تفاصيل الخبر

الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي: البيتكوين من صنع المافيات وهذا النوع من العملات الافتراضية الالكترونية لا يعدّ عملة معتمدة من الدول ولا تخضع لأي رقابة مصرفية أو نقدية!

22/12/2017
الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي: البيتكوين من صنع المافيات وهذا النوع من العملات الافتراضية الالكترونية لا يعدّ عملة معتمدة من الدول ولا تخضع لأي رقابة مصرفية أو نقدية!

الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي: البيتكوين من صنع المافيات وهذا النوع من العملات الافتراضية الالكترونية لا يعدّ عملة معتمدة من الدول ولا تخضع لأي رقابة مصرفية أو نقدية!

بقلم طوني بشارة

بيتكوين

البيتكوين عملة افتراضية بدأت في العام 2009 من تصميم شخص مجهول الهويّة يعرف باسم <ساتوشي ناكاموتو>، وهي عملة رقمية الكترونية غير موجودة مادياً وغير مغطاة بأصول ملموسة ويتم تداولها من خلال شبكة الإنترنت ولا تخضع لسيطرة أي مصرف مركزي حول العالم ولا لإشراف أي جهة رقابية. واللاّفت أن هذه العملة نشأت عبر عملية حاسوبية معقدة، ثم جرت مراقبتها بعد ذلك من جانب شبكة حواسيب حول العالم، وتعتمد هذه العملة على آلاف أجهزة الكمبيوتر حول العالم التي تتحقّق من صحة المعاملات التي تضاف للاستحواذات على هذه العملة وتضيف المزيد من عملات بيتكوين إلى النظام ليتم شراؤها من المتداولين، هذا وبإمكان مستخدمو العملة شراء المنتجات والخدمات على الإنترنت، واستبدالها بغيرها من العملات المعروفة مثل الدولار وغيره.

 

البيتكوين والقفزة السريعة

 

المتتبع للبيتكوين يعلم أنه وبالرغم من اتجاه عدد كبير من الخبراء والحكومات والبنوك المركزية إلى التحذير بشكل مستمر من انتشار التعامل في سوق العملات الالكترونية الرقمية المشفرة، فقد قفزت القيمة الإجمالية لعملة <بيتكوين> إلى أكثر من 270.1 مليار دولار لتصل بذلك إلى أكثر من ضعف القيمة الإجمالية لبنك <غولدمان ساكس> العالمي، واللاّفت أيضاً أنه في الأول من كانون الأول (ديسمبر) الحالي، أعلنت الجهة الرئيسية المنظمة لسوق المشتقات في الولايات المتحدة أنها ستسمح خلال أيام لمجموعة <سي.ام.إي> (أكبر شركة لأنشطة الأوراق المالية في العالم في مجال العقود الآجلة) و<سي.بي.أو.إي غلوبال ماركتس> بإدراج العقود الآجلة لبيتكوين، إضاقة إلى إعلان مصارف استثمارية في <وول ستريت> عن نيتها الاستثمار بالعملة الافتراضية عبر صناديق التحوط، مما دفع بهذه العملة الرقمية إلى الارتفاع لمستويات قياسية خلال الأيام التي تلت هذا الإعلان وقاربت الـ 20 ألف دولار مقارنة بما يقارب الـ 997 دولاراً بداية العام الجاري، لكن بعض المراقبين يعتبر أيضاً أن عوامل أخرى دفعت بأسعار هذه العملة الالكترونية لمستويات قياسية أهمها الحماس اللاّعقلاني الذي يستحوذ على المضاربين في فترات فقاعة المضاربات.

