بقلم عبير انطون

سيشهد الشهر الفضيل هذا العام طعماً درامياً مختلفاً، ففاكهة الموسم المنتظرة لن تكون في برامج المنوعات كما في كل موسم حيث تتم استضافة الفنانين والنجوم في سهرات حوارية مختلفة، وستغيب برامج المسابقات والالعاب الا في ما ندر. بانتاجات متنوعة، تجتاح المسلسلات الشاشات في منافسة شرسة حتى بين عروض الشاشة الواحدة، او في ما بين القنوات بحيث ينحصر التنافس المشروع في الرهان على جعل المشاهد متسمرا امام شاشة واحدة <تمطره> المسلسل تلو الآخر، تأتيه بها <مضغوطة> جميعها، لتعود على كفوف الراحة في عروض ثانية وثالثة بعد انقضاء فترة الثلاثين يوماً. فهل هذا الامر لصالح المسلسلات ام يضرها؟ وهل سيتمكن المشاهد من هضمها مرة واحدة، ام ان تخمتها ستجعله يلجأ الى ما هو مختلف؟ هل ستشد الموضوعات المطروحة المشاهد فتنسيه جهاز التحكم في مواضيع يبدو انها على شاشاتنا اللبنانية مستمدة من واقعه، او على حدوده المتاخمة لسوريا كما في مسلسل <الهيبة> مثلاً والذي يعول عليه نجماه نادين نجيم وتيم حسن الكثير؟

هذا المسلسل يبدو منتظراً، للثناء كما للانتقاد بعد الضجة التي عرفها من حيث نجومه وموضوعه. فما هي الأحداث المشوقة التي ستدور رحاها؟ لماذا اختيار الجرد اللبناني للتصوير؟ ومن اي زاوية يقارب المسلسل موضوع السلاح والتهريب؟ ومن هما <عليا> و<جبل>؟

غرب وشرق!

  ليس بعيداً عن واقعنا اللبناني ولا جغرافيته تدور احداث القصة. الثنائيات في <الهيبة> نجدها في أكثر من خط: فهذه اذا كانت موجودة تمثيليا في الثنائية الناجحة ما بين نادين نسيب نجيم وتيم حسن، فإنها موجودة ايضا في الموقع الجغرافي لضيعة <الهيبة> النائية في الجرود على الحدود ما بين لبنان وسوريا، وهي موجودة ايضاً في الصراع ما بين المكتسب من عادات وتقاليد في حياة العشائر وبين الحداثة التي وصلت الى تلك المنطقة مبشّرةً بقيم مختلفة عما هو معروف وسائد. الثنائية ايضا نجدها ايضا بين القانون والخارجين عليه، وما بين نمطين في التفكير وطرق الحياة: واحد شرقي يمثله تيم او <جبل> الذي تبايعه عشيرته وتقف الى جانبه، وآخر تمثله أرملة اخيه <عليا> التي عاشت في كنف الغرب وشبت على اسلوب عيش مختلف.

  فعائلة <جبل> قوية ضاربة الجذور في المنطقة التي يترأسها وحيث يلقى دعماً مُطلقاً من العشيرة فيها. وبعد غياب 15 عاماً في بلد اوروبي هرباً من ثأرٍ قديم، يعود شقيق <جبل> إلى بلدته ولكن كجثّة هامدة بعد أن توفي في الخارج ترافقه أرملته المفجوعة <عليا> وابنه الصغير الذي سُمّي على اسم عمه <جبل>. وفي ظلّ رفض العائلة التخلي عن الطفل وتركه مع والدته ليعيش في الخارج، ورفض رجال القانون خوض حرب مع عشيرة <شيخ الجبل> من أجل استرجاع الطفل، تجد <عليا> نفسها مضطرةً لاتخاذ قرار استثنائي من أجل العيش إلى جانب ابنها في منطقة بعيدةٍ كل البعد عن نمط الحياة الذي اعتادته. فكيف يمكن لفتاة غربية التربية والفكر أن تقع في عشق رجلٍ يترأس عشيرة متسلّطة ضمن أجواء يسودها العنف والسلاح والإجرام؟ وهل يمكن للحب أن يجد مكانا ًله في واقعٍ لا يعرف للحب مكاناً!

النص أولاً..

