تفاصيل الخبر

الحريري اختار المعارضة ولو وحيداً وأهدافه العهد وباسيل... والحكومة!

27/05/2020
الحريري اختار المعارضة ولو وحيداً وأهدافه العهد وباسيل... والحكومة!

الحريري اختار المعارضة ولو وحيداً وأهدافه العهد وباسيل... والحكومة!

[caption id="attachment_78304" align="alignleft" width="308"] سعد الحريري ماضٍ في خياره المعارض حتى لو بقي وحده في الساحة[/caption]

من الواضح ان الرئيس سعد الحريري اختار خط المعارضة لعهد الرئيس ميشال عون و"التيار الوطني الحر" ورئيسه النائب جبران باسيل، وهذا الخيار لا رجوع عنه بدليل ما صدر عن الحريري من مواقف الأسبوع الماضي اتسمت بالحدة وكأنه لم يتحالف يوماً مع الرئيس عون وصهره ولا أداروا شؤون البلاد على مدى ثلاث سنوات بعد التسوية التي تمت بين الرابية وبيت الوسط والتي رسمت اطاراً كان يقضي بأن يصبح "الجنرال" ميشال عون رئيساً للجمهورية ويبقى الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة طوال عهده الممتد الى ست سنوات. لقد قال الحريري بوضوح انه لن يتعاون لا مع الرئيس عون ولا مع النائب باسيل حتى انتهاء العهد راسماً بذلك خارطة طريق لموقعه السياسي المستجد، داعياً من هم حلفاء له الى مشاركته في جبهة المعارضة التي يريد أن تحمل في العام 2022 رئيساً غير النائب باسيل الذي يتهمه الحريري بالعمل للوصول الى قصر بعبدا وخلافة عمه.

لقد بدا واضحاً من أسلوب الحريري في الحوار مع الصحافيين ومن التحضيرات الجارية لاطلالة اعلامية له بعد عيد الفطر المبارك، ان الرئيس السابق للحكومة قرر التفرغ للتحضير للمرحلة المقبلة التي ستشهد مواجهات بينه وبين حكومة الرئيس حسان دياب من جهة، وبينه وبين العهد والنائب باسيل من جهة ثانية، وان "الأسلحة" التي ستستعمل في هذه المواجهات هي من النوع الثقيل حتى تعطي نتائج سريعة. وأول هذه الأسلحة كان الرسالة التي وجهها الى "الخصم الشرس" للرئيس عون وباسيل، رئيس تيار "المردة" الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية الذي وصفه بـ"الرجل الصادق" الذي سبق أن رشحه لرئاسة الجمهورية في العام 2016، قبل أن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ويصبح العماد عون مرشحاً للحريري في التسوية التي كان من المفترض أن تصمد 6 سنوات لكنها انهارت بعد ثلاث سنوات من ولادتها.

صحيح ان مصادر "المستقبل" تنفي أن يكون الحريري فتح باكراً معركة الرئاسة للعام 2022 على أساس أنه من السابق لأوانه الحديث عن الاستحقاق الرئاسي، إلا ان الصحيح أيضاً ان "غزله" لفرنجية كان بمثابة رسالة الى "الكنة لتسمع الجارة"، و"الجارة" هنا هي حزب الله حليف الرئيس عون وباسيل وفرنجية على حد سواء والذي له وزنه على الصعيد الانتخابي الرئاسي لاسيما إذا ما ظلت الأوضاع الاقليمية في العام 2022 على ما هي عليه حالياً، علماً ان الرئيس الحريري يدرك ان شخصية الرئيس المقبل لا يمكن تحديدها منذ اليوم وتبقى رهناً بالتطورات التي تكون قد استجدت في حينه، لاسيما وان الأحداث تتحرك على نحو يصعب معه لأي طرف أن يحدد المشهد السياسي بعد أشهر فكيف إذا كان الحال بعد ثلاث سنوات!

فتح خطوط مع "المردة"!

