تفاصيل الخبر

القوات اللبنانية تتخوّف من ”عزلة“ داخل مجلس الوزراء وخلافها مع ”التيار“ قد يولّد ”حلفاً خماسياً“ للانتخابات!

15/12/2017
القوات اللبنانية تتخوّف من ”عزلة“ داخل مجلس الوزراء  وخلافها مع ”التيار“ قد يولّد ”حلفاً خماسياً“ للانتخابات!

القوات اللبنانية تتخوّف من ”عزلة“ داخل مجلس الوزراء وخلافها مع ”التيار“ قد يولّد ”حلفاً خماسياً“ للانتخابات!

عون-جعجعلم يكن رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل يمزح حين استبدل شعار <أوعا خيَّك> الذي كان عنوان أغنية صدرت بعد التفاهم بين <التيار> والقوات اللبنانية، بشعار <أوعا حالك>، ذلك أن العلاقة بين ثنائي <تفاهم معراب> وصلت الى نقطة من التباعد لم تعد تنفع معها تأكيدات <عرّابي> التفاهم النائب ابراهيم كنعان والوزير ملحم رياشي بأن عقارب الساعة لن تعود الى الوراء، وأن لا بديل لـ<التفاهم>، وأن ما يحصل حالياً هو غيمة صيف وستمر... وقد أتى كلام الوزير باسيل الأسبوع الماضي على محطة <ام تي في> ليقطع الشك باليقين حول الخلاف بين <التيار> الذي يرأسه والقوات اللبنانية، حين قال إن <القوات> انقلبت على التفاهم مع <التيار>، ما استوجب رداً مباشراً وسريعاً - على غير عادة - من الدكتور سمير جعجع أكد فيه أن <التفاهم يعني الشراكة لا أن يضع فريق نفسه في تصرف آخر>... وهكذا انتقل الخلاف الذي يدور منذ أشهر همساً أو في الصالونات، الى العلن وعلى مستوى رئيسي <التيار> و<القوات>، بعدما كان يدور الخلاف عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال أنصار الفريقين ومؤيديهما.

وبدا من خلال تسلسل الأحداث أن <الشائعات> التي كانت <القوات> تقول إن مصدرها فريق بارز في 8 آذار هو حزب الله، كانت حقيقة وان ما بني من خلال <تفاهم معراب> اهتز بقوة، وهو لا يزال يهتز يوماً بعد يوم، الى أن أتى كلام الوزير باسيل ورد الدكتور جعجع ليضعا الأمور في نصابها وليكشفا عمق الخلاف بين حليفي الأمس اللذين عندما التقيا، قالا للقاعدة المسيحية المشتركة ان لا خلافات بعد اليوم، وان بإمكان المجتمع المسيحي أن يرتاح لأن ما جمعه <تفاهم معراب> لن يفرّقه أحد!...

ماذا سيترتب عن هذا التباعد؟

تقول مصادر متابعة إن تداعيات الخلاف الذي ظهر على العلن بين <التيار البرتقالي> و<القوات> ستكون واضحة في موقعين مباشرين: الأول داخل مجلس الوزراء حيث سيعاني وزراء <القوات> من شبه عزلة إذا ما عارضوا مواضيع يتفق عليها وزراء <التيار> و<المستقبل> وحركة <أمل> وحزب الله واللقاء الديموقراطي، بعدما كانوا يحظون أحياناً بدعم في مواقفهم من وزراء <أمل> واللقاء الديموقراطي و<تيار المردة>، وأول الغيث سيظهر خلال مناقشة ملفات التنقيب عن النفط والغاز ومسألة تلزيم معامل إنتاج الطاقة الكهربائية، ولن يجد اعتراض وزراء <القوات> على هذه المواضيع الصدى الذي كانوا يحصلون عليه في الماضي. وتبعاً لذلك، لن يلقى وزراء <القوات> أيضاً تجاوباً مع المواضيع التي سوف يطرحونها أو الحاجات التي سيطالبون بها، لاسيما وأن العلاقة بين <القوات> وتيار <المستقبل> لم تعد صافية كما في السابق بعد الموقف الذي اتخذه رئيس <القوات> الدكتور سمير جعجع من استقالة الرئيس الحريري من الرياض وما رافقها من ملابسات، خصوصاً بعد تعليق جعجع بأن الاستقالة كان يجب أن تكون قبل ذلك التاريخ!

