تفاصيل الخبر

"الخلايا النائمة" في لبنان.. هل تستيقظ ؟

08/07/2020
"الخلايا النائمة" في لبنان.. هل تستيقظ ؟

"الخلايا النائمة" في لبنان.. هل تستيقظ ؟

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_79316" align="alignleft" width="445"] الجيش اللبناني بالمرصاد[/caption]

منذ أسبوعين جرى تسريب برقيّة بعث بها الأمن العام إلى الأجهزة الأمنية، وكذلك الى جهاز أمن المطار تدعو لاتخاذ التدابير اللازمة، بعد توافر معلومات عن احتمال قيام مجموعة إرهابية بتنفيذ اعتداء إرهابي على مطار رفيق الحريري الدولي، وذلك عبر تسلل أشخاص من جهة البحر للقيام بأعمال تفجير وتخريب في محيط حرم المطار وداخله وخارجه. بعيداً عن الحرفية العالية التي أظهرتها الأجهزة المعنيّة لجهة تعاطيها مع هذا الخطر، ثمّة أمر بات في حُكم المؤكد وهو أن في لبنان "خلايا نائمة" تنتظر الفرص المُلائمة لتوجيه ضربتها.

البداية من الشمال

  منذ عام تقريباً نفّذ الإرهابي عبد الرحمن مبسوط عمليته الإرهابية من سراي طرابلس ومركز مصرف لبنان في المدينة، حيث رمى قنبلة يدوية، وأطلق النار على رجال الأمن، ثم انتقل بعدها ليستهدف دورية لقوى الأمن الداخلي، ما أدى إلى مقتل عنصر من الدورية، قبل أن يغادر، وهو يصرخ بكلام غير مفهوم، مستقلاً دراجة نارية. وبعدها بنحو ساعة دخل إلى أحد المباني في المدينة حيث اشتبك مع قوّة من الجيش اللبناني مما أدّى إلى استشهاد ضابط وإصابة عدد من عناصر القوّة. ولم تنتهِ العملية إلا بمقتل مبسوط الذي أصابته رصاصات الجيش أثناء محاولته القاء قنبلة يدوية على العناصر الأمنية.

 من عملية "الذئب المنفرد" (عبد الرحمن مبسوط) في طرابلس إلى التحضير للقيام بعملية إرهابية في مطار بيروت، مسافة عام تفصل بين الحدثين، ما يؤكد أن البلاد ما زالت هدفاً للإرهاب في السلم كما في زمن الحرب، وهذا يوجب بطبيعة الحال عدم الاسترخاء ورفع جهوزية كل الأجهزة لتَدارك هذا الخطر ومنع المنظمات الارهابية من التسلل مجدداً الى لبنان وضرب أمنه واستقراره. وفيما اثارت وثيقة نيّة الإعتداء على المطار حالة ذعر في صفوف المواطنين، تخوفاً من عودة سيناريوهات العمليات الارهابية، طرح متابعون تساؤلات حول مدى صحة هذه الوثيقة وتوقيتها، وكذلك الهدف من استهداف المطار لا سيما وأنه كان مقفلاً بشكل تام منذ 3 أشهر تقريباً بسبب تفشي فيروس "كورونا"، أكدت أوساط أمنيّة لـ"الأفكار" أن الأمور جميعها تحت السيطرة وأن هناك عملية إطباق كبيرة على كل "الخلايا" التي يُعتقد أنها تسعى للتحرّك ضمن بقع جغرافية مُحددة.

استقرار أمني رغم الإهتراء السياسي

[caption id="attachment_79319" align="alignleft" width="376"] حلم العودة الى لبنان[/caption] ما يستوجب القول في هذه الفترة، إنه على الرغم من انشغال اللبنانيين بأزماتهم الإقتصادية - المالية إلى جانب تلهّيهم بصراعاتهم السياسيّة، يبرز الجانب الأمني في أكثر من مكان وعلى طاولات البحث والنقاش داخل الأروقة المعنيّة بهذا الملف من الداخل إلى الخارج. واللافت أنه، وعلى الرغم من الإنفلات السياسي الفاضح في البلاد وتهرّب المسؤولين من واجباتهم، تبرز المسؤوليات بشكل واضح لدى الأجهزة الأمنية المعنية بتثبيت عملية الإستقرار ومنع الإخلال بالأمن في ظل ظروف أقل ما يُقال فيها، أنها تُشكّل حافزاً كبيراً لاستعادة "الخلايا النائمة" دورها التخريبي على أكثر من صعيد والعودة إلى ما كانت عليه في السابق.  من نافل القول إنه ومنذ دحر آخر عنصر من الجماعات الإرهابية التي كانت استوطنت جرود لبنان والعديد من القرى الحدودية بفعل عمليّة "فجر الجرود" التي تمكّن من خلالها الجيش اللبناني استعادة الأمن والأمان لتلك المناطق الحدودية، ثمّة حديث يتمحور حول "الخلايا النائمة" التابعة للتنظيمات الإرهابيّة وإمكانية إستعادة دورها في الداخل اللبناني من خلال إستغلال الوضع السياسي المأزوم. واليوم وفي ظل تزايد هذه الأزمات والتخبّط الواضح الذي يعيشه كل لبنان، يعود هذا التخوّف ليفرض نفسه مُجدداً وسط سؤال حول حقيقة وجود هذه الخلايا وإمكانياتها لجهة إستعادة دورها التخريبي على الساحة الداخلية.  

