تفاصيل الخبر

"الخطة الانقاذية" هدف ثمين لـ"الثلاثي المعارض" والتأخير في إصدارها يضع الحكومة في مرمى المعارضين!

16/04/2020
"الخطة الانقاذية" هدف ثمين لـ"الثلاثي المعارض"  والتأخير في إصدارها يضع الحكومة في مرمى المعارضين!

"الخطة الانقاذية" هدف ثمين لـ"الثلاثي المعارض" والتأخير في إصدارها يضع الحكومة في مرمى المعارضين!

 

[caption id="attachment_76983" align="alignleft" width="187"] الرئيس حسان دياب تحت مرمى المعارضة من داخل الحكومة وخارجها بسبب الخطة الاقتصادية[/caption]

 لم يستغرب رئيس الحكومة حسان دياب الحملات التي تتعرض لها حكومته منذ تشكيلها والتي ارتفعت وتيرتها قبل أسبوع على نحو غير مسبوق بتوقيع من الثلاثي رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري ونواب كتلته، ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ونوابه ومواقع تواصله الاجتماعي، ورئيس الحزب" التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط ونواب "اللقاء الديموقراطي" ومنابره الاعلامية...  فالرئيس دياب الذي اعتاد على مثل هذه الهجمات منذ ولادة الحكومة، لم "يرحم" هو الآخر منتقديه الذين صوّب في اتجاههم الكثير من السهام. ففي كل جلسة لمجلس الوزراء، وفي كل مناسبة يطيب فيها الكلام، كان رئيس الحكومة يخص "المعارضين" بأكثر من رسالة تجاوزت في كثير منها الحد المعقول لتصب مباشرة في أهداف المعارضين، مجتمعين ومنفردين. فالرئيس دياب بدا وكأنه يتقن لعبة كرة القدم التي فيها قاعدة ثابتة تقوم على أنه أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم حيث يمكن تسجيل أهداف في مرمى الجهة المستهدفة.

في لعبة كرة القدم، اللاعبون يعرفون أين مواقعهم ويتحركون على أساسها، أما في لعبة السياسة، فكل شيء متحرك، بدءاً من الأهداف الى "اللاعبين" حيث لا توقيت بل "العرض" مستمر ليلاً ونهاراً. هكذا كان حال حكومة الرئيس دياب في الأسبوعين الماضيين، ضربة من هنا، وضربات من هناك هزت مرماها من دون أن يسقط، حيث ظل حارسه يواجه الكرات السياسية ويحاول كشف المخطط والأهداف والمرامي...صحيح أن مطلقي الحملات لم يتوقفوا ــ ولن يتوقفوا ــ لأنهم يملكون الكثير من "الكرات" السياسية التي فشلت الحكومة في ردها، لكن الصحيح أيضاً أن الثلاثي الحريري ــ جنبلاط ــ جعجع سددوا هذه المرة في حملاتهم على الواقع الاقتصادي وتفننوا في وصفه. لكن "الأبلغ" والأكثر حدة، كان الرئيس الحريري الذي تحدث عن كارثة تنتظر لبنان اقتصادياً ومالياً لأن طريقة المعالجة ــ حسب رأيه ــ لن تتسبب إلا بمزيد من الخراب، وستعود على الناس بالأذى، إلا أن الرئيس الحريري تناسى أن الحالة الاقتصادية الراهنة ليست وليدة الساعة، بل هي نتاج تراكم فترات زمنية كان خلالها هو ــ أو خطه السياسي ــ على رأس السلطة التنفيذية ولم يحقق "انجازات" تحمي الواقع الاقتصادي وتحول دون "انهياره" كما أشار في تعليقه.

 ومن المؤكد أن هذا  "الثلاثي المعارض" يدرك أن هذه الحملات مهما اشتدت لن تؤثر سلباً على الحكومة ليس لكونها حققت انجازات أساسية، بل لأن لا بديل عنها في الوقت الحاضر، وأي محاولة لإسقاطها  تعني إسقاط البلاد في المجهول. من هنا كان تركيز "الثلاثي المعارض" على الخطة المالية المقترحة التي تنوي الحكومة اعتمادها للخروج ولو على مهل، من الأزمة الراهنة وكل تداعياتها، والخطة هذه، سواء سميت "خطة إنقاذ" أو "رؤية اقتصادية" أو "تدابير مالية"، فإنها تبقى الانتاج المتوقع من الحكومة لمقاربة الوضعين الاقتصادي والمالي، في وقت لم تعد المراجع الدولية والدول الصديقة قادرة على الانتظار أكثر لأن الوقت يمر وهي لا تسمع سوى "جعجعة" من الحكومة ولا ترى طحناً، بدليل أن الخطة لم تنجز بعد ولا تزال "أفكارها" قيد التداول في جلسات مجلس الوزراء وتلقي الملاحظات جارٍ على قدم وساق. لكن الحكومة عندما "سربت" صيغة قالت إنها للخطة الاقتصادية، أرادت "جس نبض" الشارع عموماً، والمعارضة خصوصاً، فإذا أتت ردود الفعل ايجابية يمكن السير بها، وإن كانت سلبية "تنكرها" قبل صياح الديك...