وتضيف المصادر نفسها ان قول <القوات> بأنها لم تتخلَ عن <التسوية> التي أنتجت الواقع السياسي الذي تعيشه البلاد منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لم يقنع الفريق الآخر، لأن جعجع عندما أيد استقالة الرئيس الحريري إنما استهدف عملياً <التسوية> في حد ذاتها والتي قامت على معادلة العماد عون رئيساً للجمهورية والرئيس الحريري رئيساً للوزراء، وهو ما أشار إليه الوزير جبران باسيل بوضوح خلال إطلالته التلفزيونية حين قال إن <التفاهم> كان يقضي بدعم الرئيس عون في رئاسة الجمهورية، والرئيس الحريري في السرايا، فإذا بـ<القوات> تتعمّد <عرقلة> عهد الرئيس عون في مجلس الوزراء، وتؤيد استقالة الرئيس الحريري من الحكومة، أي انها عملياً ضربت أسس <التسوية> التي أرسيت قبيل الانتخابات الرئاسية. وفي تقدير المصادر نفسها ان الفريق الوزاري <القواتي> سوف يواجه داخل مجلس الوزراء اعتراضاً على موقفه عندما يطرح موضوع التعيينات لأن أي اتفاق بين وزراء <التيار> و<المستقبل> و<الثنائية الشيعية> ووزراء 8 آذار الآخرين، كفيل بجعل أي تعيينات ممكنة وسهلة إذا ما  توافر تأييد هذه الباقة الوزارية التي تشكل غالبية الثلثين داخل مجلس الوزراء.

 

<حلف خماسي> في الانتخابات؟

أما الموقع الثاني الذي سوف يتأثر سلباً نتيجة التباعد بين <التيار> و<القوات>، فهو الاستحقاق الانتخابي، فبعدما كان <تفاهم معراب> يمهّد لتعاون بين <التيار> و<القوات> في الانتخابات النيابية المقبلة، فإنه من الواضح أن المشهد اختلف، والانطباع السائد - حتى الآن على الأقل - أن لا لوائح مشتركة بين حليفي الأمس في كل الدوائر الانتخابية خصوصاً في الشمال  وجبل لبنان وزحلة، خصوصاً بعد الترشيحات التي صدرت عن <القوات> قبل مدة والتي اعتبرها <التيار> بأنها <زكزكة> في غير موضعها. أكثر من ذلك، فإن ثمة من يعتقد - وفق المصادر نفسها - أن منافسة قوية ستقوم بين مرشحي <التيار> و<القوات> قد تصل الى حد تسمية <البرتقاليين> لمرشحين ينافسون مرشحي <القوات> حتى في عقر دارهم بغية الاستفادة من القانون النسبي لإحداث اختراق في الدوائر التي تعتبر <القوات> نفسها قوية فيها، إضافة الى مردود <الصوت التفضيلي> المحصور بمرشح واحد حيث سيصب العونيون اسمه حتى وإن لم يكن من <التيار> بل يكفي أن ينافس مرشح <القوات>!

وترى المصادر نفسها أن ما حصل مع الرئيس الحريري خلال وجوده في الرياض، وما صدر تعليقاً على الاستقالة الملتبسة من رئيس <القوات> ونواب حزبه، قرّب مسافة التحالف بين التيار الوطني الحر وما كان يعرف بـ<الحلف الرباعي> الذي يضم <المستقبل> وحركة <أمل> وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي، فيصبح الحلف الرباعي حلفاً خماسياً مع ما يعني ذلك من فوز مضمون في الكثير من الدوائر الانتخابية، لاسيما تلك التي استأثر بها <الحلف الرباعي> في السابق حين أبعد مرشحي التيار الوطني الحر خصوصاً في بيروت وزحلة إذ لم يفز أي مرشح عوني في هاتين الدائرتين، إضافة الى دائرة البقاع الغربي، ودوائر الشمال كافة بدءاً من البترون وصولاً الى الكورة وطرابلس وبشري وعكار والضنية!

وتؤكد المصادر نفسها أن عملية خلط أوراق سياسية منتظرة سوف تضع حداً نهائياً لاصطفافات المرحلة الماضية وصراعاتها، لاسيما وان المعطيات تدل على ولادة مرحلة جديدة مفتوحة الأفق على تفاهمات انتخابية ستفضي عملياً الى ولادة <الحلف الخماسي> الذي - إن كُتبت له الحياة فعلياً - سيضمن أكثرية نيابية كاسحة في المجلس المقبل. وإذا كانت مكوّنات هذا الحلف لا تعلن صراحة ما سيكون عليه المشهد الانتخابي المقبل لأنه <بكير شوي>، إلا أن ما يدور على الساحة السياسية يؤشر الى التبدّلات المتسارعة خصوصاً بعد الذي حصل مع الرئيس الحريري خلال وجوده في الرياض. ويلاحظ المراقبون ان حزب الله يعتصم بالكتمان كعادته في الاستحقاقات المهمة، لاسيما عندما يتعلق الأمر باستشراف مرحلة علاقته مع تيار <المستقبل> على رغم سعي الحزب في الماضي القريب، الى <تطبيع> العلاقة مع الرئيس الحريري والحد من التنابذ معه، وفي التركيبة الحكومية الراهنة، ما يدل الى إمكانية الوصول الى الحد الأدنى من التفاهم بين تيار <المستقبل> وحزب الله، وذلك بعد إسقاط كل محاولات التصادم والتوصل الى فك قواعد الاشتباك بينهما.

