تفاصيل الخبر

اللاعـــب الأكبـــر فــي الـمـنـطـقــــة صـــــــار «فـلاديـمـيــــر بـــوتـيـن » بــدلاً مـن «بـــاراك أوبـامـــا »

01/10/2015
اللاعـــب الأكبـــر فــي الـمـنـطـقــــة صـــــــار  «فـلاديـمـيــــر بـــوتـيـن » بــدلاً مـن «بـــاراك أوبـامـــا »

اللاعـــب الأكبـــر فــي الـمـنـطـقــــة صـــــــار «فـلاديـمـيــــر بـــوتـيـن » بــدلاً مـن «بـــاراك أوبـامـــا »

 

بقلم وليد عوض

1 من حق الرئيس السابق ميشال سليمان أن يفاخر بأن الرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند> استجاب لنصيحته بتأجيل زيارته للبنان عندما التقاه داخل قصر <الإليزيه> في الأسبوع الماضي ولم يأخذ هذا اللقاء نصيبه من التغطية الإعلامية. وبهذه النصيحة عمل <هولاند> وهو يجتمع في هيئة الأمم برئيس وزراء لبنان تمام سلام، ويبلغه بأن زيارته للبنان قد تأجلت بانتظار أن تستجد الظروف الملائمة لها.

   ولكن ليس هذا كل ما أخبره الرئيس <هولاند> للرئيس تمام سلام. فقد قال له، وهما يتدارسان الأزمة الرئاسية اللبنانية، انه قبل مجيئه للاجتماع بالرئيس سلام التقى الرئيس الإيراني <حسن روحاني>، وتقمص في هذا اللقاء الدور اللبناني وسأل الرئيس الإيراني عما يمكن أن تفعله إيران في تفريج أزمة الشغور الرئاسي في لبنان، فلم يأخذ من <روحاني> جواباً شافياً، بل فهم من الرئيس الإيراني بأن هناك وقتاً للموضوع اللبناني وهذا الوقت لم يحن بعد.

   وأبلغ <هولاند> رئيس وزراء لبنان بأربعة أمور تحرص عليها فرنسا الآن: الأول: استمرار الجهود الفرنسية للحفاظ على المؤسسات اللبنانية. والثاني: تشديده على مضي بلاده في دعم الجيش اللبناني. والثالث: تأكيد فرنسا على أهمية انتخاب رئيس للبنان في أسرع وقت. والرابع: اهتمام فرنسا بأزمة اللاجئين السوريين في لبنان.

   ولكن ما هو الشاغل الرئيس الآن لمنظمة الأمم المتحدة التي انقضى على تأسيسها سبعون عاماً؟ وما هو شاغل أمينها العام <بان كي مون> إزاء لبنان والشرق الأوسط؟!

   كان الهم السوري هو الغالب على كلمات <بان كي مون> وهو يلقي بمسؤولية الحل في سوريا على خمس دول إذا اجتمعت حول طاولة مستديرة يمكن أن تحمل الخلاص للأزمة السورية، وهذه الدول هي: روسيا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيران وتركيا. ولكن هل هناك فرصة لعقد مثل هذه الطاولة المستديرة مع الأزمات التي تعصف بعلاقات المرشحين للجلوس؟

   لنأخذ أولاً كلمة الرئيس <أوباما> ثم كلمة الرئيس الروسي <بوتين> من منبر الأمم المتحدة.

   لقد وصف <أوباما> الرئيس السوري بشار الأسد بأنه <طاغية قاتل للأطفال> و<ان قتل ديكتاتور عشرات الآلاف من شعبه لا يمكن أن يعني دولة واحدة فقط بل هو يطاولنا جميعاً>. ثم قال: <يجب أن نعمل على تحقيق انتقال بعيد من الأسد الى حكومة جديدة ليتمكن الشعب السوري من إعادة البناء>، وهذا يعني ان الأسد يستطيع أن يبقى حتى يحصل انتقال السلطة وفق مقررات <جنيف واحد> عام 2012.

   وهكذا أعطى <أوباما> الرئيس الروسي <بوتين> بعض ما يطلبه، وهو عدم إزاحة الأسد لبدء المفاوضات بين فريق الأسد وفريق المعارضة، وإن كانت المعارضة بلسان رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض خالد خوجة لا تقبل أن تجري المفاوضات والأسد متمترس في قصر المهاجرين.

 

أخطاء أميركية في ليبيا والعراق

   وأوساط الأمم المتحدة تقول بأن القول في الملف السوري كان للرئيس <أوباما> والفعل كان للرئيس الروسي <بوتين>. فقد غمز الأخير في خطابه في المنبر الأممي من قناة الولايات المتحدة وتحالفها مع الأوروبيين لأنهما بدلاً من التغيير الذي تطمح إليه شعوب الشرق الأوسط تسببا في تدمير المؤسسات، وفي العنف والفقر والكوارث الاجتماعية. وخاطب هذه الدول قائلاً: <هل تعون ماذا فعلتم؟ لا أتوقع إجابة منكم لكن فراغ السلطة في الشرق الأوسط أدى الى تفشي الارهاب والتطرف>.

   وكان بذلك يشير الى الفشل الأميركي في تثبيت وحـــدة ليبيا بعد سقوط معمر القذافي، وتمزقها بين الميليشيات، وفي حل القضية العراقية، بعد سقوط نظام صدام حسين، وعدم التبصر بالنتائج عند الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وتسريح الجيش العراقي!

