تفاصيل الخبر

القطاع العقاري بين التحديات والحلول

17/03/2016
القطاع العقاري بين التحديات والحلول

القطاع العقاري بين التحديات والحلول

بقلم طوني بشارة

1

بين السيئ والأسوأ حتماً قطاع العقارات ليس في اسوأ اوضاعه، وصحيح أن العام 2015 لم يكن مثاليا بالنسبة إلى القطاع العقاري لكنه في المقابل لم يكن الأسوأ، فهل سمعتم مثلاً عن إعلان إفلاس صاحب أرض أو رجل أعمال في قطاع العقارات؟

قد لا يكون الجواب مقياساً، وقد يكون التناقض الواضح بين آراء رجال الاقتصاد والعاملين في قطاع العقارات كافياً لتوضيح الصورة، لكن ما لا يقبل الشك هو ان ازدهار السوق العقارية يقوم على قاعدتين: الأمن والسياسة، ومع انتفاء الصورتين يصبح الكلام اكثر موضوعية، فهل تتوضـــح الصـــورة مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ وماذا لو تخربطت كل الأوراق ودخلنا مرحلة الفراغ؟ في حسابات المعنيين، السوق العقاريــــة صامــــــدة فهل نجــــرؤ على القـــول بعد «نيال من له مرقـــــد عنزة في لبنان»؟

 

القلق والافق العقاري المسدود

 لا البلد بخير ولا أهله، القلق سيد الموقف والأفق مسدود، وكل ما في الأجواء يوحي بأننا متجهون نحو الأسوأ! وهذا وحده كاف لإعادة الحسابات في مطلق اي استثمار، فكيف الحال بالنسبة إلى القطاع العقاري؟ لاسيما ان الأرقام تظهر تراجعاً بنسبة 7,2 بالمئة عن العام 2014، أما حجم المبيعات العقارية فبلغ 68,8 مليارات دولار مقارنة بـ 88,8 مليارات دولار في العام 2014، كما انخفض عدد العمليات العقارية من 68,569 عملية بيع في العام 2014 إلى 64,198 في العام 2015 أي بتراجع نسبته 3.1 بالمئة، أرقام نُحسد عليها إذا ما حاولنا مقاربتها بالوضعين الأمني والسياسي.

تقرير الادارة الاميركية وحالة الركود

 ليس خافياً على أحد أنّ القطاع يعيش حالة ركود، وذلك منذ آذار/ مارس 2010 تاريخ صدور تقرير الإدارة الأميركية حول تبييض الأموال في العالم، والذي لحظ لبنان كبلد محتمل يمر عبره قسم من هذه الأموال، وزاد الوضع سوءاً تفاقم الأزمة السورية وتداعياتها على الشارع اللبناني ما ضرب القطاع الاقتصادي وبالتالي قدرة اللبناني المُقيم على تمويل عمليات عقارية، كما أنّ المقاطعة الخليجية وتدنّي قيمة الأموال المُرسلة من المغتربين اللبنانيّين إلى ذويهم لعبا دوراً سلبياً على القطاع، وفي هذا السياق يُقال إنّ العظماء هم الذين رسموا المستقبل بخططهم الناجحة، فهل سيذكر التاريخ أصحاب القرار في الشركات العقارية كعظماء رسموا مستقبل القطاع العقاري بما فيه المصلحة العامة؟

أم أنّ <الأنا> ستغلب على قراراتهم؟ لاسيما أن سوق الشقق التي لا يزيد سعرها عن 200ألف دولار لم تتوقف ونشاطها لا يزال على وتيرته إن لم نقل أنه يزيد في بعض الأحيان، وهنا لا بد من الإشادة بالدور الذي يلعبه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لجهة دعم المصارف بهدف إيصال النتائج الإيجابية إلى المستهلك، خاصة أن المقبلين على الزواج والراغبين في شراء منزل يتوجهون إلى المصرف للحصول على قرض سكني، وتشير الأرقام إلى ارتفاع نسبة القروض السكنية بحيث باتت تشكل أكثر من نصف المبالغ التي توفرها السوق العقارية والتي تصل قيمتها إلى نحو 7 مليارات دولار سنوياً، مما يؤكد أن هذه الفئة لا تتأثر بالوضعين الأمني والسياسي.

