تفاصيل الخبر

اللجــوء في لبــنان.. أخطار متعــددة الألــوان والأشكــال

10/03/2017
اللجــوء في لبــنان.. أخطار متعــددة الألــوان والأشكــال

اللجــوء في لبــنان.. أخطار متعــددة الألــوان والأشكــال

 

بقلم علي الحسيني

الامم-المتحدة-وسياسة-النعامة---A

تزداد أزمات لبنان من جرّاء تحمّله أعباء النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، ناهيك عن جنسيات أخرى تعيش على أرضه، لا تخضع لأدنى المعايير القانونية، وهؤلاء إنما يشكلون عبئاً يُضاف إلى الأعباء الإقتصادية والإجتماعية والأمنية ومعهم تزداد معاناة المواطن اللبناني الذي يرزح بدوره تحط <خطوط> الفقر والعوز والتسيب أو الفلتان الأمني الذي يُرافقه بشكل يومي، من منزله إلى عمله، والعكس.

 

تبعات وحلول بلا آفاق

 

يتراوح عدد اللاجئين السوريين في مختلف دول العالم، لاسيما منها دول الجوار بين أربعة وخمسة ملايين شخص، يستضيف لبنان منهم نحو مليون لاجئ مُسجلين في لوائح مُفوضيّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إضافة إلى مئات الآلاف غير المُسجلين. وفي السياق عينه، يُقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بنحو سبعمائة الف شخص، أغلبيتهم مسجلين في لوائح <الأونروا>، وذلك من أصل نحو 6 ملايين فلسطيني موزعين بين لبنان وسوريا والأردن وقطاع غزّة والضفّة الغربيّة. ومن جراء هذا الحمل الثقيل، ترزح الدولة اللبنانيّة تحت أعباء كبيرة وتتعرض لمخاطر جسيمة من دون أي بشائر أمل بقرب طي أو مُعالجة أي من الملفين خصوصاً في ظل عدم التوافق الدولي على إنضاج أي حلول للأزمتين اللتين تُشكلان أزمة الشرق الأوسط.

النكبة-من-فلسطين-الى-لبنان---Aوفي ما يتعلق باللاجئين السوريّين، فإن لبنان يحتاج تقريباً الى نحو ملياري دولار في العام لتغطية نفقات المُساعدات الإنسانية لهم، ولتمويل الإستثمارات في القرى والبلدات والمدن المُضيفة، ولدعم الجمعيات والهيئات والجهات التي توفر كلاً من السكن والتعليم والطبابة والغذاء والمياه وغيرها من الحاجات الأساسية. صحيح أن قسماً صغيراً من هؤلاء اللاجئين هم من الأغنياء الذين يُمارسون أعمالاً تجارية أو يعيشون من فوائد أموالهم في المصارف ومن أرباح إستثماراتهم، وصحيح أن قسماً منهم يتراوح تحديداً بين أربعمئة ألف إلى سبعمئة ألف يعمل في العديد من القطاعات، من البناء إلى الزراعة، ومن المحال التجارية إلى الفنادق، لكن الأصح أن معظمهم هم من العمال الذين حلّوا مكان اليد العاملة اللبنانيّة وضاعفوا البطالة التي تطال الشباب اللبناني، مُستفيدين من غياب الرقابة الرسمية ومن رغبة بعض التجار وبعض أصحاب المؤسسات بخفض الكلفة التشغيلية العامة لمؤسّساتهم.وبالتالي إن الكثير من السوريين موجودون في لبنان، ليسَ هرباً من النظام وأجهزة استخباراته أو من تنظيم <داعش> واخواته من التنظيمات الإرهابية، وإنما بحثاً عن الأمن وعن فرص عمل، وحتى عن مساعدات مالية وعينية من الأمم المتحدة.

 

ناقوس الخطر من قانون التوطين

أجراس الخطر كلها تقرع ابواب الدولة اللبنانية، فلبنان لم يعد قادراً على تحمل اعباء اللاجئين وهو الذي ما زال يعيش ازمة اللاجئين الفلسطينيين خصوصاً في ظل توقف المديرية التنفيذية لبرنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة عن تقديم بطاقات الغذاء للاجئين، ولذلك تدرس الدولة اللبنانية خيار الترحيل بدلاً من استقبال اعداد إضافية إلا ان ذلك يتطلب موقفاً موحداً من مجلس الوزراء مجتمعاً، وعلى الرغم من استبعاد الحكومة حصول التوطين واعتباره من سابع المستحيلات، يؤكد البعض ان التوطين اصبح شبه واقع في ظل وجود هذه الاعداد من اللاجئين. ومع الفرضيات الواقعة بين القبول والرفض، يفرض سؤال نفسه وهو ﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﻃﻴﻦ؟

