تفاصيل الخبر

الحريري يكسر الجرة مع العهد.. وإحياء ”14 آذار“ رهن التطورات!

20/02/2020
الحريري يكسر الجرة مع العهد.. وإحياء ”14 آذار“ رهن التطورات!

الحريري يكسر الجرة مع العهد.. وإحياء ”14 آذار“ رهن التطورات!

 

بقلم علي الحسيني

 

قبل أن يعتلي الرئيس سعد الحريري منبر ذكرى استشهاد والده الخامسة عشرة استبقت المناسبة في التوقيت والتاريخ تحليلات وتكهنات من كل حدب وصوب صبت جميعها باتجاه واحد عبارة عن أمنيات بالعودة إلى زمن الاصطفافات السياسية والحزبية وذلك من بوابة استعادة الوصل الذي انقطع منذ سنوات بين ما كان يُسمى بفريق <14 آذار> سواء بنفس جديد أو بطروحات جديدة ولو بالحد الأدنى من التوافق بين مقومات هذا الفريق. لكن وسط هذه الأمنيات، يدل واقع الحال على مدى استحالة العودة إلى زمن الانقسامات، خصوصاً أن التطورات المستجدة في البلاد، لا تسمح بإعادة التمترسِ خلف شعارات مذهبية أو حزبية. وتحديداً بعد التسويات الكثيرة التي حصلت بين الأفرقاء السياسيين حتى ولو أسقطها الحريري من حساباته السياسية.

 

الحريري يكسر الجرة مع العهد!

كسر الرئيس سعد الحريري الجرة مع العهد بعد نسفه للتسوية التي كان أبرمها مع العماد ميشال عون قبل أن يُصبح كلاهما في موقع السلطة، واللافت أن نهاية الود السياسي وربما الشخصي بين الحريري والعهد، جاءت هذه المرة على مقام عال النبرة والحدة أطرب به الأول جمهوره ومحبيه ومناصريه من بوابة <تعاملت مع رئيسين وكان المطلوب مني دائماً أن أؤمن العلاقة مع رئيس الظل لأحمي الاستقرار مع الأصلي والتسوية أصبحت في ذمة التاريخ>. لكن طبقة القرار هذه، رد عليها النائب جبران باسيل بتغريدة على طبقة جواب جاء فيها: رحت بعيد بس رح ترجع، الفرق انو طريق الرجعة رح تكون اطول واصعب عليك. وبين الجرة والرجعة، ثمة من قرأ على ضفة المشهد السياسي خلال الاسبوع المنصرم، وجود نيات للعودة إلى زمن <14 آذار>، أو أقله التلاقي تحت سقف مطالب موحدة تجمع بين خصوم السلطة السياسيين، ولو بأضعف الإيمان.

مجمل القول في العلاقة بين الحريري والعهد وتحديداً مع شخص جبران باسيل، إن الحريري صب كل غضبه على حليف كان حتى الامس أبرز وزراء التشكيلة الحكومية التي جمعت بينهما، وذلك من خلال تحميله المسؤولية الكاملة عما وصلت اليه الأوضاع في لبنان وخصوصاً في الشق المتعلق بقطاع الكهرباء، تماماً كما هاجم الذين يحملون والده مسؤولية الدين العام الذي يتكبده لبنان، قائلاً: إن رأس رفيق الحريري مطلوب مرةً ثانية وهناك منظومة سياسية بدأت تتكلم عن حقبة غير حريرية، إضافةً إلى تحميله مسؤولية صفقة القرن وفزاعة التوطين، داعياً إلى التوقف عن التهويل بها كونها <كذبة>، لأن <التوطين غير وارد عندنا ونقطة على السطر>.

 

العودة إلى <14 آذار>.. حلم أم واقع؟

جرعة دعم سياسية ومعنوية وصلت الى الحريري خلال الاحتفال كانت كفيلة لرسم بسمة على وجهه ودفعه نحو الترجل في بعض المواقف وإن غاب عنها كل من ايران وحزب الله إلا بما سمح فيه هو، وهو قليل نسبة أو مقارنة مع حجم الهجوم على باسيل. شخصيات سياسية ودبلوماسية حضرت الاحتفال فتحت باب التساؤل على مصرعيه حول عودة فريق الرابع عشر من آذار خصوصاً مع حضور سفيرة الولايات المتحدة <إليزابيت ريتشارد> والسفير السعودي وليد البخاري ورئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط (نجل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط)، فيما ترأس وفد حزب القوات اللبنانية، الوزيرة السابقة مي شدياق، بعدما اعتذرت النائب ستريدا جعجع في اللحظات الأخيرة عن عدم الحضور لأسباب صحية، من هنا قُرأ العنوان بأن الحريري بدا وكأنه عائد إلى مربع فريق <14 آذار>.