"الخطة الإنقاذية"...مجرد أفكار!

 وتقول مصادر سياسية إن الخطة الإنقاذية، كما سُربت، لن ترى النور لأنها بحاجة الى تعديلات جوهرية تتعلق خصوصاً بالاقتراح الأكثر رفضاً وهو اقتطاع من ودائع المودعين الكبار، أو ما بات يُعرف بـ"الهيركات" لأن مثل هذه المغامرة كان التصويب عليها مركزاً من جميع الجهات السياسية والاجتماعية، على رغم أن الرئيس دياب أوحى بأن هذا الاقتطاع لن يصيب 90 بالمئة من المودعين، فأكد من حيث يدري أو لا يدري، وجود "الهيركات" ولو بنسبة محدودة وموجهة الى كبار المودعين. وفي هذا السياق تؤكد المصادر أن رمي الأفكار بشكل مبعثر هدفه "إخافة" الرأي العام، في وقت تحتاج فيه الاصلاحات المالية والادارية الى ادراجها في خطة مفصلة واضحة بدلاً من تجميعها بصورة عشوائية. ويقول المعارضون إن هذه المسودة التي رُميت في سوق التداول أحدثت "نقزة" لدى المجتمع الدولي مماثلة لتلك التي أحدثتها في صفوف السياسيين والمرجعيات، لأن اقتطاع نسبة من الودائع لإطفاء الخسائر التي مُنيت بها الدولة، هدفه في النهاية هو مصادرة أموال المودعين ووضع اليد عليها، وإن كان ما رُوّج من صيغة، يشير الى إعطاء سندات خزينة الى أصحاب هذه الودائع للتعويض عليهم.

 وفي رأي المعارضين أن "مصادرة" أموال المودعين الكبار، سيؤثر على القطاع المصرفي اللبناني ويحجب عنه الكثير من الودائع التي كانت تصل من الخارج لأن لبنان كان يوصف بـ"الجنة الضريبية" التي باتت جهنماً بفعل الخسائر المتراكمة والاجراءات المترددة والمتضاربة التي تتحدث الحكومة عن ضرورة إقرارها. أضف الى ذلك فإن "الهيركات" سيعيق التفات الحكومة لاحقاً الى الدول القادرة وصندوق النقد الدولي طلباً للحصول على مساعدات مالية. والرفض لهذا "الاقتراح ــ المغامرة" لن يكون، حسب المصادر المعنية، من الخارج بل سيكون أقوى من الداخل بحيث لن يكون الرئيس دياب قادراً على تجاهل حجم المعارضة الداخلية لهذه المسودة التي تجاوزت خصوم الحكومة، الى "أهل البيت" وفي مقدمهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أبلغ زواره أنه لن يوافق على اعتماد "الهيركات" لأكثر من سبب، لاسيما وأن هناك بدائل أخرى يمكن استعمالها لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية من دون تحميل المواطنين والى أي فئة انتموا، وزر الاجراءات الموجعة التي ستتخذ في مجالات أخرى. وقد لمس الرئيس دياب معارضة من داخل الحكومة لإجراء "الهيركات" وهو على طريق التجاوب مع المراجعين لاسيما وأنه لم يقل كلمته النهائية بعد، والأفكار التي يتم التداول في شأنها لا تعود كونها "من الأفكار المتداولة" فحسب ولم ترتقِ بعد الى مستوى "الأفكار المتبناة".

[caption id="attachment_76984" align="alignleft" width="376"] ثلاثي المعارضة سعد الحريري، وليد جنبلاط وسمير جعجع[/caption]

عون والحكومة: لا "هيركات"!

