تفاصيل الخبر

القصة الكاملة لباخرة "نترات الامونيوم" منذ دخولها مرفأ بيروت... حتى احتراق المستودع رقم 12!

19/08/2020
القصة الكاملة لباخرة "نترات الامونيوم" منذ دخولها مرفأ بيروت... حتى احتراق المستودع رقم 12!

القصة الكاملة لباخرة "نترات الامونيوم" منذ دخولها مرفأ بيروت... حتى احتراق المستودع رقم 12!

 

[caption id="attachment_80453" align="alignleft" width="249"] المحقق العدلي القاضي فادي صوان...هل يفك لغز ما حصل؟[/caption]

الى أين يمكن أن يؤدي التحقيق في الانفجار الكبير الذي دمّر مرفأ بيروت وأحياء سكنية مواجهة له مثل حي مار مخايل والكرنتينا والجميزة الخ....؟ وهل ستؤدي مشاركة مكتب التحقيق الفيدرالي FBI والشركة الجنائية الفرنسية وغيرهما من المحققين الدوليين الى الاسراع في كشف اسباب تفجير المستودع رقم 12 في المرفــــأ؟ وهل ان هذا التفـــجير نتج فعــــلاً عن "تلحيم" البوابة والفجوة فيه ام ان هناك عاملاً خارجياً يمكن ان تقف وراءه اسرائيل من خلال تنفيذ عملية عسكرية ضد لبنان؟ لقد راجت في الاسبوع الماضي رواية لم تتأكد رسمياً بعد عن ان فرضية العدوان الاسرائيلي لا يمكن تجاهلها خلال التحقيق الجاري في ملابسات تفجير المرفأ وسط معطيات تشير الى ان تفجير اطنان من نترات الامونيوم ليس بالعمل السهل ولا هو عمل هواة، بل عمل محترفين يعرفون بوجود هذه المواد المتفجرة في المستودع رقم 12، ويعرفون خصوصاً كيفية الوصول اليه. وتقول الرواية التي تفترض العمل التخريبي الاسرائيلي انه قد يكون من السهل على مجموعة من رجال الضفادع الاسرائيليين التسلل عبر البحر الى المرفأ والوصول بسهولة ايضاً الى المستودع القريب من البحر ووضع عبوة موقوتة في داخله كي تنفجر في وقت لا عمل في المرفأ ولا عيون تراقب فيكون الهدف تفجير المستودع من دون وقوع خسائر في الارواح لأن المرفأ خلال فترة العمل يشهد حركة كثيفة من العمال والشاحنات ورجال الامن الخ.... وتضيف الرواية ان تسلل رجال الضفادع سهل من جهة البحر حيث لا حراسة للعنابر في المرفأ ولا دوريات في داخله اذ تقتصر الحراسة على مداخله فقط، وعندما يتوقف العمل فيه تنعدم الحركة بين العنابر كما كانت الحالة في السادسة والدقيقة السابعة مساء حين حصل التفجير، مع الاشارة الى ان عملية تلحيم الباب والفجوة في العنبر حصلت خلال النهار وكان يمكن ان يشتعل العنبر خلال وجود عمال "التلحيم" وليس بعد ساعات من مغادرتهم....

وجود فرضية العدوان الاسرائيلي عبر رجال ضفادع او عبر طائرة قذفت صاروخاً في اتجاه المستودع وفجرته، دفعت برئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى طلب صور جوية من الاقمار الاصطناعية فوق لبنان، من الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" خلال زيارته الخاطفة الى بيروت للتضامن مع لبنان وتفقد المصابين والمشردين من منازلهم، وتأمنت هذه الصور ووضعت في تصرف التحقيق للتدقيق فيها بحيث يمكن تبيان ما اذا كانت ثمة حركة غريبة حول المستودع او من خلال الجو، ولا ينتظر ان تكشف تفاصيل اضافية عن هذه الصور لسلامة التحقيق الذي بات في عهدة قاض عدلي هو فادي صوان الذي عين بعد احالة الجريمة الى المجلس العدلي نظراً لفظاعتها ولتهديدها السلم الاهلي اضافة الى الاضرار الفادحة والخسائر في الارواح والممتلكات.

