تفاصيل الخبر

الخطـــاط والفـنــان فـــادي العــويّد الحائـــز ”جائــزة الـبــردة الدولــيــة“ من الامارات العربية: الحرف العربي هو أحد أشكال الفنون المعاصرة!

12/04/2019
الخطـــاط والفـنــان فـــادي العــويّد الحائـــز ”جائــزة الـبــردة الدولــيــة“ من الامارات العربية: الحرف العربي هو أحد أشكال الفنون المعاصرة!

الخطـــاط والفـنــان فـــادي العــويّد الحائـــز ”جائــزة الـبــردة الدولــيــة“ من الامارات العربية: الحرف العربي هو أحد أشكال الفنون المعاصرة!

 

بقلم عبير انطون

يعرض مجددا في بيروت لأن فيها ذوقا فنيا مختلفا... مزجه ما بين الخط العربي والفن أوصله الى آفاق بعيدة. يؤكد الخطاط والفنان فادي العويّد أن الحرف الواحد، في شكله المجرّد، يشكّل وحدة مستقلّة ويخدم كمنحوتة ترمز إلى معنى محدّد، ولكن الأحرف مجتمعةً تتمايل وتتشابك، مولّدةً أشكالاً ذهبية نافرة من الصخر. انطلاقاً من هذه الفكرة، يبني أعماله الفنية، مازجاً الأحرف العربية بالفن، خالقاً مجموعة جميلة تحوي معانٍ مخبأة. من خلال كل قطعة فنية، يصمّم على أخذ المتأمل للوحته في رحلةٍ تاريخية. يمزج الخط العربي ليس بالفن فقط، بل بالمعاني والرسائل المبطّنة، ناقلاً محبّي الفن إلى رحلة بين الاحرف والألوان. من خلال تخصصه في الخط العربي، درس العويد بتعمّق المنحيين التعبيري والوظيفي للحرف، بشكل يسمح له، عندما يأخذ شكله الأفضل، بأن يصبح بنفسه فناً أو فناً مرافقاً ومكمّلاً لفنون أخرى، وهذا ما يُظهر أن الحرف العربي هو أحد أشكال الفنون المعاصرة...

 فبعد احتفاله سابقا بالمرأة العربية من خلال معرضه <هي> الذي اقامه في سوق الصاغة في بيروت لإيمانه بدور المرأة التاريخي وحقها في العدالة وتعزيز قدرتها، عبر لوحات تحمل في كل منها عنواناً لامرأة عبر العصور، إمرأة كان لها أثر في زمانها سواء كانت عاملة أو أديبة أو طفلة أو حتى أسطورة، ناقلا الينا في لوحاته الملكة <زنوبيا> وعهد التميمي وفيروز وماجدة الرومي ومي زيادة ومارلين مونرو و<أغاثا كريستي>، ها هو يعود اليوم ومن <ترّاس بيروت> بمعرض جديد تحت عنوان <حياة>. فماذا في المعرض المستمر حتى حزيران (يونيو) المقبل؟ كيف يمكن للحرف ان يصير منحوتة او لوحة؟ ما هي افق التطوير بعد، وما اقرب لوحاته اليه؟

في حوار <الافكار> مع العويد الذي شارك في مسابقات ومعارض دولية وقدم دراسات حول المخطوطات العربية والكتابات القديمة وترميم كتابات المنازل التراثية، كانت الاجوبة بدءاً من السؤال:

 ــ كيف نشأت علاقتك مع الخط العربي، وما كانت ابرز مراحل تطويرها؟

 ــ علاقتي متينة مع الخط والرسم منذ الصغر اذ كنت أهوى الرسوم المتحركة وتقليد كتابة عناوين الكتب وبعض خطوط اللافتات وكل هذا ولم اتجاوز الثامنة من عمري... وكان لبعض مدرّسي اللغة العربية أثر وتحول لفهم ماهية الخط لدي.

 ــ كيف تخصصت بالخط العربي وهو على أنواع... عبر اساتذة، معهد، علوم جامعية... وهل لأنك تخصصت بالحرف العربي يعني ذلك انك محب بالضرورة للغة العربية وآدابها؟

- ليس بالمعنى الحقيقي لكلمة <تخصص> فقد أحببت كل الفنون على حد سواء. وأذكر ان اول مرة حصلت فيها على كراسة تعليمية للخط كنت في سن الرابعة عشر للخطاط هاشم البغدادي. لا بد لكل فنان وخصوصا في مجال الخط ان تكون له علاقة وثيقة باللغة العربية وفنونها البلاغية، حتى يكون قادرا على اختيار جواهر الادب والتراث لكتابتها ضمن تراكيب فنية جميلة... فالعلاقة وطيدة بين صوت اللغة وصورتها اي الخط.

