تفاصيل الخبر

الحريري ينتفض في وجه باسيل ومسـاع تمنـع انهيــار التسويــة!

20/06/2019
الحريري ينتفض في وجه باسيل  ومسـاع تمنـع انهيــار التسويــة!

الحريري ينتفض في وجه باسيل ومسـاع تمنـع انهيــار التسويــة!

 

أحدثت السجالات السياسية الأخيرة في الداخل، شرخاً كبيراً في العلاقات بين الأطراف السياسية، وزادت في الأجواء توتراً ظهرت إنعكاساته السلبية على الوضع الحكومي، وأيضاً على الشارع، وذلك بعدما ذهبت الإتهامات المتبادلة إلى أبعد مما هو مُفترض حيث لامست حدود المذهبية والطائفية، وكادت ان تضرب التسوية السياسية القائمة في البلد والتي يُمكن الجزم، انها حافظت حتى اليوم، على ما ينعم به لبنان من استقرار أمني، وذلك بغض النظر عن حادثة طرابلس، التي أشعلت فتيل التوترات بين الطبقة السياسية وتحديداً بين رئيس الحكومة سعد الحريري، وكل من رئيس الحزب <التقدمي الإشتراكي> وليد جنبلاط، ووزير الخارجية جبران باسيل.

 

الحريري والشعور بالاستهداف

ثمة أمور كبيرة يجري التداول بها في الأوساط السياسية والإجتماعية، تتمحور حول الاستهداف المتكرر الذي يتعرض له الحريري سواء ممن يُمكن وصفهم بالحلفاء كالزعيم السياسي وليد جنبلاط، أو ممن يُصنّفون بشركاء التسوية التي قام بها، كالوزير جبران باسيل، وبين الحلفاء والشركاء، بدأ الخناق السياسي يشتد حول رقبة الحريري وبدأت تلوح معه، علامات استفاهم بوجود نيات إما لتطيير الحريري من رئاسة الحكومة ثم الذهاب إلى الإنقلاب على اتفاق الطائف، أو بتحجيم دوره وممارسة كافة أشكال الضغط عليه، للقبول بفرض واقع سياسي جديد، من شأنه أن يُضعف الموقع السني الأول في البلاد (رئاسة الحكومة)، لمصلحة مواقع أخرى أبرزها الموقع الماروني الأول (رئاسة الجمهورية) الذي يطمح باسيل بالوصول اليه،

أو حتى لمصلحة مجلس الوزراء، لكن مُجتمعاً.

من الواضح أن ثمة علامات تعب أو ربما اهمال، ظهرت على <تيّار المستقبل> خلال الاسبوعين المنصرمين، وقد ظهر هذا الأمر بشكل واضح من خلال غياب التنسيق في ما يتعلق بعمليات الرد على الهجمات التي كان تلقاها، وهو الامر الذي انعكس بأشكاله السلبية، سواء على وزراء <الأزرق> او داخل كتلته النيابية. وقد دفع هذا الامتعاض داخل <المستقبل>، بأحد نوابه إلى التعبير عن موقع الضعف الذي وصلت اليه <الكتلة> واستغرابه من الصمت الذي ساد أوساط الحريري نفسه، خلال الأيام الاولى على الهجوم الذي تعرض له <تيار المستقبل> ورئيسه. ومما قاله النائب: <نحن على هذا الحال منذ أن بدأ العمل الحكومي، وربما من قبل هذا التاريخ. هناك حملات تجن وافتراءات تُخاض ضدنا، بينما نحن نُقابل كل هذا بصمت وأحياناً بابتسامات تُفرض علينا. كل هذا في سبيل تسوية نحن أكثر الجهات التي تحرص عليها، في وقت يُراوغ فيه البقية وتحديداً <الوطني الحر> ورئيسه جبران باسيل، ويُحاولون ضربها من خلال الإلتفاف عليها ووضع الجميع أمام ما يُريدون فرضه.

