مقاتلة من الحشد الشعبي وغيره، يخوضون معارك ضارية ضد المعارضة السورية في ريفي درعا والقنيطرة جنوب سوريا بهدف إبعاد الخطر عن العاصمة دمشق في ظل سقوط العديد من البلدات والقرى مما يسمح بالاقتراب من العاصمة وبالتالي الاستعداد لشن هجمات بهدف إسقاطها، وقد تمكن مقاتلو <جبهة النصرة> و<جيش الإسلام> مع جماعات متحالفة من قوات المعارضة، من السيطرة على مناطق واسعة جنوب سوريا من دون ان تفلح جهود النظام وحلفائه في تثبيت وجودهم وقواعدهم في تلك المناطق، ما خلا بعض النقاط التي يحتفظ حزب الله بوجود نسبي له عند اطرافها والتي تُعتبر على الدوام نقاط مناطق بينه وبين اسرائيل حيث تشهد عمليات رصد واغتيالات بين الطرفين، وتتمثل عقدة النظام السوري وحلفائه في القنيطرة وريف درعا بعدم تمكنهم بعد سنتين تقريبا من المعارك الضارية والهجمات المتبادلة من الامساك بمفاصل النقاط الحساسة رغم الدعم العلني من الحرس الثوري الايراني بقيادة قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني الذي سبق ان تكفل شخصياً بإنهاء وجود الفصائل المسلحة في تلك المناطق.

لا تخفي الوقائع الميدانية والسياسية مدى توسع التأثير الإسرائيلي في القنيطرة وغربي درعا وخصوصاً في الاشهر الثلاثة الأخيرة. الاسرائيلي يتعامل بجدية كبيرة مع جبهة الجولان وقد تمكن من نسج شبكة علاقات واسعة مع مختلف فصائل المسلحين في الفترة الأخيرة. ويقول مصدر مقرب من حلف <الممانعة> الذي تقوده ايران في المنطقة ان الاسرائيلي وسّع من سيطرته الالكترونية والفنية على نطاق واسع في القنيطرة وان الاشهر الأخيرة شهدت اقبالاً كبيراً لمقاتلين متطرفين من <جبهة النصرة> قدموا إلى درعا والقنيطرة من شرق سوريا على الأغلب بعد فرارهم من تنظيم <داعش>، بينهم عدد من جنسيات اجنبية ما يدفع الإسرائيلي إلى ربط المسلحين الجدد بشبكة معقدة من المصالح لإدارة الفوضى التي بدأت تنتشر بفعل محاولة <جبهة النصرة> السيطرة على ما بقي من الفصائل المحلية. وفي المقابل لا يغفل المصدر الاتهامات المتبادلة بالعمالة لإسرائيل التي تتقاذفها الفصائل وآخرها بث <جبهة النصرة> لشريط مصور يعرض اعترافات شريف الصفوري قائد لواء الحرمين بتلقيه دعماً مادياً وعسكرياً ولوجستياً من الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وأشار الى ان الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية <أمان> تعيد تجربة جهاز (504) الذي شغل العملاء في جنوب لبنان إذ تتعامل بخفة مع عملائها من الجماعات المسلحة في الجولان لسببين: الأول هو وجود عدد حزب-الله-عند-حدود-القنيطرةكبير من المتعاونين معها، والسبب الثاني هو إعدادها قوائم أمنية من المسلحين المدربين على الاغتيالات والأعمال الدقيقة للعمل مستقبلاً على كامل الأراضي السورية.