ــ ما كانت أبرز محطات المسيرة في ما يتعلق بالمعارض؟

 - دوما ما اعتبر المعرض امتحاناً للاستماع لرأي الجمهور بعد مرحلة من الانجاز، ويكون أشبه بمحطة لانطلاقة جديدة. لذا كنت دؤوبا على المشاركة في أغلب المعارض المتاحة في دمشق وحمص وحلب كبداية قبل المشاركة على المستوى الدولي في لبنان وتركيا والامارات وغيرها.

ــ لماذا اخترت <حياة> عنوانا لمعرضك؟ واي افاق تدعو الزائر لاكتشافها فيه؟

- <حياة> هو تلخيص لحياتي مع الخط العربي وقدرة الحرف المتجددة دوما وقوته ليكون مرافقا واساسيا بكل الاساليب الكلاسيكية والحروفية والتشكيلية، فضلا عن مقاربته مع خطوط الثقافات الاخرى كالصينية واللاتينية مثلا. أدعو الجميع للغوص في بحر هذا الفن واكتشاف درره النفيسة والحفاظ عليه والدعوة له لأنه فن مرتبط بالهوية واللسان الذي نتحدث به.

ــ ماذا عن <جائزة البردة للخط العربي>، من ينظمها؟ ما اهميتها؟ وما الذي عناه لك فوزك بـ<جائزة البردة للخط العربي بالأسلوب التشكيلي في ٢٠١٨>؟

- <جائزة البردة> جائزة دولية من تنظيم وزارة الثقافة والتنمية في الامارات العربية المتحدة، وهي في الشعر والزخرفة والخط العربي بأسلوبيه الكلاسيكي والتشكيلي. لهذه الجائزة أهمية كبيرة اذ أنها تجرى على صعيد دولي، وبالتالي تكون المنافسة قوية جدا وقد بلغ عدد المشاركين بها الآلاف من شتى بلدان العالم، وعليه فإن الفوز بها يحتاج بالتأكيد للتميّز والمثابرة. الفوز بها يعني الكثير لكل فائز بالتأكيد لأنها تبعث الاصرار لتقديم عمل اكثر تميزاً في السنوات المقبلة.

 اللغة و<الانترنت>...!

 

ــ مع وسائل التواصل و<الكتابة الـ<تشاتية> المعرّبة، والبعض يسميها <عربيزي> اي المزج ما بين اللغتين الانكليزية والعربية او <الانكليزي المعرّب> بحيث تنطق بالعربية الا ان الحروف المستخدمة في كتابتها هي الحروف اللاتينية، هل يفقد الجيل الجديد التواصل مع حروف لغته؟ وعلى من تقع مسؤولية الحفاظ عليه؟

 - ليس فقط الجيل الجديد من يفقد تواصله مع اللغة بل أخذت الحالة تأثيرا رجعيا للأجيال الاكبر سنا وهذا مؤسف جدا. الكل يتحمل المسؤولية من الاسرة الى المدرسة وحتى الاعلام والمجتمع ككل... الكل يتمسك بالخيط الهابط ويزداد به هبوطا.

ــ تزور بيروت مرة جديدة وتقول: <ازور بيروت مرة جديدة لاقدم الى الساحة الفنية اللبنانية تقنية جديدة في عملي. كيف يمكن التعريف بهذه التقنية وما هي أبرز مفاتيحها؟

- في بيروت ذوق فني مختلف عما سواه من المدن والحس الفني عال ومتطلع دوما لما هو جديد، لذلك اقناع الجمهور بالعمل الفني تعتريه الصعوبة ان لم يتوافق مع مستوى معين من الذوق. وعليه، فإنني أقدم في كل معرض لي في بيروت أسلوباً جديدا ورؤية جديدة مختلفة تماما عن التي قبلها، وإن كان الحرف العربي هو القاسم المشترك بين كل المعارض.

ــ <بين كلاسيكيات البداية> كما تصفها الى <مرحلة الشعور بالحرف>... ما الذي تغيّر فنيا في لوحاتك، ما الذي انضج التجربة والى اين تريد الذهاب بها بعد؟

 - عادة لكل فنان اسلوب محدد يمثله او يعرف به. وانا لست مع مقولة <هذا الدارج> لأنها تحجّم من قدرة الفنان اولا ومن قدرة الفن الذي يعمل به.... ولكن لا يختلف اثنان على ان الابداع بمرحلة او فن معين لا بد ان يسبقه اتباع لقواعد وضوابط

تحكمنا لفترة، نقتبس فيها الانوار ونسبر الاغوار قبل الانفجار بحالات ابداعية شتى.