وفي السياق نفسه، لا يبدو أن أخطار اللجوء تقتصر فقط على خسائر يدفعها لبنان وتكلفة ما عاد يستطيع تحملها، إنما الموضوع بات يشكل خطراً على لبنان بأكمله وعلى تنوعه وتركيبته وديموغرافية سكانه. فاللاجئون السوريون بمعظمهم، يتوزعون على أكثر من 1850 مخيماً عشوائياً وفق احصاءات محلية ودولية، وفي مختلف المناطق اللبنانية من دون أن تسجل اجراءات تساهم في تنظيم لجوئهم والحد من تأثيرات اللجوء على البنية اللبنانية والبلد ومستقبله. ولعل البعض قد يعتبر أن الكلام عن ملايين اللاجئين فيه مبالغة، فيما البعض الآخر يسجل رد فعل سلبياً ويطلق سهام اتهاماته العنصرية، في حين يعرف الجميع أن مشكلة اللجوء باتت تهدد لبنان واستقراره.

نسب وأرقام

وزارة-العمل-الغائب-الابز-----A 

وقد يكون من المبكر تحديد ما فعله اللجوء في المجتمع اللبناني، وسط الإنقسام الذي يعانيه البلد، انما يمكن الحديث عن نموذج تعليم أولاد اللاجئين، لنكتشف أن أعداد الأولاد اللاجئين في عمر المدرسة باتت تتخطىالـ600 الف، حيث تستوعب المدارس الرسمية وبعض المدارس الخاصة وأخرى تابعة لجمعيات نحو 300 ألف منهم. ويرتب تعليم هؤلاء الأولاد مبالغ مالية لا تزال الدولة اللبنانية تتحمل الجزء الأكبر من كلفتها بحدود 60 في المئة، في حين لم تقدم الجهات المانحة سوى اربعين في المئة من كلفة تعليمهم، التي تخطت الـ600 مليون دولار خلال السنوات الخمس الماضية. وتكمن الخطورة أن الفئة العمرية تحت الخمس سنوات من اللاجئين السوريين في لبنان باتت تشكل 28 في المئة من نسبتهم الإجمالية، وهي في الأساس تشكل في سوريا نسبة 22 في المئة وفق ما ورد في كتاب <اربعة ملايين لاجىء ــ الانفجار السكاني- هل تبقى سورية؟ وهل ينجو لبنان؟> للدكتور علي فاعور، فيما هذه الفئة عند اللبنانيين لا تشكل أكثر من 5 في المئة، ما يعني أن هناك أخطاراً كبيرة على لبنان، خصوصاً وأن الكتاب ذاته يتحدث عن وجود أربعة ملايين لاجئ في لبنان بين سوريين وفلسطينيين وعراقيين وغيرهم، وهذا وحده يخل بالتركيبة الديموغرافية اللبنانية، فضلاً عن الأعباء التي لا يمكن للبنان الاستمرار في تحملها.

ومن ضمن الانعكاسات المتزايدة على البلد، ثمة معلومات تؤكد ان لبنان ترتبت عليه خسائر متراكمة خلال 5 سنوات من اللجوء السوري، لا تقل عن ثمانية مليارات دولار،وليس ذلك فحسب، إذ أن اللجوء انعكس ضغطاً على الثروة المائية، وعلى البنية التحتية والكهرباء والخدمات التي هي شحيحة في الأصل، فضلاً عن فرص العمل وغيرها. والتأكيد أن لبنان تحول بلداً للاجئين كما يدل واقع الحال. فهل أصبح التوطين واقعاً على الرغم من انه قائم، لكن من دون ان يعترف أحد به؟

 