أسباب تخوف حزب الله

بموازاة هذه المستجدات الخطيرة تتخوف مصادر اعلامية مقربة من حزب الله من الحشد العسكري المتواصل الذي تقوم به المعارضة السورية في المنطقة الحدودية مع اسرائيل عند ريف القنيطرة في الجولان وبدعم اسرائيلي مكشوف وفاضح على حد تعبير المصادر. وهو ما يشير الى ان المعركة المقبلة ستكون على ابواب راشيا وشبعا خصوصاً في ظل معلومات ترد حول نية <جبهة النصرة> بفتح معركة قريباً واستعدادها للهجوم على مدينة البعث وخانة ارنبة والقرى الدرزية في القنيطرة للسيطرة على كامل المحافظة وبالتالي قطع طريق الاردن - دمشق القديمة حيث تربض ثكنات الجيش السوري، بالإضافة الى تهديد الجرود اللبنانية التي تبعد 30 كلم عن محلة المصنع. وهنا تكشف المصادر انه كان مقرراً لهذه العملية العسكرية ان تبدأ الشهر الفائت لكن الاتفاق الروسي - الاسرائيلي المعني بمكافحة الارهاب في سوريا فرض التأجيل ريثما تتبلور الاوضاع بشكل اوسع في هذه المنطقة الاستراتيجية. وهنا تذهب المصادر المقربة من الحزب الى حدود أبعد عندما تؤكد انه لم يعد امام حزب الله سوى تنفيذ هجوم واسع ومضاد بعدما استنفذ كل خياراته، فإما تحقيق انتصار كبير يعيد الحدود السورية مع فلسطين المحتلة الى سابق عهدها فيطرد <جبهة النصرة> منها ويسترجع المواقع فتعاود القوات السورية النظامية التمركز فيها، بالتوازي مع استرجاع معسكرات الجيش السوري في درعا، واما ان تلحق به هزيمة كبرى في حال فشل هذا الهجوم، اذ ان عواقب خطيرة سوف تترتب إذا فقدت قوات الحزب المبادرة العسكرية، أولها فتح ابواب دمشق أمام غزو المعارضة لتبدأ معركتها الضروس الكبرى التي سوف تغير وجه سوريا ولبنان والمنطقة كلها.

 

وثائق سرية بين <جبهة النصرة> واسرائيل

خلال الفترة الماضية كشفت ملفات سرية مسرّبة من مكتب ضابط إسرائيلي يحمل صفة ضابط ارتباط على علاقة بمكتب رئيس حكومة الاحتلال <بنيامين نتانياهو> عن مراسلات بين اسرائيل والمعارضة السورية بهدف تزويد الاخيرة وخصوصاً تنظيم <جبهة النصرة> بسلاح نوعي يمكن ان يغير قواعد اللعبة في درعا والقنيطرة. وأظهرت الوثائق حرص اسرائيل على عقد صفقات اسلحة نوعية مع <جبهة النصرة> بينها صواريخ <ستينغر> الأميركية المضادة للطائرات. كما كشفت الملفات المسرّبة من حاسوب ضابط الارتباط الاسرائيلي عن رسالة موجهة من المدعو محمد الشعار عضو <إئتلاف الدوحة> وجه فيها الشكر للإسرائيليين على موقفهم ومساعدتهم لإئتلافه في عملياته في سوريا. كما أظهرت أحد الملفات محادثة <سكايب> جرت مطلع العام الجاري وهدفت لتنسيق لقاء بين الضابط الإسرائيلي وأحد متزعمي تنظيم <جبهة النصرة>، وقد كان واضحاً حرص العدو اسرائيل على بناء علاقة قوية مع متزعمي التنظيم وتأمين الدعم التسليحي لهم، كما رصدت الوثائق محادثة أخرى مع المدعو عبد الباسط الموجود في منطقة الريحانية على الحدود السورية - التركية ذكر فيها الاخير أن تنظيمه <جبهة النصرة> سيتواصل مع مسؤولين اسرائيليين عبر شخص من طرفه بخصوص تسليم أسلحة وصلت إلى اسطنبول في العام الماضي. وقد ضُبطت هذه الرسائل على يد وحدة التعقبات التابعة لحزب الله بالتعاون مع كتيبة المعلوماتية التابعة للنظام السوري والتي تديرها اليوم مجموعات من الجيش الروسي.

