تفاصيل الخبر

الـحـريـــــري يـحـشـــد الـدعـــــم الـدولـــــي لانـتـخـــــاب رئـيــــس للـبـــــــنـان يــــــوم 31 أكـتـوبــــــــر الـجـــــــاري  

06/10/2016
الـحـريـــــري يـحـشـــد الـدعـــــم الـدولـــــي لانـتـخـــــاب  رئـيــــس للـبـــــــنـان يــــــوم 31 أكـتـوبــــــــر الـجـــــــاري   

الـحـريـــــري يـحـشـــد الـدعـــــم الـدولـــــي لانـتـخـــــاب رئـيــــس للـبـــــــنـان يــــــوم 31 أكـتـوبــــــــر الـجـــــــاري  

بقلم وليد عوض

حريري-و-عون----1

اضبطوا أوراق روزنامتكم على يوم الاثنين 31 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري. فهو اليوم الذي حدده رئيس مجلس النواب نبيه بري ليكون موعد الجلسة البرلمانية رقم 46 المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية. فإما يكون لنا فيها سيد لقصر بعبدا، وإما تكون هناك جلسة رقم 47، أو أن الرقم 46 سيكون فأل خير ويأتي لنا برئيس جمهورية.

وإذا نظرنا الى الحركة المكوكية التي تولاها على مدى أسبوع رئيس الوزراء السابق وزعيم تيار <المستقبل> سعد الحريري، وتنقل بها بين المرشح الرئاسي سليمان فرنجية، ورئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، والرئيس نبيه بري، وصولاً الى العماد ميشال عون، جوهر المشكلة الرئاسية، حيث استغرق الاجتماع بين الرجلين ساعتين ونصف الساعة، فليس معقولاً أن يطول الحديث بين زعيم التيار الأزرق وزعيم التيار البرتقالي كل هذه المدة للسؤال عن الصحة وأحوال الطقس، بل لا بد أن يكون الرجلان قد دخلا في صميم المشكلة، وهي انعطاف الرئيس الحريري صوب العماد عون كمرشح رئاسي تفرضه الظروف، يقابله سور سياسي منيع حول وصول زعيم التيار البرتقالي الى قصر بعبدا، وحرس هذا السور، كما تكشف الوقائع هم الرئيس نبيه بري، والزعيم وليد جنبلاط والمرشح الرئاسي سليمان فرنجية.

وقد بقي الرئيس الحريري خارج هذا السور، وكان همه أن يستكشف مخطط العماد عون إذا تسلم وشاح الرئاسة، عبر الأسئلة الآتية:

ــ هل هو مستمر في معارضة اتفاق الطائف بعدما فتح عليه ناراً حامية عام 1988، ووصل لهيب هذه النار الى بكركي حيث عومل البطريرك نصر الله صفير أسوأ معاملة ولم يملك إلا التوجه الى المقر الصيفي في الديمان، على أبواب فصل الشتاء؟

ــ هل هو مع طاولة الحوار العاطلة عن العمل الآن، أم يرى صيغة أخرى بديلة؟

 ــ هل هو مع خيار الفيدرالية، أم متمسك بوحدة الوطن؟

ــ هل هو مع إضافة صلاحيات دستورية رئاسية جديدة الى الصلاحيات المنصوص عنها في اتفاق الطائف، والخاضعة للتعديل في مؤتمر العاصمة القطرية الدوحة عام 2008؟

ــ هل هو مع الوزير الملك الذي أطاح بحكومة الحريري عام 2009؟

ــ أين هو في الصراع الدائر بين السعودية وإيران؟

ــ أين هو من النظام السوري وبقاء أو رحيل الرئيس بشار الأسد، والنظام الفيدرالي المزعوم؟ وكيف يرى أن تحل مشكلة النازحين السوريين؟

ــ هل يخاف على لبنان من الأحداث الدامية الآخذة في التفاقم على الأرض السورية؟

ــ ما رأيه أخيراً في السلة السياسية المتكاملة التي يعرضها الرئيس بري؟

ــ ماذا يقول في قانون الانتخاب المطلوب؟ وهل هو مع أو ضد قانون الستين؟

ــ ما المدى الذي يمكن أن يصل إليه العماد عون في النزول الى الشارع؟

قد تكون كل هذه الأسئلة الافتراضية تحتاج الى جواب من العماد عون وهو الأقرب بين المرشحين الرئاسيين الى قصر بعبدا. وهي أسئلة تحتاج الى جواب من أي مرشح رئاسي يأخذ الله بيده ويعطيه مفتاح قصر الرئاسة.

