تفاصيل الخبر

الحريري مدّد ”تحركه الهادئ“ داخلياً وخارجياً لتحصين خياره وعون اعتمد سياسة منفتحة لإزالة العوائق وملاقاة الخصوم!

14/10/2016
الحريري مدّد ”تحركه الهادئ“ داخلياً وخارجياً لتحصين خياره  وعون اعتمد سياسة منفتحة لإزالة العوائق وملاقاة الخصوم!

الحريري مدّد ”تحركه الهادئ“ داخلياً وخارجياً لتحصين خياره وعون اعتمد سياسة منفتحة لإزالة العوائق وملاقاة الخصوم!

 

u,k------3 مع بدء العقد الثاني العادي لمجلس النواب، يوم الثلاثاء المقبل في 18 تشرين الأول (أكتوبر)، يبدأ أيضاً العد التنازلي للجلسة الانتخابية الرئاسية في 31 من الشهر الجاري والتي يُفترض أن تحسم فيها القيادات اللبنانية خيارها الرئاسي، فإما اتفاق على انتخاب رئيس <تكتل التغيير والاصلاح> العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية ولو بالأكثرية المطلقة (65 صوتاً وما فوق)، وإما تأجيل مفتوح للاستحقاق الرئاسي ما يُبقي الشغور في قصر بعبدا أشهراً إضافية. وعليه فإن الأسابيع القليلة المتبقية من الشهر الجاري، تعتبر في حساب الأوساط السياسية فترة استثنائية بكل المعايير ليس لأنها حاسمة على صعيد الملف الرئاسي فحسب، بل كذلك على صعيد الاستحقاقات الأخرى المرتبطة بتفعيل العمل التشريعي في مجلس النواب، وإبقاء الحكومة السلامية حيّة ترزق.

وسط هذه المعطيات بدا لافتاً مناخ التهدئة السياسية الذي <هبط> على مجمل الوضع السياسي فكان من <تجلياته> عودة مجلس الوزراء الى عقد جلسات <منتجة> من دون مقاطعة ولا تعطيل، واستمرار <التحرك الهادئ> للرئيس سعد الحريري داخل لبنان وخارجه من دون أن يعلن بعد قراره منتظراً المزيد من المشاورات لتذليل العقبات، وزوال <الغيوم> التي برزت في العلاقة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وتبدّل ملحوظ في لهجة العماد عون الذي كثّف في اطلالة اعلامية، اطلاق رسائل التهدئة والاستيعاب الى خصومه السياسيين، فضلاً عن طمأنة <الحليف المرتقب> الرئيس الحريري وقاعدته. إلا ان <حبس الأنفاس> الذي يفترض أن يستمر الى أن يقول الرئيس الحريري كلمته بوضوح وصراحة في شأن تأييد العماد عون أو عدم تأييده، يتصل أيضاً بما يمكن أن تكون عليه ردود فعل الأطراف السياسيين الآخرين الذين ينتظرون الرئيس الحريري <على الكوع>، بعضهم للسير معه في خياره، والبعض الآخر للافتراق عنه وسلوك طريق أخرى.

 

الحريري يتأنى لتحصين خياره

 

وبقدر ما تتحدث مصادر متابعة عن أن الملف الرئاسي سوف يطوى في نهاية الشهر الجاري من خلال انتخاب العماد عون رئيساً، هناك وبالقدر نفسه من لا يرى ان نهاية الشهر يمكن أن تكون نهاية لمسار الاستحقاق الرئاسي، لأن المعطيات المتوافرة لدى هذا الفريق ترجح بقاء الشغور الرئاسي الى ما بعد نهاية الشهر الجاري لأن <الطبخة الرئاسية> لم تنضج بعد اقليمياً ودولياً في ظل <طبول الحرب> التي تقرع في الجوار اللبناني، فيما الطبول الرئاسية اللبنانية لا تزال خافتة قياساً الى ما يجري حولها.

من هنا، فإن المصادر نفسها تسجّل ان حراك الرئيس الحريري، الذي سوف يجري في معظمه في الخارج بعد رحلته الى موسكو وعدم سماعه مواقف روسية حاسمة حيال الاستحقاق الرئاسي، <نجح> في تهدئة الخواطر نسبياً وأعاد تحريك البحث في الملف الرئاسي من دون أن تتوافر معطيات تجعل من الممكن القول بأن <الهدنة السياسية> التي مددها الحريري بفعل حراكه، ستعمّر طويلاً إذا لم تقترن مع خطوات عملية <تريح> العماد عون وتجعله يستمر في <هدوئه البنّاء> أطول مدة ممكنة.

