تفاصيل الخبر

" اللقاء الوطني" في بعبدا لم يكن جامعاً لكن عون سيواصل الحوار لـــ "تطوير النظام"

01/07/2020
" اللقاء الوطني" في بعبدا لم يكن جامعاً  لكن عون سيواصل الحوار لـــ "تطوير النظام"

" اللقاء الوطني" في بعبدا لم يكن جامعاً لكن عون سيواصل الحوار لـــ "تطوير النظام"

[caption id="attachment_79182" align="aligncenter" width="619"] لقاء بعبدا برئاسة ميشال عون[/caption]

"اللقاء الوطني" الذي دعا اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأراده "لقاء جامعاً" لم يكن كذلك واقتصر الحضور على فريق سياسي واحد اضافة الى رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط وخصصه بادىء الامر للبحث في الوضع الامني في البلاد بعد التطورات الخطيرة التي رافقت التظاهرات التي شهدتها بيروت وطرابلس قبل اسبوعين وكادت تلامس بتداعياتها الفتنة بوجوهها، المختلفة، المسيحية- الشيعية، والسنية- الشيعية من خلال الممارسات التي حصلت على الخطوط التي كانت في ما مضى خطوط تماس. ولعل الخشية من تجدد المواجهات التي تذكر اللبنانيين بسنوات الحرب الاهلية في العامين 1975 و 1976، وهي التي دفعت رئيس الجمهورية للدعوة الى هذا اللقاء ليقينه بأن المرحلة الراهنة تتطلب تمتيناً لوحدة الصف وتحصين للوحدة الوطنية وتعزيزاً للسلم الاهلي والاستقرار.

 الا ان الذين قاطعوا اللقاء لم يأخذوا في الاعتبار اهداف الدعوة اليه، ولا هم ادركوا خطورة الاوضاع الامنية ونار الفتنة الخامدة والتي قد تشتعل في اي لحظة، بل كانت مقاطعتهم رسالة سياسية واضحة الى سيد العهد والفريق السياسي الحاضر ما جعل موقفهم خارج السياق الذي هدف اللقاء الى مقاربته والخروج بموقف جامع تبدو الحاجة اليه في هذه المرحلة اكثر من ملحة.

 صحيح ان المواقف التي صدرت عن المقاطعين ركزت على اسباب غير تلك التي عقد الاجتماع من اجلها، لكن الصحيح ايضاً انه كان في مقدور المقاطعين ان يحضروا ويقولوا كلماتهم ويسجلوا مواقفهم، تماماً كما فعل الرئيس سليمان، فالمواضيع كانت مفتوحة وإن كان العنوان الامني هو الغالب. لكن الواضح ان الذين قاطعوا هدفوا الى اظهار الرئيس عون طرفاً وليس رئيساً جامعاً، اضافة الى رغبة البعض منهم، مثل الرئيس سعد الحريري، عدم الجلوس مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل على طاولة واحدة بعد الخلافات الحادة التي عصفت بين الطرفين، ويضاف الى موقف الرئيس الحريري، مواقف رؤساء الحكومة السابقين الذين لم يرغبوا بالجلوس مع رئيس الحكومة حسان دياب على طاولة واحدة، وهم الذين اعتبروا ان مقام رئاسة الحكومة "شاغر" وان الرئيس دياب لا يحقق الميثاقية السنية ولا يمثل الطائفة، على رغم انه رئيس الوزراء الشرعي والذي عين بعد استشارات نيابية ملزمة ونال ثقة مجلس النواب التي يرأس من خلالها السلطة التنفيذية في البلاد.

 اما مقاطعة حزبي الكتائب و"القوات اللبنانية " فلم تكن مبنية على اسس واقعية، بل ارتكزت على المطالبة بالتغييرات للطاقم السياسي "من فوق لتحت" كما شاء رئيس "القوات" سمير جعجع ان يعلن عشية انعقاد اللقاء في معرض الاعلان عن غيابه.

 

فتح الباب لتطوير النظام

 في اي حال، انعقد اللقاء "بمن حضر" وأدلى كل قيادي بدلوه بعد كلمتين لرئيسي الجمهورية والحكومة، فيما بقي الرئيس نبيه بري الى النهاية ليلخص الموقف ويركز على اهمية معالجة الاوضاع الاقتصادية. اما البيان الذي صدر بعد اللقاء، والذي تحفظ عليه الرئيس سليمان فركز على ان الاستقرار الامني هو الاساس لا بل شرط  للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي والنقدي، "اما التصدي للفتنة وللشحن الطائفي والمذهبي تحضيرا للفوضى فهو مسؤولية جماعية تتشارك فيها جميع عناصر المجتمع ومكوناته السياسية". وكانت دعوة الى وقف جميع انواع الحملات التحريضية "التي من شأنها اثارة الفتنة وتهديد السلم الاهلي وزعزعة الاستقرار الامني الداخلي الذي تحقق بفعل وعي المسؤولين عن مقدرات البلاد وجهود القوى السياسية والامنية وتصديهم استباقياً وميدانياً للارهاب وخلاياه وفكره الاعفائي".