كاغ-عند-بري--------2

مرحلة ما بعد الرئاسة!

ولا بد في حوار المئة والخمسين دقيقة أن يكون الرئيس الحريري والعماد عون قد فتحا سيرة النفوذ الروسي في سوريا، خصوصاً وأن زعيم التيار الأزرق قد سافر يوم الثلاثاء الى موسكو، والتقى وزير الخارجية الروسي <سيرغي لافروف> وتحدث معه في الشأنين اللبناني والسوري واستقرأ رأيه  في معركة الشغور اللبناني.

كل هذه الأسئلة الافتراضية أخذت مداها في لقاء الرئيسين تمام سلام وسعد الحريري، لأن من حق رئيس الحكومة أن يكون مطلعاً على كل المباحثات والمشاورات التي أجراها الرئيس الحريري ليعرف أي خريطة طريق تنتظره. والمفاجأة التي صدمت رئيس الوزراء حملة البطريرك الراعي على سلة الرئيس بري ووصفها بأنها أشبه بأصفاد في يدي رئيس الجمهورية الآتي.

ولعل أهم موقف سجله سعد الحريري أنه أخرج تيار <المستقبل> من دائرة الاتهام بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية وهي تهمة جاءت إليه من نواب حزب الله، فرد التهمة الى حزب الولي الفقيه الذي يواجه تعطيل انتخابات الرئاسة، عن طريق فرط النصاب البرلماني المطلوب لانتخاب رئيس الجمهورية.

ومن موسكو يتوجه الرئيس الحريري الى أنقرة للقاء الرئيس <رجب طيب أردوغان>، ثم يزور المملكة السعودية التي يحمل جنسيتها بالإضافة الى الجنسية اللبنانية، ويضع قادتها في جو المباحثات التي أجراها، سواء أخذ منهم الجواب الذي يروي الغليل، أم يكون الصمت هو الموقف.

ويدرك الرئيس الحريري ان الروح الديموقراطية التي نشرها في صفوف أهل التيار الأزرق، تملي عليه أن يستمع الى آراء بعض نواب هذا التيار في مسألة الجنوح الى انتخاب العماد رئيساً للبلاد، حيث لا يرون انه الرجل المطلوب، وان سليمان فرنجية يبقى الأكثر ضمانة، أو فليكن هناك توجه الى مرشح ثالث.

ولادة.. قيصرية!

ويحتاج الرئيس الحريري في حركة استشاراته الى مساندة ديبلوماسية ذات ثقل وحضور عند طرفي النزاع في الشرق الأوسط المملكة العربية السعودية وإيران. وكما للخزنة المصرفية مفتاحان كل واحد منهما في يد مسؤول، كذلك فلخزنة الانتخابات الرئاسية في لبنان مفتاحان هما الرياض وطهران، ومن أجل ذلك قررت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان <سيغريد كاغ> التوجه الى هاتين العاصمتين بدءاً من طهران، لفتح الصندوق الرئاسي المقفل في لبنان.

ومن الآن يمكن القول ان مهمة <سيغريد كاغ> تشبه الرسم على الماء، لأن كلاً من إيران والسعودية لا ترى ان الوقت قد حان للالتفات من مشاكلها الداخلية الى مشكلة الرئاسة في لبنان. فإيران على أبواب انتخابات رئاسية، وعلى انشغال بالتعويضات المترتبة من الولايات المتحدة على الاتفاق النووي الموقع بين طهران عبر وزير الخارجية الإيراني <محمد جواد ظريف> ووزير الخارجية الأميركي <جون كيري> في فيينا. والسعودية منشغلة على مستوى كل أجهزتها الادارية والديبلوماسية بمواجهة رفض الكونغرس الأميركي لقرار <الفيتو> الذي أصدره الرئيس <باراك أوباما> ضد ما جرى التعارف عليه باسم قانون العدالة ضد الدول الراعية للارهاب أو قانون <جاستا>، وهو القانون المتعلق بالحقوق القانونية لعائلات ضحايا أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، وزج فيها باسم السعودية طمعاً بالتعويضات المالية.

وقد ارتد السحر على الساحر في رفض <الفيتو> الموقع عليه من الرئيس <أوباما>، لأن الحزب الجمهوري نفسه بعدما اشترع بأكثرية أعضائه في الكونغرس هذا القانون، عاد فضرب الأخماس بالأسداس واكتشف ان <جاستا> قد ينسف العلاقات الأميركية ــ الخليجية وتكبيد الولايات المتحدة خسائر مالية في زمن يغلب فيه التعثر الاقتصادي، إضافة الى ما قد يواجهه سفراء الولايات المتحدة في الخارج من مخاطر.

