تفاصيل الخبر

 الكلام عن حلول للمنطقة بعد الإنتخابات الأميركية مجرد.. وهم  

19/08/2020
 الكلام عن حلول للمنطقة بعد الإنتخابات الأميركية مجرد.. وهم  

 الكلام عن حلول للمنطقة بعد الإنتخابات الأميركية مجرد.. وهم  

بقلم خالد عوض

[caption id="attachment_80363" align="alignleft" width="444"] الرئيس الأميركي "دونالد ترامب": الشر الذي تعرفه أفضل من.. المجهول[/caption]

 من واقع ما يحصل في إحدى الولايات الأميركية اليوم يمكن إستقراء الصورة المالية لمستقبل العالم كما يمكن النظر بواقعية إلى إمكانية أن تأتي الحلول إلى المنطقة من وراء الأطلسي.

ضريبة "الكورونا" اسمها الجديد ضريبة... الثروة

 ولاية "كاليفورنيا" الأميركية تشكل وحدها اليوم، إذا قسناها باقتصادات الدول، خامس أكبر إقتصاد في العالم. أحد أعمدة اقتصاداتها هو "وادي السيليكون" (Silicon Valley) الذي يعتبر أهم مرتع للابتكارات التكنولوجية في العالم وهو المركز الرئيس لأهم وأغنى الشركات الأميركية. الولاية التي يقطنها حوالي ٤٠ مليون نسمة ومساحتها حوالي ٤٢٣ ألف كيلومتر مربع معروفة بخطواتها الإقتصادية السباقة التي تستقرئ المستقبل بل حتى ترسمه إن كان من خلال تبنيها للنظريات المالية التقدمية والتشريعات التي تدعم الإستدامة والإقتصاد "الأخضر" أو من ناحية الإهتمام بالعقد الإجتماعي من خلال نبذ العنصرية ودمج المهاجرين فيها بشكل إنسيابي. منذ أيام أعلنت الولاية عن زيادة كبيرة في الضريبة على الدخل من ١٣,٣ بالمئة إلى ١٦،٦ بالمئة لتغطية العجز الكبير في ميزانيتها، وهذه أعلى نسبة ضريبية بين كل الولايات الأميركية. ولكن المفاجأة المالية الأكبر هي إعلانها عن تطبيق ضريبة الثروة بنسبة ٠,٤ بالمئة من مجمل ما يملك أي شخص. هذه الضريبة مرتبطة بعدد السنوات التي قضاها الشخص في الولاية وهي ستطبق ليس فقط على سكان "كاليفورنيا" بل حتى على الذين غادروها بعد أن قضوا عشر سنوات فيها. صحيح أن "كاليفورنيا" ولاية في أقصى غرب أميركا ولكن ضريبتها الجديدة تنبئ بما ينتظر الأغنياء في العالم من ضرائب، أينما كانوا.

 

الإستدانة إلى ما لا نهاية

 

[caption id="attachment_80364" align="alignleft" width="445"] المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية "جو بايدن": لا تنتظروا أي حل من إدارته .. قبل ٢٠٢٢[/caption]

