تفاصيل الخبر

اللقـاحــات تقي الأطـفــال مــن العديــد مــن الأمـــراض وتـحصـنـهــــم ضـدهــــا!

03/11/2017
اللقـاحــات تقي الأطـفــال مــن العديــد  مــن الأمـــراض وتـحصـنـهــــم ضـدهــــا!

اللقـاحــات تقي الأطـفــال مــن العديــد مــن الأمـــراض وتـحصـنـهــــم ضـدهــــا!

 

بقلم وردية بطرس

الدكتور-غسان-البعاصيري

تحمي اللقاحات (التطعيم) الأطفال من الاصابة ببعض الأمراض المعدية ومن مضاعفاتها الخطيرة، وبالتالي تؤدي الى مجتمع معافى خال من هذه الأمراض المعدية والأوبئة التي تسببها. واللقاح عبارة عن اعطاء الطفل مواداً تحتوي بشكل مخفف على الميكروب المسبب للمرض والمراد التحصين ضده، وذلك عن طريق الحقن او بالفم، مما يؤدي الى انتاج أجسام مضادة لمقاومة المرض المعني بحيث عندما يتعرض الجسم مرة أخرى للميكروب نفسه تقوم هذه الأجسام المضادة بالتصدي له ومحاربته، ومن ثم حماية الطفل من المرض ومضاعفاته.

ان اللقاحات تتفاعل مع جهاز المناعة لانتاج استجابة مناعية مماثلة لتلك التي تنتجها العدوى الطبيعية، الا انها لا تسبب الاصابة بالمرض ولا تعرّض الشخص الذي يتلقى اللقاح لخطر المضاعفات المحتملة. ويعتبر العام 2017 محطة مفصلية في منتصف الطريق نحو تحقيق هدف خطة العمل العالمية التي أقرها 194 بلداً من الدول الأعضاء في جمعية الصحة العالمية ولبنان منها في أيار (مايو) عام 2012 للقاحات. وتهدف الخطة الى الحؤول دون حصول ملايين الوفيات الناجمة عن أمراض يمكن الوقاية منها عن طريق تلقي اللقاحات بحلول العام 2020، وذلك عبر توفير اللقاحات لجميع المجتمعات حول العالم. وفي العام 2015 تلقى 116 مليون طفل في العالم 3 جرعات من لقاح الدفتيريا والكزاز والسعال الديكي لحمايتهم من تلك الأمراض المعدية التي قد تسبب لهم مرضاً وعجزاً خطيرين، في حين تلقى حوالى 85 بالمئة من أطفال العالم تحت عمر السنة جرعة واحدة من لقاح الحصبة عبر منظومة خدمات الرعاية الصحية الروتينية مقارنة بنسبة 73 بالمئة في العام 2000، كما انخفضت حالات الاصابة بشلل الأطفال بنسبة 99 بالمئة منذ العام 1988. وبفضل نجاح حملات التحصين، لم يعد بعض الأمراض تشكل تهديداً للبشرية.

ومع ان الأهل يحرصون على اتخاذ أفضل التدابير لحماية صحة أطفالهم، الا ان الكثيرين منهم لا يعلمون ان الحماية الفضلى تكمن في تلقي التلقيح. وتجدر الاشارة في هذا السياق الى ان مختبرات <باستور> كانت قد عقدت بالتعاون مع <الجمعية اللبنانية لطب الأطفال> و<نقابة الأطباء في لبنان> لقاءً اعلامياً لتسليط الضوء على دور التلقيح وأهميته للوقاية من الأمراض المعدية، اذ اعتبر مدير <باستور> في لبنان والأردن السيد مروان شريف انه وفق منظمة الصحة العالمية، تتوفر اليوم لقاحات وقائية تحصّن ضد 26 مرضاً معدياً، وبأن <باستور> الرائدة في مجال ابتكار اللقاحات تنتج مجموعة لقاحات عالية الجودة ساهمت عبر التاريخ في القضاء على أمراض عدة، وان ابرز الأسباب التي دفعت <باستور> للمشاركة في اسبوع التحصين العالمي، هي حماية أنفسنا ومن حولنا، لأن اي برنامج تطعيم ناجح يعتمد على تعاون كل الأفراد لضمان صحة الجميع.

