تفاصيل الخبر

القاضــــي غـــالب غــــانم: الجميــع تــحت سقــف القانــون وكل من يرتكب الفساد يجب محاكمته مهما علا شأنــه!

08/03/2019
القاضــــي غـــالب غــــانم: الجميــع تــحت سقــف القانــون وكل من يرتكب الفساد يجب محاكمته مهما علا شأنــه!

القاضــــي غـــالب غــــانم: الجميــع تــحت سقــف القانــون وكل من يرتكب الفساد يجب محاكمته مهما علا شأنــه!

 

بقلم طوني بشارة

الفساد السياسي بمعناه الأوسع يعتبر إساءة استخدام السلطة لأهداف غير مشروعة، وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية، وتختلف ماهية الفساد السياسي من بلد إلى اخر ومن سلطة قضائية إلى أخرى، فإجراءات التمويل السياسي التي تعد قانونية في بلد معين قد تعتبر غير قانونية في بلد آخر، كما وتتحول الممارسات التي تعد فسادا سياسيا في بعض البلدان الى ممارسات مشروعة وقانونية في البلدان التي توجد فيها جماعات مصالح قوية تلبية لرغبة هذه الجماعات، واللافت ان الفساد يمثل تحديا خطيرا في وجه التنمية، فهو يؤدي الى تقويض التنمية الاقتصادية لتسببه في حدوث تشوهات وحالات عجز ضخمة، فهو يؤدي الى زيادة النفقات، ويولد تشوهات اقتصادية في القطاع العام عن طريق تحويل استثمار المال العام الى مشروعات رأسمالية تكثر فيها الرشى. والمضحك المبكي أن الحكومة الحالية أكدت بأنه ومن أهم مهامها في المرحلة الحالية والمقبلة هي مهمة مكافحة الفساد والهدر، واللافت ان الأطراف والأحزاب السياسية تبادلت التهم في ما بينها، فكل طرف يتهم الاخر بالفساد، اتهامات واتهامات متبادلة، من هدر بالاموال العامة، الى توظيفات عشوائية انتخابية فاقت الـ10 آلاف موظف، الى مبالغ ضائعة كما يقال فاقت الـ12 مليار، فأي من القوى السياسية على حق؟ ومن سيحارب الفساد؟ وما حقيقة الاتهامات والاتهامات المتبادلة؟ وما هو موقف رجال القانون من عبارة مكافحة الفساد؟

فضل الله والمحاسبة!

 النائب حسن فضل الله وفي مؤتمر إعلامي اكد بأن المبالغ الضائعة في ايام السنيورة تفوق الـ11 مليار دولار وقد تصل إلى 36 ملياراً، مما يشكّل أكبر تحد في لبنان للنواب وللبنانيين من أجل كشف من استولى وبغير حق على تلك الأموال، مؤكّداً أن تنظيم الحسابات المالية للدولة وتصحيح القيود هو الذي يؤدّي إلى انتظام مالية الدولة، ومن دون هذا التصحيح لا تستقيم المالية ولا يمكن إقرار قطع الحساب وبذلك لا يمكن أن نصل إلى إقرار الموازنة>، وأضاف فضل الله: لو سلكت هذه الملفات طريقها الصحيح فسوف تطال مسؤولين كباراً في الحياة السياسية اللبنانية وستتم محاسبة رؤوس كبيرة.

وتابع فضل الله:

- موضوع القيود المحاسبية بدأ بالظهور عام 2010 وتبيّن من ضمن ورشة العمل أن الحوالات كانت تقيّد ثم تُلغى ثم يعاد قيدها وهذا يعني أن أموالا كثيرة ضاعت، موضحاً أن هناك آلاف الأخطاء في القيود تتظهر عند التدقيق في المستندات والوثائق لدى وزارة المال وهي تحوّل إلى ديوان المحاسبة مشدداً على أنه بتسجيل المستندات وإلغائها يتبين الهدر، معتبراً أن هناك مئات آلاف الأخطاء في القيود خلال أعوام، وإذا استمررنا في الوضع الحالي فإننا سنبقى في مزراب الهدر الذي نحن فيه، موضحاً أن هناك مليارات في حسابات الدولة المالية لم يُعرف أين وكيف صُرفت، مشيراً إلى أن الكثير من الهبات سجلت في الهيئة العليا للإغاثة ووحده رئيس الحكومة من يستطيع التصرف بها، بينما يجب أن تسجل في المصرف المركزي لأنها تحتاج إلى أكثر من موافقة لتمريرها، مشدداً على أن الأموال التي أتت إلى لبنان بعد حرب تموز كانت كفيلة بإعمار لبنان وتنفيذ جزء من البنى التحتية وتحسين الوضع لكن الأموال ذهبت، متسائلاً: هل يعقل أنّ حساب مصرف في العام 2006 يتمّ تصحيحه في العام 2010؟!