   وانتظرت أوساط الأمم المتحدة أن تسفر قمة <أوباما> ــ <بوتين> بعد ذلك عن قرار مشترك حول سوريا، ولكن القرار لم يأت، بل كل ما نجح فيه الرئيسان الأميركي والروسي هو أنهما مددا توقيت القمة من 50 دقيقة، كما حدد لها سابقاً، الى ساعتين. وفي هاتين الساعتين اتفق الاثنان على استبعاد أي حرب باردة بينهما، كما كان الأمر زمن الاتحاد السوفييتي والبيت الأبيض، وقال كل من الاثنين بعد ارفضاض الاجتماع ان المباحثات كانت جيدة وايجابية، ويعني ذلك مبدأ التفاهم حول أوكرانيا.

   مــــن هـــــذه الايجابيـــــة ربمـــــا، أن <أوباما> لم يطـــــلب مـــن <بوتين> وقف الانتشار العسكري الروسي في ســــــوريا، وهـــــذه إشارة الى اطلاق يد الروس في مواجهة <داعش> والميليشيات الارهابية، برغم أن هذه المواجهة قـــــد تتـــــم جـــــواً، وليس في وارد <بــــوتين> حتى الآن أن ينزل في سوريا جيوشاً برية، كما كان متفقاً عليه عدم اصطدام أو تحرش الطائرات الأميركية بالطائرات الروسية، وبـــالعكس، في الأجواء السورية، خصوصاً وأن في هذه الأجواء الآن طائرات بلدان بالجملة ومنها الطائرات الفرنسية وطائرات التحالف الدولي والطائرات الاسرائيلية، ثم الطائرات الروسية الآن.

حوار الطائرات في

الأجواء السورية

2

   ولكن من يضمن سلامة هذا التحليق الجوي الروسي الأميركي فوق سوريا، والفريقان، أميركا وروسيا، مختلفان حول الرئيس الأسد. فالرئيس الأميركي يطالب برحيل الأسد، ولو بعد حين، والرئيس الروسي يرى ان بقاء الأسد هو الضمانة للانقضاض على <داعش>، بعد فشل الآخرين. والحليفان الأطلسيان للولايات المتحدة، وهما فرنسا وبريطانيا، وكلاهما مع رحيل الأسد، ولكن ليس الآن. وهذا يذكرنا بالمعادلة القائمة بين حزب <المحافظين> الحاكم في بريطانيا وحزب <العمال>. فحزب <العمال> يطالب بالاصلاح، وحزب <المحافظين> يرد: أنا مع الاصلاح ولكن ليس الآن.

   وفي وقت لم يعد فيه بقاء الرئيس الأسد من المحرمات، يدخل رئيس وزراء بريطانيا <دايفيد كاميرون> على الخط ليقول إنه من غير الضروري تنحي الأسد فوراً عن السلطة في إطار أي اتفاق سياسي يتم التوصل إليه. كما دخل وزير خارجية ألمانيا <فرانك فالتر شتاينماير> على الخط هو الآخر وقال لقناة <إي أر اي>: ينبغي أن نتوصل الى توحيد المصلحة المشتركة بين مختلف المواقف، بين الذين يريدون حتماً الحوار مع بشار الأسد، وبين الذين يقولون: لا نتحاور إلا بعد أن يرحل.

عريضة المعارضين

 

   والعاصفة ضد بقاء الرئيس الأسد جاءت هذه المرة من معارضين سوريين بارزين وقعوا على عريضة برسم الأمم المتحدة لتشكيل هيئة حاكمة انتقالية سورية بعد مشاورات مع جميع الأطراف المعنية وإنشاء قوة متعددة الجنسية، مع قولهم إن الرئيس الأسد <الذي عمل على زرع الفتنة والنزاعات المذهبية والقومية في صفوفه لا يمكن أن يتحول الى المنقذ من الكارثة>.

   وقد وقع العريضة عشرة معارضين سوريين بينهم برهان غليون، والرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب، ورئيس الوزراء الأسبق رياض حجاب، والمعارض ميشيل كيلو، والفنان السوري المعارض جمال سليمان، وأشاروا الى اخفاق جميع المساعي العربية والدولية في التوصل الى حل، ونجاح نظام الأسد وحليفيه (روسيا وإيران) في إبطال جميع القرارات التي اتخذتها الجمعية العامة ومجلس الأمن في هذا الخصوص وفرغتها من مضمونها.

   ثم تابعت رسالة العريضة السورية المعارضة: <وبدل أن ينتفض المجتمع الدولي لوضع حد لجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، والضرب على يد القاتل، صار مدفوعاً من بعض الدول التي تعتقد ان الوقت قد حان لاقتسام المغانم>.

   ويبقى لبنان غائباً عن أي مبادرة للأمم المتحدة في دورتها السبعين، ولولا خطاب الرئيس تمام سلام، وعرضه لمشكلة لبنان مع النازحين السوريين الذين كلفوه فوق ما يحتمل، لاعترفنا بأن بوصلة الأمم المتحدة، وأمينها العام <بان كي مون> كانت متجهة الى سوريا، ولم يكن لبنان في دائرة هذا التصويب، برغم أن لبنان عضو مؤسس للأمم المتحدة في مؤتمر <سان فرانسيسكو> خريف 1945 بوفد ترأسه وزير الداخلية آنذاك ادوار نعيم، وضم الدكتور عبد الله اليافي والدكتور صبحي المحمصاني ويوسف سالم والدكتور شارل مالك.

   فهل يكافأ لبنان.. بالنسيان؟!