تفاصيل الخبر

”الحرب“ تبدأ من جرود عرسال قبل حلول رمضان والجيش يشارك فيها إذا امتدت الى البلدة!  

05/06/2015
”الحرب“ تبدأ من جرود عرسال قبل حلول رمضان  والجيش يشارك فيها إذا امتدت الى البلدة!   

”الحرب“ تبدأ من جرود عرسال قبل حلول رمضان والجيش يشارك فيها إذا امتدت الى البلدة!  

تمام-سلام-وليد-جنبلاط   لم تكن خطوة الانتشار الجزئي للجيش اللبناني داخل بلدة عرسال الحل المنشود للواقع المأزوم الذي تعيشه البلدة البقاعية منذ أن دخلها مسلحون من تنظيمي <داعش> و<النصرة> وأقاموا خط اتصال بين وجودهم المحدود في داخلها وانتشارهم الكثيف في جرودها، بل كانت هذه الخطوة بهدف تعطيل <اللغم> الذي كاد أن يفجر حكومة الرئيس تمام سلام التي انقسم الوزراء فيها بين مطالب بدخول الجيش عرسال لتحريرها من الارهابيين، ومطالب بأن تتم معالجة مسألة وجودهم بعيداً عن استعمال القوة، في حين بدت مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في اطلالته الخطابية الأخيرة وكأنها تمهد لعملية عسكرية ينوي مقاتلو الحزب تنفيذها لاخراج المسلحين من البلدة وجرودها في آن، علماً ان ثمة من يتحدث عن <مهلة> معطاة لتحقيق هذا الأمر تنتهي قبل بداية شهر رمضان المبارك في منتصف شهر حزيران (يونيو) الجاري.

   وسواء كان الانتشار العسكري في بعض أحياء عرسال والذي لقي ترحيباً من الأهالي، يرمي الى سحب ورقة عرسال من أيدي وزراء حزب الله و<التيار الوطني الحر> والحلفاء، أم يهدف الى اظهار قدرة الجيش على تولي هذه المهمة من دون الحاجة الى تدخل في حزب الله شرط صدور القرار السياسي بذلك عن مجلس الوزراء مجتمعاً، فإن الواقع ان الوضع في عرسال أصبح مادة خلافية حادة بين قوى <8 و14 آذار> التي تتناقض مواقفها حيال سبل معالجة هذا الوضع الشاذ الذي ينذر بمضاعفات سلبية على الواقع الأمني في هذه المنطقة الحدودية الحساسة، وليس على الواقع الحكومي الذي قد يتأثر سلباً بموضوع التعيينات الأمنية والخلاف القائم حولها أكثر من تأثره بالوضع العرسالي القائم.

المشكلة في جرود عرسال

 

   وفي وقت يؤكد فيه قائد الجيش العماد جان قهوجي جهوزية الجيش لتنفيذ أي قرار تتخذه السلطة السياسية لإعادة عرسال الى <الشرعية اللبنانية> بشكل كامل غير منقوص، يبدو المشهد السياسي على نقيض الاستعداد العسكري بدليل ما صدر الأسبوع الماضي من مواقف عن وزراء ونواب تيار <المستقبل> وصلت الى حد اعتبار عرسال <خطاً أحمر> لن يسمح <المستقبليون> بتجاوزه من دون التفاهم معهم على حل تنفذه القوى الأمنية الشرعية فقط وليس حزب الله الذي يكرر قادته ان الوضع في عرسال لن يستمر على ما هو عليه مهما كانت المواقف وردود الفعل، مع العلم بأن الحزب يميز بين جرود عرسال حيث ينتشر المسلحون، والبلدة نفسها <المخروقة> من مجموعات ارهابية تنتشر في بعض أحيائها لاسيما تلك القريبة من الجرود حيث كثافة مسلحي <النصرة> و<داعش>. وفي هذا السياق يؤكد قياديون في حزب الله ان المشكلة الأمنية الأكبر تبقى في جرود عرسال التي تشهد تحركات دائمة للمسلحين بحيث يصعب السكوت عما يحصل والذي قد يجعل المواجهة أمراً واقعاً لا خيار آخر له، لاسيما بعد الذي حصل في القلمون، ما يجعل الحزب يتصرف على أساس ان حملة الضغط التي يقودها ميدانياً وسياسياً لـ<تحرير> عرسال وجردها، ستفضي الى معادلات وتوازنات جديدة في الداخل وعلى الحدود.

