تفاصيل الخبر

الحريري يرفض تطعيم حكومة التكنوقراط بسياسيين وبعبدا و”التيار“ و”الثنائي الشيعي“ مع تأمين الغطاء!

07/11/2019
الحريري يرفض تطعيم حكومة التكنوقراط بسياسيين وبعبدا و”التيار“ و”الثنائي الشيعي“ مع تأمين الغطاء!

الحريري يرفض تطعيم حكومة التكنوقراط بسياسيين وبعبدا و”التيار“ و”الثنائي الشيعي“ مع تأمين الغطاء!

 

من الواضح، وفق مسار الأحداث خلال الأيام القليلة الماضية، ان الحكومة الثالثة في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لن تبصر النور في وقت قريب، وبالتالي فإن الأزمة الحكومية مفتوحة أسوة بالحراك الشعبي الذي بدأ في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وهو مستمر حتى إشعار آخر.

كل المعطيات تشير الى ان امكانية التفاهم على تشكيل حكومة جديدة خلال الأيام القليلة المقبلة، ليست واردة لأسباب عدة لعل أبرزها الآتي:

ــ أولاً: عدم وضوح مواقف الكتل النيابية في ما خص تسمية الرئيس المكلف وذلك نتيجة الغموض الذي لا يزال يكتنف شكل الحكومة العتيدة وسط اصرار الرئيس سعد الحريري على ان تكون حكومته ــ في حال تسميته للتأليف ــ من الوزراء التكنوقراط من دون وجود أي شخصية سياسية أو شاركت في حكومته المستقيلة. غير ان هذا الموقف لا يلقى تأييد <الثنائي الشيعي> و<التيار الوطني الحر> وحلفائهما الذين يشكلون أكثرية نيابية تصل الى 75 صوتاً. وينطلق الرئيس الحريري في موقفه من ان حكومة سياسية سيتكرر فيها تمثيل الكتل النيابية إياها وقد يكون من الصعب تفادي عودة عدد من الوزراء، ومنهم من اعترض عليه الحراك الشعبي الذي قاد <ثورة 17 تشرين> المستمرة وإن بوجوه مختلفة. ووراء هذا الإصرار الحريري رغبة غير معلنة رسمياً بعد في إبعاد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عن التركيبة الحكومية، ومعه يتم ابعاد وجوه أخرى مشكو منها مثل الوزراء علي حسن خليل ووائل أبو فاعور ومحمد شقير وجمال الجراح. كذلك ينطلق الرئيس الحريري من موقفه من ضرورة تقديم حكومة تضم وجوهاً يرتاح إليها <المنتفضون> في الساحات والطرق، وبعيدين عن السياسة وعرفوا بمهنيتهم وخبرتهم وكفاءاتهم. ويقول قريبون من الرئيس الحريري انه يلبي، من خلال تمسكه بالوزراء التكنوقراط، رغبة الكثيرين من أهل السياسة والمجتمع بالإفساح في المجال أمام جيل جديد من الوزراء بعد عجز الجيل القديم على القيام بما هو مطلوب منه خصوصاً في الحكومة الحالية التي لم تعد تحظ برضى الشارع اللبناني الذي تحرك ضدها. بمعنى آخر يرى الحريري ان الطاقم السياسي الحالي يحتاج الى تجديد، وهو راغب في أن يكون على رأس فريق المجددين. وعليه، فهو أبلغ الوزير باسيل عندما التقاه يوم الاثنين الماضي انه إذا لم تكن الحكومة العتيدة من التكنوقراط فهو يفضل أن يبقى خارج الحكم هو وكتلته النيابية!

 

باسيل: مع حكومة فيها سياسيون!

