تفاصيل الخبر

الحشـائش فـي لبــنان ملوثــة بميــاه المجاريــر والبكـتـيـريــا و”جمـعـيــة المـزارعيــن“ تطـلــق مـشـروع تـنظـيفـهــا!

07/07/2017
الحشـائش فـي لبــنان ملوثــة بميــاه المجاريــر والبكـتـيـريــا  و”جمـعـيــة المـزارعيــن“ تطـلــق مـشـروع تـنظـيفـهــا!

الحشـائش فـي لبــنان ملوثــة بميــاه المجاريــر والبكـتـيـريــا و”جمـعـيــة المـزارعيــن“ تطـلــق مـشـروع تـنظـيفـهــا!

  

بقلم طوني بشارة

1

لطالما تغنى اللبناني بطبق التبولة، ذاك الطبق الذي ارتبط اسمه باسم مائدة كل لبناني، على اعتبار انه الطبق الرئيسي لكل ربة منزل لبنانية واينما وجدت، كما انه اعتبر أحد عوامل الجذب السياحي في لبنان.

ولكن ما حقيقة الشائعات التي تقول ان مكونات هذا الطبق مشبّعة بالمياه الآسنة الناتجة عن المجارير؟ وما صحة ما كشفته احدى شركات المراقبة الالمانية التي اجرت فحوصات مخبرية لمياه الري في مختلف الاراضي اللبنانية؟ وهل فعلاً ان اكثر من 90 بالمئة من مزروعات الحشائش (بقدونس، فجل، جزر، نعنع...) تحتوي على مياه مجارير وعلى معادن ثقيلة <metolor> لا يمكن القضاء عليها حتى بالغسيل المنزلي او التعقيم؟ وكيف وصلت المجارير الى المياه؟ وهل فعلاً أن مخلفات ومجارير كافة المنازل والمصانع والمستشفيات الواقعة في مناطق قريبة من الانهر والسواقي، تصب في مياه تلك الانهر والسواقي؟ وماذا عن بعض المزارعين الذين لم يكتفوا بهذه النسبة من التلوث والبكتيريا الموجودة في مياه الانهر، بل انهم عمدوا بالاضافة الى ذلك الى غسل الحشائش قبل بيعها بمياه مجارير خالصة حيث عمد البعض في مناطق البقاع الى وضع مضخات على بؤر المجارير واستخدامها لريّ المزروعات؟ هذه المشاهدات والنتائج الكارثية دفعت الشركة الالمانية، بعد ان رأت بالعين المجرّدة ما تحتويه مياه الري من جراثيم ومجارير لم يشهد لها مثيلاً، الى رفض اعطاء شهادة مطابقة للمواصفات لأي نوع حشائش في لبنان.

 

الحويك يشرح التلوث في مجاري الأنهار

في هذا الاطار، كشف رئيس <جمعية المزارعين> في لبنان أنطوان الحويك لـ<الافكار> ان كافة مجاري الانهر والينابيع والآبار التي تتغذى من تلك الانهر، تصب فيها مجارير القرى سواء كانت منزلية، صناعية او مجارير المستشفيات.

واوضح ان الاخطر من ذلك ان اكثر من 90 بالمئة من الحشائش يتم غسلها قبل توزيعها على الاسواق بمياه مجارير تؤدي الى ترسّب البكتيريا ومادة الـ<metolor> في داخلها، وهذه جميعها تسبب امراضاً سرطانية ومعوية.

وشرح الحويك بأن المزروعات الاخرى مثل الفواكهة يتم ريّها ايضا بمياه ملوثة إلا ان المياه الملوثة عندما تصل الى ثمرة الفواكهة تكون قد طهرت نفسها بنفسها، اما بالنسبة لانواع الخضار الاخرى باستثناء الحشائش التي تؤكل مباشرة طازجة، فإن التلوث في داخلها يزول عند طبخها.

وأضاف الحويك:

- وبمـــــا ان الحشــــائش تــــزرع عــــــادة عـــلى ضفــــاف الانهر، فقد تبيّن لنا ان معظم المناطق الزراعية خصوصا التي تنتج الحشــــائش، تـــــروي مزروعاتهــــــا مــــن ميــــــاه الانهر الملوثة اضافة الى انها تغسل الحشائش قبل بيعها للمستهلك بمياه المجارير.

ــ هل يعني ذلك أن معظم المنتجات الغذائية النباتية ملوثة؟

- مجمل الفحوصات المخبرية التي أجريناها على المياه المستعملة في الزراعة وعلى الترسبات على الثمار أظهرت ان المياه المستعملة في غسيل الحشائش هي مياه ملوثة بالمجارير والنفايات السائلة والسامة للمنازل والمصانع والمستشفيات، مما يفيد ان معظم المنتجات الزراعية الموجودة في الاسواق اللبنانية تحمل معدلات عالية من الترسبات الكيميائية، اضافة الى ذلك فقد بيّنت الفحوصات وجود مبيدات زراعية لا يُسمح باستعمالها في عيّنات من المزروعات.