 كما ان منظمة الصحة العالمية كانت قد أطلقت شبكة الأمان للقاحات، وهي شبكة عالمية من المواقع الالكترونية لسلامة اللقاحات والتي تهدف الى تسهيل الوصول الى معلومات دقيقة وموثوقة حول اللقاحات. ولا بد من الاشارة هنا ان أسبوع التحصين العالمي اعتمد هذا العام شعار <اللقاح يحمينا> (vaccines work) بهدف تعزيز استخدام اللقاحات لحماية الناس من الأمراض مهما اختلفت فئتهم العمرية، فالتحصين ينقذ الملايين وهو معترف به على نطاق واسع، باعتباره أحد أساليب الوقاية الصحية الأكثر فعالية ونجاحاً من حيث التكلفة. ولا يزال حتى يومنا هذا 19.4 ملايين طفل حول العالم غير ملقّحين بالمطلق او غير ملقّحينبشكل كاف.

من جهته اعتبر رئيس <الجمعية اللبنانية لطب الأطفال> الدكتور باسم أبو مرعي انه من حسن الحظ ان اللبنانيين يعون تماماً أهمية التطعيم كوسيلة للوقاية من الأمراض المعدية وأضاف:

- لحسن الحظ أيضاً ان اللقاحات متوافرة في العيادات الخاصة والعامة، الا ان التحدي الأكبر يبقى في ضمان توافرها لكل طفل يحتاج اليها. ان اي لقاح مرخص له يمر بمرحلة اختبار صارمة تشمل مراحل عدة من التجار قبل الموافقة عليه، ويتم اعادة تقييمه بانتظام حالما يصبح مطروحاً في كل بلد. وبدورنا كجمعية نحن ملتزمون تجاه الصحة العامة على صعيد الوطن بحماية مجتمعنا من خلال تطعيم جميع الأطفال.

فالى أي مدى اللقاح يحمي الطفل من الاصابة بالأمراض وخصوصاً المعدية منها؟ ولماذا هناك البعض لا يقومون بتطعيم أطفالهم بالرغم من كل الحملات؟ وما أهمية حملات التطعيم التي تُجرى في لبنان؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الاختصاصي في طب الأطفال الدكتور غسان البعاصيري، وطبيب الأطفال وحديثي الولادة الدكتور انطوان يزبك.

الدكتور غسان البعاصيري والوقاية من الأمراض المعدية

ونسأل الدكتور غسان البعاصيري:

ــ الى اي مدى للقاحات أهمية للوقاية من الأمراض المعدية؟

- ان اعطاء اللقاحات للأطفال ذو أهمية كبيرة في الوقاية من الأمراض المعدية، وخصوصاً انها تقي الأطفال من المضاعفات المميتة والاعاقات التي قد تحصل من المرض نفسه. هنالك قسم من الأطفال الملقحين قد يُصابون بالمرض، ولكن بعوارض خفيفة دون حصول العواقب الوخيمة والاعاقات التي قد تحصل مع غير الملقحين. ومن هذا المنطلق فان تطبيق جدول اللقاحات المطلوب للأطفال يخفف من أعباء الدخول الى المستشفيات ويفسح المجال في ان يعيشوا حياة سعيدة أكثر مع التوفير من الأعباء المالية التي تترتب على الأهل في حال حدوث المرض.

ــ بالرغم من كل الحملات والندوات لتعزيز استخدام اللقاحات لا يزال ملايين الأطفال غير ملقحين، فما السبب؟

- تعود أسباب وجود الملايين من الأطفال غير الملقحين للآتي: أولاً عدم توافر اللقاحات في مجتمعات ودول معينة اما بسبب تقاعس الدول عن تطبيق جدول اللقاحات المطلوب عالمياً بسبب عدم المقدرة المادية او بسبب وجود مجتمعات فقيرة. ثانياً: عدم وجود برامج توجيهية وتثقيفية للأهالي من قبل الدولة وعدم ارساء هذه المعلومات والتوجيهات ضمن البرامج الدراسية وذلك لترسيخ أهمية التلقيح عند النشأ الطالع. ثالثاً: هناك عقلية سائدة في بعض المجتمعات مفادها أن الأهل لم يتلقوا اللقاحات عندما كانوا صغاراً ولم يُصابوا بأي أذى، اذاً فلماذا عليهم ان يلقحوا أطفالهم؟!