   وإذا كانت المداولات التي دارت في مجلس الوزراء حول الوضع في عرسال انتهت الى <استيعاب> ملاحظات وزراء حزب الله والتيار العوني ولو الى حين بعدما اتضح ان مسألة التعيينات الأمنية لها الأولوية راهناً، فإن ثمة من يرى ان الحكومة لن تستطيع الاستمرار في اعتماد أسلوب الاستيعاب لاسيما بالنسبة الى الوضع في عرسال الذي يزداد خطراً مع تقدم الأيام لاسيما بعد سيطرة حزب الله والجيش السوري النظامي على نحو نصف الجرود الفاصلة بين القلمون وسهل البقاع. أما من الجهة اللبنانية فقد تمكن الحزب من اخراج المسلحين من جرود بريتال ونحلة وبعلبك ويونين.

 

سيناريوات المواجهة

   وتقول مصادر عسكرية ان <المعركة> وصلت الى جرود عرسال التي تبلغ مساحتها 350 كيلومتراً مربعاً وتمتد مسافة 17 كيلومتراً من الغرب، أي من عرسال، الى الحدود السورية الشرقية، وتمتد أكثر من 25 كيلومتراً من عرسال جنوباً الى  أطراف جرود رأس بعلبك والقاع شمالاً. وإذا ما ترجم قول قياديين في حزب الله بعدم بقاء أي مسلح في الجرود فهذا يعني ان المواجهة واقعة لا محالة، علماً ان السيناريوات المطروحة متعددة ويبقى اعتماد أحدها لتحقيق الهدف الذي يعيد جرود عرسال والبلدة نفسها الى كنف الشرعية اللبنانية من دون أي شريك.

   وتتحدث المصادر المتابعة عن ان السيناريو الأول يشير الى اكتفاء حزب الله والجيش السوري بمحاصرة المسلحين في جرود عرسال وتضييق الخناق عليهم حتى استسلامهم. إلا ان هذا السيناريو لا يبدو واقعياً في الظرف الراهن لاسيما بعد المواقف التي صدرت عن الحزب من جهة، وعن <داعش> و<جبهة النصرة> من جهة أخرى. أما السيناريو الثاني الذي روجت له مصادر معنية ونفته أكثر من جهة، فيقوم على ابرام تسوية مع مسلحي <النصرة> تقضي الى فتح طريق لعناصرها للانسحاب الى مكان آخر شرط تسليم العسكريين المحتجزين، وذلك على غرار ما حصل في القصير وحمص القديمة. غير ان المصادر نفسها تستبعد حصول مثل هذه التسوية لأن الأمور وصلت الى نقطة اللارجوع في مفهوم الحزب والتنظيمات الارهابية على حد سواء.

