تفاصيل الخبر

القمة الروحية تعثر انعقادها في بكركي للمرة الثانية لأن السياسيين وضعوا ”سقفاً“ تعذّر على الروحيين تجاوزه!

15/04/2016
القمة الروحية تعثر انعقادها في بكركي للمرة الثانية لأن السياسيين وضعوا ”سقفاً“ تعذّر على الروحيين تجاوزه!

القمة الروحية تعثر انعقادها في بكركي للمرة الثانية لأن السياسيين وضعوا ”سقفاً“ تعذّر على الروحيين تجاوزه!

 

الراعي-دريانللمرة الثانية في أقل من عام، لم تعقد القمة الروحية المسيحية ــ الاسلامية التي كان يروّج بانعقادها في الصرح البطريركي في بكركي، ليتبين في الموعد المضروب ان رؤساء الطوائف الاسلامية لم يحضروا الى بكركي من دون أن تتوافر معلومات دقيقة عن سبب غيابهم. في المرة الماضية التي دُعيت القمة الى الانعقاد قيل ان <انشغالات طارئة> حالت دون مشاركة نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، فاضطر مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان للتغيب هو الآخر، وكذلك فعل شيخ عقل الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، فتحولت القمة الروحية الى قمة مسيحية فقط. هذه المرة، وهي الثانية، تنوعت الأسباب لكن النتيجة واحدة إذ لم يحضر رؤساء الطوائف الاسلامية الى بكركي. إحدى روايات أسباب الغياب تحدثت عن <عدم نضوج> ظروف انعقاد القمة، فيما رواية ثانية تحدثت عن عدم اتفاق مسبق على البيان الختامي، وذهبت رواية ثالثة الى حد القول بأنه لم يتم أصلاً تحديد موعد لأي قمة روحية مسيحية ــ اسلامية وان بعض الإعلام <تسرّع> بالحديث عن قمة واستعيض عنها بلقاء بين رؤساء الطوائف المسيحية، علماً ان بطريرك الروم الارثوذكس يوحنا العاشر غاب عن اللقاء ولم يكلف أحداً تمثيله، وقيل ان سبب الغياب يعود الى انشغال البطريرك بصحة والدته التي تدهورت فجأة ثم توفيت مع نهاية الأسبوع الماضي وشُيعت في اللاذقية.

 

تعذر تجاوز <القضايا الساخنة>...

وإذا كانت الأسباب الحقيقية لعدم انعقاد القمة المسيحية ــ الاسلامية غير محددة على نحو حاسم، لاسيما وان بكركي التزمت الصمت حول ذلك واكتفت مصادرها بتكرار مقولة <ان خيال الاعلام واسع>، فإن المعلومات التي توافرت لـ<الأفكار> أكدت ان الظروف التي حالت دون مشاركة رؤساء الطوائف الاسلامية في الدعوة السابقة للقمة التي لم تنعقد، لا تزال قائمة ولم يحدث أي تبدل في المعطيات من شأنه أن يجعل ما لم يكن ممكناً قبل سنة، سهل الحصول اليوم لاسيما وانه من الصعب تجاوز <القضايا الساخنة> التي تشغل اللبنانيين هذه الأيام من الاستحقاق الرئاسي الى الحرب السورية وتداعياتها المتمثلة بالنزوح السوري الى لبنان، وغيرها من المواضيع الخلافية. واستطراداً لن يكون من السهل على القادة الروحيين الاتفاق على نقاط مختلف عليها في الحياة السياسية اللبنانية راهناً، خصوصاً ان ثمة قادة روحيين يفضلون <عدم تجاوز> المرجعيات السياسية التي تتزعم طائفتهم، ما يؤدي الى عدم اتخاذ مواقف واضحة حيال هذه النقاط والبقاء في <العموميات> التي ملّ اللبنانيون سماعها من رؤساء طوائفهم، المسيحيين والمسلمين على حد سواء.