ــ ثانياً: إصرار رئيس <تكتل لبنان القوي> الوزير جبران باسيل على ان يكون في الحكومة وزراء ينتمون الى أحزاب سياسية ولو كان عددهم قليلاً، يضاف إليهم عدد من الوزراء التكنوقراط على أساس ان المرحلة الراهنة تحتاج حضوراً سياسياً في مجلس الوزراء الذي أصبح بعد الطائف السلطة التنفيذية التي تمارس الحكم، وبالتالي فإن الوزراء الأعضاء يفترض أن يمثلوا الكتل الأكثر شعبية وحضوراً في مجلس النواب وعلى الساحة السياسية. ويرفض الوزير باسيل تغييب الوزراء السياسيين عن التركيبة الحكومية وهو يميل الى حكومة تكنو ــ سياسية تجمع ما بين التغطية السياسية الضرورية للسلطة التنفيذية، والخبرة في ميدان العمل وفق توزيع الاختصاصيين على الوزارات لاسيما منها وزارات الخدمات التي تتطلب اختصاصيين. وقد أبلغ الوزير باسيل الرئيس الحريري هذا الموقف خلال لقائهما يوم الاثنين الماضي، لكن رد فعل الرئيس الحريري ــ كما تقول مصادر مطلعة ــ لم يكن <حماسياً> حيال هذه الفكرة لأنه يفضل حكومة التكنوقراط. إلا ان الحريري لم يحسم المسألة وتركها معلقة لمزيد من المشاورات. ووفق المصادر نفسها فإن الوزير باسيل اعتبر ان عدم تقديم الرئيس الحريري جواباً واضحاً حيال مسألة حكومة التكنو ــ سياسية يعني ان رئيس حكومة تصريف الأعمال لا يزال في مرحلة تقييم الموقف الحكومي ولم يحسم خياراته بعد، ما يفرض المزيد من المشاورات مع بقية الكتل النيابية ولاسيما منها الكتل الحليفة. ولا يرى باسيل ــ وفقاً للمصادر نفسها ــ ان القبول بحكومة من التكنوقراط وارد بالنسبة إليه والى الأحزاب التي يضمها تكتله، وكذلك بالنسبة الى الأحزاب الحليفة ولاسيما منها حزب الله وحركة <أمل>، إذ سبق لكل من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وللرئيس نبيه بري أن أعلنا صراحة رفضهما لحكومة من التكنوقراط، ومالا صوب حكومة التكنو ــ سياسية. واعتبرت المصادر ان الرسائل التي وجهها الوزير باسيل خلال الاحتفال الحاشد على طريق قصر بعبدا يوم الأحد الماضي لمناسبة الذكرى الثالثة لانتخاب رئيس الجمهورية، أبلغ دليل على موقفه من الحكومة العتيدة، شكلاً وأعضاء.

عون يتريث!

ــ ثالثاً: حرص الرئيس عون على معرفة شكل الحكومة العتيدة قبل تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة لادراكه بأن غياب الخلاف على التكليف الذي سيكون من نصيب الرئيس الحريري باعتباره الأكثر تمثيلاً في طائفته، لا يعني ان التأليف سيكون سهلاً. وثمة مخاوف لدى رئيس الجمهورية من أن يأخذ تشكيل الحكومة العتيدة وقتاً مماثلاً للوقت الذي أخذه تشكيل الحكومة الثانية في العهد والذي امتد تسعة أشهر! وفي هذا السياق تقول مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون إن الشروط التي تضعها الكتل النيابية لدى تشكيل الحكومات كانت دائماً سبباً في تأخير ولادتها، وإذا كان ما حصل في السابق يمكن أن يُبرر، إلا ان الظروف الراهنة في البلاد تتطلب اسراعاً في ولادة الحكومة العتيدة لتنصرف الى تنفيذ البرنامج الذي وضعه الرئيس عون في مكافحة الفساد واقرار القوانين التي تحقق الشفافية وتمنع التهريب والتهرب الضرائبي وغيرها من القوانين التي أشار إليها الرئيس في كلمتين وجههما الأولى كانت بعد أيام من انطلاق <الحراك الشعبي>، والثانية لمناسبة الذكرى الثالثة لانتخابه رئيساً للجمهورية، وفي تقدير المصادر المطلعة ان مخاوف الرئيس عون من التأخير في ولادة الحكومة، هي في محلها خصوصاً إذا ما قدم الرئيس المكلف الى رئيس الجمهورية تشكيلة حكومية غير مقبولة منه لعدم مراعاتها المعايير التي وضعها الرئيس لأعضاء الحكومة العتيدة، عندئذ سيعتبر رفض الرئيس توقيع مراسيم تشكيل الحكومة بمنزلة عرقلة يحمّلها <الحراك الشعبي> لرئيس الجمهورية فيصبح هو بالتالي هدف <المنتفضين> وتتعالى الصرخات المنادية برحيله! أكثرمن ذلك، يرى الرئيس ــ وفقاً للقريبين منه ــ ان المعاناة التي عاشها مع الرئيس الحريري خلال تشكيل حكومته المستقيلة حالياً، لا يريد أن تتكرر لأن الأوضاع الراهنة تختلف عما كانت عليه قبل عام. ولم يعد سراً ان الرئيس عون يميل الى حكومة تكنوقراط مطعّمة بسياسيين لتوفير التغطية السياسية اللازمة للوزراء التكنوقراط الذين لا خبرة لهم في ادارة الشأن السياسي الذي يحتاج إليه عمل الحكومة سواء في مجلس الوزراء أو من خلال تعاطيها مع مجلس النواب. والتجارب السابقة لحكومات التكنوقراط لا يراها الرئيس عون مشجعة، كذلك يرى ان الغطاء السياسي لأي حكومة لا يتوافر إلا من خلال مجموعة من الوزراء السياسيين الذين يمكن أن يكونوا من دون حقائب وزارية، فيكون وجودهم داخل مجلس الوزراء هو الغطاء المطلوب لأنهم سوف يمثلون كتلهم البرلمانية التي يمكن لأعضائها أن يؤمنوا <الرعاية السياسية> المطلوبة.