ماذا عن اللاجيء الفلسطيني؟

من نافل القول، أن أزمات اللاجئين الفلسطينيّين المُزمنة، قد ازدادت سوءاً في السنوات القليلة الماضية، نتيجة تراجع مُساعدات وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيّين المعروفة باسم <أونروا>. وبعد وُصول العجز المالي للوكالة المذكورة إلى حدود 80 مليون دولار أميركي، قامت بتخفيض وتقليص خدماتها ومساعداتها في مجالات الصحة والتعليم والشؤون الإجتماعية وغيرها، الأمر الذي إنعكس مزيداً من المشاكل داخل المخيّمات. وليس سراً أن بعض هذه المخيمات، وفي طليعتها مخيّم عــــين الحلـــــوة، تحــــــــول مع الــــــوقت إلى جــــــزر أمنيــــــة خــــــــارج ســــــــلطة الدولــــــة اللبنانــــيّة تأوي مئات المطلــــــوبين بمـــــذكرات تــــــوقيف، ومجموعات ارهابيــــة خطيرة، تعرضت للجيش والعسكريين، ونفذت عمليات ضد القوات الدوليـــــة العاملـــــة في الجنوب <اليونيفل>، وشاركت في هجمات ارهابية ضُد أهداف مدنيّة في لبنان. وبحسب المعلومات المتوفّرة للسلطات اللبنانية فإنّ عدد المسلحين الفلسطينيين داخل المخيمــــات، يُقـــــدر بنحــو 70 ألف مُسلّح. ويُضـــــاف إلى ما سبــــق نحو الف مُسلح خـــــارج المخيمـــات، وتحديداً في كل من بلدات الناعمـــــة وحلـــــوة وينطـــــا وخـــــلّة السمقــــــانيّة والسلطـــــان يعقوب ووادي حشمش وكفرزبد وقوسايا.

ويُعتبر هؤلاء بغالبيتهم من تركة حقبة الوجود السوري للبنان. ويشكل هذا الملف ضغطاً يؤرق السلطة اللبنانية، ويُبقي الأمن اللبناني تحت رحمة جهات عدة، بدءاً من زعماء أزقة وُصولاً الى أجهزة استخبارات اجنبيّة. وما حدث في مخيم نهر البارد في العام 2007، وما يحدث حالياً في مخيم عين الحلوة، يكشف عمق الثغرات الأمنية التي تسبب بها التأجيل المستمر في معالجة ملف اللاجئين الفلسطينيّين والسلاح. وبحسب تقارير دولية، فإن الكثير من الخلايا الفلسطينية قادرة ليس على تنفيذ هجمات ارهابية فحسب، انما على السيطرة بالنار على طرقات حساسة وأساسية في لبنان، في حال اتخاذ القرار بذلك.

كيليتاريخ اللجوء إلى لبنان

استقبل لبنان في مراحل تاريخه الحديث عدداً كبيراً من اللاجئين، ليس لكونه يقع جغرافياً في جوار البلدان التي أصابتها أزمات وحروب، بل أيضاً لوجود نقاط جذب أخرى ترتبط بخصائص موقعه ونظامه السياسي والحرية الفردية فيه، إضافة إلى تركيبته الديموغرافية المتنوعة، وقد بدأت دفعات اللاجئين بالدخول إلى لبنان منذ الحرب العالمية الأولى وعلى الشكل الآتي:الأرمن، من العام 1915 حتى العام 1940، وقد اندمجوا في المجتمع اللبناني وأصبحوا لاحقاً مواطنين لبنانيين، ويُقدر حالاً عددهم بحوالى 234 ألف شخص تتمركز كتلتهم البشرية الأكبر في منطقة برج حمود.

 الفلسطينيون الى لبنان بدءاً من العام 1948 حتى العام 1970، وقد دخلت أول موجة لاجئين بعد أحداث 1948 ووصل عددهم الى 100 ألف شخص، والثانية بعد حرب العام 1967، وآخر موجة جاءت من مخيم اليرموك في سوريا بعد الأحداث الأخيرة التي حصلت هناك. وقد أصبح عدد اللاجئين حاليا وفق مصادر الأونروا 450 ألف فلسطيني، وهناك تقديرات أخرى تفيد بأن عددهم يفوق الـ500 ألف شخص.

أما العراقيون، فوصلوا بدءاً من العام 2003 حتى العام 2008، ودخلوا الى لبنان بعد الحرب في العراق، وقد وصل عددهم الى 50 ألفاً ثم تدنى تدريجاً ليصبح حالياً حوالى 10 آلاف شخص، لكن السوريين بدأوا بالوصول بدءاً من العام 2011 حتى العام 2014، وبتاريخ 3 نيسان/ نيسان 2014، تم تسجيل النازح السوري الرقم مليون، ووفق إحصائيات الأمم المتحدة، يبلغ عددهم حالياً مليوناً ومئة وسبعين الف شخص، وقد صدر قرار عن الحكومة اللبنانية بعدم تسجيل أي سوري بعد تاريخ بداية العام 2015، كما تعتبر الحكومة أن السوريين المدنيين الموجودين على الأراضي اللبنانية هم نازحون وليسوا لاجئين، وذلك لأسباب هي أن الأحداث في سوريا تجري على أجزاء وليس على كل الأراضي السورية، وبالتالي هناك الكثير من الأماكن الآمنة الصالحة لاستقبالهم داخل حدود دولتهم. كما ان الاحداث هذه، هي أحداث مرحلية ومن المفترض أن يعود الوضع إلى طبيعته بعد حين، بعكس ما حصل في فلسطين المحتلة.

