تفاصيل الخبر

القاعدة الشعبية الواحدة تجعل التنازع بين "القوات" و"الكتائب" حالة مستمرة....

03/02/2021
القاعدة الشعبية الواحدة تجعل التنازع  بين "القوات" و"الكتائب" حالة مستمرة....

القاعدة الشعبية الواحدة تجعل التنازع بين "القوات" و"الكتائب" حالة مستمرة....

[caption id="attachment_85551" align="alignleft" width="416"] رئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس حزب القوات سمير جعجع ..فشل الوساطات في وقف الخلاف المستحكم بينهما.[/caption]

 في الوقت الذي يبدي فيه رئيس "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع استعداداً للتقارب من  القيادات السياسية للترويج لمواقفه ولاسيما الانتخابات النيابية المبكرة و"استقالة" رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لوحظ ان قيادة "القوات" احيت الخلافات العميقة بينها وبين حزب الكتائب حيث عـــاد الصراع بين الحزبين ليتصدر المشهد الداخلي على وقـــع "الفراغ" الذي تشهده الساحة السياسية وفي ظل غياب اي امل في حل قريب للازمة الحكومية المتفاقمة حيث تعثرت كل المساعي والجهود التي بذلت لايجاد حل مقبول للعقدة الحكومية المستعصية. واتى السجال الناري بين "القوات" و"الكتائب" ليعمق الهوة أكثر فأكثر بين رفاق الأمس الذين كانوا شريكين يتقاسمان المبادىء السيادية نفسها، فضلاً عما يسميانه بـــ "القيم الاستراتيجية الواحدة"!

 الجولة الجديدة من "المواجهة" بين "الحزبين الشقيقين" كانت نسخة قديمة جديدة لما كان يجري في السابق حيث تشتعل هذه المواجهة من دون مقدمات وسط تساؤلات عن جدواها خصوصاً في الظرف السياسي الراهن الذي تمر به البلاد. ولعل "الخصومة التقليدية" بين الحزبين عززتها المواقف التي صدرت عنهما والتي صبت كلها في اطار واحد يتمحور حول المواقف التي يتخذها رئيس حزب الكتائب النائب المستقيل سامي الجميل، الذي تتهمه "القوات" بأنه من خلال استقالته مع نائبي الحزب نديم الجميل والياس حنكش "احرجا" معراب التي استمر نوابها في مجلس النواب على رغم الانتقادات التي توجهها "القوات" الى "المنظومة" السياسية الحاكمة وتحملها مسؤولية التدهور الحاصل في البلاد على مختلف المستويات. من هنا تصب "القوات" جـــام غضبها على النـــائب السابق الجميل بحجة انه بــــات "يستفز" القاعدة "القواتية" اكثــــر من رئيس "التيار الوطني الحر" النـــائب جبران باسيل، وتتهم "القوات"  الشيخ سامي بأنه يصر على احياء السجال بين الطرفين من حين الى آخر بمواقف تقول عنها انها "استعراضية" في قسم كبير منها، فضلاً عن انها لا تقدم ولا تؤخر في الازمة السياسية القائمة.

ويذهب "القواتيون" أبعد من ذلك، ليشيروا الى ان الرجل لم يعد يفوت مناسبة الا ويطلق سهامه نحو "القوات" بشكل مباشر، فيعتبرها تارة جزءاً من المنظومة السلطوية، متناسياً ان حزبه كان ولا يزال جزءاً لا يتجزأ من هذه المنظومة، ويتحمل مسؤوليات اكبر بعيون الناس اولاً، ويضع طوراً كل مصائب البلد وويلاته في "رقبتها"، بسبب ابرامها "تفاهماً" مع "العهد" في مرحلة من المراحل، او انخراطها في التسوية الرئاسية، رغم ادراكه ان مثل هذه المقاربة "المبالغ فيها" لا تستقيم. في المقابل، يرى "الكتائبيون" ان المشكلة تبقى في عقلية "القوات" التي لم تعد تتقبل اي كلمة انتقاد، مهما كبر او صغر حجمها، فكلما اطل النائب الجميل في خطاب او في مقابلة تلفزيونية، وعبر عن قناعاته في ما يتصل بالعلاقة مع "القوات"، رداً على اسئلة محاوريه، "تثور ثائرة القواتيين"، فيستنفرون وينتفضون ويباشرون "القصف العشوائي". وكأن المطلوب من الجميل ان "يصدق" على كل ما يؤمنون به، ويمنع عليه ان يعبر عن اي رأي خاص ومستقل.