 على نقيض تام للإهتزاز السياسي الحاصل في البلاد وغياب الرؤية الموحدة لإخراج البلاد من أزماتها، تفرض المؤسسات الأمنية بكل أجهزتها، رقابتها الحاسمة والحازمة، منعاً لإستغلال هذا الإهتزاز والهفوات السياسية التي أدّت فعلاً إلى فرض واقع لا يخدم سوى الجهات الساعية إلى خلق فوضى أمنية وإبقاء لبنان ضمن مناطق التوتر والنيران المشتعلة. من هنا، تأتي العمليات الاستباقية المُعلن عنها وغير المُعلن لتفرض واقعاً جديداً عنوانه السلم الأهلي والوطني "خط أحمر" ليس من المسموح تجاوزه أو المسّ منه.

عقول مُخططة ومُدبرة لا يُستهان بها

 

[caption id="attachment_79318" align="alignleft" width="514"] المطار... لماذا النية في استهدافه؟[/caption] وفي السياق، تكشف مصادر أمنية لـ"الأفكار" أن في حوزة الأجهزة الأمنيّة اليوم وتحديداً مخابرات الجيش وشعبة المعلومات، عدداً لا يستهان به من عناصر تنتمي لتنظيمات إرهابية يخضعون لتحقيقات متكررة، ولدى بعض هؤلاء معلومات يُفرجون عنها تباعاً تؤدي في الكثير من الأحيان إلى إحباط مُخطّطات إرهابيّة لا يتم عادة الإعلان عنها إمّا لضرورات أمنيّة، أو لأسباب أخرى لها علاقة بالعامل النفسي لدى المواطنين  وعلى الرغم من الخلافات السياسيّة القائمة والتي تتجاوز في العديد من الأحيان الحدّ المقبول أو المعقول، وفي ظل ارتفاع لهجة التخاطب بين المكوّنات والتي تنعكس إلى حد كبير في الشارع المنقسم أصلاً على نفسه سياسياً ومذهبيّاً، إلا أن ثمّة توافقاً داخلياً بين جميع هذه المكّونات على أن الإستقرار خطّ أحمر يُمنع تجاوزه وأن للجيش كامل الصلاحية في التعامل مع المُخلّين وتحديداً في هذا التوقيت حيث يُمكن أن تسعى "الخلايا النائمة" إلى استغلال ما يحصل من أجل تنفيذ مخططاتها، كردّ اعتبار لعناصرها ولو بعد سنوات على دحرها من لبنان.  

 هنا تعود المصادر لتُشير إلى أن "الجماعات الإرهابيّة" هي عادة تتكوّن من رؤوس مُدبرة ومُخططة تمتلك عقولاً لا يُستهان بها، وإحدى هذه الأفكار تقوم على أنه بعد كل عملية تثبيت أمن واستتباب الهدوء والإستقرار، لا بُد وأن يُقابلها فترة تراخٍ من الأجهزة الأمنيّة لأسباب عديدة من بينها الإطمئنان أو التعب. هنا تُحاول "الخلايا النائمة" استعادة الدور الذي فقدته بهدف الإيحاء بمدى هشاشة الوضع وامتلاك الثقة التي فقدتها بعد توجيه ضربة قاسية لها ومنعها من التحرك كما كانت تفعل سابقاً. بنك أهداف.. و"خلايا نائمة"

[caption id="attachment_79317" align="alignleft" width="366"] الخلايا النائمة[/caption]