هذا عدا انشغال السعودية في حرب اليمن، وكل ما هو خارج عن هذا الإطار لا يحظى بالاهتمام المطلوب. وبهذا الاستنتاج عاد وزير الصحة وائل أبو فاعور من السعودية كموفد من الزعيم وليد جنبلاط، واعتبر ان الباب مقفل في السعودية أمام الملف اللبناني حتى إشعار آخر.

لافروف-و-سعد-الحريري-----3 

سلة <سيغريد> الفارغة!

إذن.. ستعود <سيغريد كاغ> من طهران والرياض بخفي حنين، وإن كانت قد جمعت العناصر الكاملة للتقرير الذي سترفعه الى الأمين العام للأمم المتحدة <بان كي مون>، وتقول: <إنها ولادة قيصرية>!

والسؤال الآن: ما هو مطلب الرئيس الحريري من موسكو وأنقرة اللتين زارهما تباعاً؟ وهنا لا بد من وقفة عند زيارة الرئيس الحريري لموسكو ولقائه وزير الخارجية <سيرغي لافروف>، بعدما كان المطلوب لقاءه بالرئيس <فلاديمير بوتين>

لقد كان واضحاً ان الرئيس الروسي لم يكن عنده ما يقدمه في موضوع الشغور الرئاسي اللبناني وعلاقة سوريا بالموضوع، وان سفير روسيا في بيروت <الكسندر زاسبكين> قد شرح الموقف كاملاً في تقاريره الى وزير الخارجية <لافروف>، والاجتماع بالوزير الروسي يكفي ويزيد. ومما شرحه الوزير <لافروف> للرئيس الحريري ان موسكو لا تناصر مرشحاً رئاسياً على مرشح آخر، وغير مستعدة كذلك للضغط على إيران أو سوريا من أجل الاستحقاق الرئاسي، ولكنها تشد على أيدي اللبنانيين في مناشدتهم للاستقرار وترى أن الحل الرئاسي في لبنان موصول بالحل السياسسي في سوريا.

لقد أراد الرئيس الحريري أن يحصل من وزير الخارجية الروسي على الجواب الشافي بشأن سوريا، وبشأن تورط حزب الله، أحد مكونات الدولة اللبنانية في هذا المنزلق السوري، وما هي المساعدة السياسية التي يستطيع الاتحاد الروسي أن يقدمها في هذا المجال لتفكيك حلقات السلة التي تقيد كرسي الرئاسة، كما قال البطريرك بشارة الراعي، ورد عليه الرئيس بري قائلاً لسيد بكركي: <إنك تخفي ما أعلنت، وأنا أعلن ما أخفي. وأنت اخترت سلة أشخاص وأنا اخترت سلة أفكار>.

والتعاطي مع حكومة <بوتين> ليس لأنه أحد الجبارين اللذين يمسكان بمصير العالم، بل بصفته الجار الجغرافي الجديد بعد دخوله المعمعة السورية، والجار قبل الدار.

وفي أنقرة لن يلتقي الحريري الرئيس <رجب طيب أردوغان>، بل سيجتمع بوزير الخارجية <مولود أوغلو> بصفته المسؤول المباشر عن الملف السوري، وارتباط لبنان بهذا الملف، وإذا توصل الحريري الى تعاون روسي ــ تركي في إبعاد اللهيب السوري عن لبنان، فإنه يكون قد توصل الى حماية دولية للاتصالات التي أجراها، خصوصاً وأنه بعد ذلك سيتوجه الى السعودية لعرض ما انتهى إليه من حصاد في معركة الشغور الرئاسي، وما يستطيعه الحريري في السعودية لا تملكه <سيغريد كاغ>، ولاسيما في موضوع المرشح الرئاسي ميشال عون.

ويبقى يوم الاثنين 31 تشرين الأول (أكتوبر) المخصص للدورة السادسة والأربعين لانتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية في مجلس النواب. ولهذه الجلسة أعد الرئيس الحريري كل ما يستطيع لجعلها اليوم التاريخي لانتخاب رئيس جديد للبـنان، ســواء أكان فـارس هــذا اليـوم هـــــــو العماد ميشال عون، أو مرشح ثالث يستقطب الستــــة والستين صوتـاً المطلوبـة لاطـلاق الأسهــــم الناريـــــة إيذاناً بانتخاب الرئيس..