ولكن وبالرغم من ارتفاع قيمة البيتكوين، لا بدّ من طرح تساؤلات عدّة تتمحور حول دور المافيات في الترويج لهذه العملة؟ وعن السبب الرئيسي لرفض المصارف التعامل بها؟ وعن مستقبلها مقارنة باليورو والدولار؟ وهل ستحلّ محل العملة الورقية؟

 

إيـــلي يشوعــــي وتعريف الــــبيتكوين

والمــــــافيات الــــدولية

الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي أطلق على العملة الالكترونية تسمية <الفقاعة النقدية الالكترونية>، واتّهم المافيات الدولية لاسيّما الأميركية المتخصصة بموضوع التكنولوجيا الحديثة بخلق هذه العملة وتقوية قيمتها والترويج لها، والغاية من وراء ذلك جني الملايين من الدولارات، فالمافيات الدولية وفقاً ليشوعي خطّطت وروّجت وتمكّنت بالفعل من زيادة الطلب على البيتكوين مما أدّى الى انتشارها عالمياً وتضخيم قيمتها إذ ارتفع سعر صرف البيتكوين مقابل الدولار الأميركي إلى مستويات تاريخية، فقد كان سعر صرف البيتكوين في شباط 2012، 6 دولارات أميركية، واليوم أصبح يفوق الـ15000 دولار أميركي، وقد ارتفعت قيمة البيتكوين من نيسان/ أبريل 2017 إلى يومنا هذا بنسبة 1524% أي أنّ الاستثمار في بيتكوين واحد جلب عائدات بقيمة 1524 د. أ.

ــ ويقول يشوعي:

- البيتكوين في تعريفها السطحي، هي عبارة عن عملة الكترونية (crypto-currency أي لا وجود ملموساً لها) تُستخدم في التعاملات التجارية على الإنترنت، لكنّ تعريفها الأدق ينصّ على أنها نظامُ دفع عالمي مُشفّر يستخدم عملة الكترونية (Commodity) كنظام حسابي، وأول من استخدمها هم بائعو البيتزا في أميركا. ويستخدم هذا النظام تقنية <البلوك تشين> (Blockchain)، التي هي عبارة عن قاعدة بيانات موزّعة في أمكنة عدة على شبكة الإنترنت ومحميّة بواسطة نظام تشفير (Cryptography) لا يُمكن إختراقُه من قبل قراصنة الإنترنت.

ــ وفقاً للدراسات يبدو أن عدد البيتكوين الأقصى هو 21 مليون بيتكوين، وهذا الأمر يختلف بشكل رئيسي عن العملات التقليدية حيث إنه لا يُمكن خلق بتكوين بشكل عشوائي مما يعني أنّ عامل التضخّم لا يُمكن أن يأتي نتيجة خلق البيتكوين بل هو وليد هلع المُستخدمين والمُستثمرين في الأسواق، فكيف يتم استخدامها؟

- استخدامُ البيتكوين يتطلّب فقط تحميلَ برنامج على الجهاز المحمول أو على الكمبيوتر والاستحصال على بطاقة دفع مُسبَق على الإنترنت لشراء البيتكوين، ثم يُمكن من خلال البرنامج شراء سلع أو خدمات على الإنترنت من شركات تقبل الدفع بالبيتكوين.

-------------------------3ــ ما هو سبب ارتفاع قيمتها وكيف يتم الحصول عليها؟

- أسباب ارتفاع قيمة البيتكوين تعود بالدرجة الأولى إلى زيادة عدد الشركات والمؤسسات التي تتعامل بها، وأتى الدفع الأخير من بورصة المُشتقات في الولايات المتحدة الأميركية التي قبلت بإدراج عقود آجلة على البيتكوين في لائحة العقود المُتداوَل بها، وللحصول على هذه العملة، فإن على المستخدم شراءها وإجراء المعاملات بها من خلال بورصات رقمية مثل <Coinbase> التي تتّخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها، وبدلاً من أن تقر سلطة مركزية عملية التحويلات فإنها تسجل في نظام يحمل اسم <blockchain>. واللاّفت بأن ما ساهم بانتشارها هو هوس الناس بالإنترنت ورغبتهم بإجراء معاملاتهم بطريقة سريعة ومختصرة، والإنترنت مع البيتكوين وفرا هذه الطريقة.

