تفاصيل الخبر

الخطة الاقتصادية للحكومة مؤجلة أسابيع وأبرز عناوينها الاصلاح المصرفي وإلغاء الصناديق!

26/03/2020
الخطة الاقتصادية للحكومة مؤجلة أسابيع وأبرز عناوينها الاصلاح المصرفي وإلغاء الصناديق!

الخطة الاقتصادية للحكومة مؤجلة أسابيع وأبرز عناوينها الاصلاح المصرفي وإلغاء الصناديق!

[caption id="attachment_76414" align="aligncenter" width="569"] الرئيس حسان دياب وشعار "السرعة وليس التسرع" في مقاربة الخطة الاصلاحية[/caption]

أسبوع بعد أسبوع تؤجل حكومة الرئيس حسان دياب اعلان الخطة الاقتصادية التي وعدت باعلانها في الأيام المئة الأولى من توليها المسؤولية. ومرة بعد مرة، يقول الرئيس دياب إن هذه الخطة موضع درس من اللجان المتخصصة التي شكلها بحسب كل موضوع  يفترض أن تعالجه هذه الخطة، وآخر موعد ضُرب لاعلانها هو "أسابيع قليلة" إلا ان عدم تحديد الموعد لا يعني أن لا عمل قائماً في الخطة ذلك ان ثمة مجموعات عمل وأربع لجان وزارية تتوزع الملفات في ما بينها، والمشاركون يجمعون على القول ان لا مناكفات سياسية، بل معالجة موضوعية واقتراحات حلول للمشاكل المتراكمة ليصار في النهاية الى اختيار الأنسب والأفضل. الأكيد في هذا المجال أن توجه الرئيس دياب هو الخروج بحلول جذرية وليس موقتة أساسها زيادة واردات الدولة والعمل جدياً على خفض الانفاق، وحول هاتين النقطتين تتمحور الخطة تحت عنوان "إطفاء الحرائق المالية والتعامل مع الاستحقاقات". من هنا كان القرار الأول الامتناع عن دفع سندات "اليوروبوندز" ما يحقق واقعاً مالياً أفضل من السابق ويفسح في المجال للتفاوض مع الدائنين من موقع مختلف لاسيما وأن كل المعطيات المالية تؤكد انه في حال سدد لبنان السندات في 9 آذار (مارس) الجاري، سيكون عاجزاً بعد أشهر عن تمويل شراء القمح والمحروقات والمستلزمات الطبية وغير ذلك من المسائل الطارئة، ولكان بقي لبنان من دون احتياط فعلي. أما الكلام عن خوف من خفض تصنيف لبنان، فهو كلام غير مقنع لأن تصنيف لبنان منخفض أصلاً والبيانات المالية تصدر تباعاً بخفض التصنيف من حين الى آخر...

في أي حال، الخطة الاقتصادية على النار لكنها عملياً "نار خفيفة" حيث رفع الرئيس دياب شعار "السرعة وليس التسرع" وأبلغه الى مجلس الوزراء في الجلسة ما قبل السابقة التي انعقدت في قصر بعبدا، وتتألف الخطة من محاور أساسية هي: محور المالية العامة وربط العجز بها، والدين العام، وميزان المدفوعات، والوضع المصرفي والنقدي، والنمو الاقتصادي والفقر، على أن تكون هذه المحاور جاهزة لادراجها في برنامج يؤمل أن ينطلق بدعم من البنك الدولي، لاسيما وان البرنامج سيتضمن سلسلة اجراءات أهمها خفض النفقات العامة وخفض خدمة الدين العام. وبديهي أن يكون لملف الكهرباء الحيز الأكبر من الخطة والتي يعتقد وزراء انه أصبح على سكة سالكة، فيما يرى آخرون انه لا يزال يتعثر تبعاً لملاحظات عدد من الوزراء ولاسيما وزير حركة "أمل" عباس مرتضى الذي يطلق في جلسات مجلس الوزراء اعتراضات على الخطة لاسيما على ما يُسمى تلزيم المعامل. كذلك يجاريه في الملاحظة نفسها وزير حزب الله عماد حب الله، وقد توافقا في جلسة مجلس الوزراء على التساؤل عن أسباب إنشاء معمل للكهرباء في منطقة سلعاتا يعمل على الغاز وحصر معامل الانتاج بمعامل الزوق وديرعمار والزهراني. وفي هذا السياق ينقل زوار الرئيس نبيه بري عنه قوله انه يريد وقف الهدر في قطاع الكهرباء واصلاحه ولو لمرة واحدة، وهو يصر تبعاً لذلك على اعتماد اللامركزية لحل هذه المشكلة أي على إنشاء معامل انتاج في كل محافظة إذا اقتضى الأمر على أساس ان العثرة الكبرى أمام اصلاح الكهرباء تكمن في خطوط النقل. ويستشهد الرئيس بري بما تحقق في زحلة حيث يتم تأمين التيار 24 على 24. وأتى تكليف مجلس الوزراء وزير الطاقة والمياه ريمون غجر التفاوض مع شركة "سيمنس" و"جنرال الكتريك" و"الستوم" وغيرها لمعرفة استعدادها لبناء المعامل الثلاثة على طريقة "BOT" ليضع ملف الكهرباء على سكة مختلفة عن تلك التي كانت في السابق وإن استدرج ذلك اعتراضاً لوزيري حركة "أمل" مع تعاطف من ممثل حزب الله في الحكومة وزير الصناعة عماد حب الله.