المشكلة مع "الشيخ سامي"

وفيما تعتبر "القوات" ان مواقفها تعبر بأمانة عن توجهات الشارع المسيحي الذي بدأ "ينفر" من مواقف "التيار الوطني الحر" وحزب الكتائب على حد سواء، يقول "الكتائبيون" ان مشكلة "القوات" هي مع الجميل الابن لانه يقول في العلن ما يفكر به كثيرون، وانه في المحصلة يعبر عن فكر الشارع المسيحي اكثر من "القوات" و"التيار" على حد سواء لاسيما في الفترة الاخيرة حيث لاقت خطوة استقالة نواب الكتائب ارتياحاً في المجتمع المسيحي المناهض لــ "القوات" و"التيار" معاً، اضافة الى مواقف "المستقلين" في الصفوف المسيحية، باعتبار ان "التململ" في الساحة المسيحية بات واسعاً، على رغم ان "القوات" تعتبر ان هذا "التململ" لا يشملها بل ان الهجرة من الاحزاب الاخرى تحصل في اتجاهها. لكن بمعزل عن دقة وواقعية كل ما سبق، يبقى الاكيد ان المعركة الاخيرة التي دارت بين الجانبين استندت الى الاطلالة التلفزيونية الاخيرة للنائب الجميل، باعتبارها شكلت السبب المباشر للمبارزة "غير الودية " بينهما، خصوصاً لجهة ما تضمنته من كلام عالي السقف اطلقه رئيس حزب "الكتائب"، حين اعتبر ان "لا ثقة" بأن حزب "القوات" يختلف عن المنظومة الموجودة، ولاسيما انه كان جزءاً من التسوية الرئاسية وساهم فيها ودافع عنها وصوت على القانون الانتخابي الذي اوصل "حزب الله" الى السلطة، وكان في الحكومة التي قامت الثورة ضدها.

 واذا كــــان رد "القوات" جاء اعنف من كلام الجميل، عبر وضعه ما يقـــوم به الاخير في مصاف الجريمة الكبرى من خلال دقه الاسافين المتواصلة في العلاقة بين حزبين يربطهما تاريخ طويل، وتضحيات مشتركة. ثمة من يرى ان "التاريخ الطويل والتضحيات المشتركة" هو "لب الموضوع" في الخلاف المتفاقم بين الجانبين، اللذين "يتنازعان" على جمهور واحد، بشكل او بآخر. ويشير اصحاب هذا الرأي الى ان "جذور" الخلاف بين الجانبين تنبع من هذا "التباين" على وجه التحديد، خصوصاً ان الاتفاق بينهما على المسائل السياسية والاستراتيجية قد يكون مفروغاً منه، ولا نقاش او جدال حوله بأي شكل من الاشكال، وهذا بالتحديد ما يحدث "المنافسة" التي تولد "مزايدات" بالجملة تختلط بــ"الشعبوية" بكل معانيها ولا تلبث ان تتطور الى "صراعات" كما هو حاصل حالياً بالتحديد.

وساطات... فشلت

لقد سعت جهات مسيحية، بعضها قريب من بكركي، الى وضع حد للخلاف بين "القوات" و"الكتائب"، الا ان هذه المساعي اصطدمت بتمسك كل من الحزبين بمواقفهما على رغم انه بينهما يقوم اتفاق في المبادىء غير مكتوب ينسحب في السياسة والاستراتيجية وهو ما ترجم في مناسبات اساسية عدة من خلال وجودهما في "خندق واحد" كما حصل مثلاً بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، اضافة الى شراكتهما في قوى " 14 آذار"، على رغم بعض التباين الذي كان يظهر من حين الى آخر ويترجم من خلال مواقف معلنة واخرى تبقى بعيداً عن الاعلام. الا ان الكتائبيين انكفأوا عن "14 آذار" تحت شعار "التمايز" في المواقف الذي استمر حتى الانفصال ثم الافتراق الكامل. ويقول الذين تابعوا هذه التطورات إنه خلال رئاسة الرئيس امين الجميل للحزب كان الرئيس السابق للجمهورية بارعاً في "تدوير" الزوايا ولا يرغب بتحقيق القطيعة على رغم "انزعاجه" شبه الدائم من مواقف "القوات" ورئيسها سمير جعجع. الا انه بعد تسلم "الشيخ سامي" رئاسة الحزب، اختلفت الصورة وصار التباعد اكثر وضوحاً الى ان وصل الامر الى حد الخلاف الكامل، ثم المواجهة التي تتطور حيناً وتخبو احياناً، لاسيما وان مواقف الجميل الابن الاكثر حدة من مواقف الجميل الاب وهو يقول الامور بصراحة من دون  كفوف" على عكس والده الذي يفضل دائماً حفظ "خط الرجعة "....

في اي حال، ومع انعدام كل الوساطات لتقريب وجهات النظر بعدما اصيب السعاة بــ "اليأس"، فإن ثمة من يعتقد انه من الصعب الوصول الى تفاهم بين الحزبين المسيحيين لانهما "يأكلان من الصحن نفسه" ما يؤدي الى حصول مزايدات تكاد تصبح اكثر خطراً من الخصومة السياسية التقليدية بين حزبين في ساحة واحدة، وهذا ما يتكرس يومياً من دون ان تنفع "وحدة المصير" التي جمعت "القوات" و"الكتائب" ذات يوم!.