 نقفــــز إلى الوحدات التي تراوح أسعارها بين 250 و300 ألف دولار، هنا لا بد من الاعتراف بأن الحركة بطيئة لكنها لم تتوقف، كذلك الحال بالنسبة إلى الطلب على الشقق التي تراوح أسعارها بين الـ 300 و500 الف دولار، أما إذا ما تخطينا هذا الرقم، فالسوق في حالة جمود، وهذا طبيعي.

والمتتبّع للاوضاع العقارية يرى ان أسعار الشقق أصبحت فوق قدرة اللبناني المتوسط على شرائها بسبب الطلب الكبير الذي أتى من خارج لبنان منذ السبعينات وخاصة في التسعينات، حيث تم بناء الشقق الكبيرة التي تفوق حتى قدرة العديد من الأغنياء اللبنانيين على شرائها، فارتفعت أسعار المكاتب والمحلات، وأصبح التحدي يكمن في قدرة 4المستثمرين على تحقيق الأرباح التي تسمح لهم في الحفاظ عليها.

 

واقع العصر الذهبي العقاري

 مما لا شك فيه أن من استثمر في العقار اللبناني في الماضي حقق أرباحا فاقت المخاطر المعتمدة، وسمحت في تطوير هذا القطاع المهم الذي يشغل العديد من القطاعات الأخرى المعدنية والخشبية والحرفية والمهنية وغيرها، وفي اعتقادنا أن العصر الذهبي للاستثمار العقاري اللبناني قد ولى ليس بالضرورة نهائياً، وانما لفترة غير قصيرة نتيجة ما يجري داخليا واقليميا، فانتهاء العصر الذهبي العقاري لا يعني عدم جدوى الاستثمار فيه، انما يعني التنبه وعدم التهور والتسرع في الذهاب اليه في كل الظروف ومهما كانت الشروط والمعطيات، فالأوضاع المتردية في المنطقة مستمرة لفترة غير قصيرة، وبالتالي النظر بموضوعية وعقلانية ضروري جدا، فأزمة 2008 بدأت في العقارات الأميركية وامتدت الى العالم أجمع ولم يتعاف الاقتصاد منها بعد. دبي أنقذت نفسها بمساعدة الامارات الأخرى، خاصة أبو ظبي، لكنها تعي اليوم مرارة التجربة السابقة وتحاول تجنبها بكل الوسائل والسياسات المتوافرة. لبنان ليس بلداً غنياً، وبالتالي تجنب انهيار عقاري هو مسؤولية الجميع من الحكومة الى القطاع الخاص والناس، فهل حان وقت التصحيح تجنبا لخسارات كبرى لن تكون على حساب قطاع العقارات فحسب وانما على حساب الاقتصاد ككل؟

تساؤلات عديدة للاطلاع عليها قابلت <الافكار> رئيس مجلس ادارة شركـــة <حوريــــة> رمــزي سلمــــان ومدير التسويــــق والمبيعات لدى <الشركة العربية للاعمال المدنية> صلاح كرامة، والخبيرة المالية - العقارية تانيــــا يونــــان والعديـــد مــن الشبـــاب اللبــــناني حـــاورتهم وجاءت بالتحقيق الآتي:

رمزي سلمان، وقضية العرض والطلب

 بداية أعلمنا رمزي سلمان انه وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري بثلاث سنوات ارتفعت أسعار العقارات بشكل جنوني، مما دفع العديد الى ممارسة مهنة المقاولات، فكثُرت المنافسة وازداد عدد المشاريع، وانخفض الطلب على الشراء، مما جعل اصحاب المشاريع الجديدة يقعون ضحية التأخير بالتسليم، ولا ننسى اليوم ان التطورات السياسية المحلية (غياب السلطة الاولى) والتوترات الامنية الاقليمية والمحلية اثرت كلها على مصادر تمويل المشاريع، فدخلنا للاسف في مرحلة اقتصاد الحرب، مما جعلنا نمر بأزمة قد تستمر وقتاً طويلاً وستترافق مع افلاس شركات عديدة واضطرار قسم كبير منها في حال لم يعلن افلاسه الى خفض الأسعار حتى ادنى من أسعار التكلفة من اجل الاستمرارية.

ــ عن وضع السوق يقول سلمان: بالتأكيد حاليا حركة السوق جامدة، وفترة الجمود بدأت منذ سنتين تقريباً، ومنذ فترة قصيرة لمسنا تراجعاً بالأسعار بنسبة تتراوح ما بين الـ 20 والـ 30 بالمئة وذلك وفقاً لآلية العرض والطلب، ولكن بالمقابل لم نشهد حتى الآن اي حالة افلاس، والسبب عائد الى ان اكثرية اصحاب المشاريع لديهم قدرة تمويلية كبيرة، بالاضافة الى السياسة التقشفية التي تعتمدها الشركات والتي يمكن تسميتها بـ<سياسة شد الاحزمة> وذلك بغية اجتياز هذه المرحلة.

صلاح كرامة والعرب وبيع

عقاراتهم في لبنان

اما صلاح كرامة فوصف الحركة بالمعدومة، واعتبر ان السوق حالياً للشاري الذي يتحكم بالأسعار بسبب الجمود المترافق مع ارتفاع العرض وانخفاض الطلب، واعتبر كرامة ان الطلب حاليا هو من المواطن المقيم ويتم على الشقق الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها الـ 130 متراً والمشيدة في ضواحي بيروت، وذلك لكون سعر المتر في هذه المناطق لا يتعدى الـ 2500 دولار علماً انه في فردان وعين المريسة السعر لا يقل عن 5000 دولار اميركي.

وتابع كرامة:

- اما الطلب على الشقق الكبيرة فتوقف كليا في الوقت الحالي، كما تراجعت او حتى توقفت عملية الشراء من قبل المغتربين والخليجيين، بل على العكس لاحظنا في الآونة الاخيرة اتجاهاً مقلقاً لدى الخليجيين بعرض شققهم وابنيتهم والفلل التابعة لهم للبيع وبأسعار متهاودة، وكأنهم يحاولون سحب استثماراتهم من لبنان.

يونان واختلاف فترة السبعينات

 بدورها الخبيرة تانيا يونان أعلمتنا بان العوامل المحركة للقطاع العقاري في الوقت الحالي ترتكز على المعطيات الآتية:

أولاً: العرض، جميعنا يعرف انه متوافر وبكثرة وفي كل المناطق، ولا حاجة اليوم الى بناء المزيد في معظم المناطق اللبنانية، الا الشقق الصغيرة التي ما زالت الحاجة اليها كبيرة، وهي غير متوافرة بالكميات والأسعار المناسبة، وفي هذا السياق يكفي النظر الى الاعلانات ليتبين لنا أن هنالك مشكلة يمكن أن تتفاقم، وهنا لا بد من البناء خارج بيروت أي في شعاع 25 كلم بحيث يتنقل المواطن منها والى مركز عمله دون عناء، كما هنالك ضرورة لتعديل مواعيد العمل أو لخلق دوامات مرنة متعددة لا تفرض على الجميع الذهاب الى العمل في الوقت نفسه.

ثانياً: في الطلب، لا شك أن قدرة اللبناني على شراء العقــــارات المتوافـــــرة ضئيلة جداً، والقادرين على الشراء قد اشتروا مسبقاً، هنالك دائماً فرص، الا أن فترة السبعينات كانت مختلفة وارتكزت على منطقة عربية ناهضة اقتصاديا وعلى أسعار نفط مرتفعة بالمعنى الحقيقي للكلمة، لذا فإن ركائز الطلب قـــد تغيرت جذريـــا ولا يمكن تجاهلها.