 

التسوية والحريري وجنبلاط

 

في قراءة سياسية لواقع العلاقة بين <بيت الوسط> و<المختارة>، يتبيّن حجم الخلاف القائم بينهما منذ فترة طويلة وامتداده حتى اليوم. جنبلاط سواء بشكل علني أو عبر تغريداته الموصوفة، دائم الترحم على العلاقة مع الحلفاء، وهو لطالما عبّر عن عدم رضاه تجاه سلوك الحريري السياسي وتحديداً الشق المتعلق بتحالفه مع الوزير باسيل، ولا هو يعترف بالتسوية التي أقامها الحريري مع رئيس الجمهورية، والتي اوصلت الرئيس ميشال عون الى كرسي الرئاسة الأولى، والحريري الى منصب رئاسة مجلس الوزراء. من هنا يؤكد عضو <اللقاء الديمقراطي> النائب هادي ابو الحسن أننا غير معنيين لا من قريب ولا من بعيد بأي تسوية سياسية تقوم في البلد، من خارج اتفاق الطائف، فالتسويات الثنائية أو الثلاثية، هي التي تقضي على مشروع الدولة. والأهم أنه ليس بهذه الطريقة تُدار البلد، فنحن بأمس الحاجة إلى الروح التوافقية والوحدة، بينما ما نراه اليوم، هو محاولات التفاف على الطائف وعلى إرادة اللبنانيين ووحدتهم.

في التحليل السياسي، ثمة أولوية يأخذ بها الحريري لجهة تحديد علاقاته السياسية راهناً وذلك بحسب ما تقتضيه مصالحه السياسية. الحريري يعلم جيداً ان علاقته بجنبلاط، لم تعد تُجدي نفعاً كبيراً له في ظل المتغيّرات السياسية التي فرضتها الظروف الإنتخابية والتي قسّمت الكتل النيابية، بين ما هو مهم، وما هو أهم. واليوم لم يعد جنبلاط بحسب قراءة الحريري، ذاك الرجل الذي كان يوصف بـ<بيضة القبّان>، فالأمور خرجت عن سيطرته بعد أن فرضت الأجندات السياسية بين <الثنائي الشيعي> من جهة، وفريق رئيس الجمهورية من جهة أخرى، نفسها بقوة على الساحة السياسية، وغيّبت من غيّبته بفعل تركيبات التحالفات البرلمانية وأيضاً الوزارية. والواقع السياسي يقول: إن ما يُمكن أن يجمعه <الثنائي الشيعي> مع حلفائهما

و<الوطني الحر>، يُمكن أن يفرض حالة سياسية مُعينة يُمكنها ان تُسيّر البلد بطريقة أو بأخرى، حتى من دون الإستعانة بتكتلات نيابية أخرى.

واستطرداً حول مصلحة الحريري، فالرجل يعتبر أن علاقته بباسيل وتمتينها على الرغم من الخلافات الحاصلة، أمر أساسي لا بد من تطويرها بالشكل الذي يتناسب أولاً مع موقعه السياسي، وثانياً وفقاً لمصالحه السياسية، خصوصاً وان قوة باسيل البرلمانية والوزارية، من شأنها أن تسند الحريري عند الشدائد. وبعيداً عن هذه الحسابات، قد لا يبقى أمام الحريري سوى أمرين، إما القبول بكل ما يحصل مع الاحتفاظ لنفسه بحق الرد ورفع السقف والخطاب السياسي عندما يجد لذلك ضرورة، وإما الإستقالة والعودة إلى صفوف حلفائه في قوى الرابع عشر من أذار، والعمل معهم على إستعادة هذا الحلف، الذي يبدو أنه من الصعب إعادة الحياة اليه، بعدما أفقدت المصالح السياسية والشخصية، رونقه وجعلته نسياً منسيّاً.

ولا بد في السياق، من العودة إلى تغريدة لجنبلاط كان توجه بها الاسبوع الماضي الى الحريري قائلاً: <صدقت دولة الرئيس وبالاذن منك وعلى سبيل التصحيح، وليد جنبلاط هو وليد جنبلاط، والمختارة باقية مهما جار عليها الزمن من الحلفاء قبل الاعداء>.