مصادر <المستقبل> شددت على أن هذه الفكرة موجودة لدى خصوم ما كان يُسمى بـ<14 آذار> أكثر مما هي موجودة عند هذا الفريق. وتقول: يبدو أن البعض يشتهي العودة إلى زمن الخلافات والتناقضات السياسية والمذهبية حتى يُشرعن سلاحه وهمجيته، وكي يُبرر اخفاقاته السياسية وربما تحركاته في الشارع لاحقاً على غرار أيار (مايو) 2008، كاشفة، أن نقل احتفال ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري من <البيال>

الى <بيت الوسط>، يعود الى أمور لوجستية وأخرى أمنية تتعلق بأمن الرئيس الحريري.

وتضيف: رسائل حزب الله التي كان أرسلها باتجاهاتٍ عدة سواء في الجبل من خلال توترات ميدانية كانت حصلت على الأرضِ وسقط خلالها قتلى وجرحى وحتى استباحة العاصمة ومناطق مسيحية من على يد شبان معروفي الهوية والانتماء استباحوا الطرقات وقاموا بتحطيم المحالِ والمصارفِ، وقاموا بقطع الطرقات مما أدى إلى شل حركة البلد بشكل كامل، لا يجب أن نُقابلها بحركة سياسية محصورة بفئة أو بحزب أو اثنين، بل يجب ان تُواجه من الشعب اللبناني كله، لان الاتكال على فريق محدد للنهوض بالبلد هو قمة الغباء السياسي لأننا جميعنا نعلم أن القيامة لا تكون إلا بإرادة اللبنانيين جميعاً.

 

<القوات>.. 14 آذار كانت ردة فعل على 8 آذار!

أما على خط <القوات اللبنانية>، فتؤكد مصادر الحزب، أن فكرة إحياء الحلف السابق غير مطروحة لا عندنا ولا من جانب <المستقبل> أو <الاشتراكي>، وهنا علينا أن نتذكر أن فعل <14 آذار> كان رد فعل على <8 آذار>، وبالتالي، لم تولد إلا لوجود تحد أساسي من فريق آخر. كما أن الأزمة الموجودة اليوم في البلد هي معيشية اقتصادية اجتماعية بوجهها الأساسي ومن غير المطلوب إعادة اختصار الناس، علماً أن الهدفَ الاساسي للفريق الآخر هو إعادة انتاج <14 آذار> لأنها تعوَدت على هذا الصراع وكونها تعتبر، أنها من خلال هذا الأمر يُمكنها ضرب حيثية وحيوية الطوائف الأخرى. لذلك لا نيات موجودة في هذا السياق لأنها تُريح الفريق الآخر أي <8 آذار>.

وتضيف مصادر <القوات>: اليوم يواجه فريق <8 آذار> حركة 17 تشرين وقدرة الناس وهؤلاء كانوا على الحيادِ خلال الاصطفافاتِ السابقة لكنهم اكتشفوا اليوم أن <8 آذار> هو الفريق الذي يُعيق حركة حياتهم ويُحاربهم في لقمة عيشهم واكتشفوا فسادهم ومدى تدخلهم في الحياة العامة، موضحة، أن الوقتَ الراهن لا يستدعي قيام حركة سياسية مثل <14 آذار>، لكن عندما تستدعي الأمور فلكل حادث حديث مع العلم، أن الظروف المحلية هي التي تستدعي عادة قيام أو ولادة جبهات أو تكتلات سياسية.

 

<الثلاثي> المعني.. والأوراق المختلطة!

 

من جهة حزب الله، فقد رفضت مصادر مقربة منه الدخول في هذه السجالات ولا حتى التطرق الى الوضع القائم في البلد وتحديداً الشق المتعلق بالحكومة واكتفت هذه المصادر بالقول، <لننظر الى ما سيحصل لاحقاً ولنراقب الوضع في المنطقة>.