 

يونان واقتراح تخفيض الأسعار

2

ــ وماذا عن الأسعار؟

 - الأسعار جامدة دون مبرر، وعلى عكس ما يشير اليه قانون العرض والطلب، من هنا، وتبعاً لما يجري نتوقع في الداخل والخارج أن يضطر العارضون الى تخفيض الأسعار خاصة أولئك الذين اقترضوا من المصارف للبناء، فالبيع بحسومات معقولة أفضل من تسليم النفس للمصارف التي تتشدّد في أعمالها خوفاً من المخاطر والتزاما منها بقرارات مصرف لبنان.

ــ البعض اعتبر ان التراجع في عملية شراء العقارات له علاقة بانخفاض أسعار النفط، ما رأيك؟

 - ان استمرار انخفاض أسعار النفط العالمية لفترات طويلة مستقبلية، يُعتبر بمثابة عامل جديد يؤثر على الساحة العقارية، إذ قسم مهم من الطلب على العقارات أتى ويأتي من العاملين بشكل مباشر أو غير مباشر في القطاع النفطي العربي، وبالتالي فهم يتأثرون به وبأوضاع دوله المنتجة، وهذا الانخفاض سيؤثر حكماً على الطلب العقاري وننصح بعدم تجاهله.

وتتابع يونان:

- هنالك واقع آخر جديد مستمر ويتمثل بالأحداث الخطيرة المتفاقمة في المنطقة، بدءاً من سوريا الى العراق واليمن وليبيا والسودان وغيرها، وتؤثر هذه الأجواء السياسية العسكرية والأمنية سلباً على المناخ الاستثماري في القطاع العقاري وغيره.

دور اللبناني المغترب والمقيم في تحريك القطاع العقاري

ــ لكن وبالعودة الى لغة الارقام نرى ان التراجع في عمليات البيع لم يتعدّ الـ 3.1 بالمئة، وهو تراجع مقبول نوعاً ما في ظل الظروف الراهنة، فمن يحرك عملية البيع؟ علماً ان الكل بات على يقين بأن حركة الاستثمارات العربية غائبة والمستثمر الخليجي بات يعد إلى المليونين وربما أكثر قبل أن يوقّع على عقد استثمار طويل الأمد وبمبالغ مالية طائلة؟

- ان الشعب اللبناني المقيم والمغترب هو من يحرك السوق العقارية في لبنان، سواء وافقنا على هذا الرأي أم حاولنا تغليفه ببعض العبارات التي ترضي السائح أو المستثمر العربي، لكن عندما نتكلم عن سوق عقارية فالمستثمر الوحيد هو اللبناني المقيم والمغترب، أما المستثمر العربي فلا يدخل أكثر من مليار دولار في السوق العقارية من اصل المليارات السبعة التي تشكل أرباح السوق سنوياً.

وتضيف يونان: نحن لا نقلل من أهمية المستثمر العربي لكن هذا هو الواقع. وهنا نرى أن نسبة استثمار الاغتراب اللبناني باتت أقل بعدما كانت موزعة مناصفة بين المقيم والمغترب، وذلك بسبب انعدام الثقة وانعكاس الثورات الإقليمية وتحديداً السورية على الوضعين السياسي والأمني في البلد، وبات المغترب يفكر مرتين قبل أن يقدم على شراء شقة أو أرض في لبنان. لكن هذا الوضع لن يستمر حتماً، والمهم استعادة الثقة بالسوق اللبنانية وعودة الأمن والاستقرار، ويكمن دور المستشارين العقاريين في إرشاد المستهلك بهدف الوصول إلى نتيجة ترضي الطرفين، والأهم عدم إدخال المستهلك في دائرة الإفلاس أو العجز عن طريق شراء شقة أو تسديد قيمة القروض السكنية لاحقاً، من هنا نصيحة المستشارين العقاريين للمستهلك اللبناني في الوقت الحالي هي شراء شقة لا يتجاوز سعرها الـ 250 الف دولار، وهذا يفترض القبول أو الاقتناع بالشقق المتوسطة الحجم او الصغيرة.