 وعلى رغم اهمية بقية البنود التي وردت في البيان الختامي، لكن البند الخامس شكل النقطة الفاصلة التي خرج بها اللقاء " لجهة التأسيس للانطلاق من بحث توافقي من دون عقد او محرمات بل باعلاء المصلحة الوطنية المشتركة كي تعالج بروح المسؤولية والتفاهم مفاصل الخلافات  الكبيرة التي تؤجج انقساماتنا، فنسعى معاً الى توحيد المواقف او تقاربنا بشأنها، اقله حول المسائل الكيانية والوجودية التي تتعلق بوحدة وطننا وديمومة دولتنا ويندرج ضمن ذلك:

  • السبل الايلة الى معالجة الازمة الاقتصادية والمالية والنقدية وتداعياتها الاجتماعية، عبر اعتماد مسار نهائي للاصلاحات البنيوية في ماليتنا العامة، واعتماد برنامج صندوق النقد الدولي في حال وافقنا على شروطه الاصلاحية لعدم تعارضها مع مصلحتنا وسيادتنا، وعبر مكافحة الفساد بشكل جدي، والتأكيد على حقوق المودعين وعلى نظامنا الاقتصادي الحرب المنصوص عنه في دستورنا وجعله منتجاً.
  • التطوير الواجب اعتماده في نظامنا السياسي ليكون اكثر قابلية للحياة والانتاج وذلك في اطار تطبيق الدستور وتطويره لناحية سد الثغرات فيه وتنفيذ ما لم يتحقق من وثيقة الوفاق الوطني.
  • المسائل الاساسية التي تتعلق بالمصلحة اللبنانية العليا لناحية التأكيد على موقع لبنان ودوره في محيطه والعالم كجسر عبور بين الشرق والغرب ومكان تلاق للاديان والمعتقدات، وتداعيات كل ما يصيب هذا الدور من سياسات خارجية تؤثر على هويته العربية وعلى موقعه الجامع، كقانون قيصر ومسألة النزوح والتوطين وعملية اعدام القضية الفلسطينية، بما لها من تاثيرات تدميرية على النموذج اللبناني وتفاعله مع محيطه".
 

أهداف الفقرة الخامسة

ورأت مصادر متابعة ان لقاء بعبدا، ومن خلال ما ورد في الفقرة الخامسة اعلاه، فتح باب الحوار الوطني الجامع حول مسائل مهمة وحساسة لا تزال موضع خلاف بين الافرقاء السياسيين اللبنانيين، وذلك بهدف البحث في تطوير النظام الذي يعتبر مطلب جميع اللبنانيين. وفي هذا السياق قالت مصادر رسمية ان الرئيس عون الذي تابع ردود الفعل على اللقاء، لن يكتفي بعد بصدور البيان والتأكيد على الثوابت الوطنية، بل سوف يستمر بشكل او بآخر للوصول الى معالجة المواضيع التي وردت في الفقرة الخامسة واهمها تطوير النظام وفق الاسس التي يتوافق عليها اللبنانيون من خلال الحوار الذي سوف يستمر من خلال مبادرات رئاسية متنوعة. واعتبرت المصادر ان الباب الذي فتحه الرئيس عون للحوار لن يقفل بسهولة لأن هناك تصميماً على المضي فيه بالتوازي مع المعالجات القائمة للاوضاع الاقتصادية والمالية المتردية في البلاد، ولن تكون هناك معالجة لوضع ما على حساب وضع آخر، مع الاخذ في الاعتبار ضرورة الاسراع في التعاطي مع الملفين الاقتصادي والمالي نظراً لدقتهما واتصالهما مباشرة بالحياة اليومية للبنانيين.

 في المقابل اعتبرت مصادر الفــــريق الذي لم يشارك في لقـــاء بعبدا، ان هذا اللقـــاء "عمّق" جراح الازمة والانقسامات الحاصلة في البلاد ان على خلفية المقاطعة من قوى ومكونات اساسية وتجاهلاً من قبل القيمين على الطاولة، او من خلال النقاط التي طرحها البيان الختامي لاسيما في ما خص عبارة "تطوير النظام" انطلاقا من ان هذا التطوير ليس من الاولويات الراهنة، ولأن المساس باتفاق الطائف ترفضه قوى سياسية كثيرة تدعو لاستكمال تنفيذ بنوده . وقالت مصادر معارضة للقاء بعبدا، ان ما ورد في الفقرة الخامسة يعتبر من الالغام السياسية والوطنية التي تستدعي المراقبة والتنبيه وتحاول بعلم اصحاب البيان او من دون علمهم التغطية على هروب العهد وحكومته من التصدي للمشكلات المعيشية والاقتصادية وجر لبنان الى حلقات جديدة من السياسات الخلافية التي تكرس الابتعاد عن النأي بالنفس وتوقفت الكتل السنية الرئيسية في البرلمان النيابي محذرة مجددا من محاولات المساس بالدستور وخلق اعراف جديدة. وقالت مصادر رؤساء الحكومات السابقين ان توقيت هذا الطرح وموقعه ضمن الفقرة الخامسة في البيان "ملتبس بالنظر الى ان الاولوية الان لحل المشكلات التي يعاني منها لبنان وليس فتح مشكلات جديدة".

 ويتخوف رؤساء الحكومات السابقون من الاعراف الجديدة التي تطبق في الممارسة السياسية خلافا للدستور، مثل جلسات مجلس الوزراء في السراي التي "لا تتخذ فيها القرارات الاساسية ولا تقر فيها التعيينات وتحضر لجلسات القصر الجمهوري". بينما تتخذ تلك القرارات في الجلسات الوزارية التي تعقد في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس ميشال عون.

واكدت المصادر ضرورة تطبيق كامل بنود اتفاق الطائف غير المطبقة، وضرورة الالتزام بحرفية الدستور وتطبيقه بالكامل، والمراقبة ما اذا كانت ثغرات قبل الحديث عن تطوير النظام.