تفاصيل الخبر

الحريري وفن تطويع العاصفة!

18/03/2016
الحريري وفن تطويع العاصفة!

الحريري وفن تطويع العاصفة!

 

بقلم وليد عوض

الحريري

   سعد الدين الحريري أكثر من رئيس وزراء سابق، وزعيم تيار <المستقبل>، وركن أساسي في تحالف 14 آذار الذي أخرج الجيش السوري من لبنان. إنه ساحر سياسة، باعتراف القاصي والداني. فقد استطاع من خلال عودته الى لبنان بعد طول غياب أن ينفخ الروح في الحالة السياسية اللبنانية، ويحرّك المياه الراكدة، ويطل على أطراف البلاد جبلاً وساحلاً وجنوباً وبقاعاً وصولاً الى سعدنايل وزحلة التي اختار أن يتحالف فيها مع كتلة زحلة المستقلة برئاسة ميريام طوق سكاف التي تسمى في عروس البقاع وجارة الوادي الآن: أخت الرجال.

   وسعد الدين الحريري (46 سنة) خطط منذ البداية لزعامته على مستوى كل الوطن، متحالفاً مع الأقوياء مثل الرئيس نبيه بري والزعيم وليد جنبلاط ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، ولكنه في القرارات المصيرية أو الاستراتيجية ينفرد بالموقف مثل ترشيحه لزعيم تيار <المردة> سليمان فرنجية. وكان يدرك منذ البداية ان حليفه ومرشح 14 آذار الدكتور سمير جعجع لن يحصل على الأصوات الستة والثمانين التي لا بد منها لتوليد رئيس جديد لقصر بعبدا، فلم يكن أمامه سوى أن يبحث عن فارس آخر للميدان الرئاسي، ووجده في سليمان فرنجية الذي هو حكيم بالممارسة، وليس باللقب مثل سمير جعجع.

   وفي هذا الباب، واستيعاباً لأشواق الوطن، مستعد لأن يسامح، ولكن ليس مستعداً لأن ينسى. فهو مثلاً لا ينسى اللحظة التي كان عليه فيها أن يدخل البيت الأبيض ويقابل الرئيس <باراك أوباما>. فقد جاء على الموعد كرئيس للوزراء، وفي لحظات تحوّل الى رئيس وزراء سابق لا يملك ناصية الحوار والموقف مع رئيس أكبر دولة في العالم. فقد استقال الوزير عدنان السيد حسين رئيس الجامعة اللبنانية الحالي، وقيل انها استقالة بضغط من محور حزب الله، فكان ذلك نكسة لرئيس الوزراء الآتي بكل عنفوان الى البيت الأبيض.

   مع ذلك انتقل من الخطة <1> الى الخطة <2>، فكان المؤثر في السلطة وهو خارج السلطة. وأعلن أن لبنان سيكون له رئيس في نيسان (ابريل) المقبل. كما انه وضع حداً لمتاهات قضية النفايات حين أعلن نهايـــــــــــــــــــــــــــــــة لها خلال أيام. وبالفعل تحقق الوعد وتمكن مجلس الوزراء برئاسة تمام سلام، وعقب جلسة ماراتونية من الوصول الى نهايــــــــــــــــــــــــــــــــة مقبولة للنفايات والمطامر والمعامل، ولم ينقلب السحر على الساحر، بل استطاع الساحر أن يحدث تغييراً في الحالة السياسية، وتحويل اليأس الى رجاء والاحبــــــــــــــــــــــــــاط الى... تفاؤل، وجاءت زيارته لقائد الجيش العماد جان قهوجي يوم الاثنين الماضي استكمالاً لدعم المؤسسات وأولها المؤسسة العسكرية.

   وفي هذه النقلة النوعية لم يخسر سعد الحريري صداقة حليفه سمير جعجع، بل خسر من أراد أن يكون حليفه في معركة الرئاسة بعد اجتماع روما، أي العماد ميشال عون. فقد منى العماد عون نفسه بالحصول على تأييد الرئيس الحريري، ولكن تحالفه بلا حدود مع حزب الله أضاع عليه الفرصة.

   ومن خرم الابرة استطاع سعد الحريري أن يتفهم التعامل السعودي والخليجي مع حزب الله كمنظمة ارهابية، وان لا يقع لبنان فريسة الفوضى أو الفتنة، إذا لم يحسن انتقاء الموقف المناسب مع حزب الله، ضمن الحرص الشديد على أفضل الروابط السياسية والقومية والاقتصادية مع المملكة السعودية وحلفائها الخليجيين.

   موقف من الحرج بمكان..

   وهنا تكمن شطارة سعد الحريري.