 وفي هذا السياق، قالت مصادر حكومية إن "الهجوم" على الحكومة من باب "الخطة الانقاذية" هو هجوم سياسي وليس تقنياً بدليل أن من يقوم به، أي الثلاثي الحريري ــ جنبلاط ــ جعجع، لا يتناول الشق المالي والأفكار الاقتصادية، بل يتعلق بالسياسة ولا يقدم أي بديل، ويصل "الهجوم" أحياناً الى حد تناول الأشخاص في محاولة واضحة للتهرب من تقديم المقترحات البديلة. وحرصت المصادر على القول إن ما تم التداول به في وسائل الإعلام ليس خطة إنما هي أفكار أولية في إطار مبدئي قابل للنقاش، ولأجل ذلك تم نشره وأقيمت حلقة حوار حوله مع اقتصاديين وأصحاب اختصاص بهدف معرفة ردود الفعل عليها والملاحظات حول تفاصيلها...وتساءلت المصادر الحكومية لماذا هذه "الهجمات" والحملات السياسية التي "يتهرب" أصحابها من مناقشة المضمون وتقييمه أو تقديم بدائل، لتجيب بأن هدف "المهاجمين" النيل من الحكومة وإرباكها في أدائها ولم يمض على تشكيلها نصف سنة بعد. وتعد المصادر نفسها "المهاجمين" بخطة بديلة لمواجهتهم تقوم على مناقشة الأفكار المطروحة قريباً في حوار مفتوح مع كل الفئات التي تعنيها أي خطة اقتصادية ومالية بشكل مباشر أو غير مباشر. ومن تلك الفئات الجهات الاقتصادية والمصارف والخبراء الماليين والاقتصاديين. ولم تر المصادر الحكومية من "الهجوم المركز" على الأفكار المطروحة، إلا حملات سياسية رداً على "انجازات" حققتها الحكومة في فترة قياسية، الأمر الذي دفع بالمتضررين الى الامساك بالحكومة من اليد التي توجعها، أي اليد الاقتصادية والمالية.

 وفيما ترفض المصادر الحكومية "الحملات السياسية" التي تستهدف الحكومة وتستند الى نصوص مبعثرة سُربت عبر وسائل الإعلام، تتساءل أين وجد المهاجمون كلمة "هيركات" في كل الأفكار التي تم التداول بها اعلامياً، نافية أن يكون لهذه العبارة وجود في النصوص التي قدمت، علماً أن الخطة التي ستطرح تتناول عدة مراحل، وما ستقدمه الحكومة للنقاش هو المرحلة الأولى على أن يتم في ضوء نتائجها الانتقال الى المراحل الأخرى، رافضة "إدعاءات" المعارضين بأن عدم ورود عبارة "الهيركات" لا يعني أن شيئاً مماثلاً لـ"الهيركات" سيحصل، وبالتالي فإن القول إن الخطة تحافظ على أموال 90 بالمئة من المودعين، لا يعني أن الودائع الأخرى لن يُحافظ عليها بشكل أو بآخر. وتعتبر المصادر الحكومية أن "الهجمات" السياسية تستهدف "المسار الاصلاحي" للحكومة، مع الإقرار بوجود ودائع كبيرة لسياسيين وشخصيات مالية ومصرفية في المصارف قد يكون الخوف من كشفها أحد أسباب هذه الحملات على الحكومة التي "ستكشف" عاجلاً أم آجلاً، أصحاب الأموال التي هُربت الى الخارج، وهذا يدفع ــ حسب المصادر نفسها ــ بالمعترضين الى التركيز على الشق المالي  في الخطة من دون الوقوف عند الاصلاحات الأخرى الواردة فيها، ولاسيما عدم فرض ضرائب على الفئات المتوسطة والفقيرة لأن أي ضرائب اضافية ستستهدف الكماليات فقط في حين تم تثبيت سعر البنزين بدلاً من تركه رهن ارتفاع أسعار النفط. وتؤكد المصادر الحكومية أن لا ضرائب جديدة على المواطنين المتوسطي الحال والفقراء، بل ثمة اتجاه الى نظام ضريبي عادل، علماً أن هذا النظام فرض، قبل إعداده التدقيق في الحسابات المالية للدولة في موازاة إقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة حيث أعدت الحكومة مشروع القانون وعلى النواب الآن الاسراع في بته...هذا إذا كان مجلس النواب يريد مواكبة السلطة التنفيذية في ما تقوم به من اصلاحات واجراءات للحد من تدهور الوضع الاقتصادي.

 في أي حال، حملة "الثلاثي المعارض" لن تتوقف، حسب مصادر "الثلاثي"، والردود عليها من الحكومة لن تتوقف هي أيضاً، والآتي من الأيام سيشهد الكثير من "المبارزات" وتبادل الكرات حتى تبصر "الخطة الانقاذية" النور ويتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود فيها!