قصة الباخرة RHOSUS

 ويقول مصدر قضائي إنه ليس من الوارد استبعاد اي فرضية، بما في ذلك فرضية العدوان الاسرائيلي او فرضية الاهمال، لأن حدثاً كالذي وقع لا يمكن ان يتم التعاطي معه كأي جريمة عادية، علماً ان صعوبة التحقيق فيه واضحة لغياب الكثير من المعلومات والمعطيات التي تقود عادة التحقيق الى اماكن تسهل كشف الفاعلين لاسيما وان المواد المتفجرة " مقيمة " في المرفأ منذ شهر حزيران 2014 وفق ما جاء في التقرير الذي اعدته المديرية العامة لأمن الدولة والذي كان الاساس في الاضاءة الى وجود " نترات الامونيوم" في المستودع رقم 12 في المرفأ، الذي روى ظروف دخول الباخرة RHOSUS الى مرفأ بيروت آتية من مالدوفيا في طريقها الى موزامبيق، وذلك لشحن جرافتين كبيرتين الى الاردن، ويروي التقرير، وفق مصادر مطلعة انه لدى وصول الباخرة الى المرفأ انكسر عنبر فيها ما ادى الى تعطلها وعدم قدرتها على الابحار مجدداً، وكان على متنها اربعة بحارة من جنسيات اجنبية مختلفة.

 ويضيف التقرير انه بعد الكشف على الحمولة المتبقية في الباخرة، تبين انها تحمل كمية كبيرة (حوالي 2750 طناً) من مادة نيترات الامونيوم والتي تستعمل لتصنيع المتفجرات كونها شديدة الانفجار وسريعة الاشتعال، مرسلة الى الموازمبيق وعائدة لشركة SAFARI LIMITED وبعد مراجعة القاضي نديم زوين واطلاعه على الموضوع، اصدر قراراً قضى بموجبه حجز الباخرة وحجز البحارة الذين كانوا على متنها وذلك بسبب صدور إشعار تبليغ حجز احتياطي صادر عن وزارة العدل دائرة التنفيذ في بيروت تحت رقم 2013/1031 تاريخ 20/12/2013، والذي يقضي بحجز الباخرة لوجود دين عائد لشركة  BUNKARNET LTD ومنعها من مغادرة المياه الاقليمية ما لم تودع كفالة ضامنة للدين البالغ قيمته 119396.38 دولار اميركي بالاضافة الى اللواحق المقدرة بـــ 11940، وبعدها صدر إشعار تبليغ ثان صــــادر عن دائرة تنفيذ بيروت رقم 2014/377 تاريخ 2014/5/5 لصالــــح شركة "اكريكو ابريا" ومنعها من مغادرة المياه الاقليمية اللبنانية بسبب وجود دين قيمته 23 الف يورو لصالح الشركة المذكورة. عندها طلبت المديرية العامة للنقل البري والبحري من قاضي الامور المستعجلة في بيروت نديم زوين انجاز عمال تعويم الباخرة والترخيص بنقل المواد المشحونة على متنها الى مكان آمن نظراً لخطورتها على البيئة، وتأمين حراستها والترخيص عند الاقتضاء. كشفت فرقة متخصصة على الباخرة فتبين وجود عيوب كبيرة في هيكلها تحول دون توفر سلامة الملاحة البحرية، فمنعت من السفر وأعيد تعويمها داخل المرفأ تمهيداً لنقل البضائع الموجودة على متنها وتخزينها في مكان مناسب تحدده ادارة الجمارك وتبقى تحت حراستها.

ملابسات غامضة

[caption id="attachment_80454" align="alignleft" width="444"] مرفأ بيروت بعد حصول الانفجار ويبدو العنبر رقم 12 وقد تحول الى ركام[/caption]

 وفي وقت لاحق سمح القاضي زوين للبحارة الذين كانوا على متن الباخرة بالمغادرة، وبعد شهر تم قطر الباخرة الى الرصيف رقم 9 وأفاد رئيس الميناء ان وقتاً مرّ ولم يتم الكشف على حمولتها ونقلها الى مستودع للتخزين نظراً لخطورة هذه المواد، فتم نقلها الى العنبر رقم 12  داخل حرم مرفأ بيروت وهو معد لحفظ المواد الخطرة. وبعد شهر تقريباً عين م.م. حارساً قضائياً على البضائع داخل العنبر لتحمل مسؤولية اي نقص او تلف واذا حصل ذلك يتعرض للملاحقة القضائية، لكن م.م. تحفظ على ذلك لأن العنابر داخل المرفأ تقع تحت سلطة ادارة واستثمار مرفأ بيروت وليست تحت سلطته.