ــ وما هو دور الطبيب على صعيد تشجيع الأهل لتطعيم أطفالهم لاسيما ان التطعيم يحمي الأطفال من الاصابة بالأمراض؟

- الجدير بالذكر ان دور الطبيب لا يجب ان يكون مقتصراً على اجراء اللقاحات للأطفال، بل يجب ان يكون له دور ريادي في تثقيف الأهل وتوجيههم بالنسبة الى أهمية اللقاحات، وبتطبيق البرامج العالمية للقاحات، كما وانه يجب التفسير للأهل أهمية اجراء اللقاحات واطلاعهم على انعكاساتها الايجابية على حياة الأطفال مما يعفيهم من المخاطر التي قد تحصل لهم في حال عدم اعطائهم اللقاحات، إذ ان اللقاحات تخفف وبنسبة عالية جداً من حدوث الأمراض والموت عند الأطفال الملقحين.

ــ في يومنا هذا يعي اللبنانيون أهمية التطعيم كوسيلة للوقاية من الأمراض المعدية ولكن لا يزال بعض الأهالي يخشون التطعيم، فكيف السبيل لتشجيع كل الأهالي على ضرورة تطعيم أطفالهم؟

- يجب ان يُصار الى اجراء ندوات طبية في جميع أنحاء لبنان، وخصوصاً في المناطق النائية والجبلية ان كان على صعيد الجمعيات الطبية أو ضمن المدارس، كما يجب الاضاءة وبشكل مكثف في الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب على المسألة لتوضيح النتائج الايجابية للقاحات وللتأكيد على ضرورة اعطائها بالأوقات المناسبة حسب سن الأطفال.

 

الدكتور-انطوان-يزبكلقاح ضد التهاب <السحايا>

ــ ما أهمية استخدام لقاح ضد التهاب <السحايا>؟

- هنالك نوعان من لقاحات <السحايا>. الأول لقاح <Hemophilus influenza type b> وهو موجود ضمن لقاح الخماسي او السداسي. الثاني <لقاح الحمى الشوكية> (السحايا) <Meningococci A, C, Y & W 35> هو الأهم والأكثر خطورة <Anti-Meningococcal vaccine A, C, Y & W 35 > وهذه الجرثومة خطرة جداً وتؤدي الى الوفاة في غضون 24 ساعة، كما وانه متعارف في مجتمعنا في لبنان على تسميته بلقاح (الحجاج) اي ان من أراد ان يحج الى مكة المكرمة فعليه اجراء اللقاح قبل اسبوعين من السفر على الأقل، وبالنسبة للأطفال فيمكن اعطاؤه مرتين ابتداء من عمر 9 أشهر، وجرعة ثانية في عامه الأول.

 

الدكتور انطوان يزبك والحملات

لاستخدام اللقاحات

ونسأل الدكتور انطوان يزبك انه بالرغم من كل الحملات والندوات لتعزيز استخدام اللقاحات فلا يزال ملايين الأطفال غير ملقحين، فما السبب ويقول:

- أولاً يجب التذكير هنا انه بالنسبة للعلاجات الموجودة في الأسواق واللقاحات فلقد خضعت للعديد من الدراسات منذ عشرات السنين، وطبعاً على الأهل اعطاء اولادهم اللقاحات الدورية اللازمة قبل فترة دخول الأطفال الى المدارس، فاللقاحات تحمي الأطفال من الأمراض الوبائية مثل التيوفئيد وبعض أنواع الانفلونزا.

ويتابع:

- لكن ما يحصل ان الأمر يختلف من مجتمع لآخر بما يتعلق باللقاحات، فبعض المجتمعات لا تحبّذ اللقاحات بالرغم من الحملات، أما عندنا في لبنان فهناك وعي وادراك لهذا الأمر خصوصاً في المدارس والجامعات اذ ان الناس تدرك أهمية التطعيم. وطبعاً نظراً لحملات التوعية التي تُقام بهذا الخصوص يتم تطعيم الأطفال وهم لا يزالون على المقاعد الدراسية، وبالتالي يتم تطعيمهم قبل ان ينهوا تعليمهم الثانوي ويلتحقوا بالجامعات، وبالتالي هناك اهتمام كبير بضرورة أخذ اللقاحات، وهذا أمر جيد ومفيد.