[caption id="attachment_78305" align="alignleft" width="417"] سمير جعجع أبدى عدم استعداده لإقامة حلف معارض مع أي فريق[/caption]

وترى مصادر متابعة ان من مصلحة الرئيس الحريري إعادة فتح الخطوط العريضة مع "المردة" وزعيمها لأنه بحاجة الى حليف مسيحي لتكوين جبهة معارضة فاعلة ومؤثرة، ذلك انه ليس في وارد الاتكال على "القوات اللبنانية" التي أعلنت بلسان رئيسها الدكتور سمير جعجع عدم استعدادها لإقامة حلف معارض مع أي فريق في المرحلة الراهنة، وهي تطلب ضمانات من الصعب لأي طرف أن يعطيها إياها في الوقت الحاضر، لذلك كانت رسالة الحريري الى فرنجية الذي تجمعه معه خصومة مشتركة للرئيس عون وللنائب باسيل ومن الممكن بالتالي استغلال هذا القاسم المشترك لمحاولة تكوين هذه الجبهة السياسية، علماً ان "المردة" ممثلة في الحكومة بوزيرين ولن يكون من السهل على فرنجية التخلي عن مقعدين وزاريين أعطيا له بعد تدخل حليفه حزب الله، من دون التشاور مع قيادة الحزب التي لن تشجعه على هذه الخطوة لأنها تريد أن تتمكن الحكومة من الاستمرار والانتاج لأن لا بديل لها راهناً، إلا ان الرئيس الحريري يحاول من خلال موقفه تجاه "المردة" أن يثير غيظ "التيار الوطني الحر" في إطار السياسة المحلية الضيقة.

وتضيف المصادر نفسها ان تزعم الحريري لجبهة المعارضة لن يكون عملاً سياسياً سهلاً لأنه لن يجد الى جانبه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي قال بوضوح في قصر بعبدا ان لا تحالفات له مع أحد "مع احترامه للدكتور جعجع وللرئيس الحريري"، فزعيم المختارة له حساباته وخياراته وقد قرر أن يبقى بعيداً عن أي جبهة بحيث يحدد مواقفه وفق قناعاته ولا يكون في مركب واحد مع أحد. وهذا الموقف يفقد الحريري شريكاً ممكن ان يقاتل به سياسياً العهد والحكومة على حد سواء. وفي ما عدا ذلك لا يبدو الحريري قادراً على الخروج عن صداقة الرئيس نبيه بري الذي يلعب دوراً مميزاً في تدوير الزوايا، فهو ينتقد الحكومة من جهة ويدعوها الى خطوت عملية وليس ورقية كما قال عشية عيد الفطر وعيد التحرير، ويعمل من جهة ثانية على التفاهم مع رئيسها على كثير من النقاط العالقة ليسهل اقرار قوانين تطلبها الحكومة في إطار خطتها الاصلاحية التي تدرسها مع صندوق النقد الدولي للوصول الى حلول تساعد على انعاش الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد واخراجه من النفق المظلم الذي دخله.

وحيداً في المعارضة!

[caption id="attachment_78306" align="alignleft" width="445"] وليد جنبلاط له حساباته وخياراته وقد قرر أن يبقى بعيداً عن أي جبهة[/caption]

من هنا، ترى المصادر المتابعة ان الرئيس الحريري سيبقى وحيداً في المعارضة التي من الصعب ان تتكون جبهة جدية لها، لكنه قادر من خلال مواقفه على "تنكيد" عيش حكومة الرئيس حسان دياب والاضاءة اعلامياً وسياسياً على الثغرات الكثيرة في أدائها، من دون أن يعني ذلك قدرته على اسقاطها لأن ظروف السقوط غير متوافرة لعدم وجود رغبة لدى أحد في ادخال البلاد في المجهول أكثر فأكثر. ويستفيد الرئيس الحريري في تحركه من علاقاته الخارجية، إضافة الى ما يربطه بعدد من الدول العربية لاسيما الخليجية منها ما يفسر استمرار زيارات سفراء السعودية والامارات العربية المتحدة والكويت الى "بيت الوسط"، وعدم زيارة أي من السفراء الثلاثة الى السراي الكبير للاطلاع على الأوضاع من رئيس مجلس الوزراء مباشرة، فضلاً عن ان الاتصالات مقطوعة بين السعودية والامارات والرئيس دياب الذي كان ينتظر تحديد مواعيد له في عدد من الدول الخليجية إلا ان انتشار وباء "كورونا" جمّد الزيارات وزاد في قطع شرايين التواصل. وعليه فإن الرئيس الحريري ماضٍ في خياره المعارض حتى لو بقي وحده في الساحة، مستعملاً سلاح الموقف السياسي لعدم قدرته على استعمال أي سلاح آخر بما في ذلك سلاح جبهة عريضة للمعارضة!