 

التوطين.. لبنان جزء من السياسة

يعتبر قانون التوطين ﻭﺍﺣﺪاً ﻣـﻦ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ الثلاثية ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﻣﻔﻮﺿﻴﺔ ﺍلأﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ للاﺟئين <UNHCR> اﻳﺠﺎﺩﻫﺎ للمعترف بهم. ﺃﻣﺎ الحلان ﺍلآﺧﺮﺍﻥ ﻓﻬﻤﺎ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺍﻟﻄﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻰ البلد الاﺻلي أو ﺍلاﻧﺼﻬﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﺍﻟﻠﺠﻮء. كما واﻥ اﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﻃﻴﻦ ﻛﺤﻞ ﺩﺍﺋﻢ ﻫﻮ اﺣﺪ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ للاجئين ﺍﻟﻤﻌﺘﺮﻑ ﺑﻬﻢ ﻓﻘﻂ ﻟﻜﻨﻪ يبقى خياراً محدوداً، ﻭﻫﻮ ﻣﺘﻮاﻓﺮ ﻟﻌﺪﺩ ﺻﻐﻴﺮ ﻣﻦ اللاجئين ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻛﻤﺎ اﻥ ﻋﺪﺩ ﺍﻟلاﺟﺌﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﻢ اﻋﺎﺩﺓ ﺗﻮﻃﻴﻨﻬﻢ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﺭﺋﻴﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺩ الاﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﻤﺘﻮاﻓﺮﺓ ﻓﻲ البلدان ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻘﺒﻞ اللاﺟﺌﻴﻦ ﻟﺪﻳﻬﺎ. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﺩ ﺍلأﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﻤﺘﻮاﻓﺮﺓ أﻗﻞ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﺪﺩ اللاﺟﺌﻴﻦ، فإن ﺍﻟﻤﻔﻮﺿﻴﺔ تحتاج ﺍﻟﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍلاﻭﻟﻮﻳﺎﺕ ﻭﻓﻘﺎً ﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﻣﺤﺪَﺩﺓ ﻭﺿﻌﺘﻬﺎ ﺑﻠﺪﺍﻥ اﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﻃﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﺸﺎﻭﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻔﻮﺿﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺍلأﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ ﺍلاﻋﺘﺒﺎﺭ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻋﺪﺓ، ﻭﺳﺘﻘﻮﻡ ﺍﻟﻤﻔﻮﺿﻴﺔ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻣﻠﻔﻚ لإﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﻃﻴﻦ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻭﺿﻌﻚ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ تعتبر المفوضية ان ﻗﺴماً ﺻﻐﻴﺮاً ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻣﺠﻤﻮﻉ اللاجئين ﻣﺆﻫل لإﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﻃﻴﻦ. ﻭمن هنا ﻗﺪ ﻳﺘﻢ ﻗﺒﻮﻝ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻫﺆلاﺀ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ الدول التي تعتمد سياسة او مبدأ التوطين ولبنان واحد من هذه الدول.

 لم يسبق لبلد ان عانى من أزمة النازحين، كما يُعاني لبنان. بهذه الجملة تصف ممثلة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة <نينيت كيلي>، تداعيات النزوح السوري على لبنان. رغم ذلك فإن المفوضية تصرّ على التسويف والمماطلة في التقيد بالتزاماتها المعقودة مع الحكومة اللبنانية التي تنبهت متأخرة جداً، الى التداعيات الكارثية لهذا الملف.ويُعتقد ان سبب هجمة التوطين من قبل اوروبا على لبنان وغيره من دول الجوار، يعود الى التفجيرات والتهديدات التي تحصل فيها والتي ستجعلها تستنكف ربما عن استقبال المزيد من اللاجئين وان الحل الممكن سيكون بزيادة الأموال للدول الحاضنة للشعب السوري وخصوصاً الاردن ولبنان وتركيا.

