تفاصيل الخبر

الليرة لن تنهار في ظل الاحتياطي الكبير لمصرف لبنان!

06/11/2015
الليرة لن تنهار في ظل  الاحتياطي الكبير لمصرف لبنان!

الليرة لن تنهار في ظل الاحتياطي الكبير لمصرف لبنان!

بقلم خالد عوض

nouhad كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق عن الخطر الذي يهدد الليرة في حال عدم إقرار لبنان قوانين مكافحة تبييض الأموال ليس تهويلاً من أجل فتح باب <تشريع الضرورة>. فالتأخّر في إقرار هذه القوانين يعرّض النظام المصرفي اللبناني وبالتالي الاستقرار النقدي في البلد لخطر المقاطعة المالية الدولية أو في أحسن الأحوال وضع قيود خانقة على حركة الأموال من وإلى لبنان.

هناك من يقول <إذا ما كبرت ما بتصغر>... أي فليتوقف كل شيء بما فيه الاستقرار المالي حتى يستفيق الجميع على أهمية وضرورة انتخاب رئيس للجمهورية. إذ ما فائدة شراء وقت لليرة إن استمر الانهيار الاقتصادي والمؤسساتي في البلد؟ وبدل أن يأتي التغيير من الحراك الشعبي الذي انفك هو الآخر، فليكن انهيار الليرة هو المحرك الأساس لهذه الطبقة السياسية المستقيلة من أقل واجباتها الدستورية. وعندما يشعر اللبنانيون أن الخطر بدأ يهدد استقرارهم المالي، فهم لن يسكتوا أو يرحموا زعماءهم بل ربما يتحررون من ولائهم الأعمى ويقلبون الطاولة عليهم.. بما فيها طاولة الحوار العقيمة التي لم تستطع حتى أن تحل مشكلة النفايات. الخسارة يمكن أن تكون ضخمة ولكن الأمل بالتغيير يصبح ممكناً. هذا رأي المتشبثين بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية قبل أي أمر آخر لأن بقاء البلد من دون رئيس هو أسوأ حتى من فقدان استقرار العملة الوطنية.

المعارضون لهذا العناد الدستوري يصفونه بالموقف الانتحاري. ماذا يبقى للبنان إن <طار> الاستقرار النقدي؟ وما ذنب أصحاب الودائع الصغيرة والكبيرة إن كان الطقم السياسي عاجزاً عن انتخاب رئيس للجمهورية؟ وأي تضخم وانهيار اقتصادي سنقبل عليهما في حال الإصرار على عدم فتح مجلس النواب قبل انتخاب الرئيس؟ ولماذا نعرّض القطاع المصرفي الذي حمل لبنان ولا يزال لكل هذه الأخطار من دون التحسب للنتائج التي ستكون وخيمة لسنوات طويلة؟

قبل الدخول في مقارنة الموقفين لا بد من التنبه إلى أن إقرار القوانين لا يعني أن لبنان سيصبح أحسن حال مالياً مما هو عليه اليوم. فالدولة ومعها المصارف ستبقى معرّضة لخفض مؤسسات التصنيف لرؤيتها المستقبلية للبلد، وبالتالي فإن إصدارات سنة ٢٠١٦ يمكن أن تشهد ارتفاعاً في الفوائد على سندات <اليوروبوند>، وبالتالي ستشهد إسراعاً في نمو الدين العام وتراجعاً إضافياً في إقبال الأسواق الدولية على شراء رياضسندات الخزينة اللبنانية كما تبين جلياً من الإصدار الأخير.

أما التقاعس في إقرار التعديلات على قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 318، وعدم إقرار قوانين أخرى تتعلق بضبط دخول الأموال النقدية عبر الحدود اللبنانية، وتشديد الرقابة على محاولات التهرّب من الضرائب المتوجبة على اللبنانيين العاملين في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتأخر في انضمام لبنان إلى اتفاق الامم المتحدة لمكافحة الارهاب، كل ذلك سيؤدي إلى إمكانية إدراج لبنان على قائمة الدول غير المتعاونة في ملف مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب.

هكذا تصنيف سيفضي إلى وضع قيود على الحركة المالية في البلد، وإلى إمكانية هروب رؤوس الأموال والودائع من بنوك لبنان مما يزيد الضغوط على الليرة. ليس الخطر على الباب كما يصوّر وزير الداخلية ولكنه حقيقي.

أما مسألة <تشريع الضرورة> فهي وجهة نظر لا أكثر ولا أقل. في بلد يغرق في الزبالة السياسية والعضوية لا بُدّ من صرخة استفاقة مالية تأتي هذه المرة من الخارج بعدما عجز الداخل عن إحداث التغيير. لن تنهار الليرة في أيام ولا حتى أشهر طالما أن مصرف لبنان لديه احتياطي عملات أجنبية يناهز ٣٩ مليار دولار، ولكن عندما ينهار كل شيء آخر في البلد، فمع أو بدون تشريع تكون الليرة مهدّدة كما هو حال كل كيان لبنان.