حوري: <الهوبرة> لا تفيد

 

مستشار رئيس الحكومة النائب السابق عمار حوري يرى أنه لا داعي للتذكير بالتسوية عند كل محطة، فهي أساس ولا يجوز اغفالها خصوصاً وان مضمونها واضح. والأصح أن هناك بعض الامور التي حصلت من غير المسموح تكرارها، والرئيس الحريري أشار الى هذه الأمور خلال مؤتمره الصحافي والذي وضع خلاله النقاط على الحروف من خلال مواقف سيكون لها ترجمة بشكل واضح، مشيراً إلى أن التخلي عن التسوية يأخذ البلاد والعهد الى المجهول. واعتبر أن بعض مواقف باسيل تأخذ العهد مباشرة الى المجهول والحريري سلّط الضوء على بعض هذه الممارسات.

وقال: مررنا بتجارب كثيرة شعر فيها أحد الافرقاء في الداخل أن لديه فائض قوة ولكن جميعها إنتهت الى إخفاقات وتراجع. وباسيل اليوم يخوض تجربة كانت حصلت في الماضي ونتائجها ستكون سيئة، معتبراً أن باسيل لديه مشكلة مع شريحة كبيرة من اللبنانيين وهناك تحسس من مواقفه. وصحيح أن هناك التفافاً حوله لكنه ضمن جزيرة معينة. واستغرب كلام باسيل الدائم عن الحقوق المُكتسبة، هذا مع العلم أنه لا يمتلك أجوبة حول هذه الحقوق. لكن يبدو أن الوزير باسيل لديه شعور بفائض قوة، لأن لديه 11 وزيراً بالحكومة لكنه نسي أن رئيس الحكومة هو الأساس ويمكن أن يقلب الطاولة،

و<طولة بال> الحريري لا يمكن أن تستمر الى ما لا نهاية، لذلك التشاطر و<الهوبرة> من وقت الى آخر مفيدان في حلقة ضيقة ولكنهما خسارة على المدى البعيد.

 

<القوّات> على حذر من التعيينات

وسط الضجيج السياسي وما يُخلفه من انقسامات حتّى بين أبناء الحلف الواحد، ثمة سؤال يطرح نفسه، له علاقة بحجم تمسك الحريري بالقوات اللبنانية إذا وصلت الأمور الى التعيينات المُنتظرة، وتحديداً تلك المتعلقة بالمجلس الدستوري وصولاً

إلى إدارات الدولة. وكما هو معلوم فإن الوزير باسيل يسعى إلى الاحتفاظ بمقاعد المسيحيين الخمسة داخل المجلس الدستوري (مارونيان وأورثوذكسيان وكاثوليكي) وهو سيطرح الأسماء المُرشحة على الطاولة قريباً. من جهتها تتخوف

<القوّات> من إنجرار الحريري وراء باسيل، فعندها سيضيع الحلف بينهما إلى اجل غير مُسمّى وربما حتى زوال هذه الحكومة.

مسؤول الاعلام والتواصل في حزب <القوات اللبنانية> شارل جبور يعتبر انه بخلاف ما يعتقد البعض، ان التعيينات مسألة جوهرية في النظام السياسي لأنه من خلالها يتم إيصال الشخص المناسب للمكان المناسب وبالتالي يمكن الاحتكام الى منطق المؤسسات ولا يجب التعاطي مع هذا الملف من خلال المنطق الكلاسيكي في التعاطي السياسي في لبنان وتحديداً التي كانت قد تفشّت خلال فترة الاحتلال السوري، على طريقة المحاصصة بين القوى السياسية. ويرى ان المطلوب من الموظف ان تكون مرجعيته القانون والدستور وليس الجهة السياسية التي اوصلته، فعندما تكون مرجعية الموظف هي المؤسسات نكون قد بدأنا الخطوة الاولى في المنظومة الاصلاحية، مشدداً على انه لا يمكن الكلام عن اصلاح حقيقي في وقت يتبع فيه الموظف الى المرجعية السياسية.

