تفاصيل الخبر

القرار السياسي لـ”فلاديمير“ والقرار الاقتصادي لـ”شي“!

14/06/2019
القرار السياسي لـ”فلاديمير“  والقرار الاقتصادي لـ”شي“!

القرار السياسي لـ”فلاديمير“ والقرار الاقتصادي لـ”شي“!

 

بقلم خالد عوض

التوتر الإيراني الأميركي ليس بعيدا عن الحرب التجارية والتكنولوجية بين <واشنطن> و<بيجينغ>. إيران تريد كسب خمس أو سبع سنوات أخرى لمشروعها الإقليمي ريثما تصبح الصين ندا أقوى إقتصاديا وماليا وحتى عسكريا للولايات المتحدة بينما تريد الأخيرة تحجيم أي أذرع عسكرية محتملة للصين مثل كوريا الشمالية وإيران تحسبا لإحتمال مواجهة أكبر بين العملاقين الإقتصاديين العالميين. كيف تنعكس هذه الإستراتيجيات على الشرق الأوسط في السنوات المقبلة؟

 

الحروب بالوكالة!

حتى الآن لا تزال الحرب بين الصين والولايات المتحدة محصورة بالإقتصاد والتكنولوجيا. ورغم بعض التحركات البحرية الأميركية في منطقة جنوب بحر الصين حيث تبني الأخيرة جزرا جديدة عبر ردم مناطق بحرية ليست بالضرورة داخل مياهها الإقليمية وتدعي اليابان السيادة عليها، فلا شيء يدل على أن الدولتين متجهتان إلى حرب مباشرة، على الأقل في المرحلة المنظورة. ولكن في الوقت نفسه لن تتراجع الصين عن دعم إيران والتقارب مع روسيا والإبقاء على النظام الكوري الشمالي كما هو. في المقابل ستستمر الولايات المتحدة بدعم <تايوان> وتسليح اليابان إستراتيجيا مثلما فعل الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> خلال زيارته الأخيرة لطوكيو عندما أعلن عن صفقة بيع ١٠٥ طائرات فانتوم ٣٥ لليابان، والضغط على حلفاء الصين مثل روسيا وإيران عن طريق العقوبات الإقتصادية. هذا يعني أن منطقة الشرق الأوسط ستظل ساحة مواجهة بالوكالة عبر المزيد من محاصرة إيران.

 

الدولار.. خط أحمر!

 

أمر واحد يمكن أن يسرع في إحتمالات مواجهة عسكرية بين الصين والولايات المتحدة هو تمكن الصين وحلفائها من الإستغناء عن الدولار في التبادل التجاري العالمي. هذا هو التهديد المالي الجدي الذي لن يقبل الأميركيون به. حتى الآن لا تزال خطوات المعسكر الصيني متواضعة في هذا المجال أي أن الصين لم تفرض، حتى الآن، على أي دولة أن تعمل معها باليوان رغم قدرتها على ذلك. هي ربما تنتظر أن تتوسع شبكتها التجارية العالمية أكثر وأن يمتد حزام وطريق الحرير حتى تتمكن من طرح عملتها كبديل عملي للدولار. هذا سيتطلب وقتا وسيستوجب أولا قبول مصدري النفط الخليجيين ببيع البترول بغير الدولار. هذا غير مطروح، على الأقل في الوقت الراهن. وطالما بقي البترو دولار يعني أن الدولار نفسه سيستمر كأقوى عملة في العالم من حيث التداول. ومن هنا يمكن فهم الحلف الإستراتيجي الخليجي الأميركي والمصالح المترابطة بين الضفتين.

 

إسرائيل أو إيران أو.. الإثنان معا؟

 

تطورت العلاقات الإسرائيلية الصينية خلال الثلاث سنوات الأخيرة بشكل ملفت حيث تجاوز التبادل التجاري السنوي بين الدولتين ١١ مليار دولار، فالإستثمارات الصينية في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي وصلت إلى ثلث مجموع الإستثمارات في هذا القطاع كما أن الصين مهتمة جدا بقطاع الزراعة الإسرائيلي المتطور وتساهم في تمويل أبحاث علمية تقوم بها عدة جامعات إسرائيلية في هذا المجال. كما أصبح هناك أكثر من ٢٠٠ طالب صيني يدرسون في كليات الزراعة والتكنولوجيا الإسرائيلية، كل هذا بالإضافة إلى الزيادة المستمرة في عدد السياح الصينيين إلى الأراضي المحتلة. ومؤخرا عبّرت عدة شركات صينية عن اهتمامها بتمويل مشاريع طرقات وبنى تحتية في إسرائيل. الصين تعرف جيدا أن إسرائيل حليف إستراتيجي للولايات المتحدة ولذلك لم تسترسل في التبادل التجاري العسكري معها كما حاول أن يقنعها رئيس الوزراء الإسرائيلي <بنيامين نتنياهو> خلال زيارته لها عام ٢٠١٧، ولكنها في الوقت نفسه لا تجاري إيران نهائيا في مسألة <إزالة إسرائيل من الوجود> وهي لا تزال على الحياد تماما في مسألة الصراع العربي الإسرائيلي. والحياد في هذا الموضوع هو لمصلحة إسرائيل. على الجانب المقابل تبدو الصين مصرة على الإبقاء على أفضل العلاقات مع إيران من دون أن <تضحي> من أجلها، فلا هي زادت من استيرادها للنفط والغاز الإيراني ولا تصدت أو حاولت الإلتفاف على العقوبات الأمريكية على إيران. بالنسبة للصين إيران مصدر طاقة إستراتيجي لاستهلاكها وحليف سياسي وتجاري لا أكثر ولا أقل.

 

سوريا خارج الأفق الصيني!

قيل الكثير عن مجيء شركات صينية إلى المنطقة وإلى البقاع تحديدا. كما تردد الحديث عن إهتمام صيني بتمويل وبناء معامل إنتاج كهرباء وإنشاء طرقات في سوريا. حتى الآن تبين أن كل هذه الأخبار هي في خانة التكهنات. لا مؤشرات جدية حول دخول الصين في مشروع السلام السوري بل يبدو من الإجتماع الأخير بين الرئيسين الصيني <شي جين بينغ> والروسي <فلاديمير بوتين> في <سانت بطرسبرغ> في أول هذا الشهر أن الصين سلمت روسيا كل سوريا وجوارها المعقد. ويبدو أيضا من خلال هذا الإجتماع على هامش منتدى الأعمال الروسي أن الصين وروسيا توافقتا أن تخوض الأولى المعركة الإقتصادية والتكنولوجية ضد الولايات المتحدة وتقود الثانية المعركة السياسية والعسكرية. <بوتين> يقرر في فينزويلا وسوريا وإيران وحتى كوريا الشمالية، والصين تدير الإستراتيجية التكنولوجية والإقتصادية عبر شركة <هواوي> وجيل الإتصالات الخامس وعبر طريق وحزام الحرير. لذلك وقعت <هواوي> عقد توفير شبكة الجيل الخامس للإتصالات في روسيا. ولذلك أيضا لم يتردد الرئيس الروسي في نعت ضيفه الصيني بانه أفضل صديق... كيف لا وهو عدو العدو الأكبر؟!