تفاصيل الخبر

القطاع الصناعي مهدد بالإفلاس والإقفال والصرف الجماعي!

07/02/2020
القطاع الصناعي مهدد بالإفلاس والإقفال والصرف الجماعي!

القطاع الصناعي مهدد بالإفلاس والإقفال والصرف الجماعي!

 

بقلم طوني بشارة

 

المتتبع للأوضاع في لبنان يلاحظ أن مصير المصانع بات للأسف على شفير الإنهيار، فالبعض عمد الى تقليص ساعات العمل، والبعض الاخر بات يلوح بإمكانية الصرف الجماعي ناهيك عن الإفلاس او الإقفال النهائي ونقل مركز التصنيع إلى مناطق صناعية تقع بنطاق جغرافي خارج البلاد... وذلك بسبب كثرة الإغراءات من قبل بعض الدول لمصانع لبنانية عديدة من أجل نقل مراكزها إليها.

فما مصير 195 الف عامل لبناني؟ وهل بات المواطن مهدداً بانقطاع لقمة عيشه؟ وهل من إجراءات معينة تتخذها الجهات المعنية لمعالجة هذه الأزمة؟

تساؤلات عديدة للإجابة عنها التقت <الأفكار> رئيس <الجمعية اللبنانية لتراخيص الإمتياز> الأستاذ يحيى قصعة، كما نقلت رأي وموقف رئيس <جمعية الصناعيين> الأستاذ فادي الجميل.

قصعة والإغراء!

بداية مع الأستاذ يحيى قصعة والذي أفادنا بأن عدد الشركات التي تعمل تحت مظلة الـfranchise هو 1100 شركة وهي تشغل 5600 نقطة بيع وتشكل 4% من الناتج القومي، وأهمية الـ<فرانشايز> أنها توسع نشاطها خارج إطار لبنان.

ــ ولكن ألم تتأثر شركات الـ<فرانشايز> بالأزمة الحاصلة؟

- لا يخفى على أحد أنه وابتداء من 2012 لاحظنا هبوطاً إنحدارياً وإنخفاضاً بالمبيعات وصولاً الى الكارثة الفظيعة في الأشهر الثلاثة الأخيرة.

ــ وهل طالت الأزمة كافة شركات الـ<فرانشايز>؟

- نشاطنا يغطي قطاعات مختلفة (مطاعم ــ ملابس ــ بناء ــ مفروشات ــ محطات بنزين...) وبالطبع معظمها تأثر بالأزمة الأخيرة، وقبلها أيضا بفعل التراجع الإقتصادي منذ العام 2012... قبل الأزمة، كان هناك تفاوت في مبيعات القطاعات وايراداتها، فبعضها مثل الملبوسات والمجوهرات والترفيه تأثر كثيرا بسبب الإنكماش وتراجع القدرة الشرائية، أما المواد الغذائية فقد حافظت على حد معين من النشاط، وقد يكون قطاع الإستشفاء هو الوحيد الذي شهد نمواً منذ 2012 بسبب الاقبال من قبل الأخوة العرب.

ــ بعض الشركات تتمكن من الإستيراد فيما بعضها الاخر يعاني من أزمة، كيف تفسر ذلك؟

- في لبنان هناك نوعان من الشركات:

أ- شركات لديها وجود خارج لبنان وهي قادرة على الإستمرارية بالرغم من وجود الكثير من الصعوبات اللوجستية.

ب- شركات لا وجود لها خارج لبنان وهي اتبعت هيكلية عمل جديدة فلجأت الى الإستيراد مع رفع الأسعار تماشيا مع غلاء الدولار.

ولكن للأسف كلاهما يعانيان من تراجع مبيعات بنسبة تتراوح ما بين الـ40 والـ50%.