ما زالت اقتصادات العالم تحت وطأة وباء "كورونا" الذي يبدو أننا سنعيش معه لسنوات، لكن هول تأثيره لم يظهر كلياً بعد بسبب تدخل الحكومات بسرعة لمساعدة مواطنيها وشركاتها من خلال حزمات دعم غير مسبوقة. آلاف المليارات من الدولارات واليوروهات والينات توافرت (تم خلقها نقدياً) خلال فترة قياسية لدعم الذين توقفوا عن العمل أو تراجعت مداخيلهم مما زاد نسبة ديون الدول بشكل غير مسبوق. وتزامنت زيادة الدين مع تراجع كبير في الدخل الوطني مما يعني أن نسبة الدين على الناتج المحلي، وهي المقياس الأساس لملاءة الدول، ارتفعت هي أيضاً إلى مستويات لم يشهدها العالم في أي وقت مضى. من وكيف سيدفع هذا الدين الضخم هو السؤال الذي يحير الناس اليوم، هذا إذا كان من الممكن تسديده أساساً. هناك طريقتان فقط لتسديد ديون الدول: إما عن طريق الضرائب أو عبر تراجع قيمة الدين عن طريق خفض قيمة عملة الدين وهذا ما يسمى التضخم، أو بمزيج من الإثنين. هناك اليوم من يروج لفكرة أن أساس الدين لا يفترض تسديده بل يكفي أن توجد الثقة بالدولة المستدينة حتى تحصل على الدين وما عليها إلا تسديد فوائد الدين بعد ذلك. حسب هؤلاء لن تستطيع البنوك المركزية رفع الفوائد لأن موازنات الدول غير قادرة على تحمل اعباء كبيرة لفوائد أو خدمة الدين، وبالتالي يجب على الفوائد أن تظل منخفضة. هذا يعني أنه في حال وقع التضخم لا يمكن للمصارف المركزية لجمه برفع الفائدة بل سيترك التضخم لجموحه من دون أي ضابط. ساعتها يمكن أن تغلي الأسعار من دون رادع تماماً كما يحصل في لبنان اليوم. وبما أن الحكومات غير قادرة على فرض الضرائب على عامة الشعب فلن تتوانى في اللجوء إلى أصحاب الثروات وبأقسى وسيلة ممكنة لتعويض النقص الكبير في السيولة لديها. وإذا أردتم المثال اليوم أنظروا إلى "كاليفورنيا".

الشرق الأوسط: آخر الأولويات بل أول.. الجزئيات

 في خضم كل المشاكل الإقتصادية والإجتماعية والمالية والثقافية التي تعاني منها الولايات المتحدة وليس فقط ولاية واحدة منها مثل "كاليفورنيا" يأتي من يقول لنا اليوم: حلول الشرق الأوسط بانتظار الإنتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في ٣ تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. أولاً هناك جدل جدي إن كانت الإنتخابات ستحصل في وقتها. فاقتراح الإنتخاب بالبريد لن يصمد في ظل معارضة الرئيس الأميركي الحالي "دونالد ترامب" وتردد المرشح المنافس الديموقراطي "جو بايدن" إزاءه. وفي ظل الوباء لن يجازف الكثيرون في الذهاب إلى الإنتخابات أو لمراقبة أقلام التصويت، مما يعني أن احتمال التأجيل وارد جداً. ولو افترضنا أن الإنتخابات حصلت فهل الخاسر لن يشكك بالنتائج كما حصل عام ٢٠٠٠ بين "جورج دبليو بوش" و "ألبرت غور"؟ وحتى لو قبلت النتائج من المرشحين وأنصارهما فكم المشاكل الداخلية التي تنتظر الرئيس مهول وسيكون من آخر همومه وليس أولها إعادة النظر في أي جزء من السياسة الخارجية. ماذا يجب أن نتوقع إذاً من دولة عندها ما عندها من أزمات وإلى متى سننتظر ؟ الرئيس الأميركي الآتي سيجد بانتظاره ٣٠ ألف مليار دولار من الديون وخطر تضخم داهم لا حل له وتفكك إجتماعي تنفخ فيه البطالة القياسية وأمواج الغضب ضد العنصرية. وستكون أمامه قرارات مالية مفصلية منها حجم الزيادة في الضرائب وحجم الإنفاق الحكومي في ظل عجز في الموازنة لم تشهد الولايات المتحدة مثل مستواه حتى في الحرب العالمية الثانية. ولذلك لن يتمكن أي رئيس، مهما توسعت إدارته، من إيلاء الإهتمام بالعراق أو سوريا أو لبنان أو حتى إيران وتخصيص الوقت اللازم لتغيير المسار العام السائد حالياً. ولذلك بدأت بعض الدول مثل تركيا وإسرائيل ومنذ مدة تتحضر لإستغلال الفراغ العتيد في السياسة الأميركية الخارجية. وأحسن ما يمكن للدول الفاعلة في المنطقة أن تقوم به هو تحسين نفوذها إلى أقصى حد ممكن واستغلال الوقت الأميركي الضائع لذلك.

الحكمة توجب استيلاد الحلول محلياً وإقليمياً لأن إنتظار الأميركيين قد يطول.. جداً.