تفاصيل الخبر

الكتل السياسية صارت أسرى مواقفها المؤيدة.. والانتخابات البلدية في موعدها!

19/02/2016
الكتل السياسية صارت أسرى مواقفها  المؤيدة.. والانتخابات البلدية في موعدها!

الكتل السياسية صارت أسرى مواقفها المؤيدة.. والانتخابات البلدية في موعدها!

بقلم جورج بشير

سوريا  

هل أزال التعديل الذي تمكّن لبنان من إدخاله على وثيقة <مؤتمر ميونيخ> بمبادرة من وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل هاجس توطين النازحين السوريين الى لبنان، في لبنان؟!

الهاجس المشار إليه، أي هاجس توطين النازحين السوريين (مليون ونصف المليون نازح في لبنان)، كان يتملك معظم الأوساط اللبنانية منذ ان اختارت مؤتمرات الدول الداعمة لسوريا عبارة <المغادرة الاختيارية للنازحين السوريين للأراضي اللبنانية>، لأن هذه العبارة التي سبق وأن أُقرّت في مؤتمرات لندن وباريس، تركت في نظر الأوساط اللبنانية الخيار للنازحين في أن يغادروا لبنان أو أن يقيموا فيه بالتزامن مع المساعدات الدولية لهم. وهذا الهاجس زال في <مؤتمر ميونيخ> الأخير الذي عقدته أربعون دولة للبحث في الوضع السوري عندما اقتنع ممثلو الدول المشاركة في هذا المؤتمر بما فيها الوفد الأميركي، وإن على مضض بالموقف اللبناني الذي شرحه الوزير جبران باسيل للمؤتمرين، كما شرح لهم مخاوف لبنان من التوطين إذا ما تُركت هذه العبارة كما وردت في قرار مجلس الأمن، كما في القرارات الدولية، فجرى القبول بالتعديل في أن تكون مغادرة النازحين السوريين لبنان بأمان، أي ليس بواسطة العنف، كون دول شرق أوسطية، في طليعتها تركيا مثلاً، بادرت الى إغلاق حدودها في وجه تدفق النازحين السوريين بعد أن احتجزت عشرات الآلاف منهم في مخيمات أقامتها خصيصاً لهم على طول حدودها مع سوريا، وزنّرتها بأحزمة أمنية لضبط تحرّك هؤلاء النازحين وإخضاعهم لرقابة أمنية صارمة، مع أن تركيا متهمة بأنها تغذي الحرب السورية لوجستياً بإغراق الساحة السورية بالمسلحين من كل الجنسيات فاتحة حدودها أمامهم على مصراعيها.

 

.. وأمّا في الداخل؟!

 

في الداخل اللبناني ظلّ هاجس آخر قابضاً على مفاصل الحكومة اللبنانية، ألا وهو النفايات التي جلبت عاراً على لبنان وسمعته عبر رصد خمسين مليون دولار من المال العام لتصدير النفايات من لبنان الى روسيا، وهي فضيحة أخرى في مسلسل النفايات، إذا ما أُضيف إليها الحوار الساخن الذي قام في روسيا بين الشركة التي تعهّدت استيراد النفايات من لبنان ومعالجتها وطمرها في الداخل الروسي، ومعارضي هذا التوجه من تنظيمات روسية مهتمة بالحفاظ على البيئة، ومن خلال ما تردّد من داخل الاتحاد الروسي، يتبيّن أن نفايات لبنان غير مرحّب بها من الأصدقاء الروس.. وهنا الطامة الكبرى لا بل الفخ الذي وقعت فيه الحكومة عندما لجأت الى ترحيل النفايات الى الخارج بسعر باهظ، فيما هي لم تأخذ في الاعتبار العروض المخفضة لمعالجة النفايات التي تلقتها في المناقصة المعروفة التي اعلنت عنها ومن ثم أبطلتها، برغم أن سعر الطن في أحد العروض لم يتجاوز الـ123 دولاراً، فيما الحكومة كانت تدفع لـ<سوكلين> في الماضي ما لا يقل عن من 185 دولاراً للطن!

غريب أمر هذه الإدارة الحكومية اللبنانية التي تسارع الى إغلاق محرقة لمعالجة النفايات في منطقة ضهور الشوير أقامها القطاع الخاص بمشاركة بلدية، لأسباب ومبررات غير مقنعة وبالشمع الأحمر، فقط لأن الحكومة كما ظهر موقفها، تريد حماية محتكري النفايات و<مافيا النفايات> التي باتت روائحها الكريهة جداً لا بل الناقلة للميكروبات والجراثيم القاتلة لا تزكم النفوس وتسدّ رئات المواطنين فحسب، إنما هي تساهم في قتلهم كما جرى أخيراً ولا يزال بالنسبة للانتشار المريع لفيروس <اتش1 إن1> في مختلف المناطق اللبنانية.