ــ وهل لجأتم كشركات رخص الإمتياز الى تدابير كمثل الصرف أو تخفيض معاشات الموظفين؟

- بسبب شهرة شركات الإمتياز وتطورها فانها لم تعانِ من حالات صرف إلا ما ندر، ورغم اننا نواجه أزمات عديدة الا اننا ما زلنا قادرين على التصدي لها.

ــ وهل من خوف على المدى الطويل لاسيما وأن دولاً تسعى لإغراء شركات لبنانية للإستثمار لديها؟

- هناك تخوف من لجوء المقرات الرئيسية HQ لشركات الإمتياز الى مغادرة لبنان مما سيؤثر سلباً على المهارات والقيمة المضافة للبنانيين، لاسيما واننا نتلقى عروضات لإخراج المصانع من وطننا. ومن ضمن العروضات ما تلقيناه من تركيا مثلا وذلك لإقامة مصانعنا ضمن المناطق الصناعية لديها، والعرض يشمل ما يلي:

ــ إلغاء الضرائب والرسوم.

ــ دعم على التوظيف من خلال تحمل جزء من رواتب الموظفين.

ــ دعم التصدير.

ــ دعم ايجار محلات رخص الإمتياز.

ــ كيف ترى عام 2020... وهل من حل قريب؟

- حتى الان لا يوجد أي حل للازمة وذلك في ظل غياب تام لاي خطة عمل من قبل المعنيين بالمعالجة. والأمر سيتفاقم في حال لجأ المعنيون الى الاستدانة من المصارف لحل الأزمة.

عام 2020 هو عام مفصلي اذ قد وصلنا الى الهاوية ويجب وضع رؤية واضحة وعلمية في خلال مدة أقصاها شهران والا سنستمر بالإنهيار، علماً أن حاكم مصرف لبنان لديه خطة قادرة على حل الأزمة بمهلة أقصاها ستة أشهر وذلك مع توافر الإستقرار السياسي ودعم خارجي محدود، وهذه الخطة في حال طُبقت خلال فترة زمنية مفصلية (ثلاثة اشهر من تاريخه كحد اقصى) فانها ستكون مجدية وفعالة.

 

الجميل وعدم التخلي عن العمال!

وللإطلاع اكثر على حيثيات الأمور نقلت <الأفكار> رأي رئيس <جمعية الصناعيين> فادي الجميل الذي أوضح لنا منوها بأن الصناعة تؤمن فرص العمل ليس فقط للعاملين فيها مباشرة إنما لآلاف العائلات المرتبطة بها ومنهم: التجار والموزعون وتجّار المواد الاولية وتجّار الآلات المستوردة وتجّار قطع الغيار وكافة المستلزمات للتصنيع وكذلك محامو الشركات ومدققو الحسابات والمستشارون وشركات النقل والمصارف والتأمين وسائر الخدمات الاخرى.

وتابع الجميل قائلاً:

- نحن كقطاع صناعي نشعر بوجع الجميع ومعاناتهم ونعلن تضامننا مع كل القطاعات الإقتصادية في هذا الظرف الأليم، لا بل نشعر أننا كصناعيين وانطلاقنا من تحسسنا العميق بعمق هذه الازمة الوطنية، انه من واجباتنا أن نستميت بالدفاع عن الصناعة والزراعة وكل القطاعات الانتاجية من دون استثناء.

وفي ما يتعلق بموقف <جمعية الصناعيين> من الأزمة الحاصلة ومن الإجراءات المتخذة تجاه العمال شرح الجميل قائلا:

- نحن رجال إقتصاد وعمل وإنتاج، لكن عندما تصل السكين الى رقابنا ورقاب موظفينا وعمالنا فبكل تأكيد سنعلن بأننا لن نتخلى عن مصانعنا ورزقنا، ولن نتخلى عن تعب وكدّ وعرق بذلناه لسنوات طويلة، وهو من سابع المستحيلات. وبكل تأكيد لن نتخلى عن رفاق الدرب وأهل الدار وعن كل عامل وعاملة في مصانعنا. ونحن لن نساوم ولن نسكت ولن نبقى مكتوفي الأيدي على الخراب الآتي، كما ونرفض هذا الإستخفاف والإستهتار بمصير آلاف المصانع ومصير 195 ألف موظف وعامل.