ولعل المبادرة التي استعادها الرئيس الحريري داخل <البيت المستقبلي> منذ أن عاد لترؤس اجتماعات كتلة <المستقبل> النيابية واطلاق اشارات واضحة على ان القرار له في النهاية داخل الكتلة ولدى القاعدة الزرقاء، تشكل الدليل على ان الرئيس الحريري لم يقصد من خلال تحركه السياسي المتشعب، ملء الفراغ الذي عانت منه الحياة السياسية اللبنانية منذ ما قبل المبادرة، بل أراد فعلاً كسر الجمود الحاصل في محاولة للوصول الى خواتيم سعيدة. صحيح، تقول المصادر المتابعة، ان الرئيس الحريري <يتأنى> في حسم موقفه مستعيناً باستمرار التواصل مع الأطراف المعنيين بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، إلا انه في المقابل يؤكد انه لن ينفرد في قراره من دون العودة الى بعض حلفائه وكتلته النيابية، واستمزاج شارعه، فور استكمال جولاته التي من المرجح أن تقوده الى السعودية مرة جديدة في أقل من شهر، وفرنسا وربما مصر وتركيا.

وتقول مصادر <المستقبل> ان ما يدفع بالحريري الى توسيع نطاق مشاوراته الخارجية، هو عدم حصوله على موقف واضح وحاسم من المسؤولين الروس الذي التقاهم، وفي مقدمهم وزير الخارجية <سيرغي لافروف> الذي بدا خلال لقائه الرئيس الحريري مهتماً بالشأن الاقليمي وبالوضع في سوريا أكثر من اهتمامه بالشأن اللبناني وبعنوانه الأبرز أي الاستحقاق الرئاسي الذي يريد الحريري أن يبصر النور في أسرع وقت ممكن، لأن <الادمان> لدى اللبنانيين على التعايش قسراً مع الشغور الرئاسي وتسليم مصير بلدهم للقضاء والقدر، سوف تكون له انعكاسات سلبية حادة على مستقبل لبنان والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لافروف-و-حريري-----2والمالية فيه، خصوصاً مع استمرار تدفق النازحين السوريين الى أراضيه خلافاً للمعلومات التي تصدر عن جهات رسمية حيناً وعن المنظمات الدولية أحياناً.

 

لغة مرنة لـ<الجنرال> لطمأنة القلقين

 

أما في المقلب الآخر، فإن العماد عون الذي مدّد هو الآخر المهلة التي كان حددها قبل احتفال <13 تشرين> يوم الأحد المقبل، أدخل تعديلاً ملحوظاً على أسلوبه وأدائه السياسي والإعلامي و<ضبط> ردود أفعاله، مستعيناً بلغة سياسية مرنة وهادئة أظهر فيها قدرته على تدوير الزوايا والسير بين الحروف والنقاط، وذلك بعدما تيقن بأن مبادرة الحريري ستصب في النهاية لمصلحة ترشيحه الرئاسي. وثمة من قال بأن التبدل الذي ظهر في مواقف <الجنرال> كان محصلة طبيعية للقائه مع الرئيس الحريري الذي طلب منه صراحة <تطمين> الطائفة السنية وتسهيل مهمته وتبديد القلق <المشروع> من مواقفه.

من هنا كان قول العماد عون بأن الرئيس الحريري يشكل التمثيل الأكبر في الطائفة السنية <ومن الطبيعي أن يكون رئيساً للحكومة>، معلناً التزامه بدستور <الطائف> والميثاق الذي كان يحترمه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في الحكم، واحترام الديموقراطية التوافقية. أما التصويت داخل مجلس الوزراء فهو استثناء في الحالات الحساسة.

أكثر من ذلك ذهب عون الى حد التأكيد على وقوفه الى جانب الاسلام المعتدل الذي يمثله تيار <المستقبل>، جازماً بأن التفاهم مع حزب الله ليس موجهاً ضد السنة، وان الدولة مسؤولة عن أمن مواطنيها وأراضيها، ما دفعه الى المناداة بـ<استراتيجية دفاعية لتعزيز الوحدة الوطنية التي هي السلاح الأمضى في الدفاع عن لبنان. أما النقاش حول سلاح حزب الله فليس وارداً في الوقت الحاضر>.

ولم يفت عون التأكيد على حسن العلاقات مع الدول العربية، مع التشديد على ان المملكة السعودية تترك موضوع الرئاسة ليقرر المسؤولون اللبنانيون مصلحة بلدهم، وهي لا تضع خياراً لرئيس جمهورية محدد. واستكمالاً لـ<الايجابية> التي أظهرها عون في اطلالته الاعلامية، كانت لفتة خاصة الى زغرتا <العزيزة علينا> (من دون أن يذكر النائب سليمان فرنجية بالاسم) و<تفهم> لأسلوب النائب جنبلاط و<أسلوبه الساخر>، ولاعتباره أن العلاقة مع الرئيس بري يجب أن تكون جيدة في المبدأ، موضحاً موقفه بشأن عدم شرعية مجلس النواب كونه مجلساً ممدداً له وليس منتخباً وبات فاقداً للشرعية الشعبية، لكنه ما زالت له <الشرعية الواقعية> وقراراته نافذة بحكم الأمر الواقع.