وتضيف المعلومات ان هذا التباين في وجهات النظر يتجلى خصوصاً داخل الفريق المسلم في ما خص مقاربة الحرب السورية وتداعياتها المحلية ولاسيما منها مشاركة حزب الله في القتال الى جانب النظام السوري، وكذلك الموقف من الاستحقاق الرئاسي ومن بعض الدول العربية وغيرها من النقاط العالقة عند الفريق المسلم. وفي هذا السياق تقول مصادر تابعت التحضير لانعقاد القمة الروحية التي لم تنعقد، ان الجهد الذي يُبذل في كل مرة لـ<تدوير الزوايا> في البيان الختامي للقمة لم يكن كافياً قبل سنة، وفي موعد الأسبوع الماضي، لأن وجهات النظر لم تلتقِ إلا على <شعارات جميلة> سرعان ما تبددت لدى الدخول في التفاصيل، والأمثلة على ذلك كثيرة وهي تتكرر يومياً وتتظهر في وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة... لذلك <تفادى> رؤساء الطوائف الاسلامية المشاركة في القمة الروحية لئلا ينتقل الخلاف في وجهات النظر إليها، في حين ان الغياب يُبقي الأمور بعيدة عن <المواجهة> المباشرة لأن الهدف من انعقاد القمة في النهاية هو الخروج بخطاب وطني جامع، وإلا لا لزوم لعقدها وحصول الخلاف فيها.

 

... في انتظار التوافق السياسي!

 

وتضيف المصادر المتابعة ان ثمة من رأى أيضاً ان القمة الروحية لن تكون قادرة على تقديم أي خرق في الأزمات التي تتخبط بها البلاد، والأفضل في هذه الحالة عدم إظهار <العجز> لتبقى لرؤساء الطوائف القدرة مستقبلاً على مواكبة أي <حلحلة> تطرأ على الواقع السياسي ومجاراة أي تطور ايجابي يمكن أن يؤدي الى <مباركة> أي حلول سياسية يتم الاتفاق عليها لاحقاً، علماً ان <السقف الخلافي> الذي رسمته المرجعيات السياسية، لا يمكن للمرجعيات الروحية تجاوزه على رغم ان هذا السقف وضع من دون تشاور السياسيين مع القادة الروحيين المسيحيين والمسلمين على حد سواء. وتتحدث المصادر المتابعة عن <تحول كبير> حصل خلال الأعوام الماضية في العلاقات بين الزعماء السياسيين والزعماء الروحيين بحيث لم تعد المرجعيات الروحية <تملي> مواقف على السياسيين، فيما ترفض هذه المرجعيات ان يملي عليها السياسيون المواقف وإن كان بعضهم يتقبلها <على مضض>.

هل هذا يعني ان لا قمة روحية اسلامية ــ مسيحية في المدى المنظور؟

تجيب المصادر التي تتولى التحضير عادة للقمة الروحية المسيحية ــ الاسلامية ان الجهود في هذا المجال لن تتوقف، وان المشاورات ستستمر، لاسيما وان أي تطور ايجابي في السياسة ينعكس فوراً على ظروف انعقاد القمة الروحية بحيث تصبح الطريق معبّدة أمامها خصوصاً ان القواسم المشتركة كثيرة ويمكن استثمارها بدليل ان ما يصدر بالمفرق عن المرجعيات الروحية لا يختلف كثيراً في المضمون وإن اختلف في ترتيب الأولويات أحياناً، والأيام المقبلة ستحمل مناسبات عدة يمكن من خلالها إبراز نقاط التلاقي من دون الحاجة الى سيناريو القمة الروحية لأن الأساس هو ايصال صوت الاعتدال الاسلامي والموقف الكنسي المسيحي الموحّد ومثل هذا الأمر يتحقق في العظات البطريركية وخطب الجمعة والكلمات التي تصدر عن رؤساء الطوائف عند الحاجة!