وبالنسبة لوضع الصناعة ووصفها بكونها متروكة منذ زمن ومهمشة من قبل رجال السياسة أوضح الجميل:

- بالفعل لم ننعم بسياسات إقتصادية في الماضي بل تمسك البعض النافذ بمصالحه الاقتصادية. أما اليوم فالجميع مستقيلون من مسؤولياتهم ويتركون أمور البلد لمصيره، اذ لا رؤى ومبادرات، لا إجراءات وقرارات، وكأننا متروكون لمواجهة مصيرنا. هم يتجاهلون بأن ما حصل ويحصل من زلزال في لبنان من حراك أو ثورة أو إنتفاضة إنما سببه الأساسي وجع الناس جراء البطالة والضيقة الاقتصادية مما اودى بهم للعوز والهجرة والانتحار.

وعن فكرة السعي السابق للجمعية لإيجاد حلول نوه الجميل قائلاً:

- لقد تقدّمنا مراراً بمطالب في سعي لتأمين الحدّ الأدنى من حقوق الصناعة ومصلحة الإقتصاد، كما خضنا مع وزراء الصناعة معارك ضروساً من أجل تفعيل وتعزيز الصناعة ولكن كنّا نصطدم بحائط يتغنّى بشعارات مثالية فيما يتسلح للدفاع عن مصالح خاصة. بالحقيقة لم نطالب بالحماية على غرار ما تقدمه بلدان عديدة لصناعييها وجلّ مطالبنا تمحورت حول التعامل بالمثل وتكافؤ الفرص، وقد طرحنا على المسؤولين مراراً، أننا أمام خيارين، الأول هو ان نحصن الصناعة أو نحميها بأدنى حد من خلال منع الإغراق ووقف التهريب فواجهتنا في هذا الاطار مشاعر جياشة شددت على حرصها عدم المسّ بعلاقاتنا مع مختلف الدول، أما الخيار الثاني فتمثل بتخفيض الأكلاف الإضافية التي تعاني منها قطاعات صناعية أساسية محددة للسماح لها بالمنافسة وهنا أيضاً جوبهنا بحجة عدم توافر الأموال.

وردا عن سؤال حول مطالب الجمعية الحالية للجهات المعنية، أفاد الجميل مشدداً:

- نطالب الدولة بكل مكوناتها، من الرؤساء والوزراء المعنيين ومصرف لبنان والمصارف، بأن يقوموا بواجباتهم ويتحملوا مسؤولياتهم الطبيعية والا يبقوا مكتوفي الأيدي يتفرجون على خراب البصرة. كما نطالب بحقوقنا وبشكل خاص بالإفراج عن أموالنا المقيدة بالمصارف وبعدم حرماننا من إستيراد المواد الأولية التي هي أساس الإنتاج ومن دونها لا سلع ولا صناعة وطنية. هذا حقنا، وهذه أموالنا، نريدها لشراء المواد الأولية الصناعية.

وفي ما يتعلق بإستجابة الدولة ووضعها اليات لاستيراد بعض السلع ركز الجميل قائلا:

- لقد وضعوا آليات لاستيراد القمح والمحروقات والدواء، لكن على الرغم من مناشداتنا المتكررة والإجتماعات العديدة والمؤتمرات الصحفية والبيانات والنداءات التي أطلقناها منذ أكثر من شهرين، فلا حياة لمن تنادي رغم انه لا يخفى على أحد بان الصناعة الوطنية - وفي هذه المرحلة البالغة الصعوبة - لا تقل شأناً وأهميةً بالنسبة للبنان واللبنانيين عن القمح والمحروقات والدواء، فالصناعة تصدر منتجات الى الخارج بقيمة 2، 7 مليار دولار أي انها وسيلة فضلى لضخ العملات الاجنبية الى لبنان، وكذلك فان الصناعة الوطنية تمد السوق المحلية بمنتجات تقدر قيمتها بـ10 مليارات دولار أي انها تلبي حاجات اللبنانيين بالكثير من السلع خاصة في ظل عدم القدرة على الاستيراد من الخارج.