 

<الثنائي الشيعي> يرفض <العقوبة>!

 

ــ رابعاً: التشدد الذي ظهر من خلال مواقف <الثنائي الشيعي> ولاسيما حزب الله الذي يعتبر ان فكرة الوزراء التكنوقراط تهدف الى ابعاده عن الحكومة من خلال الترويج لمقولة الوزراء غير السياسيين أو الوزراء من غير النواب. لقد كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله واضحاً في كلمته الأخيرة حين شدد على أهمية تشكيل الحكومة من وزراء سياسيين لهم حضورهم في مجلس النواب وعلى الساحة السياسية لأنه راغب في المشاركة في الحكومة بفعالية وقوة إذ لا يمكن لـ<السيد> أن يقبل بـ<عزل> حزب الله عن السلطة التنفيذية وهو الحزب الذي يمثل مع حليفته حركة <أمل> ثلث المواطنين اللبنانيين، وبالتالي فإن أي <فيتو> يوضع على مشاركة الحزب، أو أي محاولة لإبعاده عن مجلس الوزراء من خلال حكومة لا تضم وزراء سياسيين، لا يمكن القبول به تحت أي ظرف لأنه يشكل خسارة سياسية قوية للحزب الأقوى ولتيار المقاومة التي حررت لبنان من العدو الاسرائيلي وبات لحضورها في منطقة الشرق الأوسط فعالية ويحسب لها الف حساب. كذلك فإن <السيد> يرى في إبعاد حزبه عن الحكومة <عقوبة> بحق الحزب وجمهوره الواسع،إضافة الى كونها <هدية> مجانية تقدم لاسرائيل والولايات المتحدة الأميركية التي تنزل العقوبة تلو الأخرى بحق مسؤولين في الحزب وأصدقاء ومؤيدين ومناصرين. ومثل هذه <العقوبة> يعتبرها <السيد> هزيمة سياسية تلحق بالحزب الذي لم يشهد أي هزيمة له سواء في قتاله ضد اسرائيل، أو ضد الارهاب في سوريا والعراق. وهذا الرأي يلتقي مع رأي الرئيس نبيه بري الذي يشدد على أهمية الحلف القائم بين حركة <أمل> وحزب الله.

في أي حال، صورة هذا المشهد السياسي لا تؤشر الى امكانية ولادة الحكومة في وقت قريب، سواء حصل التكليف هذا الأسبوع أو لم يحصل، في وقت يستمر فيه <الحراك الشعبي> في الساحات بعدما أزال الجيش، ولو متأخراً، الحواجز التي أقيمت على الطرق الرئيسية وعطّلت الحركة واستولدت ردود فعل سلبية كادت أن تتطور من خلال مواجهات بين قاطعي الطرق والمواطنين الذين، وإن أيدوا مطالب المعترضين، إلا أنهم لن يسلموا بشل الحركة في البلاد من خلال قطع الطرق والأوتوسترادات!