تفاصيل الخبر

الحريري أسقط التسوية مع عون وباسيل نهائياً...وانتقاله الى المعارضة يعوّض خروجه من السرايا!

24/01/2020
الحريري أسقط التسوية مع عون وباسيل نهائياً...وانتقاله الى المعارضة يعوّض خروجه من السرايا!

الحريري أسقط التسوية مع عون وباسيل نهائياً...وانتقاله الى المعارضة يعوّض خروجه من السرايا!

تلتقي الأوساط السياسية على اختلاف اتجاهاتها على القول بأن التسوية السياسية التي أنتجت انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وأعادت الرئيس سعد الحريري الى السرايا الكبيرة، سقطت سقوطاً عظيماً قبل أسبوعين عندما انقطع حبل التوافق الذي قام بين الرئيس الحريري من جهة والرئيس عون والوزير باسيل من جهة أخرى، وشهر العسل الذي امتد ثلاث سنوات تقريباً استحال الى مرارة بين الأركان الثلاثة عبّر عنها الرئيس الحريري بوضوح في <دردشته> مع الصحافيين عشية عيد الميلاد من دارته في بيت الوسط. وإذا كانت انتفاضة 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي قد حققت <انجازات> فإن أبرز ما حققته هو انها تمكنت من فك الارتباط بين الحريري وباسيل بعدما كانا في زواج ماروني تُرجم مراراً داخل مجلس الوزراء وخارجه، وفي اتفاقات عدة على ادارة شؤون البلاد حتى كان يبدو ان النقاش داخل مجلس الوزراء مهما احتدم، يبقى في إطار منسق ولا يخرج عما مرسوم له من حدود، هي عملياً حدود التسوية التي انهارت دفعة واحدة وصار الطلاق ممكناً بين الحريري وباسيل بشهادة الرئيس عون الذي تبدل موقفه هو الآخر من الرئيس الحريري، على رغم ان مساعيه الحميدة لإعادته من الرياض في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2017 لا تزال ماثلة أمام عيون من تابع هذه العملية القيصرية التي كان فيها الرئيس عون النطاسي البارع الذي حرّك أصدقاء لبنان لاطلاق سراح رئيس وزرائه الذي بقي اياماً عدة في الرياض في ظروف غامضة. ولعل ما قاله الرئيس الحريري في تلك الدردشة <حاج بقا يربحوني جميلة> أجاب بوضوح عن اسئلة عدة حول ما فعله الرئيس عون من أجل رئيس الوزراء الذي قال عنه انه كان <مخطوفاً> و<معتقلاً> وبالتالي من الواجب <تحريره> وإعادته الى بلده معززاً مكرماً!

 

مفاعيل <الدردشة>!

وبقدر ما كانت كلمات الحريري في <الدردشة> هادفة وموجعة في آن، بقدر ما كانت لافتة <استفاقته> المتأخرة على ما سُمي <ارتكابات> باسيل التي سبق لأركان في <التيار الأزرق> أن لفتوا رئيسهم إليها من دون جدوى، لا بل ان المعترضين على اداء باسيل وتغطية الحريري له في مجلس الوزراء وتخليه عن صلاحياته أحياناً بسبب <طحشة> باسيل الدائمة على رئيس الحكومة، أزيحوا جانباً واستمر الحريري في تعاطيه المميز مع باسيل حتى قبل أن يقدم استقالة الحكومة بأيام... ويقول مطلعون ان ردة فعل الحريري ذات المفعول الرجعي لم تكن موجهة الى الداخل فقط بل هي استهدفت مرجعيات اقليمية ودولية لإظهار <تمايزه> عن رئيس <التيار البرتقالي> الذي يقول قريبون من الحريري انه أحلق به أضراراً جسيمة خلال فترة <شهر العسل> الذي امتد ثلاث سنوات وبضعة ايام... وبذلك استعاد الحريري شارعاً كاد أن يفتقده بفعل همة قريبين منه أمعنوا في <اطلاق النار> على علاقته بالوزير باسيل الى أن أصابوا من هذه العلاقة مقتلاً. حتى ان الرئيس نبيه بري الذي كان يشكو من <ممارسات> باسيل ويصفها بـ<المتعالية> كان يسأل عن سر العلاقة التي تجمعه بالرئيس الحريري، وكذلك فعل حليفه الآخر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط من دون أن يحصلا طوال ثلاث سنوات على اجابات واضحة تشفي غليلهما.