 

الخوف المتزايد

اللجوء-السوري

اللافت وفق الخارطة البيانية للعام 2015، هو استمرار التوزيع على حاله بالنسبة الى النازحين السوريين، ما يؤكد أن الحكومة اللبنانية هي حتى اليوم عاجزة عن إعادة النظر في إعادة التوزيع وإبعاد النازحين ما أمكن عن المدن، وإنشاء مخيمات نزوح لهم تتيح للمنظمات الدولية تصنيفهم ضمن قوائم المحتاجين للمساعدات، بينما هم في الوقت الحاضر مجتمعات عاملة منتجة في طرابلس وحلبا وشكا وجبيل وجونية والمتن وبيروت الإدارية، مع تدني الانتشار في صيدا وصور، وأيضاً في الداخل حول محيط زحلة وبعلبك، وبالتالي فإن غالبيتهم يصنّفون أيد عاملة منتجة في مناطق ناشطة اقتصادياً وليسوا نازحين ضمن مخيمات ترعاها الأمم المتحدة وتضمهم إلى قيود وموازنات مساعداتها.

وإذا كانت سلبيات اللجوء السوري كما هو عليه تطغى على إيجابياته في الوقت الراهن، فإن أخطر هذه السلبيات على مستقبل لبنان، أن هذا الوجود ليس مؤقتاً، وبات على اللبنانيين أن يتوقعوا أن ثلث العدد الحالي للمواطنين السوريين، أي ما يقارب 400 إلى 500 ألف، باقون في لبنان حتى ولو انفرجت الأزمة السورية على تسوية سياسية وتوقفت العمليات العسكرية وبدأت أعمال إعادة الإعمار في سورية وطُلب من النازحين العودة إلى سورية، لأن العائدين لن يكونوا من المنتجين المرفّهين في المدن بل من الساكنين في مخيمات ولديهم الاستعداد للسكن في مخيمات في الداخل السوري، بانتظار عملية إعادة اعمار معقدة وكلفتها 130 مليار دولار لو توقفت الحرب اليوم.

والطامة الكبرى هي في التوظيف على كافة المستويات، فإذا كانت العمالة السورية سابقاً مقتصرة على عمال البناء والزراعة، فهي اليوم باتت منافسة لليد العاملة اللبنانية من العامل إلى المهندس مروراً بكافة المهن والاختصاصات، خصوصاً في قطاع البناء والمطاعم. ويتحمل أرباب العمل اللبنانيون كامل المسؤولية في هذا الإطار، لأن توظيف المواطن السوري إضافة إلى فارق الراتب بينه وبين اللبناني، يُعفي رب العمل من أعباء الضمان الاجتماعي وخلافها من الضرائب المالية على الدخل، ومهما اجتهدت وزارة العمل لضبط العمالة السورية فهي قاصرة، إن لم نقل مقصّرة في هذا المجال. والمجال نفسه، قد انعكس بدوره على اللاجيء الفلسطيني الذي كان يعمل حتى تاريخ النزوح السوري، في معظم القطاعات العمالية التي يسمح بها القانون، وهذا الأمر ادى أيضاً، الى تضاعف البطالة لدى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وبدأوا يتذمرون من الوجود السوري المُمتد من الشمال الى الجنوب، فالعاصمة بيروت، من دون رقابة ولا ضوابط قانونية ولا حتى الخضوع لادنى المعايير التي تمنعه من المضاربة على ابناء البلد ومزاحمتهم في اعمالهم وفي لقمة عيشهم، وحتى في السكن.

 

لا حل إلا بتحرك الدولة

في الخلاصة، وعلى الرغم من الأعباء الكبيرة والمخاطر الجمة التي يُسببها اللاجئون في لبنان، أكانوا يحملون الجنسية السوريّة أو الفلسطينية، فإنّ أي معالجات جدية لهذين الملفين الشائكين لم تنطلق بعد، بسبب خلافات وانقسامات داخلية، ونتيجة تضارب في الآراء بالنسبة إلى الأساليب الأفضل للمعالجة، وكذلك بسبب مجموعة من المشاكل المتراكمة التي تحجب الرؤية عن واقع خطير صار يُهدد بنية الكيان اللبناني في ظل لا مبالاة أو عجز لدى أغلبية الجهات السياسيّة، مع إستثناءات قليلة لقوى لا تزال ترفع الصوت مطالبة بالعمل منذ اليوم على حل هاتين المُعضلتين. وبحسب مرجع سياسي بارز، فإن الوقت قد حان بالنسبة الى السلطة اللبنانية،بأن تضع إتهامات العنصرية بحقها جانباً، وأن تبدأ خطوات عملية لسحب السلاح الفلسطيني المُتفلت، ولتنظيم اللجوء السوري إلى لبنان، تمهيداً للبدء بالعودة إلى سوريا، أكان إلى مناطق خاضعة لسلطة النظام أم إلى مناطق خاضعة للمعارضة.