وبشرح مفصل وبلغة الأرقام استفاض الجميل:

- لتوضيح الامور أكثر، فان جُلّ ما نطلبه هو السماح للصناعيين بتحويل أموالهم من المصارف الى الخارج لاستيراد مواد أولية صناعية بـ3 مليارات دولار في السنة التي توازي قيمة الصادرات اللبنانية، ما يعني أن القطاع الصناعي يكون قد أمن حاجاته من العملات الاجنبية من الخارج واللازمة لاستيراد المواد الأولية دون المسّ بالاحتياطات اللبنانية، مع العلم ان الـ3 مليارات دولار التي نطالب بها في السنة كافية لإستمرار حركة صادراتنا بنحو 3 مليارات دولار، وكذلك لمد الاسواق اللبنانية بمنتجات تصل قيمتها الى 10 مليارات دولار. اما لناحية مردودية طلبنا، فان مقابل تحويل 3 مليارات دولار لإستيراد المواد الاولية، سيكون لدينا إنتاج صناعي بقيمة 13 مليار دولار.

أما بالنسبة للمطالب المستقبلية لتجنب او للحد من الأزمة الواقعة لا محالة فقد أفاد الجميل:

- على السياسة الاقتصادية العمل على منع التهريب والإغراق فعلياً وعملياً ومعالجة أكلاف الطاقة المكثفة لما لها من إنعكاسات على قطاعات أخرى وعلى الإقتصاد الوطني. وفي هذا الإطار أيضاً، لا بد من التأكيد انه لا يمكن على الإطلاق الاستمرار بسياسة الإستيراد المفرطة التي يتبعها لبنان، لاسيما الاستيراد من دول بمئات ملايين دولار والتصدير اليها ببضعة ملايين، لذلك لا بد من العمل على رفع مستوى صادراتنا الى الدول التي نتعامل معها. وقد أكدنا من جهتنا للدول الصديقة للبنان ان الطريق الوحيد للحفاظ على صادراتها الينا هو في مساعدتنا على خفض البطالة في لبنان التي تصل الى 36 بالمئة لأن كل لبناني يستورد ما يقارب 5 آلاف دولار سنوياً، فعندما نعالج البطالة نتمكن عندها من معالجة الوضع الاقتصادي وتفعيل التبادل التجاري، ولا طريق للوصول الى هذا الهدف الا بزيادة الصادرات الصناعية اللبنانية الى مختلف هذه الدول، وهذا ليس اعلان حرب.

وبالنسبة لمواصفات لبنان الذي يحلم به الصناعيون شدد الجميل:

- نريد لبنان بلد الاشعاع، بلد التميز بكل قطاعاته الاقتصادية والصناعية والزراعية والخدماتية، بلد تألق الشباب والمبادرات الخاصة... نحن اليوم أمام مفترق طرق خطير، فقد تنهار مؤسساتنا نتيجة فقدان المواد الاولية التي أساسها عدم التحويل وفقدان السيولة التي تهدد بدورها استمرارية عائلاتنا... والكل قادر على شراء احدث الآلات ولكن ليس بمقدور اي كان ان يبني صناعة ناجحة دون فريق عمل منتج ومحترف... لقد قمنا بأحلك الظروف بتأمين العيش الكريم لعائلاتنا وأمّنا الرواتب دون إنقطاع حتّى عندما توقف العمل نتيجة الأحداث، فهل يعقل اليوم ان يتهدد مصير العاملين في القطاع نتيجة فقدان السيولة الضرورية؟