الحويك ومشروع الحل

 

ــ وما الحل في ما يتعلق بهذا التلوث؟ وماذا عن مشروع <Lebanese and Safe>؟

- انطلق مشروع <Lebanese and Safe> وانطلق معه الأمل في أنه بات بإمكاننا استهلاك منتجات زراعية مروّية ومغسولة بمياه نظيفة وخالية من الترسبات الكيمائية أو ضمن المعدلات المسموح بها عالمياً، وجاءت هذه الانطلاقة بعد عمل مضن استمر ثمانية أشهر من العمل والسهر والتحضير، تخللها إجراء عشرات الفحوصات المخبريّة على المياه وترسبات المبيدات الزراعية، وبضمانة وشهادة شركة <TUV NORD> العالمية.

ــ ما الهدف من المشروع؟ وهل من مراحل او شروط اتبعت لتحقيقه؟

- يهدف المشروع إلى تأمين منتجات سليمة للبنانيين، بناءً على طلب الناس الذين يتساءلون عن نظافة ما يأكلون، من هذه النقطة انطلقت فكرة تأمين منتجات نظيفة.

وقال الحويك:

- في البداية تواصلنا مع المزارعين، وكلفنا شركة لمراقبة ومتابعة نظافة الإنتاج والتأكد من المواصفات، ومن شروط الإنضمام أولاً أن تكون المياه المستخدمة نظيفة، سواء كانت تستخدم لغسل الحشائش بحيث يجب أن تكون مياه شرب، أو تستخدم للري بحيث يجب أن تكون مياها صالحة للري، ثانياً إلتزام المزارع ببرنامج للرش على أن يكون مستوفيا شروط الأمان، وبالتالي يجب ألا يكون هناك ترسبات ضارة للمواد المستخدمة.

ــ هل هناك رغبة لدى المزارعين بالانضمام الى المشروع؟

- انضم العديد من المزارعين إلى المشروع، وشركة المراقبة هي الوحيدة التي تملك الصلاحية من الناحية الفنيّة بحيث تراقب المزارع وتأخذ العيّنات وتجري الفحوصات، وهي التي تسمح ببعض الأصناف وترفض غيرها إذا كانت تحتوي ترسبات، وعلى المزارع ان يتّبع تعليماتها.

وأشار الحويك قائلاً:

- لا زلنا في البداية، بدأنا مع حوالى 25 مزارعاً، 7 منهم أكملوا وانسحب الباقون لسبب أو لآخر، إما لجهة عدم استعدادهم للإلتزام بالشروط المطلوبة واتباع التعليمات، أو لأن المياه التي يستخدمونها لا تستوفي الشروط أي غير صالحة للري.

 

أقسام المشروع... من الشركة الى الرقابة

 

وعن أقسام المشروع، قال الحويك:

- هناك شق منه يتضمن غسل الحشائش (الفجل، البقدونس، النعنع، الكزبرة)، قبل توزيعها في الأسواق كي تكون خالية من التراب والرمل، وبعض الحشائش يجب غسلها كي لا تتعرض للجفاف أثناء نقلها إلى الأسواق، وقد تبيّن من خلال شركة المراقبة التي زارت كل المنتجين، وأخذ عينات من المياه، أن قسماً كبيراً منهم يعمد إلى غسل هذه الحشائش بمياه الأنهر التي تصب فيها مياه الصرف الصحي للمناطق المجاورة، من ضمنها نفايات المعامل الصناعية المكونة من مواد كيمائية خطرة، كالزرنيخ على سبيل المثال وغيره، ما أدى إلى رفض الشركة استخدام هذه المياه.

ــ ما موقف شركة المراقبة من نتائج جولتها على المزارعين؟

- بعد انتهاء الجولة، رفضت الشركة إعطاء ترخيص لاستخدام هذه المياه، ولا حتى مياه الآبار إذ أظهرت النتائج أنها تحتوي نسبة تلوّث أكثر بمئتي مرة عن مياه الشرب وتبيّن للشركة أن نسبة كبيرة من الحشائش في الأسواق، ملوثة وليس هناك سوى كميات صغيرة منها نظيفة، والباقي موبوء بمياه المجارير والنفايات السامة، لذلك اقترحت الشركة أن نقيم مغسلا تحت إشرافها المباشر يحتوي مياهاً نظيفة، كي تعطي الموافقة على المنتجات التي يتم غسلها وتعقيمها بمياه صالحة، على أن يتم الكشف بشكل دوري.