 

حزب الله مع عون <حتى النهاية>

  

وما لم يقله العماد عون في المقابلة التلفزيونية، قاله مقربون له اذ اعتبروا <الايجابية> التي عبّر عنها تهدف، إضافة الى التعبير عن قناعاته الأساسية، الى تسهيل مهمة الحريري الذي بدا محرجاً من بعض المواقف السابقة للعماد عون، ما يعني ان التفاهم بين الرجلين ــ حسب المقربين ــ تجاوز الحذر التقليدي الذي طالما طبع التواصل بينهما في الماضي، وأوجد علاقة أكثر متانة مما كانت عليه في السابق، وهو ما يدفع <الجنرال> الى <طمأنة> القريبين منه والحلفاء بأن مبادرة الحريري <جدية> وليست <مناورة> كما يقول بعض المشككين بطروحات الرئيس الحريري وخياراته غير المعلنة رسمياً بعد. أما الوجه الآخر لـ<التطمينات> العونية فهو، حسب المقربين أيضاً، تبديد الانطباع بأن <الجنرال> يواجه اعتراضاً سنياً يحول دون وصوله الى قصر بعبدا، إذ لا يكفي التأكيد الشيعي له الذي يعبّر عنه حزب الله بشكل دائم من خلال تكرار نوابه وقيادييه للالتزام القاطع الذي سبق ان أعلنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بدعم عون <حتى النهاية>، وفي ذلك الرد البديهي على ما يصدر عن حلفاء للعماد عون (مثل <القوات اللبنانية>) وخصوم له على حد سواء بأن موقف الرئيس بري الرافض لدعمه للرئاسة متخذ <بالتنسيق> مع حزب الله أو نتيجة لـ<قبة باط> من قيادته.

وفي مواجهة هذا التشكيك في موقف حزب الله، يتحدث الفريق اللصيق بالعماد عون عن ان مناخات الارتياح تتوسع مساحتها في الرابية يوماً بعد يوم، لاسيما بعد ردود الفعل الايجابية للاطلالة الاعلامية التي وجد فيها كثيرون رسائل تهدئة فتحت الأبواب الموصدة مع الجميع. إلا ان هذه الأبواب لا يمكن أن تُفتح من جهة واحدة، ولا بد أن تلاقي مواقف عون خطوات عملية، فالرجل ــ أي العماد عون ــ كما يقول اللصيقون به، بدا في المقابلة التلفزيونية مختلفاً، وهو دشن بذلك سياسة جديدة عنوانها المثلث: المرونة، الانفتاح والتهدئة. وقد لاقت هذه السياسة تشجيع الحليف الأبرز بري-و-نصر-الله-----1حزب الله الذي ارتاحت قيادته لمشاركة وزير التربية الياس بو صعب في جلسة مجلس الوزراء تحت شعار <مواكبة الايجابيات> والذهاب الى منتصف الطريق لملاقاة الجميع. وينتظر هؤلاء <استدارة> من الرئيس بري للرد على تحية العماد عون بأجمل منها، خصوصاً بعد التجاوب الذي أبداه وزراء <التكتل> في مسألة التعيينات التي أقرها مجلس الوزراء والتي طالب بها الرئيس بري، وكان له ما أراد. وفي الرابية أيضاً ثمة من يؤكد ان العماد عون ليس في وارد <حشر> الرئيس الحريري بتوقيت محدد لاعلان موقفه وخياره الرئاسي، وهو ترك له حرية التوقيت عندما يرى ذلك مناسباً ولا مجال لاحراجه بأي موعد، علماً ان <الجنرال> يأمل في ان تأتي أجوبة الحريري في أقرب وقت ممكن، لكن له ــ أي للحريري ــ أن يحدد الزمان والمكان وفقاً لما يراه مناسباً وبعد توافر كل الضمانات التي يريدها كي لا تُستهدف خياراته لاحقاً من الأقربين قبل البعيدين!

ولعل الخطاب المتوقع هذا الأحد في ذكرى <13 تشرين> خير دليل على رغبة الجنرال بإزالة العراقيل من أمام الحريري وعدم احراجه.

والى أن يقرر الرئيس الحريري موعد اعلان موقفه، فإن ثمة مراجع سياسية تؤكد ان مشهداً سياسياً جديداً سوف يرتسم قريباً على الساحة السياسية اللبنانية، من دون ان يعني ذلك ان تاريخ 31 تشرين الأول (أكتوبر) سيكون المفصل، خصوصاً إذا ما تطلبت <التحضيرات> لاعلان موقف الحريري موعداً جديداً للجلسة الانتخابية لن يتجاوز في أي حال منتصف الشهر المقبل، فهل تحل ذكرى الاستقلال هذه السنة وفي بعبدا رئيس للجمهورية يستقبل المهنئين بالعيد والى جانبه الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري؟!