[caption id="attachment_85099" align="alignleft" width="316"] طائرات اسرائيلية معادية تخرق الأجواء اللبنانية.[/caption]
ما حصل الاسبوع الماضي من خروقات جوية اسرائيلية في الأجواء اللبنانية ليس جديداً، إنما الجديد فهو كثافة هذه الخروقات التي وصلت الى مستوى قياسي أثار الرعب في الاوساط اللبنانية من احتمال التحضيرات لحرب وسط حديث تنامى في الاسابيع الماضية عن "ضربة" اسرائيلية متوقعة في المرحلة الرمادية التي تسبق تسلم الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن مقاليد الرئاسة الاميركية خلفاً للرئيس دونالد ترامب. التحليق الجوي الاسرائيلي على علو في الاجواء اللبنانية كان منظوراً بالعين المجردة اذ ظهرت الطائرات بوضوح وهي في طريقها لتنفيذ ضربات اسرائيلية في العمق السوري انطلاقاً من الاجواء اللبنانية لأن الطائرات المعادية تحاذر الدخول الى الاجواء السورية لئلا تصبح تحت مرمى المضادات الارضية الصاروخية السورية، لذلك فهي تقصف الاراضي السورية من الاجواء اللبنانية....
وقد ربطت مصادر متابعة بين الطلعات الجوية الاسرائيلية والضربات في سوريا ليصل بعض التقديرات الى ان ما يجري هو مناورات تقيس بها الطائرات الاسرائيلية ارتفاعات التحليق التي تبقيها بمأمن من الدفاعات الجوية السورية، فضلاً عن المدة الزمنية التي تحتاجها للعودة الى قواعدها بعد تنفيذ الضربات، مقروناً بدراسة مستوى الارتفاع عند العودة.
وترى مصادر متابعة ان وراء التحليق الجوي الاسرائيلي المنخفض في الاجواء اللبنانية، اكثر من اهداف القصف في الاراضي السورية، معتبرة ان تكثيف هذه الطلعات والتي تتنوع فيها الطائرات المستخدمة بين طائرات حربية ومقاتلات وقاذفات وطائرات مسيرة، يتجاوز موضوع المناورات الى خوض حرب نفسية ضد حزب الله واظهار انها قادرة على تنفيذ اي عملية في اي نقطة داخل الاراضي اللبنانية في حال أراد الحزب الدخول في حرب مع اسرائيل بعد تهديده بالثأر لمقتل احد عناصره في سوريا بقتل جندي على الحدود، فضلاً عن التهديدات التي يوجهها الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله الى اسرائيل في اطلالاته الاعلامية وحديثه عن الترسانة الصاروخية التي تملكها المقاومة وجاهزة لاستعمالها ضد اسرائيل عند الضرورة. كذلك فإن اسرائيل من خلال طلعاتها الجوية المنخفضة تحاول استفزاز انظمة الدفاع الجوي التي تعتقد انها موجودة لدى حزب الله وفق ما تشير اليه مراكز الدراسات الاسرائيلية التي تكثر هذه الايام من اذاعة ارقام ومعلومات حول درجة التسلح لدى حزب الله. اما الهدف الثالث الذي تورده المصادر لابعاد التحليق المنخفض فهو ان الطائرات الاسرائيلية متطورة وتتضمن مراقبة وتشويشاً وفي حال رصدت اي حركة لأنظمة دفاع جوي لحزب الله، تستطيع ان تتعرف على نوعها وحجمها وامكاناتها.