ويقول: نحن كقوات لبنانية نتمسك بآلية التعيينات، فعندها نكون في اطار التخلص من الاشكاليات التي تقع من خلال التنافس على نسبة كل فريق سياسي. كما نأمل ان يكون الوقت قد حان في هذا العهد لهكذا خطوة سبّاقة تغييرية فعلية بالذهاب نحوى تعيينات تشكّل انطلاقة جديده للمفهوم الذي يجب ان يسود في هذه المرحلة، وايضاً نكون اعطينا الثقه للمواطنين ان بهذه التعيينات ضمناً عدم هجرة الادمغة اللبنانية الى الخارج، وايضاً يستطيع الشعب ان يلمس ان لديه فرصة حقيقية في بلده متأتية من كفاءته وليس من استسلامه لهذا الفريق او ذلك. نحن نريد ان نحارب هذا المفهوم.

ويُشير إلى ان <القوات اللبنانية> ابلغت موقفها هذا الى الرئيس الحريري عبر الوزير السابق ملحم الرياشي، فنحن لن نتهاون في هذا الامر مع التأكيد بأن ثقتنا بالحريري كاملة، ويجمعنا به حلف استراتيجي. ونحن نأمل من العهد الحالي، الذهاب قدماً باتجاه تعيينات نحترم بها الناس ونستطيع ان ننقل من خلالها الإدارة الى مكان آخر. واعتبر انه اذا حصل هذا الامر في عهد الرئيس عون نكون قد حققنا انجازاً للمرة الاولى منذ اتفاق الطائف مثل ما حققنا في موضوع قانون الانتخابات، اما اذا لم يتحقق هذا الامر نكون كمن يضحك على اللبنانيين، ومكملين في دولة المزرعة وعلى لبنان السلام. وليعلم الجميع بأن الامور لم تعد تحتمل الترقيع والاستمرار في السياسة ذاتها.

 

<الثنائي الشيعي> في مواجهة باسيل

دائماً هناك حسابات ومصالح، بعضها شخصي وبعضها الآخر وطني، هي التي تتحكم بمفاصل الحياة السياسية، ليس في لبنان وحسب، بل في معظم الدول التي تقوم أنظمتها وفقاً للتحالفات التي تُنسجها. من هذا المنطلق، انشغل الرأي العام اللبناني منذ أيام وتحديداً مع الهجمة <الباسيلية> على الحريري، بكلام سياسي خرج عن مصادر لـ<الثنائي الشيعي> (حركة <أمل> وحزب الله) أكد رفضهما جعل الحريري <مكسر عصا لأي طرف وشماعة لتصفية الحسابات بين القوى السياسية، وان اي خلاف سياسي معه لا يعني ابداً بأننا نوافق على تقويض عمل الحكومة وتعطيلها او استهداف رئيسها نقطة انتهى>.

هذا الكُلام حُمل على أكثر من وجه، فثمة من رأى فيه دعماً للحريري وان الأخير ارتكز اليه في كلامه العالي النبرة الذي كان توجه به الى باسيل فور عودته من المملكة العربية السعودية، وهناك من اعتبر ان <الثنائي> في غير وارد اليوم، إحداث مزيد من الشرخ على الساحة الداخلية في ظل الهجمة الأميركية والإسرائيلية، بما يتعلق بترسيم الحدود البحرية والبرية. وقد علّلت المصادر نفسها هذا التصريح الناري، بأنه بمنزلة تحذير من أي محاولة لخربطة الوضع، من اي جهة كانت، وانه حتى ولو استدعى الأمر منهما خوض مواجهة سياسية راهناً مع هذا الفريق، فلن يتوانيا عن هذا الأمر خصوصاً وأن هناك انزعاجاً كاملاً منهما، من الطريقة التي تُدار بها الأمور السياسية في البلد، وخصوصاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي تؤكد مصادر مقربة منه لـ<الأفكار>، أنه يُعبر على الدوام، عن امتعاضه الكبير من تفرّد البعض بالقرارات المصيرية والتي من شأنها أن تُزعزع الأمن السياسي الداخلي. لذلك فسّر الكثيرون أن رفض <الثنائي الشيعي> جعل الحريري <مكسر عصا>، كان بمثابة غطاء شرعي للحريري، في مواجهة الحُرم <الباسيلي> على رئيس الحكومة.