أما مصادر مقربة من <المختارة>، فقد أكدت، أن فكرة إعادة إحياءِ <14 آذار> بالنسبة إلى جنبلاط هي غير واردة على الإطلاق، حيث أن الهم الأساسي اليوم هو الوضع المعيشي للناس وتأمين لقمة عيشهم وتخفيف الأعباء عنهم، بالإضافة إلى وحدة الجبل وإبعاد الطائفة الدرزية عن ما يُخطط لها من جانبِ النظام السوري. وتضيف: لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد أي استقرار مع حزب الله حليف النظام السوري. وأوضحت، أن لا وجود لهذا الطرح من أي فريق على الإطلاق خصوصاً أن لا ثقة على الإطلاق بالأميركي الذي أصبحَ شعاره الأبرز هو التخلي عن الحلفاء وهذا يظهر بوضوح من خلال ما حصل في لبنان بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وأيضاً ما حصل في سوريا مع الأكراد.

وعن التحالف مع <التيار الأزرق> توضح مصادر المختارة أن هناك اتفاقاً على التنسيق والتعاون على الأرض وفي المناطق المشتركة بين الجهتين على أن تحدد الوتيرة السياسية للأحداث، الصورة التي ستكون عليها طبيعة هذه العلاقة أو ترجمتها عملياً، أي كيفية مقاربة المرحلة المقبلة بعدما بات الحزبان في موقع المعارضة، لافتة إلى أن هذا الأمر لا يعني الذهاب نحو تشكيل جبهة أو إعادة إحياء فريق 14 آذار لاختلاف الظروف بين الأمس واليوم، أقله بالنسبة لـ<الاشتراكي> ولوليد بيك

جنبلاط.

ولا بد من التذكير أيضاً، أنه ومع بلوغ المعارك السياسية التي كانت فُتحت في وجه جنبلاط منذ عام تقريباً والتي بلغت ذروتها من خلال محاولات لتهميشه سياسياً ومذهبياً من خلال نقل الفوضى الى الجبل، كان لافتاً أن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أبقى مسافة الصداقة والزمالة قريبة بينه وبين جنبلاط في كافة المراحل، نبه منذ فترة وجيزة من الإقدام على أي خطوة من شأنها الإيحاء بالعودة إلى هذه الجبهة، وذلك لأسباب عديدة أبرزها أنها ستخرجه من موقع <الصداقة> مع جنبلاط إلى موقع المواجهة، على اعتبار أن إحياء <14 آذار> ستحيي حتماً قوى 8 آذار، وهذا الامر سوف يستدعي بكل تأكيد وجود حزب الله وبقية الحلفاء في الجهة الثانية، وهنا لن يكون موقف بري حيادياً على الإطلاق.

هذه أولويات الحريري!

 

وفق مصادر سياسية مُحايدة لكنها متابعة لحركة <تيار المستقبل>، فإن الحريري يتجه في المرحلة المقبلة الى طي صفحة حلفه مع <التيار الوطني الحر> وقد بدأ فعلاً بهذا الأمر خلال خطابه بمناسبة استشهاد والده، وهو سيقوم بالتفرغ لوضع تياره السياسي في الشارع السني، نافية نيته بخلق تحالفات جديدة مع أي من مكونات فريق الثامن من آذار، على رغم الحديث عن بدء فتح مسارب التواصل مع هذه القوى. ورأت المصادر أنه لا توجد رغبة لدى الحريري حالياً، بتسريع تمتين علاقته مع أي من الاطراف السياسية كونه لا يزال بانتظار كلمة السر من المملكة العربية السعودية في هذا الشأن، وفي حال أتت فإنه سيصبح جاهزاً لهذا الحلف ليعيد بالتوازي علاقته مع المملكة الى سابق عهدها.

وأكدت المصادر أنه من غير الوارد في هذه المرحلة عقد اي تفاهمات مع بعض الافرقاء من فريق 8 آذار، إذ إن الحريري منشغل اليوم ببلورة مواقفه السياسية بهدف استعادة علاقته الوطيدة مع دول الخليج والولايات المتحدة الاميركية، الأمر الذي سيشكل عثرة أمام تحالفاته مع رئيس <تيار المردة> سليمان فرنجية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث سيجد نفسه ربما مضطراً لمواجهة حزب الله وسوريا وإعلان رفضه عودة النازحين وغيرها من العناوين العريضة التي من شأنها أن تعيد تموضعه من جديد في فريق 14 آذار. ورجحت أن يسير الحريري باتجاه <رفع العتب> بينه وبين جنبلاط، واستعادة التقارب جزئياً مع <القوات اللبنانية> في المرحلة المقبلة، مشيرة الى أن اعادة تفعيل فريق الرابع عشر من آذار ورص الصفوف من جديد هو أمر محتمل قد يحدث على المدى المتوسط.