 

المصارف المركزية والبيتكوين

ــ عالمياً يجري إصدار ما يقارب 3600 عملة بيتكوين جديدة يومياً حول العالم، ووصل عددها حتى اليوم إلى 16.5 مليون وحدة يجري تداولها، وذلك ضمن الحد الأقصى المسموح به وهو 21 مليون وحدة بيتكوين، واللاّفت أنه في شباط الفائت، افتتح وسط العاصمة النمساوية فيينا أول مصرف لعملة الـ<بيتكوين> لبيع وشراء العملة الرقمية، كما ووضعت أول ماكينة صراف آلي لبيتكوين في مدينة <فانكوفر> بمقاطعة <بريتيش كولومبيا> بكندا عام 2013 وتسمح للمستخدمين بشراء العملات الرقمية أو بيعها، فما سبب رفض المصارف المركزية ومن ضمنها مصرف لبنان التعامل بهذه العملة؟

- من المعروف ومنذ اتفاقات <بريتون وودز>، أن الدول أخذت على عاتقها الحفاظ على قيمة عملتها في هامش ضيّق (1 بالمئة) مقابل الذهب من خلال الدولار الأميركي الذي كان مُقيّماً 35 دولاراً لكل أونصة ذهب، لكنّ خروج الولايات المُتحدة الأميركية من هذا الاتفاق أسقطه وأبقى على مفهوم أساسي تعتمده المصارف المركزية اليوم ألا وهو الحفاظ على قيمة العملة من خلال احتياط من العملات الأجنبية والذهب.

المُشكلــــة التــــي تُطـــــرح مـــع البيتكويـــــن أنه لا يوجد أيُّ ضامن لقيمتها، إذ لا احتياط من العملات لحماية قيمة هذه العملة، وبالتالي فإنّ صعودها وهبوطها يبقيان رهينة واضحة للطــــلب والعـــــرض في الســــوق، كمــــا أنـــــــه لا توجـــــد أيُّ سلطـــــة مصرفية تسهر على حماية قيمة البيتكوين بل هناك جمعية (Bitcoin Foundation) التي تسهر على حسن سير نظـــــام الدفع لا على قيمة العملة بحدّ ذاتها.

أضف إلى ذلك أنّ النظرية الاقتصادية لا تحوي على نماذج ونظريات تستطيع من خلالها المصارف المركزية إدارة قيمة الثروة الوطنية في ظلّ وجود عملة الكترونية، فمثلاً تنصّ النظرية الاقتصادية على أنّ العملة تعكس ثروات البلد صاحب العملة، فماذا ستعكس قيمة البيتكوين؟

ــ هل تستخدم هذه العملة لغسيل الأموال وللقرصنة لاسيّما أن القراصنة الذين شنوا الهجومين الالكترونيين العالميين <WannaCry> و<Petya> طالبوا مئات آلاف الكمبيوترات بالعالم دفع فدية بعملة بيتكوين من أجل إرجاع الملفات المقرصنة؟

- أشرت في بداية حديثي بأن هذه العملة من صنع المافيات، وهذا النوع من العملات الافتراضية لا يعدّ عملة معتمدة من الدول إذ لا تخضع لأي رقابة من جهات نقدية ومصرفية ولا يمكن السيطرة عليها وهي خارج المظلة الرقابية المصرفية والنقدية، لذا يمكن استخدام هذه العملة الافتراضيـــة والالكترونية لتسهيل عمليات تحويل الأموال للإرهابيين وتمويل عمليات إرهابية أو تسهيل عمليات غسل الأموال ونقلها بين الدول، كما أنها قد تكون وسيلة يستخدمها القراصنة للحصول على الفدية والأمـــوال التي يريــــدون سرقتهــــا، ولا أنصح أحــــداً إطلاقـــــاً بالتعامل بها.