   في المقابل يبرز سيناريو ثالث يجري العمل له حالياً على أكثر من خط، ويقضي بأن يتولى مسلحو حزب الله مهاجمة الارهابيين من الجهتين الشرقية والجنوبية بالتزامن مع دفع الجيش اللبناني للدخول في المعركة وتعزيز النقاط العسكرية الموجودة في الجرود من الجهة الغربية لمنع المسلحين من الانسحاب الى عرسال، علماً انه لن يكون في مقدور مسلحي <النصرة> الانسحاب الى حيث مواقع <داعش> نظراً للخلافات القائمة بين التنظيمين. إلا ان ثمة من يعتقد بأن الجيش اللبناني لن يكون في وارد القبول بمشاركة حزب الله في هذه العملية لأن القرار السياسي لن يصدر على هذا النحو، فضلاً عن ان المواقف المعلنة في هذا الاتجاه لا تدل على امكانية تنفيذ عملية مشتركة بين الجيش وحزب الله. من هنا برز السيناريو الرابع الذي يتحدث عن تقدم يحققه مقاتلو حزب الله من البلدات اللبنانية في اتجاه جرود عرسال من الناحية الغربية للسيطرة عليها والتمركز في مواقع قريبة لمواقع الجيش من دون حصول أي تداخل في ما بين الجيش ومقاتلي الحزب. ومن شأن هذا التقدم إقامة طوق يمنع المسلحين من الانسحاب في اتجاه البلدة. ومثل هذا السيناريو ــ تقول المصادر المطلعة ــ يحقق ما يهدف إليه حزب الله من دون احراج الجيش الذي <يكبله> القرار السياسي الذي لا يتوقع أحد أن يتم التوافق عليه بين مكونات الحكومة اللبنانية.

الجيش يتدخل إذا هوجمت عرسال

 

   وفي مقابل السيناريوات التي لا تزال موضع تقييم وبحث، تبدي مصادر مطلعة خشيتها من أن يستبق مسلحو <داعش> الجيش وحزب الله على حد سواء الموقف ويشنون هجوماً واسعاً على بلدة عرسال فيصبح الجيش والحزب أمام أمر واقع لا خيار فيه سوى المواجهة العسكرية فتشتعل البلدة وجرودها على حد سواء بتوقيت المسلحين أنفسهم ما يجعل من الصعب التكهن بنتائج مثل هكذا مواجهات، علماً ان جهوزية الجيش للمواجهة محققة منذ أسابيع، وكذلك الأمر بالنسبة الى حزب الله الذي تفيد المعلومات انه باشر منذ أيام <قضم> أجزاء من جرود عرسال من دون ضجيج وان المساحة <المقضومة> بلغت قرابة 40 كيلومتراً مربعاً من تلك الجرود، وان العديد من المراكز المستحدثة لمقاتلي حزب الله باتت قريبة من مراكز متقدمة للجيش اللبناني من دون أن تتداخل معها. ولفت المراقبين تنفيذ حزب الله عملية نوعية في جرود عرسال استخدمت فيها طائرة من دون طيار تشكل واحدة من مجموعة طائرات استحوذ عليها الحزب مؤخراً. وقد تمكن مسلحو الحزب من رصد تحرك مجموعة من المسلحين بواسطة طائرة الاستطلاع واستهدفوها.

   وفيما تتعدد الروايات حول التحركات العسكرية في المنطقة سواء من جهة الجيش أو حزب الله، أو المسلحين أنفسهم، فإن ثمة حقيقة يلتقي حولها الجميع ان معركة عرسال واقعة لا محالة قبل حلول شهر رمضان المبارك، وان السؤال الأبرز: هل ستقع هذه المعركة بين الحزب والمسلحين فقط، أم سيكون للجيش اللبناني دور فيها؟

   كل المعطيات تدل على ان مشــــاركة الجيش لن تكون ممكنة لغياب القرار السياسي الموحّد، لكن ذلك لا يعني ان الجيش سيبقى مكتوف الأيدي، بل سيدافع رجاله عن مواقعهم وعن بلدة عرسال نفسها، ولن يسمحوا حتماً لأي تقدم للمسلحين في اتجاهها أو في اتجاه البلدات اللبنانية المتاخمة، وسيكون الدور الدفاعي للجيش حاسماً هو أيضاً في تغيير المعادلة القائمة في عرسال وجرودها...

   وبين جهوزية الجيش وحزب الله وتردد الحكومة وغياب القرار يكمن سر مسار المواجهة الحاصلة حتماً!