وللمرة الاولى منذ اكثر من 65 عاماً لا وجود تقريباً للجيش السوري النظامي على طول الحدود مع إسرائيل، فقد تبخّرت <الفرقة 61> للجيش السوري المنتشرة هناك في اعقاب الضربات القاسية التي لحقت بها إثر المعارك التي خاضتها مع المعارضة، وما يزال هذا الجيش يقاتل للاحتفاظ بالجيب الذي يحوط بمعبر القنيطرة والممرّ الذي يربطه بشمال العاصمة دمشق وشرقها. كما يحتفظ جيش الأسد بموقع له في جبل الشيخ يشرف على الجيب الدرزي المؤيد له. وباستثناء ذلك تسيطر مجموعات مختلفة من المعارضة ابرزها <جبهة النصرة> على المنطقة الممتدة من جنوب القنيطرة وحتى شمالها وصولا الى سفوح جبل الشيخ، بحيث ينتشر مقاتلو <جبهة النصرة> في قرية سورية تبعد ثلاثة كيلومترات عن احدى المستوطنات الزراعية في الجزء الإسرائيلي من الهضبة.

وفي ضوء هذه التغيرات الجذرية على جبهة الجولان اجرى رئيس الاركان الاسرائيلي منذ اشهر تغيرات اساسية، فعمل على تحصين السياج الحدودي وشكل فرقة عسكرية جديدة هي <فرقة >210 المعدة والمسلحة خصيصاً من اجل الدفاع عن الحدود، وحتى الآن نجح الجيش الاسرائيلي في وضع حاجز بين المدنيين في الجولان وبين ما يجري شرقي الحدود. لكن هذا الجيش يعرف بان عليه ان يأخذ في الحسبان على المدى البعيد احتمال حدوث هجمات ضد الاهداف المدنية الإسرائيلية من جانب <جبهة النصرة> و<الدولة الإسلامية> والتنظيمات المتشددة الاخرى.

ماذا يقول الخبير العسكري

نتنياهو-يسلم-على-عنصر-جريح-من-النصرةأمين حطيط؟

في عملية شبه تفصيلية لما هو مخطّط له على جبهة الجولان وما تخفيه اسرائيل لجهة ارتياحها لوجود <جبهة النصرة> على تماس معها عند حدودها يشير الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد امين حطيط الى ان هناك خطتين وضعتا للجبهة الجنوبية في سوريا: الأولى اسرائيلية عبر اقامة حزام أمني بتنفيذ <جبهة النصرة> على غرار <جيش لحد سوريا> خصوصاً واننا سمعنا سابقاً كيف ان وزير الخارجية الاسرائيلي <افيغدور ليبرمان> يقول ان <جبهة النصرة> حليفة لاسرائيل و<داعش> ليست عدوة. وهذه الخطة اذا نجحت بإقامة حزام أمني بعرض 15 الى 23 كلم، وعلى بعد 35 كلم من دمشق، ستهدّد العاصمة بشكل غير مسبوق.

ويضيف: أما المخطط الثاني فهو الذي اعتمدته اميركا ويرتبط بالخيار الاردني الذي بدأ الترويج له مع مسألة قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة وبالتالي دفع الاردن الى استعمال جيشها البري في اتجاه العراق وسوريا، وكان الرد السوري واضحاً من وزير الخارجية وليد المعلم الذي اكد ان سوريا لن تسمح لأي جيش بري ان يدخل من دون التنسيق معها وتشكيل جزء من منظومة الدفاع السورية. وفي سياق متصل يعتبر حطيط ان <جبهة النصرة> التي تعمل في خدمة اسرائيل تخطط لإحداث الرعب في نفوس الدروز في سوريا وتحديداً القرى المحاذية لاسرائيل لإيهام سكانها أنهم في حاجة الى حماية لن تؤمنها سوريا او محور المقاومة، بينما اسرائيل جاهزة لتأمين هذه الحماية، ما يعني الوقوع في الفخ الإسرائيلي وإنشاء حزام أمني يتعهد الدروز بحمايته، وربط دروز السويداء بدروز الجولان ودروز الجليل، ليصبح الجولان بعد ذلك في خبر كان. ومن هنا تكمن خطورة المرحلة المقبلة التي لم تستقر حتى الساعة على قاعدة ثابتة اذ ان كل الاحتمالات تبقى واردة في ظل تأكيد كل الاطراف المتصارعة على اهمية جبهتي الجولان والقنيطرة، وما سيعزز مخاطر الفترة المقبلة ان الدروز في سوريا لن يسمحوا بإقامة حزام امني تحميه جماعات اصولية سواء <جبهة النصرة> او غيرها حتى ولو بدعم اسرائيلي مبطن.