 وفي اوائل العام 2015 تقدمت شركة SAFARI LIMITED بطلب الى القاضي زوين لتعيين خبير للكشف على البضائع المذكورة، وبتاريخ 26/1/2015 عين القاضي زوين خبيرة الكشف على البضائع فتم ذلك، وبتاريخ 4/2/2015 كشفت الخبيرة على البضائع واخذت عينات منها لتحليلها فتبين ان نسبة الاوزت بلغت 7.34% وتصنف من المواد الخطرة، عندها اقترحت ادارة المانيفست في المرفأ تسليم هذه المواد فوراً للجهات الامنية المختصة (قيادة الجيش اللبناني) او اعادة تصديرها الى الخارج بسبب خطورتها والكارثة التي قد تنتج من جراء اشتعالها او انفجارها. الا ان قيادة الجيش رفضت استلام البضاعة لأنها ليست بحاجة لها، وتم التواصل مع شركة لبنانية متخصصة بصنع المتفجرات فلم تأخذها ولم يبق سوى اعادة تصديرها الى بلد المنشأ على نفقة مستورديها نظراً للخطورة الشديدة التي ينتج عن بقائها داخل المخزن في ظل ظروف مناخية غير ملائمة وحفاظاً على سلامة العاملين في المرفأ.

 وفي تطور جديد آنذاك غرقت الباخرة في 18/2/2018 داخل حرم مرفأ بيروت (ولا تزال في قعر البحر)، اما مادة النترات الامونيوم فبقيت في العنبر رقم 12 من المرفأ الذي اتضح بعد الكشف عليه ان الباب رقم 9 فيه "مخلوع" وتوجد فجوة في الحائط الجنوبي تسمح لأي شخص بالدخول اليه مع غياب اي حراسة على العنبر. وظلت الامور على هذا المنوال من التسيب وعدم الاهتمام حتى شهر ايار (مايو) 2020 حين تم الاتصال بالمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات لاطلاعه على الواقع فأشار بالتواصل مع ادارة المرفأ واستدعاء الموظف المسؤول عن الامن داخل المرفأ الذي افاد انه ليس على علم بوجود كمية نترات الامونيوم داخل العنبر رقم 12، وبدا متفاجئاً بوجود هذه المواد. فيما افاد موظف آخر ان هذه المواد موجودة في العنبر 12 منذ خمس سنوات بناء على قرار قضائي صادر عن قاضي الامور المستعجلة في بيروت بانتظار صدور قرار قضائي مخالف لاخراجها من العنبر. ومنذ ذلك الحين وحتى تاريخ اعداد التقرير في 20/7/2020 لم يصدر اي قرار قضائي بهذا الشأن. وافاد الموظف م.ع. ان م./م على علم بواقع العنبر فاستدعي للتحقيق فأفاد بأن الباخرة دخلت منطقة المرفأ في 21/11/2013 ورست على الرصيف 9 في حزيران 2014، وهي كانت قادمة من اليونان ومتوجهة الى موزامبيق وبعد تعطلها في المرفأ صدر قرار بحجزها ومنعها من مغادرة المياه الاقليمية اللبنانية لوجود دين لذمة احدى الشركات، فتم الحجز وانزلت الحمولة الى المستودع رقم 12.

 واتضح لاحقاً ان المديرية العامة للنقل البحري والبري ارسلت عدة كتب الى القضاء المختص لبيع مادة "نيترات الامونيوم" بالمزاد العلني (كما يحصل عادة بالمواد المصادرة)، لكن لم يصدر اي قرار بهذا الشأن. وقبل وقوع الانفجار بأيام تمت مراجعة القاضي عويدات واطلاعه على مجريات التحقيق فأشار بترك الموظف م.م وتوجيه كتاب الى ادارة واستثمار مرفأ بيروت لتأمين حراسة للعنبر وتعيين رئيس مستودع وصيانة كامل الابواب ومعالجة الفجوة الموجودة في الجدار الجنوبي وباقي الفجوات واقفال ابوابه باحكام...

 ويخلص التقرير الى انه لوحظ وجود اهمال وتقصير من قبل ادارة واستثمار مرفأ بيروت في حراسة العنبر الرقم 12 مما يسهل دخول وخروج الاشخاص اليه وسرقة المواد الخطرة الموجودة داخله. كما لوحظ ان الادارات الرسمية لم تقم بأي اجراء لمعالجة هذا الوضع بغية ابعاد الخطر التي تسببه هذه المواد في حال تعرضت للسرقة او الحريق!.

 وما لم يذكره التقرير ما حصل بعد صدوره، وهو إقدام ثلاثة اشخاص على "تلحيم" الباب والفجوة في اليوم الذي وقع فيه الانفجار... فهل يكشف التحقيق ملابسات ما حصل ام ان تقرير امن الدولة الذي اضاء على معلومات مهمة ودقيقة سيبقى حبراً على ورق؟!.