ــ ما موقف الدولة من كل ذلك وهل من دعم للانتاج الزراعي الوطني؟

- من المعروف أن كلفة الإنتاج الزراعية مرتفعة في لبنان، خصوصاً مع غياب الدعم والتعويضات من قبل الدولة، وفي هذا المجال لا يمكن اطلاقا التخفيف من كلفة الإنتاج، عن طريق استبدال الدواء السليم والباهظ الثمن، والذي لا يحتوي على ترسبات تضر الناس، بآخر يوفر الكثير من الرش نظراً لأنه يحتوي ترسبات تدوم وقتاً أطول، فالكلفة تبقى كما هي ولا يستطيع المزارع التملص منها، وذلك من ناحية دفع إيجار الأرض، كلفة المياه، أو استخدام المازوت لعملية الضخ، فالمازوت سعره معروف ولا نستطيع تخفيضه، في المقابل، يحاول المزارع أن يدفع الحد الأدنى من أكثرية المواد المستلزمة، إنما تبقى هذه كلفتنا بلبنان في الزراعة، فمثلاً في إنتاج البندورة معروفة الكلفة مهما حاول المزارع أن يخفضها، والعناصر التي يحاول أن يوفر فيها لا تحدث فرقاً كبيراً من ناحية الكلفة.

ــ وما الحل؟

- الحل برأيي هو حماية إنتاجنا من الإنتاج المستورد بألا نسمح بدخول بضائع من الخارج، فالمشكلة تكمن في إمكانية دخول بضائع من مختلف المواصفات، ومنها ما يكون مستورداً من دول تقدم الدعم وبالتالي تضارب على البضائع اللبنانية، فعلى سبيل المثال، تواصلنا ضمن مشروعنا مع مزارع باذنجان في إحدى المناطق، وقد أبدى رغبته في الدخول معنا، وحين وصلنا إلى مرحلة أخذ العيّنات إختفى المزارع وانسحب.

وتابع الحويك شارحاً:

- أما عن أسباب انسحاب المزارع، فقد علمنا أن سعر الباذنجان المستورد من سوريا منخفض جداً، وبالتالي فإن المزارع اللبناني، وبهدف المنافسة والتوفير، يلجأ إلى إعتماد الأسلوب نفسه القائم في سوريا، من ناحية رش المبيدات التي تحتاج لمدة 45 يوما كي تتفكك، لذلك فهي تستخدم مرة واحدة في بداية الموسم، وبالتالي لا تعاد عملية الرش لمدة شهر ونصف الشهر، بينما مبيدات الرش المطلوبة في مشروعنا، تتفكك بعد خمسة أيام من عملية الرش وبالتالي فإن سعرها مرتفع، لذلك فالمزارع اللبناني يضطر إلى استخدام مبيدات رش سيئة النوعية ومهربة وممنوعة، كي يستطيع منافسة المنتج المستورد من دول تنتج بأسعار متدنيّة.

الدولة غائبة عن السمع

 

ويتابع الحويك في السياق عينه:

- نحن لا نريد المنافسة بهذه الطريقة، لذلك يجب وضع رسم على الباذنجان المستورد وغيره من المنتجات مهما كلف الأمر، ووضع مواصفات وشروط نوعية تسمح للمزارع اللبناني أن ينتج براحة ويقدم أفضل ما يمكن، ولكن حين تجبره الدولة أن يبيع بمبالغ زهيدة، فإنه حتماً سيستخدم المياه غير الصالحة للري بدل ضخ مياه من بئره، لأنّه مهما ميّز إنتاجه فسيباع كغيره من المنتجات في الأسواق بحيث يتساوى سعر المنتج المروي بمياه الصرف الصحي بسعر المنتج المروي بمياه مقطّرة، وبالتالي ينافس المنتج الخارجي المنتج اللبناني.

وأضاف الحويك:

- لا رقابة من الدولة، فالحدود مشرّعة، وهناك مناطق أمنية لا تدخلها، ومناطق محميّة سياسياً، وأشخاص مدعومون من زعماء. واليوم أثبتت الدولة فشلها في هذا الموضوع، فمثلاً هذا المشروع تم تقديمه منذ خمسة عشر عاماً على مستوى لبنان، لكن ما من مجيب، فالدولة لا تريد أن تفعل شيئاً.

ــ هل من اهداف مستقبلية للمشروع؟

- لا تقف أهداف مشروع <Lebanese and Safe> عند هذه الحدود، فهو مرشح أن يكبر ويضم أكبر قدر ممكن من المزارعين، وهو موجّه نحو المستهلك، ويضمن له استهلاك منتج لا ترسبات فيه أو مياه ملوّثة مستخدمة في غسله، وهذا الحد الأدنى الذي يمكن أن نقدمه حيث اتضح وبعد نتيجة الفحوصات بأن الوضع جد كارثي.