تفاصيل الخبر

اللواء إبراهيم.. دولة في رجل

28/10/2020
اللواء إبراهيم.. دولة في رجل

اللواء إبراهيم.. دولة في رجل

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_82277" align="alignleft" width="432"] اللواء عباس ابراهيم..الصدقية أولاً وأخيراً.[/caption]

في كل مرّة يكون فيها لبنان امام استحقاق او معطف خطير، داخلي او خارجي، سياسي او أمني، يبرز اسم المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم كمرشّح أوحد لحل العقد، التي تكون عادة عصيّة عن الحل. وتنطبق مهمّات ابراهيم التي يُكلّف بها عادة، على زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الاميركية التي عاد منها بنتيجتين إيجابيتين، الأولى تتعلّق بخارطة طريق تسمح بانطلاق عجلة تأليف الحكومة، والثانية إعلان إصابته بفيروس "كورونا" مما اضطره إلى تعديل مسار استكمال رحلته الخارجية بسبب إستئناف دخوله في فترة الحجر الصحّي.

سلامة اللواء موضع اهتمام اللبنانيين

 مما لا شك فيه، أن انتشار خبر إصابة اللواء ابراهيم بفيروس "كورونا" قد أصاب ذهول اللبنانيين الذين راحوا يتساءلون عن سبب إصابته بالفيروس، أهو في لبنان ام انه التقطه داخل الولايات المتحدة الاميركية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى المسرح السياسي العام في البلد، الذي أُصيب هو الآخر بإرباك بعد ان كان مُقرراً إسناد دور "حلّال العقد" لابراهيم مجدداً خلال المرحلة المقبلة في ما خصّ عملية تأليف الحكومة، إنطلاقاً من خلال خبرته وحنكته السياسية التي اكتسبها في هذا المجال في السنوات الأخيرة. والمعروف أن اللواء ابراهيم، لطالما تم تكليفه من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون، بالتواصل مع جميع الاطراف السياسية الأساسية في البلد، من اجل الوصول الى صيغة مُشتركة، تسمح بتأليف الحكومة لاستكمال ما تبقّى من فترة عهده.

 وفي وقت كان فيه لبنان يترقّب المزيد من المعلومات حول اللواء ابراهيم، أعلنت المديرية العامة للأمن العام، في بيان، أن اللواء ابراهيم عاد الى بيروت بعد زيارة رسمية قام بها الى العاصمة الأميركية التقى خلالها عدداً من المسؤولين الأمنيين، فضلا عن مشاركته في حفل كرّمته فيه "جمعية جيمس فولي" للحرية في واشنطن، التي تعنى بقضايا تحرير الرهائن، على أن يستأنف أعماله بعد استكمال فترة الحجر الصحي.

شخصيّة اللواء.. الصدقية أولاً

[caption id="attachment_82276" align="alignleft" width="311"] الرهينة "اوست تايس".[/caption]

 مقرّبون من اللواء ابراهيم، يعتبرون أنهم يتعاملون مع رجل إستثنائي، رجل لا يعرف اللون الرمادي لنفسه مطرحاً بين الصفحات التي يقرأ بها ملفّات المنطقة، سواء السياسية أو الأمنية، رغم أن الأخيرة هي التي تطغى على طبيعة عمله، كونه على اطلاع بها بشكل يومي، نتيجة طبيعة عمله. امّا ما أوصله الى هذه الرتبة من الصدقية في الداخل والخارج، يقول العارفون بشخصية ابراهيم، هما الصدق والشفافية، وذلك على قاعدة قول للإمام علي بن أبي طالب "من نعم الله عليك حاجة الناس اليك". امّا العامل الأبرز في تعامله مع جميع الأطراف بما فيهم الجماعات الإرهابية، هي أنه يحفظهم ويحفظ أفكارهم عن ظهر قلب بحيث يُمكنه مُخاطبتهم ومُحادثتهم، باللغة نفسها بل في أحيان كثيرة، يقطع عليهم الطريق من خلال طرحه البدائل وآليات الحلول.

ويقول المقربون من اللواء ابراهيم: يقول ما يقتنع به، رغم أنه لا يقتنع بسهولة. والمُهمة التي يُكلّف بها يقوم بإنجازها على أكمل وجه، ودائماً ضمن الصدق في التعاطي مع كل الأطراف حتى وإن كانوا على نقيض، على أن يسلك دائماً الطريق التي يراها الأسلم للوصول إلى الهدف. وبطبيعة الحال، فإن دوره لا يقوم على إرضاء هذه الأطراف، وإنما لديه مهمة عليه إنجازها وإقناعهم بها.. قد تكون طريقاً غريباً أو سابقةً ولكنه يجدها الطريق الأقصر والأنجح.

الدخول على خط الرهائن

في حين كانت أشارت معظم المعلومات والقراءات الى ان عنوان محطة اللواء ابراهيم الاميركية هو دخوله على خط المفاوضات من اجل اطلاق رهائن اميركيين في سوريا ابرزهم الصحافي "أوستن تايس" الموجود وفق المعلومات عند النظام السوري وأن هناك عرضاً سورياً لإطلاقه يتضمّن إعادة فتح السفارة الاميركية في دمشق، تقاطعت معلومات اخرى حول زيارته التي كانت مقررة الى العاصمة الفرنسية تندرج ايضاً في سياق التفاوض من اجل متابعة ملف الفرنسيين الذين التحقوا بالمنظمات الارهابية في سوريا من "داعش" الى "النصرة" وشاركوا في المعارك الحربية ضد النظام. 