 وتوضح أن هذا كلّه يعود إلى ما يُعرف بـ"بنك الأهداف" الذي تمتلكه الأجهزة الأمنية وتحديداً مُخابرات الجيش من خلال عمليات الرصد والمتابعة لأنشطة الإرهابيين والاعترافات التي تنتزعها من الموقوفين والتي تبنى عليها جملة معطيات وتحليلات تؤدي في النهاية إلى كشف تفاصيل حركة هذه الجماعات أو الأفراد، وطريقة عملهم وتوزيع الأدوار والمهام. هل يوجد في لبنان "خلايا نائمة" ؟  تُجيب المصادر: بالطبع هناك خلايا إرهابية في البلاد وهي مُحاصرة ضمن بقع جغرافيّة مُحددة. وهي تتحرّك في معظم الأحيان من تلقاء نفسها من دون أوامر خارجيّة، وذلك بعد أن تُرك لها حريّة التحرك من قياداتها في الخارج، وذلك بحسب ما تقتضيه ظروفها. لكن في جميع الأحوال هناك إطباق شبه كامل على أوكار هذه المجموعات، مع العلم أنه في عالم الأمن لا يوجد شيء اسمه أمن مئة في المئة.

 القلق يتزايد في لبنان

 

المؤكد ان القلق الامني يتزايد في البلاد بحيث بات يستحوذ على القسط الأكبر من اهتمام المراجع والقيادات السياسية والامنية المعنية على حد سواء التي توليه العناية والمتابعة اللازمتين خصوصاً في ضوء الحديث المتنامي عن تسجيل عودة بعض عناصر التنظيمات التكفيرية والارهابية الى بعض المناطق والارياف في كل من البقاع والشمال ورصد أكثر من تحرك لها لاعادة التموضع والعمل لتجنيد عدد من الشبان العاطلين عن العمل والمعوزين الذين يقعون فريسة ما يقدم لهم من دولارات وذلك بحسب التقارير المرفوعة من قبل الاجهزة العسكرية والامنية المعنية بعمليات الرصد والمتابعة.  

 في السياق تكشف مصادر أمنية أن المخاوف لا تقف عند ما قد يُقدم عليه بعض المندسين والمأجورين في التحركات المطلبية السلمية التي تشهدها بعض الساحات إنما تتعداه إلى أبعد من ذلك بكثير، اذ تتحدث المعلومات الأمنية عن توقيف عدد من العناصر المنتمية الى الخلايا النائمة التابعة للعديد من التنظيمات الارهابية التي عرفها لبنان والعالم وخصوصاً سورياً والعراق، ومنها ماهو قيد المتابعة والرصد تمهيداً لالقاء القبض على جميع افرادها والمتعاونين معها.

 وإذ تلفت الى صحة ما يشاع عن رصد عمليات تدريب لشبان في بعض القرى النائية والارياف في الشمال وتوزيع أسلحة حتى في المدن القريبة من الشاطئ من قبل جمعيات تتلطى وراء أسماء وشعارات دينية ومذهبية وهم يذهبون الى اتهام وتأكيد ما يتردد عن تورط إحدى الدول القريبة من لبنان في الموضوع وذلك بناء لرغبات دولية رامية الى تنفيذ ما يخطط للمنطقة ودولها من قيام كيانات مذهبية

[caption id="attachment_79315" align="alignleft" width="397"] أجهزة المخابرات..رصد واستطلاع وضرب بيد من حديد[/caption]

متناحرة تعمل اسرائيل على الاعداد لها بغطاء من احدى الدول الكبرى.

عودة "داعش" في العراق

 أمّا في في العراق، فقد عاد تنظيم "داعش الإرهابي" إلى واجهة المشهد الأمني العراقي. خلال الأسابيع القليلة الماضية، وبرز نشاطه في المحافظات الشماليّة تحديداً وسط إعلان السلطات العراقية عن قرب إطلاق عمليات القضاء على فلول أكثر التنظيمات تطرّفاً في العالم. هذا الحديث، مقرون بتحذيرات ومخاوف من ولادة جديدة للتنظيم، الذي اضطرّ إلى التخلّي عن هيكليّته الخاصّة في "أرض الخلافة"، بعد نهاية سيطرته العسكرية عام 2019، وصياغة هيكل تنظيمي جديد فيه الكثير من الاختصار والمرونة واللامركزية.

 واللافت أن هذا التنظيم بات يعتمد في الفترة الأخيرة على المناورة الأمنيّة والتمويل الذاتي، باحثاً في الوقت عينه عن الموارد البشرية والبيئة الحاضنة التي يتكيّف معها الهيكل التنظيمي الجديد، المنسجم مع تحوّلات تكتيكاته القتاليّة، أي من الهجمات العسكرية إلى الهجمات الأمنيّة؛ وتعتمد هذه المنهجيّة على الاستنزاف والإنهاك المجهد، وهذا يشمل ممارسة ثنائية الانتقام والمصالحة مع المجتمعات ذات الأغلبية السكّانية السُنّية، لاعتقاده أنه أكثر قبولاً لدى أبناء هذه البيئة.