مواقف الكتل النيابية من ملف الفساد!

 

وبدورها بولا يعقوبيان تكلمت عن ملف الفساد في مجال التوظيف الانتخابي وفي مجال بواخر الكهرباء، وشددت على ان أرباب الفساد في لبنان يحاربون الفساد واضافت قائلة: قامت احزاب السلطة بالتكافل والتضامن والتواطؤ مع بعضها البعض بتوظيف اكثر من 5000 قبل الانتخابات النيابية، في رشوة جماعية موصوفة.

وتابعت يعقوبيان: ممثلو احزاب السلطة نفسها يصرخون على الشاشات: لقد تمّ توظيف اكثر من 5000 ويغضبون ويحققون ويتحققون ويطلبون التقارير.

واللافت انه وفي عز الكلام عن الفساد وسبل مكافحته، تخرج الاصوات الداعية الى مقاربة الملف بعقلانية بعيدا عن <الشعبوية اللبنانية> لرفع رصيد هذا الحزب او ذاك عند الرأي العام الذي بات <أسير> المصالح الحزبية الضيقة و<مُسيراً لا مُخيراً>، فالنائب زياد حواط اكد بان الفساد بات <شعارا>، في حين أن ما نحتاجه اليوم هو تربية وثقافة وعملية تحرير متكاملة للقضاء ليصبح سلطة مستقلة بعيدا عن <الزبائنية> وبالتالي اسقاط المحرمات من أمام القاضي ليصدر حكمه، فيكون ذلك المدماك الاول الذي نحتاجه لكي لا نرى <صيفا وشتاء> تحت سقف واحد، أما غير ذلك فنكون أمام حفلة انتقام.

ويدعو عضو <الجمهورية القوية> كل طرف الى البدء بعملية مكافحة الفساد انطلاقا من فريقه السياسي، فالجميع مشارك في الفساد الذي أوصل لبنان الى هذه الحالة  حيث لم يعد يستطيع احتمال المزيد من الصفقات والسمسرات، في وقت يرزح فيه اللبناني تحت خط الفقر، مجددا موقف القوات الرافض لأية صفقة ومن بينها البواخر الكهربائية، وهو لن يتخلى عن دوره المحارب ضد كل من يريد خطف قرار البلد وسيكون الصوت الصارخ داخل مجلس الوزراء.

وبدوره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل اكد بان الحزب مستمر في معركته في مواجهة الفساد، متمنيا تعميم ثقافة مكافحة الفساد على الشباب اللبناني، وقال باسيل في تصريحه الصحافي: نحن تيار مقاومة الفساد وقررنا أن نكمل في هذه المسيرة وألا يطالنا الفساد وأن نبقى محصنين في وجهه من خلال كشفه ورفع الحماية عنه، اذ لا نستطيع ان نبني دولة ينخرها الفساد بهذا الشكل، والفساد ليس اشاعة بل هو حقيقة، وقد قمنا بالكثير لكننا ما زلنا مقصرين.

وأشار الى ان الفساد مغطى بحماية سياسية وفئوية ورفع الغطاء عنه مسؤولية الجميع ولن نقبل ان نكون جزءا من الطبقة السياسية التي تتعايش مع الفساد، فالبلد ينهار امام الفساد، ولن نقبل ان نستكين في وجهه مهما حاولوا تشويه سمعتنا ولبنان سيتحرر من الفساد وسنبني الدولة التي نحلم بها.