 هوزان عكو خريج <المعهد العالي للفنون المسرحية> بدمشق عام 2004 يكتب للتلفزيون والسينما والمسرح بتميز. كاتب مسلسل <بنت الشهبندر> الذي انتجه مفيد الرفاعي وأخرجه سيف السبيعي العام الماضي، كان قد سكن بيروت منذ سنوات هرباً من الحرب السورية. هذه المرة تنتج قصته <شركة الصباح للاعلام> التي تقر على لسان رئيسها صادق الصباح: <اننا نعاني من ازمة نص حقيقية في العالم العربي تجعلنا احياناً نلجأ الى الاقتباس> لكن ليس في <الهيبة>! فهذا النص يؤكد عكو انه تم بناء على <كتابة أفكار في جلسات عمل ونقاش للوصول إلى أفضل نتيجة لنصٍّ من تأليفي بالكامل>. مع الشركة توافق حول الخطوط العريضة للمسلسل، بما يتلاءم والثنائي الذي يضمن في كل عام نسبة متابعة عالية نظراً للكيمياء التلفزيونية العالية بينهما: <نادين - تيم>.

 الكيمياء العالية هذه، لا ينكر عكو اهميتها كعامل مهم لنجاح عمله الا انها ليست اولوية لاي كاتب برأيه، فالاخير يهمه نجاح نصه وايصال حكايته المتماسكة الى المشاهد بافضل ما يمكن.

نادين.. والاستثمار..

نادين نجيم، شريكة النجاح مع <العريس> تيم حسن (تزوج حديثاً من المقدمة وفاء الكيلاني) سعيدة بعملها مرة اخرى مع المخرج سامر البرقاوي الذي <ترتاح نفسياً في التعاون معه> فهما اعتادا على طريقة العمل. تتمنى ان يكون دور <عليا> في <الهيبة> خطوة الى الامام، معترفة انه اقل صعوبة من دور <ميسا> في مسلسلها الاخير <نص يوم> الذي جسدت فيه أكثر من شخصية.

 <بعد الهيبة> سأرتاح في اجازة طويلة تقول ملكة جمال لبنان السابقة التي حجزت لها موقعاً متقدماً في التمثيل بشهادة الكثيرين من اهل المهنة. <سأمضيها مع ولدي وزوجي، بعدما انتهينا من تصويره منذ ايام فقط ليكون جاهزاً لشهر رمضان المبارك>. تتمنى ان يكون دورها الجديد فاتحة خير عليها، هي التي ستنصرف بعده الى مشروع مختلف، تجاري استثماري هذه المرة، وسوف تجتهد في العمل عليه لاطلاقه في الأسواق مطلع عام 2018، وهو عبارة عن علامة تجارية لها علاقة بالموضة. وان كانت الاولوية للحديث معها في هذه الفترة حول شخصية <عليا> والمسلسل، فإن جل ما تكتفي بقوله عن مشروعها الجديد انه يدخل في اطار ما تحبه بعيدا عن الثياب والمجوهرات..

وعن شخصية <عليا> تقول نادين التي ستشارك المسلمين صيام يوم واحد من شهر رمضان المبارك:

- <انشاء الله تحبوها، ويعجبكن قرارها>.. والقرار الذي تتحدث عنه اختيار <عليا> ما بين العودة الى البلد الذي جاءت منه وترك وحيدها لعائلة ابيه تربيه، بحكم ما هو متعارف عليه، او ان تبقى الى جانبه في قلب عالم بعيد عنها، يسيطر عليه عم ابنها، <الرجل الصلب القاسي من دون اي ود> والذي ستكون لها معه حكاية وصراع كبير.

<أعجبني الدور تقول نادين خاصة وان الاحداث غير بعيدة عن بلدنا وشبيهة بوقائع مجتمعنا حيث لا زالت الكثير من العائلات تفكر وتعيش على هذا النحو، كما ان التشويق يبقى سائدا بحيث يترقب المشاهد التفاصيل ويبقى مشدوداً حتى آخر لحظة>. لا تنسى نادين الاشارة الى الاسماء الكبيرة المشاركة في المسلسل، من <تيم صديقي الى الآخرين>، منوهة بشكل خاص بالفنانة القديرة منى واصف التي تؤدي دور حماتها، اي والدة زوجها المتوفي وجدة طفلها. هذه العلاقة تصفها نادين بـ<المتأرجحة> ما بين التوتر والمودة خاصة وان الحماة تريد من ابنها <جبل> ان يتزوج بامرأة اخيه لانها اعجبتها وتناسبه جداً.