ومع حصول الطلاق بين الحريري وباسيل، وبين الحريري والرئيس عون، بدا الحريري محرراً من ثقل التحالف مع رئيس <التيار الوطني الحر> على رغم ما جمعهما خلال ثلاث سنوات من علاقات وصلت الى حد طلب الحريري من مناصريه في الشمال إعطاء أصواتهم التفضيلية الى الوزير باسيل في معركته الانتخابية في دائرة البترون والدوائر الأخرى التي انصهرت في بوتقة دائرة انتخابية واسعة خلال انتخابات أيار (مايو) 2018 ما مكن باسيل من الحصول على نسبة عالية من الأصوات التفضيلية جعلته في مقدمة الفائزين في الدائرة التي انتمى إليها. ومع غياب نادر الحريري عن بيروت، وهو <عراب> العلاقة الحريرية ــ الباسيلية، غابت قدرة أي طرف في <المستقبل> أن يلعب دور الوسيط لإعادة وصل ما انقطع بين

الرجلين، بمن فيهم الوزير السابق غطاس خوري الذي له <دالية> على الزعيمين السني والماروني وكلاهما يملك كتلة نيابية كبيرة في مجلس النواب. وتعتقد الأوساط السياسية ان الحريري الذي بات حراً من أي التزامات تجاه جبران باسيل، بات يجاهر بأنه لن يرأس أي حكومة يكون فيها باسيل وزيراً لاسيما بعدما اتهمه بأنه <رجل طائفي ومتعصب وله مواقف غير وطنية>. واللافت ان باسيل، على رغم <الكلام الكبير> الذي قاله الحريري بحقه، ظل صامتاً ولم يرد على <صديق الأمس> وإن كان أوكل هذه المهمة الى نواب في <تكتل لبنان القوي> لم يرحموا الحريري في الهجمات غير المرتدة التي وجهوها إليه بعيارات ثقيلة لم تكن مألوفة في <زمن الخبز والملح> بين <بيت الوسط> وميرنا الشالوحي (مقر <التيار الوطني الحر>).

 

كسب <الصقور> رهانهم!

ويعتقد المطلعون انه بعد استقالة الرئيس الحريري، وامتناعه عن ترشيح نفسه لتولي رئاسة الحكومة العتيدة، ووقوع الخيار على الأكاديمي الدكتور حسان دياب، سوف يزداد الشرخ بين الحريري وباسيل وتبدأ <المعارك> السياسية الحقيقية بين الرجلين. ولعل تشكيل الحكومة العتيدة سيكون أول الغيث خصوصاً لدى مثولها في مجلس النواب لنيل الثقة، لاسيما وان لدى زعيم <المستقبل> الكثير من الوسائل لتصفية الحسابات مع باسيل سواء من خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، أو من خلال نواب كتلة <المستقبل> الذين انتظروا هذه الفرصة للتعبير عن <محبتهم> لجبران باسيل التي كانت مكتومة طوال السنوات الثلاث الماضية بقرار من الرئيس الحريري شخصياً الذي لم يكن يرضى أن يهاجم أحد نواب كتلته وزير الخارجية والمغتربين على رغم وجود أسباب كثيرة لشن الهجمات المتتالية ضده.

في أي حال الحصيلة الأولى للمواجهة بين الحريري من جهة و<التيار الوطني الحر> ورئاسة الجمهورية من جهة ثانية كانت انهيار التسوية التي لم تعد لها مقومات كي تبقى، مما يعني ان جبهة المعارضة ستكون صلبة في الآتي من الأيام خصوصاً إذا ما التقت مصالح <القوات اللبنانية> والحزب التقدمي الاشتراكي في مهاجمة باسيل والعهد، وهي ملتقية فعلاً، في وقت لن يجد <التيار الوطني الحر> من يدافع عنه باستثناء قاعدته السياسية والحزبية لأن الحلف القائم بين <التيار> وحزب الله صالح لأمور كثيرة ما عدا مهاجمة الحريري درءاً لفتنة جاهزة لتشتعل في أي لحظة وعند أي خطأ... وقيادة المقاومة مدركة لخطر أي خطأ في هذا المجال وتتصرف على هذا الأساس.

أما داخل تيار <المستقبل> فيمكن القول إن جناح <الصقور> استعاد دوره وسيتصرف على أساس ان رهانه على الطلاق بين الحريري وباسيل والعهد... كان في محله! وهذا ما اكده الرئيس الحريري بعيد عودته من الخارج اثر اجازة الاعياد عندما حمّل <التيار الوطني الحر> وزر الكثير من الاخطاء التي حصلت في عهد حكومتيه الاولى والثانية وخصوصاً في ما يتعلق بملف الكهرباء.