باسيل-الحريريحزب الله يتريّث

ولعل ما يعزز هذا الانطباع إدراك حزب الله - كما يقول مصدر بارز فيه - بأن الرئيس الحريري ليس في وارد العودة الى مربع التصادم معه على غرار ما كان يحصل في السابق مهما بلغت درجة الضغوط عليه، والكلام الذي صدر عن رئيس الحكومة في حديثه الى مجلة <باري ماتش> الفرنسية خير دليل على ذلك. إضافة الى أن الحزب نفسه لا يرغب  بالتصادم مع رئيس الحكومة بالتوازي مع عدم رغبته بالتخلي عن حلفائه في الساحة السنية الذين وقفوا الى جانبه في الأوقات الصعبة، وهم اقتربوا أكثر من الرئيس الحريري بعد <المحنة> التي ألمّت به خلال وجوده في الرياض، وإن كانت مسافة الاقتراب لا تزال محدودة وهي مرتبطة بوقائع ما حصل للحريري في المملكة.

ويضيف المصدر البارز في حزب الله أن الحزب ليس في وارد أن يضع شروطاً وسقوفاً مسبقة مع الحلفاء والخصوم على حدٍ سواء، وهو لا يزال يأخذ وقته للدرس والقرار ولا يريد احراق المراحل بل التمهّل ريثما تتوضح الصورة في المشهد الاقليمي الذي يعني حزب الله مباشرة، خصوصاً أن كل المعطيات تؤشر الى مرحلة جديدة ستظهر وسوف تحتاج الى تحصين الجبهة الداخلية وإرساء أسس مرحلة وطنية تنتفي فيها عناصر الاضطراب واحتمالات انفراط عقد التفاهمات، من دون أن يعني ذلك أن صورة <التحالفات> باتت واضحة في ذهن قيادة حزب الله لأن ثمة قراراً بعدم الخوض بها راهناً، لأن الأولوية هي لإعطاء مرحلة ما بعد طي الاستقالة الحريرية الوقت الكافي لإعادة بعث الحياة في جسد التسوية السياسية التي حمت البلاد سنة كاملة الى أن هزها إعلان الحريري استقالته من الرياض. وخيار إعطاء الوقت هذا لا يلغي انفتاح حزب الله على  الحوار حول كل الخيارات التي من شأنها تعزيز الاستقرار وإنهاء عهود القلق والاضطراب على حد تعبير المصدر نفسه.

وسط هذه المعطيات، تبدو قيادة <القوات> حذرة في مقاربة كل هذه المستجدات وترفض الكشف عن أوراقها قبل أن يحين موعد الاستحقاقات المرتقبة، ويكتفي زوار معراب بسماع الدكتور جعجع يتحدث بكثير من الاستغراب عن الأسباب التي دفعت الوزير باسيل الى نقل الخلاف المكتوم بين <التيار> و<القوات> الى العلن، ما جعله يقترح على الرئيس عون والوزير باسيل معاً أن يُطرح <تفاهم معراب> على الرأي العام لمعرفة ردود الفعل عليه على أن يُبنى على النتيجة مستقبل العلاقات بين الطرفين، خصوصاً ان جعجع يرى أن التفاهم الذي بني على تأييد <القوات> للعهد كان على أساس واضح جداً يرتكز على تشكيل فريق عمل من وزراء <القوات> و<التيار> في أول حكومة يتم تشكيلها ليعمل على رسم السياسات العامة للعهد، معتبراً ان دعم العهد <لا يكون بأن يرسم طرف واحد - هو الوزير باسيل - كل السياسات وتقتصر مهمة الطرف الآخر على التصفيق له والثناء عليه>!

وعندما يُسأل الدكتور جعجع عن الخطوات الواجب اتخاذها لإعادة الحرارة الى <تفاهم معراب>، يكتفي بالإجابة ان الاهتمام منصب راهناً على إعادة <ترتيب> العلاقة مع <المستقبل> والرئيس الحريري تحديداً بعد الغيوم التي تلبّدت في سماء هذه العلاقة، على أن يتفرغ بعد ذلك الى إعادة تقييم واقع العلاقة مع <التيار> في ضوء ما سوف يستجد من تطورات داخل مجلس الوزراء الذي سوف تنظم أعماله من جديد، خصوصاً ان لدى وزراء <القوات> مشاريع عدة تتطلب دعماً من الرئيس الحريري لأن وزراء <التيار> سيعارضون حتماً - حسب جعجع - كل طرح لوزراء <القوات> بعدما <جاهر> الوزير باسيل بالخلافات بين الفريقين.