زيادة الواردات ومكافحة الفساد!

بالعودة الى الخطة الاقتصادية فهي تركز على زيادة الواردات من خلال مكافحة الفساد ووقف الهدر والتهرب الضريبي في حين يبقى موضوع رفع الضريبة على القيمة المضافة "TVA" معلقاً لمزيد من التشاور لأن النسبة المفترضة وهي 10 بالمئة غير مقبولة. وثمة من يرى من الخبراء ان لا امكانية لتمرير موضوع "TVA" مطلقاً لأنه يلقى معارضة معظم مكونات الحكومة. علماً ان هناك اتجاهاً لاعتماد الضريبة التصاعدية على الأرباح والمداخيل لتفادي الاقتراب من الـ"TVA". وتقول مصادر وزارية تعمل على الخطة ان من بنودها اتخاذ اجراءات بالنسبة الى الأملاك العمومية والبحرية وإلغاء الصناديق ودمج بعض المؤسسات العامة مع إلغاء عدد من المجالس، مع الإشارة الى وجود قناعة تترسخ يوماً بعد يوم حول ضرورة إلغاء مؤسسات لا تعمل ومع ذلك لديها موازنات مالية سنوية.

ويختلف الخبراء حول مسألة "الكابيتال كونترول" لجهة اعتباره من الاصلاحات التي وعدت الحكومة باتخاذها، لأن هذا الأمر وإن كان مدخلاً لاصلاح النظام المصرفي، الا انه له تداعيات مباشرة على المودعين، فضلاً عن ان ثمة من يعتبر انه سيوضع لمصلحة المصارف، في حين ان التوجه هو لدمج عدد من المصارف بعضها مع البعض الآخر مع الحفاظ على ودائع المودعين تفادياً لأي خضة اجتماعية ليس وقتها الآن، وفي السياق نفسه لا يزال موضوع "الهيركات" بعيداً أيضاً عن الحسابات مع وجود معارضة قوية له لاسيما من الرئيسين عون وبري، وهناك أكثر من خيار مطروح منها اعتماد تخفيض للودائع أو اصدار أوراق مالية يمكن تداولها في السوق أو أسهم من المصارف أو أسهم من أرباح صندوق سيادي. وفي الحديث عن "الهيركات" تجدر الإشارة الى ان ثمة من  يقترح ان يكون ذلك بدءاً من الودائع بمليون دولار وما فوق، فيما يقترح آخرون ان يتناول "الهيركات" ودائع من 500 ألف دولار وما فوق. لكن هذا الموضوع  يبقى خارج إطار النقاش حالياً لأنه لا يزال مستبعداً.

في أي حال، تؤكد المعطيات المتوافرة، ان الخطة الاقتصادية التي وعدت الحكومة باعلانها قد تتأخر بعض الوقت، لاسيما وان المستجدات اليومية في مسألة "كورونا" فرضت أجندة مختلفة عن تلك التي وضعتها الحكومة، ما يعني ان الأجواء لا توحي بقرب ولادة هذه الخطة التي يتحدث عنها الرئيس دياب في كل جلسة من جلسات مجلس الوزراء مستذكراً ما التزمت به الحكومة من اصلاحات مع العلم ان أي خطة سيتم التوصل إليها، لا بد من عرضها على الخبراء الدوليين وعلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للحصول على ملاحظاتهم قبل أن توضع موضع التنفيذ.