ــ مَن بين الفنانين في مجال الخط العربي تأثرت به وترسل له تحية عبر مجلتنا؟ واي بلد عربي فيه الزخم الاكبر لناحية الخط العربي كفنانين مختصين؟

- بالمجمل احترم واحب كل العاملين في مجال الفن والذين يقدمون فنا لائقا ومحترما. وفي عالم الخط كان هناك الكثيرون ممن تعلمت من كتبهم او حتى ثقافتهم. لا يسع المقام لذكر الاسماء كلها فهم كثيرون من شتى البلدان والتحية بالغة للجميع. ففي مطلع الالفية الثانية انتشرت ثقافة الخط بشكل ملحوظ، وكثر محبو هذا الفن على اختلاف انتماءاتهم وميولهم، وكثرت المسابقات والمشاركات ولكنها لا ترتقي لمستوى الدعم الحقيقي لقيمة هذا الفن او أصحابه...

ــ الطبيعة، الارض، الشمس والقمر لطالما شكلت مصدر الهام للوحاتك. والمرأة، هل لا زالت ساحرتك؟

- الطبيعة ساحرة تفتح آفاقا جديدة للإلهام. وكذلك المرأة هي ساحرة أيضا... ساحرة بقوتها كلوحة <زنوبيا> وساحرة بغموضها كلوحة <أغاثا كريستي> وساحرة بفنها كلوحة فيروز وساحرة بخيالها كلوحة <شهرزاد> وساحرة بعنفوانها واضطهادها كلوحة عهد التميمي وبائعة الكبريت...

تطوّر...!

 

ــ ما هي مجالات تطوير الخط العربي بعد؟

 - اعتقد ان السؤال سيكون اكثر دقة لو قلنا ما هي مجالات تطورنا في الخط العربي، لأن فن الخط قيمة تجريدية بحتة كاملة ومليئة بالاسرار، وعليه فإن تطور الفنان يكون بقدر ما يستطيع تطويع الطاقة الخلاقة والبديعة في خطنا.

ــ لو طلب منك ارفاق سيرتك الفنية باثنتين من لوحاتك ايهما تختار، ولماذا؟

 - عادة كل اعمالي لها المسافة نفسها من قلبي لأن هناك حالة وجدانية اثناء انجاز كل لوحة... ولكن ربما أرى في لوحة الفاتحة التي تأخذ شكل الحلق الذهبي او الدمعة انعكاسا لحالة من انضباطي الهندسي والفراغي والترتيب غير المزعج بعلاقتي مع نفسي والآخرين... وكذلك لوحة بائعة الكبريت التي تمثل حالة من عزلة خلاقة في أغلب الأحيان بالنسبة لي، وإن كانت مأساوية قليلا ولكن تحمل في طياتها نور الافكار.

ــ هل عرضت في الغرب وهل تعتقد ان للخط العربي جمهورا هناك؟

ــ تلقيت عرضا منذ سنوات لاقامة معرض في جمهورية التشيك ولم نتوصل لاتفاق بسبب الاعتبارات السياسية المقيتة ودواعي السفر وغيرها.... في الغرب انفتاح حول الثقافة الشرقية بشكل كبير، والشواهد اكثر من ان تذكر، ولي لوحات في اليابان وفنزويلا ولندن وبراغ.

ــ متى عرضت آخر مرة في سوريا ومن اي منطقة انت فيها؟

- آخر عرض منفرد لي كان في <المركز الثقافي الروسي> بدمشق، وقد شاركت في عروض جماعية في نقابة الفنانين التشكيليين في مدينتي حمص.

ــ ما هي اكثر الاحرف العربية من الابجدية طواعية للتفنن بها، واي حرف تميزه شخصيا؟

 - للحروف العربية كلها سحرها الاخاذ وقدرة عجيبة على التشكّل والتكوين، فضلا عن انها تحمل مزايا خاصة عندما تتكون ضمن خطوطها. فخط الثلث يعطيك الهيبة والقداسة والحروف نفسها بخط التعليق توحي لك بالموسيقى والسلاسة ثم تنضبط بك بهيئة عمرانية متينة كخط الكوفي... لذلك كل الحروف تعنيني بحسب الحالة التي أعايشها.

ــ هل ترسم بغير استخدام الاحرف؟

- أرسم بغير الحرف ولكنني مُقِلٌ في هذا الجانب، لأنني أعتبر نفسي مؤتمنا على توصيل رسالة الحرف.

ــ أخيرا كيف يبرز الخط العربي اليوم كأحد اشكال الفنون المعاصرة؟

- الخط العربي فنّ تجريدي متكامل شاء من شاء وأبى من أبى. يحاربه البعض من جلدتنا وهم لا يعقلون منه شيئا... فمثلما ان الغناء والعلامات الموسيقية هي فن تجريد صوت اللغة، فإن الخط العربي هو فن تجريدي لصورة اللغة.