 أسعار <تحلق>...

ــ كخبيرة في مجال الاستثمار العقاري تنصحين بتخفيض الأسعار، علما ان كلّ العوامل المذكورة أعلاه قد تؤثر بشكل كبير في تحديد الأسعار، وبالمقابل الأسعار ما زالت ثابتة وذلك على الرغم من انخفاض الطلب، فما سبب ذلك؟

- بمجرد طرح هذا السؤال اجد نفسي مضطرة الى ان ادخل في دائرة الأرقام، ففي بيروت مثلاً لا تزال أسعار الشقق <محلقة>، لكن بيروت ليست <سلة واحدة>، فسعر المتر المربع في الأشرفية يختلف عما هو عليه في منطقة العدلية، من هنا لا بد من التمييز بين الأشرفية كعقار من جهة وسكن من جهة أخرى، أما المعدل الوسطي للأسعار فيراوح بين 7000 و8000 دولار، وقد يصل إلى 10 آلاف دولار كما الحال في المشاريع الضخمة، أرقام تصدم ربما لمن يقاربها بالوضعين الاقتصادي والاجتماعي في البلد لكنها واقعية.

 ــ ماذا عن وسط بيروت وتحديداً منطقة <سوليدير>؟

- هنا لا بدّ من رفع الغطاء عن «الصيت» الذي يحيط بالمنطقة ويضعها في مصاف الأكثر غلاء على مستوى أسعار العقارات بينما العكس صحيح، فسعر المتر المربع في منطقة <سوليدير> يتراوح بين 6000 و7000 دولار، ومع ذلك تشير الإحصاءات إلى وجود تململ لدى أصحاب المحال وتحديداً المطاعم بسبب انعدام الحركة في بيروت على خلفية الوضع الأمني.

وتستطرد يونان قائلة:

- اما بالنسبة للشق الثاني من السؤال، فإن ارتفاع الأسعار او الاتجاه الى اعتماد مبدأ استقرارها من قبل المستثمرين يعود إلى الأسباب الآتية:

- قلة مساحة الأراضي الصالحة للبناء واستغلال البائع هذا العامل كسببٍ رئيسي للمحافظة على أسعار عالية.

 - زيادة عدد السكان واللاجئين لدرجة أصبح من الأكيد أنّ الطلب سينفجر مع الوقت، وهذا يعني أنّ صاحب العقار يتوقع ارتفاعاً في الأسعار ويُفضل عدم البيع بانتظار غدٍ واعدٍ.

- اقتناع كل من الشاري والبائع أنّ الأسعار لن تنخفض، وحتى لو كان هناك من سبب مقنع للانخفاض، الا أنّ اقتناع العنصرَين الأساسيَّين في العملية بأنّ الأسعار لن تنخفض كافٍ لوقف انخفاض الأسعار.

- اقتناع اللبناني أنّ امتلاك الحجر هو أفضل من امتلاك النقد، وساعد على هذا الاعتقاد الوضع الاقتصادي الخطر المحدق بالليرة اللبنانية، نتيجة احتمال إقرار سلسلة الرتب والرواتب وما لها من عواقب على التضخم.

 

<فقاعة> أو لا <فقاعة>؟

3ــ البعض يتكلم عن <فقاعة> عقارية، فما صحة ذلك؟

- بحكم وظيفتي وتتبعي للاوضاع ارى أن لا <فقاعة>، فالأرض تنبض خيرات ولم نسمع أن احداً اشترى قطعة أرض وخسر فيها، أما على المستوى السكني فالمستأجر نفسه يربح فكيف الحال بالنسبة إلى المالك؟ قد يكون المطور العقاري من أكثر المتضررين لأن لديه ديوناً، لكن التدابير المصرفية التي يتخذها حاكم مصرف لبنان كفيلة في حل أية مشكلة مصرفية قد تطرأ.