اما القوات اللبنانية وبعد اول جلسة للحكومة الحالية فأكدت انّ مكافحة الفساد عمل يومي ولا ترتبط بملف محدد يجب على قوة سياسية معينة أن تواجهه، فهذه ليست مكافحة فساد بل استهداف لفريق سياسي تحت عنوان سياسي ما، فمكافحة الفساد عمل يومي ومتابعة يومية ونضال يومي من خلال مواكبة حثيثة لكل الملفات، ومثالاً على ذلك ما حصل في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة حين عارض «التيار الوطني الحر» و«القوات» إعطاء «الدرجات الست>، ففي الحد الادنى كان يفترض بـ«حزب الله» الذي يتحدث صباحاً ومساء عن مكافحة الفساد ان يكون الى جانب «التيار» و«القوات» برفضه التصويت مع إعطاء الدرجات الست لأنّ إقرارها يخالف قــــرار مجلس شورى الدولة ومجلس الخدمة المدنية اللذيـــن أكـــدا عــــدم جــــواز ذلك لتشكيله مخالفة كونه يعطـــي البعــــض ولــيس الجميـــع، ويضرب الخزينة العامة في لحظة يدرك فيها الجميع الأزمة التي يمر بها البلد على مستوى التمويل.

القاضي غالب غانم...

والحل بتطبيق القانون!

 

لاحظت <الافكار> ان كل فريق يتهم الاخر بالفساد ويدعي بأنه سيكون رأس الحربة في مواجهة الفساد، مما ادى الى تضاربات واتهامات سياسية متفاوتة في موضوع محاربة الفساد، ولكن بعيدا عن الاراء السياسية كيف ينظر رجال القانون الى هذا الملف؟

القاضي غالب غانم (الرئيس السابق لمجلس القضاء الاعلى) اعتبر ان كل من يسلك او يستعمل طرقاً ملتوية للوصول الى ما يزعم بأنه حق له يعتبر فاسدا، واستنادا الى ذلك وبسبب خبرة اللبنانيين في سلوك هذه الطرق يصبح الفساد للأسف مستشريا وطاغيا على كافة المرافق والقطاعات في لبنان ولا يمكن حصره فقط بالدوائر الرسمية.

وتابع غانم قائلا:

- حتى الان ارى ان الارادة لمكافحة الفساد في لبنان موجودة ولكنها ليست بفعالة ولست متأكدا انها ستصل الى نتائج ايجابية طالما ان هناك اتهامات واتهامات مضادة، وهذه الاتهامات المتبادلة وبرأي الشخصي تبعد الموضوع عن جوهره الاساسي، مما يعني ان الارادة لمكافحة الفساد لم تتبلور حتى الان بشكل جدي.

وفي ما يتعلق بملف التوظيف العشوائي وملف اتهام السنيورة بتبديد الـ11 مليار دولار نوه غالب قائلا: لست على اطلاع لا بهذا الملف ولا بذاك، ولكن اؤكد هنا بأننا بدولة ديمقراطية تحترم القانون وحكم القانون، وكل من يرتكب الفساد ومهما علا شأنه يجب محاكمته فالجميع تحت القانون.

وبالنسبة لعملية تسييس القضاء والتغيير في محتوى الملفات اشار غالب: كل عملية تزوير، وبصورة خاصة في الميدان القضائي، تعتبر امراً خطيراً للغاية، لذا وفي حال ثبت وجود هذا الامر فالفساد يعتبر بالتأكيد امرا مستشريا.

ــ ما الحل؟

- الحل يكون بتعزيز القوانين الجزائية والخاصة لاسيما قانون الاثراء غير المشروع، كما يجب تفعيل دور هيئة مجلس القضاء الاعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء، وهنا اود ان أشير بأن لبنان موقع على معاهدات صادرة عن الامم المتحدة وهي معاهدات تكافح الفساد، كما يجب تسليط الضوء على دور القطاع الجزائي والهيئات القضائية التي تصل لها ملفات تتعلق بالفساد، وهنا وللقيام بذلك يتطلب الامر شجاعة من القضاة ومناخاً في البلد يسهل محاربة الفساد.