البرقاوي... وإثبات النجاح

 منى واصف سيدة الشاشة السورية شكلت قيمة مضافة للعمل بشهادة الجميع، وهي لا تخفي مشقة التصوير في <الهيبة> الذي يشاركها فيه ايضاً الى البطلين كل من اويس مخللاتي، كارلا بطرس، عبدو شاهين، ميريام عطالله وروزينا لاذقاني. من بعده لن تشارك في أي عمل خلال الفترة المقبلة، لأنها تحب أن تستقبل رمضان بتفرغ تام للاستمتاع بطقوسه من عبادات وزيارات عائلية. اما سامر البرقاوي مخرج <الهيبة>، فإنه سعيد من ناحيته للتعاون من جديد مع النجمين، تعاوناً اثمر مسلسلات رائعة بفضل الثقة المتبادلة.

  لا يخشى البرقاوي ان يمل المشاهد من الثنائية او الثلاثية (نجمان مع المخرج عينه) <ذلك ان المعالجة الدرامية تمثيلاً واخراجاً تختلف من عمل الى آخر>. ففي <الهيبة> تم الدخول الى كواليس مجتمع نعيش فيه ولا نعرف عنه الكثير، فضلاً عن ان نادين وتيم يتجددان ويتطوران باستمرار وهما قادران برأيه على اقناع المشاهد بهذا التجدد في كل ما يقدمانه، والدليل استمرار النجاح للعام الثالث على التوالي>.

تيم.. متأثر

من جهته، يراهن النجم السوري تيم حسن على تميز المسلسل الذي لم ينته من تصويره الا قبل ايام قليلة من العرض. الا ان <كل شيء كان مدروساً>، يؤكد تيم، من دون اي تأخير مع ثناء على الانتاج، ويزيد: <التصوير في جرود منطقة البقاع، على تخوم الحدود السورية جغرافيا أعطى دفعاً كبيراً للممثلين والعاملين السوريين في المسلسل واثر بي شخصياً>.

الموضـــــوع بحسب بطلـــــــه <يتنــــــــاول نغمــــــة مختلفـــــة عــــن السائــــــد سياسيـــــاً في المسلســــــلات التـــي تعـــــرض للواقعـــــين اللبناني والســـــوري وانعكاساتهمـــــا، وهــــو يطــــــــرح موضوعاً مهما جداً ليس في لبنان وحسب بل في كل بلاد الشرق وحتى العالم من حيث تناوله لافراد ومجموعات خارجة على القانون تختلف وتتلاقى مع الدولة تبعا لمصالحها>. كذلك تحدث تيم عن المتعة في الحب وتجاذبه بين عالمين متناقضين، وكيفية تشابك المشاعر بين شخصين مختلفين.

 يؤكد تيم انه لا يعتمد على جاذبيته في هذا العمل بل على وصول المادة الجديدة الى المشاهد. الثنائية مع نجيم قد تعود في عمل مقبل وقد لا تتكرر داعيا الجمهور الى الحكم عليها وعلى استمراريتها، بحيث ان مسؤولية الثنائي تضحي اكبر في مهمة الحفاظ على مستواها، لذلك يجب ان تتطور وتتحسن في كل مرة.

وعن اختيار محطة الـ<ام تي في> لعرض <الهيبة> يؤكد حسن ان المحطة بدون شك تستحوذ على نسبة متابعة عالية الا ان تكامل عناصر العمل في مرحلة اولى هي الاولوية ويأتي عرضه بعد ذلك على محطة رائدة وقوية مثل الـ<ام تي في> تتويجاً له.

 اما عن نجاحه السينمائي المصري في فيلمين والذي لم يعد اليه، فهو اختصر اسبابه بعدم وجود النص الموافق له أكان في مصر او سوريا حاليا، وهذا ان وجد، فان عدم توافر الظروف المناسبة قد تتحكم بالممثل، مضيفاً انه قد يكون له عمل جديد في هذا السياق قريباً.

 هل سيفرض العمل <هيبته> في عالم الدراما للعام الحالي؟ المسلسل الذي بدأت متابعته منذ الشارة التي يغنيها الفنان ناصيف زيتون في كلمات لعلي المولى والحان لفضل سليمان وتوزيع لجيمي حداد، سيحملنا على الاجابة في الاعداد المقبلة.