ــ نستنتج من حديثك ان القطاع العقاري قد يكون في منأى عن كل ما يحصل من أزمات، وقد يصح تشبيهه بالاستثمار الذي يدر ذهباً، لكن الى متى يمكن لهذا القطاع أن يصمد؟

- كل شيء رهن الاشهر المقبلة، ونكرر السؤال: <فقاعة> أو لا <فقاعة>؟ السؤال الأصح: انتخاب رئيس ام فراغ؟ عليه تتوقف كل الحلول والإجابات عن وضع البلد.

ــ أخيرا بالإضافة الى ما سبق ولتجنب مشكلة عقارية تؤثر سلباً على كل الاقتصاد اللبناني، ماذا يقترح الخبراء؟

- نحن نقترح ما يلي:

أولاً: تخفيض مناسب في الأسعار يحرك السوق أي يسمح بتحقيق أرباح معقولة للمستثمرين ويقع ضمن امكانات اللبنانيين الشرائية، خاصة الطبقات الوسطى وما دون.

ثانياً: نأمل تنويع الاستثمارات المستقبلية من قبل المستثمرين العقاريين، أي التوجه أكثر الى القطاعات الأخرى من صناعة وزراعة وخدمات التي تساهم في توسيع سوق العمل وبناء مستقبل أفضل للشابات والشباب اللبنانيين، وان التوجه نحو القطاعات التي لها فرص مستقبلية تصديرية هو مناسب ومربح على المدى البعيد كما يبني اقتصادا أقوى وأسلم.

 

عقيقي وقرار الاستئجار

- ولأن الشباب هم المعنيون الأساسيون في هذا الموضوع، كان لا بدّ من استطلاع رأي بعض الشبان اللبنانيين حول أزمة السكن، فقالت ربى عقيقي معلمة لغة عربية إن أسعار المنازل في لبنان أصبحت <غير طبيعية> وخصوصاً لجهة عدم تناغمها مع معدل الأجور، اذ أن الحد الأدنى الذي حددته الدولة أخيراً قرابة الـ 550 دولاراً، لا يكفي لسداد قسط واحد من قيمة القرض السكني. وأشارت عقيقي إلى أن خطيبها رامي حاول مراراً التقدم بطلب إسكان، ولكن طلبه قوبل بالرفض، أولاً لغياب <الوساطة> وثانياً للأسعار المرتفعة التي لا تتناسب مع معدل المرتبات، واستعاضت ربى وخطيبها عن فكرة شراء منزل باستئجار واحد، مشيرة إلى أنّها وخطيبها قد أحضرا معظم الأوراق المطلوبة من قبل <الإسكان> (إفادة راتب، وعد بالبيع، قيمة تأجيرية، موافقة البنك)، ولكن <الإسكان> رفض الطلب لغياب الكفيل.

 ختاماً نرى انه وفي غياب أيّ إستراتيجية خاصة به، سيبقى القطاع العقاري في لبنان رهن الأوضاع الأمنية والسياسية المحلية والإقليمية، هذا القول هو نتيجة تحليلٍ للوضع في القطاع العقاري الذي يعاني ركوداً في حجم العمليات مع ثبات الأسعار، لذا يتوجب على القيّمين عليه أن يعمدوا إلى مقاربة السوق عبر رؤية مختلفة، على اعتبار ان القطاع العقاري يعيش في لبنان حال ركود مع ثبات بالأسعار، وهذا الوضع المخالف للقواعد الاقتصادية التي تنص على أنه وفي غياب الطلب (الطلب يعني تحقيق عملية الشراء) يجب أن تنخفض الأسعار، يُمكن أن يدوم عشرات السنين، وذلك بفعل عوامل خارجة عن النطاق الاقتصادي.