تخوف بعض الأهالي من اللقاحات

وعن سبب عدم اهتمام الأهل بتطعيم أطفالهم يشرح:

- لا شك ان هناك وعياً لدى اللبنانيين والأهالي وهم لا يتوانون في اعطاء اللقاحات لأطفالهم، ولكن بعض الأهالي لا يتعاونون وذلك لأسباب دينية او عقائدية او مالية، مع العلم ان وزارة الصحة توفر اللقاحات لجميع الأطفال. ونرى هذه الحالات في العيادات اذ يأتينا بعض الأهالي وهم متخوفون من اللقاحات ولكن من جهتنا نحثهم على ضرورة تطعيم أولادهم. وطبعاً من الضروري اعطاء لقاح <السحايا> لانه للأسف بعض الناس لا يعلمون مدى تفاعلاته اذ هناك سنوياً حوالى 12 او 13 طفلاً يُصابون بالتهاب <السحايا>، والأمر الخطير انه لا يزال البعض يعتقد ان لقاح <السحايا> أمر ثانوي او غير مهم، ويقولون بأنه لقد تم تطعيم أولادهم اللقاحات الأساسية، ولكن هذا غير صحيح فبما يتعلق باللقاح ليس هناك لقاح أساسي وآخر ثانوي، فكل اللقاحات ضرورية ومهمة... وبالرغم من كل الحملات التي تُقام في لبنان خصوصاً عن اللقاحات، وبالرغم من وجود مستوصفات في لبنان تقدم اللقاحات بشكل دوري، الا انه لا يزال هناك قسم من الناس لا يقومون بتطعيم اولادهم.

وعن النازحين السوريين يشرح:

- اليوم يعيش حوالى مليون ونصف المليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية، ولا ننسى نصف مليون فلسطيني، وربما لا يقوم كل النازحين بتطعيم أطفالهم، ولهذا يجب ان يتم التطعيم للوقاية من الأمراض المعدية الى ما هنالك، ولهذا تعمل الدول الأوروبية أيضاً لحماية المجتمع، ونحن علينا ان نعمل جاهدين لحث الجميع لتطعيم أطفالهم للوقاية من الأمراض المعدية والجرب وفيروس <كوكساكي> وغيرها من الأمراض. ولا شك ان الأهالي يدركون مدى أهمية تطعيم أولادهم، ولكن البعض منهم لا يسمح وضعهم المعيشي ان يقوموا بتطعيم أطفالهم، فاللقاحات مكلفة ولهذا يفضل بعض الأهالي ان يقصدوا الطبيب وليس المستوصف، مع العلم ان وزارة الصحة توفر اللقاحات بأسعار جيدة.

دور الاعلام في التوعية

ــ الى اي مدى يلعب الاعلام دوره بتوعية الناس حول اللقاحات؟

- لا شك ان للاعلام دوراً وتأثيراً في هذا الخصوص، فمثلاً نحن نقدم التوجيهات والارشادات اضافة الى حملات التوعية، ولكن الاعلام يقدر ان يؤثر من خلال تسليط الضوء على هذا الموضوع. مع العلم ان هناك حرباً ضد التطعيم اذ على سبيل المثال هناك 40 موقعاً الكترونياً في العالم يحارب التطعيم، فمرة يعزون ذلك لأسباب دينية، ومرة ان التطعيم غير أساسي. ولكن يبقى دورنا كأطباء ان ننصح الأهالي بضرورة تطعيم أطفالهم. واذا نظرنا الى أهمية التطعيم للوقاية من شلل الأطفال فسندرك مدى المخاطر الناتجة عن عدم التطعيم، وبالتالي يجب ان يهتم الأهل والا يتركوا أطفالهم بلا تطعيم. طبعاً دور الأطباء مهم في هذا السياق اذ يدفعون الأهالي لأخذ الأمر بجدية وبأنه لا يمكن التساهل في هذه المسألة.

ويختم قائلاً:

- أود في الختام ان أقول ان مستوى الطب في لبنان عال والأطباء يقومون بواجبهم، مع العلم انه أحياناً يُساء للطبيب سواء من حيث التشهير به او توجيه أصابع الاتهام اليه عند حدوث مشكلة او وفاة، اذ سبق ان شرحنا للجميع انه في بعض الحالات تحدث مضاعفات وبالتالي تحدث الوفاة نتيجة المضاعفات وليس بسبب خطأ طبي، فلو لم يكن الطبيب اللبناني بارعاً لما وصل الى أهم المستشفيات والمراكز الطبية في العالم، فأينما رأيت أطباء ناجحين في أهم المستشفيات في أوروبا وأميركا يتبين انهم لبنانيون.