أسباب الشكوى اللبنانية
في اي حال، ادرك لبنان ان وراء هذه الطلعات المكثفة ما وراءها فسارع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الطلب من وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبه، توجيه رسالة شكوى الى مجلس الامن الدولي والامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس تعرض حقيقة ما تقوم به الطائرات الاسرائيلية من انتهاك للسيادة اللبنانية ولقرار مجلس الامن الرقم 1701، اضافة الى ترويع المواطنين خلال هذا التحليق. لقد توقف البعض عند موقف الرئيس اللبناني بابلاغ مجلس الأمن ما يحصل لاسيما وانها ليست المرة الاولى التي تخرق فيها الطائرات الاسرائيلية الاجواء اللبنانية، وكان يكتفي لبنان باصدار بيان عن قيادة الجيش يوثق الحادثة ويتم ابلاغ القوات الدولية العاملة في الجنوب بالتزامن مع تصريحات الادانة والاستنكار. يقول مصدر مطلع انه في التوقيت قد لا يكون هناك سبب "فاقع" لاتخاذ هذه الخطوة في اتجاه المنظمة الاممية، سوى الخروق المتمادية في توقيتها اليومي وبنحو متكرر، بمعدل 4 او 5 طلعات. فقبل مطلع السنة الجديدة بقليل كثفت الطائرات المعادية من خروقاتها، من دون القيام بأي عمل عسكري على الاراضي اللبنانية. وان توسعت لتشمل السماء اللبنانية كاملة، فقد خرقتها في اتجاه الاجواء السورية والعراقية، بالحجم الذي يساوي عدد الغارات التي تشنها على مواقع القوى الموالية لايران والجيش السوري، كما بقايا "داعش" في الداخلين السوري والعراقي، وصولاً الى مثلث الحدود العراقية- السورية- التركية المشتركة.
لبنان في بنك الأهداف
اما على الصعيد العسكري فقد لفتت مصادر استخباراتية الى بعض التفاصيل، فهي توقفت عند بدء اسرائيل باستخدام طائرات الــ F18 المعروفة بــ "الشبح" في العمليات البعيدة المدى على جانبي الحدود السورية- العراقية، بالاضافة الى طائرات الـــ F16 كما حصل في الغارات التي استهدفت مواقع للجيش السوري والحرس الثوري الايراني ولواء الفاطميين، قرب البوكمال. وهو ما اشار اليه المرصد السوري لحقوق الانسان الذي قال ان عدد القتلى بين افراد الجيش السوري والعناصر الموالية لايران جراء هذه الغارات ارتفع الى 57 قتيلاً، اما في الشكل والمضمون، فقد جاءت الخطوة لتواكب الاجواء الدولية والاقليمية المتأثرة بما كان يمكن ان تشهده المنطقة في الايام الفاصلة عن نهاية ولاية الرئيس الاميركي دونالد ترامب حيث ان كل التقارير الديبلوماسية والاستخباراتية كانت تتحدث عن مجموعة من العمليات النوعية التي قد تقوم بها اسرائيل بالانابة عن الاميركيين في سوريا والعراق، بالاضافة الى لبنان، من ضمن المواجهة المفتوحة بكل اشكالها بين واشنطن وطهران وحلفائها. وفي التقارير اكثر من اشارة الى احتمال ان تضم اسرائيل الساحة اللبنانية الى الساحتين السورية والعراقية، على خلفية استعداداتها لمواجهة اي عملية يهدد بها "حزب الله" وايران، انتقاماً ليس لمقتل اللواء قاسم سليماني مطلع العام الماضي فحسب، بل لتكون رداً على اغتيال اب القوة النووية الايرانية محسن فخري زادة قبل اسابيع.
فقد تحدثت طهران عقب الحادث عن دور صواريخها المزروعة في مناطق المواجهة المتقدمة في لبنان وغزة مع اسرائيل، وهو ما رفع من نسبة القلق على امكان حصول اي عملية عسكرية ان وقع اي حادث امني على الحدود الجنوبية تحت هذا الشعار او في اي منطقة من العالم، يمكن ان توجه من خلاله اصابع الاتهام الى "حزب الله" قبل ايران.
وفي المعلومات المستقاة من مراجع ديبلوماسية وعسكرية واستخبارية، انه وللمرة الاولى طوال السنوات الماضية، اضيفت في الايام الاخيرة اهداف محددة في لبنان الى بنك الاهداف الاسرائيلية المحتملة في المنطقة، كما في سوريا والعراق وغزة، وهو امر رفع من حال الاستنفار القصوى في المنطقة، رغم انه لم تكن بعد للحزب اي ردة فعل على اغتيال زادة بعد سليماني، انطلاقاً من الاراضي اللبنانية، وحصر اي رد حتى اليوم ان تعرض رجاله في سوريا لأي عمل عسكري.
في اي حال، بداية ولاية الرئيس الاميركي جو بايدن لا تعني ان اسرائيل يمكن ان ترتدع عن اي عمل عدواني تنوي القيام به ضد لبنان. لذلك كانت الشكوى اللبنانية الى مجلس الامن خطوة استباقية لوضع المجتمع الدولي في صورة اي عدوان يمكن ان ترتكبه اسرائيل ضد لبنان لأي سبب كان!.