فضيحة النفايات جمعاً ومعالجة وطمراً مضافاً إليها فضيحة أداء <سوكلين> في الماضي القريب، لو أنها حصلت في بلد آخر من البلدان التي تحترم ذاتها لكانت أزاحت حكّاماً وحكومات، لا بل أنظمة.. لكن ما العمل ونفايات لبنان تحوّلت بدافع من <مافيا النفايات> المعروفة، الى طوائف ومذاهب وأحزاب تتقاسم بين بعضها البعض <قالب حلوى> النفايات حصصاً سياسية وحزبية ومذهبية، فيما الحكومة تكاد تصفّق فرحاً للانتصار المريع الذي أدى بنفايات لبنان الى الترحيل، وفيما قرار إغلاق محرقة ضهور الشوير رسم أكثر من علامة استفهام، وكذلك حرمان بلديات لبنان واتحادات هذه البلديات من حقوقها بإقامة مراكز تجميع وفرز ومعالجة للنفايات تابعة لها وعلى حسابها عبر سياسة اللامركزية، وكأن الحكومة، هدفها الأصيل هو حماية <حقوق مافيا النفايات>، على حساب حقوق المواطنين بالتخلّص من هذه النفايات بطرق حديثة كالطريقة التي أعلنها الاقتصادي سامي مارون لـ<الأفكار> في العدد الأخير، وتلك التي أعلنها وقدّم مشروعاً وعرضاً عمليين بها الى الحكومة المهندس نعمة أفرام رئيس <جمعية الصناعيين> السابق..

 

الانتخابات البلدية والخيارات الصعبة

 

فريقان أساسيان أو ثلاثة فرقاء ينتمون في معظمهم الى فريق 14 آذار، فيما الفريق الرابع يضع رجلاً في بور 14 آذار والأخرى في فلاحة الاعتدال، أعلنوا حماستهم الكبيرة لإجراء الانتخابات البلدية في موعدها الى جانب الأفرقاء الآخرين. لكن الأفرقاء الثلاثة الأول فريق جنبلاط، وفريق <المستقبل>، والكتائب ليسوا متحمّسين كفاية لإجراء هذه الانتخابات البلدية في موعدها كما هو مفترض رسمياً، بعد إعلان الدكتور سمير جعجع من معراب عن التفاهم الكبير بين أقوى تيارين مسيحيين (القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر) حول رئاسة الجمهورية، وموجة الارتياح الكبيرة التي تركها هذا الإعلان، مما دفع يبعض التيارات والكتل الحزبية والسياسية الى مراجعة حساباتها الانتخابية ليتبين لها أن حلف معراب - الرابية يمكن أن يحدث ما يشبه الـ<تسونامي> الحقيقي إذا ما جرت انتخابات بلدية، ستدفع بالبلد وبالحكم حتماً الى طرح السؤال الآتي: وما هو المانع في أن تُجرى انتخابات نيابية؟ وما كان المبرّر لتمديد ولاية مجلس النواب الأول والثاني؟

طبعاً هذا القلق من جانب هذه الكتل نابع أساساً من تخوّف كتل جنبلاط - بري - الحريري من الوصول الى الخيار الأصعب بالنسبة لهم، ألا وهو التسليم بانتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية، والوصول الى مواجهة مطلب قانون انتخابات نيابية جديد يعيد الـ 32 مقعداً نيابياً في البرلمان لأصحابها، وهنا الطامة الكبرى الثانية... لقد أصبحت معظم الكتل السياسية بعد قرار مجلس الوزراء الأخير تأمين الاعتمادات المالية اللازمة لإجراء الانتخابات البلدية، أصبحت هذه الكتل أسرى مواقفها المطالبة والمؤيدة لإجراء هذه الانتخابات، وقد تبيّن لأركان 14 آذار وخاصة قادة تيار <المستقبل>، صعوبة <فكفكة> التحالف الجديد المُعلن بين كتلتي الرابية ومعراب، وقد حاول هؤلاء جهدهم في هذا السبيل.

 

عون-جعجع-1التمسك بحكومة تمام سلام

حكومة الرئيس تمام سلام التي قامت بخطوات عملية جيدة على الصعيدين الدولي والإقليمي، خصوصاً في <مؤتمر ميونيخ> الأخير بتفاهم وتخطيط مسبق على صعيد سياسة لبنان الخارجية بين رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل، واجهت في الأسبوع الماضي <خضة> لم تكن في الحسبان عندما أعلن وزير العدلية فيها اللواء أشرف ريفي عن ترك جلسة مجلس الوزراء لأنه جرى تجاهل مشروعه القضائي المتعلق بإعادة محاكمة ميشال سماحة وإحالــــــــــــــــــــة ملفّه الى المجلس العدلي... وقد خرج الوزير ريفي من الجلسة غاضباً وأعلن عبر تصريح ناري وهجــــــــــــــــــــــــومي عن عدم رغبته في حضور الجلسات المقبلة للحكومة إذا ما تواصل <تواطؤ> بعض الحكومة مع ميشال سماحة!

وكان البعض يتوقع انفجاراً حكومياً ما، خصوصاً بين جماعة الصف الواحد.. لكن سرعان ما جاء رد الرئيس سعد الحريري من خارج لبنان قاسياً ومفاجئاً وحاسماً بأن <لا أحد يزايد علينا، وإن موقف الوزير ريفي يمثل وجهة نظره، لكنه لا يمثل فريق 14 آذار، أو تيار <المستقبل> على الأقل..> وهذا الموقف الحريري بحدّ ذاته كان بدوره صاعقاً ومفاجئاً للوزير ريفي ولمؤيدي موقفه من السياسيين الذين سارع بعضهم الى إعادة اصطفافهم.

المهم في الموضوع وفي كل ما حصل من أحداث ومواقف سياسية في الأسبوع الماضي، أنّه بادٍ لكل مراقب أن الجميع متمسك بالحكومة، وبما تمثل، وبما فيها من مواقع عرجاء لأنه لا بديل لها في الوقت الحاضر على الأقل، بانتظار الجديد بالنسبة لرئاسة الجمهورية الموضوعة في الثلاجة حتى نهاية الربيع المقبل على الأقل.