وفي الاطار، تقول اوساط دبلوماسية ان هذا الملف بات اولوية لدى الفرنسيين بعد الحوادث الاخيرة التي جرت في ضواحي العاصمة، لاسيما حادث اقدام طالب شيشاني عمره ثمانية عشر عاماً على قطع رأس استاذه بسبب صور للنبي محمد. وتكشف الأوساط أن الفرنسيين وبعد عودة الهدوء تدريجياً الى سوريا وإنكفاء المعارك في اكثر من مدينة، بدأ هؤلاء بالانتقال الى لبنان وكمحطة عبور في اتّجاه تركيا وذلك من اجل القتال في ليبيا واقليم كاراباخ وغيرها من الجبهات تحت عنوان "الارهاب او الالتحاق بخلايا ارهابية نائمة كمثل لبنان".

أمّا السؤال المتعلق بتعويل فرنسا على ابراهيم لإنهاء هذا الملف، فتشير الاوساط الى أن باريس تعرف جيداً قدرته وحنكته في هذا المجال، وهو سبق أن لعب أدواراً كثيرة في اطلاق سراح مخطوفين واسرى في سوريا، مثل راهبات معلولا وقبلها مخطوفي أعزاز، لذلك أرادت الاستثمار في قدراته وعلاقاته العابرة للحدود من اجل إنهاء ملف الفرنسيين المتطوعين في الجماعات الارهابية. ولم تستبعد الأوساط ان يستأنف اللواء ابراهيم نشاطه في هذا المجال بعد تعافيه من جائحة كورونا، ويزور باريس من اجل الاجتماع بالمسؤولين الامنيين الفرنسيين للحصول على معلومات وافية عن هؤلاء الفرنسيين قبل عودتهم الى فرنسا.

هل يخلف برّي في مجلس النواب؟

[caption id="attachment_82278" align="alignleft" width="443"] راهبات معلولا[/caption]

حيث يوجد مجموعة شيعية تُناقش الوضع السياسي العام في البلد، لا مفرّ على الإطلاق من التطرق إلى سؤال يتعلق بالشخصيّة التي يُمكن أن تخلف رئيس مجلس النواب نبيه بري في رئاسة المجلس، بعد عمر طويل طبعاً، أو في حال ارتأى التقاعد وفضّل الابتعاد على الواجهة السياسية لأسباب شخصية.

في المبدأ، لا يُمكن القول أو الاقرار بوجود شخصيّة ضمن الطائفة الشيعية، يوجد حولها إجماع لتولّي رئاسة المجلس النيابي، كما هو الحال بالنسبة لشخصية اللواء ابراهيم الذي ملأ الساحات ووسائل الاعلام، فعلّقت صوره جنباً إلى جنب صور الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله والرئيس بري أيضاً.

من هنا، يوافق المراقبون على أن اللواء ابراهيم يجمع اليوم بشخصيته كل الصفات المطلوبة لتولي المنصب الذي لم يلِق ومنذ 21 عاماً إلا ببري. فهو الدبلوماسي الذي لم ينتمِ يوماً لحزب، والذي حاول الخروج من العباءة الطائفية ونجح بذلك مثبتاً حيادية مارسها في العديد من القضايا الأمنية والسياسية والإنسانية. ومع هذا، تبقى قضيتا مخطوفي أعزاز وراهبات معلولا، هما الأكثر تداولاً بين الناس واللتين أظهرتا بما لا يقبل الشك حجم شبكة علاقاته الاقليمية والدولية التي كان نسجها خلال مدة قصيرة.

وتشير مصادر سياسية إلى أن ما يرفع من حظوظ وأسهم اللواء ابراهيم بخلافة بري هو أنّه لا ينتمي إلى أيّ من الكتلتَين الشيعيتين البارزتين وكونه في الوقت عينه مشهوداً لكفاءته ومقبولاً لدى كلتيهما. وتوضح أن الشخصية التي ستتولى رئاسة المجلس بعد بري، وأياً كانت، لن تكون محسوبة لا على "حزب الله" ولا على حركة "أمل" بل جامعة بين الفريقين على أن تحظى برضى وقبول الجهات كافة.

لكن في المقابل، ثمّة جهات سياسية عديدة، ترى أن مجرد طرح اسم اللواء ابراهيم مرشحاً لخلافة بري بين الفترة والأخرى قد يحدّ من نجاحاته، ولن يكون لمصلحته أو مصلحة الأمن العام باعتبار ألا امكانية لاستثمار هذا الترشيح. وتتابع المصادر: لا شكّ أنّ اللواء ابراهيم يتمتع بكفاءة عالية وهو من النخبة في الطائفة الشيعية وخصوصاً بعدما أثبت قدرته على عدم معاداة أحد وفي الوقت نفسه عدم الانتماء لأحد، لكن موقع رئاسة مجلس النواب يتطلب توافقات ثلاثة، أولها على صعيد الطائفة الشيعية، ثانيها على الصعيد الوطني وثالثها اقليمي.

اللواء ابراهيم في سطور

اللواء إبراهيم من مواليد العام 1959 ضابط تخرّج من المدرسة الحربية لصالح قوى الجيش في العام 1980، وتدرّج في مناصب قيادية عديدة منها تولي الأمن الشخصي لكل من مبعوث الجامعة العربية إلى لبنان الأخضر الإبراهيمي، ثم الرئيس الراحل الياس الهراوي، ثم الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعد ترؤسه حكومته الأولى في العام 1992 قبل أن ينتقل إلى مديرية مخابرات الجيش ومن ثمة تعيينه رئيساً لقسم المكافحة فيها ثم توليه منصب مدير فرع مخابرات جنوب لبنان، ثم تولى مهمة المدير العام .