تفاصيل الخبر

"الحرب" بين باسيل وفرنجية مستمرة وتؤثر سلباً على طموحهما الرئاسي!

27/05/2020
"الحرب" بين باسيل وفرنجية مستمرة وتؤثر سلباً على طموحهما الرئاسي!

"الحرب" بين باسيل وفرنجية مستمرة وتؤثر سلباً على طموحهما الرئاسي!

 

[caption id="attachment_78311" align="aligncenter" width="585"] جبران باسيل وسليمان فرنجية ايام التحالف وقبل نشوب المعركة السياسية بينهما[/caption]

لم يعد ممكناً استدراك الخلاف الحاد القائم بين رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، ورئيس تيار "المردة" الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية، الذي يتعاظم يوماً بعد يوم، وكلما اقترب موعد الاستحقاق الرئاسي، لأن كلاً من باسيل وفرنجية يعتبران من المرشحين الأوفر حظاً لخلافة الرئيس ميشال عون في العام 2022. وإذا كان فرنجية يتناول باسيل مباشرة في اطلالاته الاعلامية، والتي كان آخرها قبل اسبوعين، فإن باسيل يؤثر الرد غير المباشر على الزعيم الزغرتاوي فيوجه الانتقادات إليه من دون أن يسميه حتى لا "يشخصن" المواجهة معه ويبقيها في إطارها السياسي البحت. ولا يوجد في الأفق أي امكانية لمصالحة الرجلين على رغم المحاولات التي جرت لهذه الغاية بعيداً عن الأضواء لكنها كانت تصطدم بموقف سلبي من فرنجية وبشروط من باسيل ليس أقلها الاتفاق المسبق على نقاط مكتوبة على ورقة تحمل توقيعي الزعيمين المسيحيين المتنافسين على كرسي بعبدا.

إلا ان الجديد في موقف فرنجية هو شمول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الانتقادات والحملات خلافاً لما كان يجري في السابق إذ كان فرنجية "يحيّد" الرئيس نسبياً ويركز "ضرباته" في اتجاه باسيل. لكن الاطلالة الاعلامية الأخيرة لسليمان فرنجية "اجتاحت" قصر بعبدا والرئيس عون، الأمر الذي دفع مكتب الاعلام في الرئاسة الى الرد على "أبو طوني" بأسلوب غير تقليدي، إذ لم يسبق أن رد اعلام بعبدا على حملات فرنجية وفريق عمله والقريبين منه، لكن الرد الرئاسي القاسي نسبياً أرادت منه بعبدا افهام فرنجية بأن أي تعرض للرئيس عون لن يبقى من دون رد، خلافاً لما كان يجري في السابق. فالملاحظات السياسية مقبولة ويمكن تفهم أسبابها، لكن التعرض لشخص الرئيس لا يمكن أن يمر مرور الكرام بل سيلقى الرد المناسب.

والواقع، ان وجود كل من باسيل وفرنجية في خط سياسي استراتيجي واحد مع حليف قوي هو حزب الله لم يحل دون الحد من المواجهات المباشرة وغير المباشرة، ولا مكّن "الأخوة" في الحزب من تنظيم الخلاف بين الزعيمين ولا حتى ايجاد حالة من التعايش بينهما، لاسيما وانهما ذهبا بعيداً في الخصومة ببعديها السياسي والشخصي، ويقول كل منهما انه يملك أسباباً وأدلة تبرر موقفه في مواجهة الآخر وتحمّله مسؤولية الوصول الى التدهور الذي وصلت إليه علاقتهما. ويعتقد متابعون لمسار الخلاف بين باسيل وفرنجية، ان الحسابات المرتبطة بالاستحقاق الرئاسي العام 2022 هي التي تلهب نار النزاع بين "التيار الوطني الحر" و"المردة"، وهي التي تحول دون تبريد الجو على رغم المحاولات التي بذلت على أكثر من صعيد لتحقيق هذا الهدف. والغريب ان الرجلين يدركان ان هوية رئيس الجمهورية في لبنان تبقى غامضة حتى الربع الساعة الأخير الذي يسبق موعد الاستحقاق الدستوري لأن العوامل التي تؤدي الى انتخاب هذا أو ذاك من المرشحين تبقى متحركة ولا تنضج الطبخة الرئاسية إلا في اللحظات الأخيرة. ومع ذلك فإنه من الصعب "تبريد" الجبهة المشتعلة بين بنشعي (مقر فرنجية) وميرنا الشالوحي (مقر باسيل)، وقد ازدادت اشتعالاً مؤخراً بعد إثارة قضية الفيول المغشوش وملاحقة مدير عام المنشآت النفطية سركيس حليس وصديق فرنجية تيدي رحمة أحد مالكي شركة "ZR Energy" المتهمة بالتورط بملف النفط المغشوش. وأتت هذه الحادثة لتزيد الخلافات بين الطرفين الى حد لم يعد في الامكان الوصول الى مخرج ممكن بعد تجاوز فرنجية "الخط الأحمر" في الاتهامات التي ساقها ضد بعبدا وباسيل على حد سواء.

التيار: فرنجية ورّط نفسه!

[caption id="attachment_78312" align="alignleft" width="365"] سركيس حليس المتورط في ملف الفيول دون ان يمثل امام القضاء[/caption]

كل فريق من الفريقين له تبريراته وحججه وتفسيراته، فـ"التيار الوطني الحر" يعتبر ان فرنجية أثار موضوع ملف النفط للإيحاء بأنه هو المستهدف منه لأسباب سياسية، في حين انه ملف يندرج في إطار مكافحة الفساد خصوصاً ان قضية الفيول لها امتدادات واسعة وترتبط مباشرة بأزمة الكهرباء المستعصية عن الحل منذ سنوات. ويأخذ "التيار" على فرنجية انه "ورّط" نفسه في الدفاع عن حليس ورحمة من دون أن يطلع على مجريات التحقيق ولا على الأدلة التي توافرت للنائب العام في جبل لبنان القاضية غادة عون والتي أدت الى فتح الملف، وهو ــ أي فرنجية ــ تصرف على نحو يجعله طرفاً في منع مكافحة الفساد، في الوقت الذي يلتقي الجميع، ولاسيما حليفه الأقوى ــ أي حزب الله ــ على اطلاق حملات واسعة ضد الفساد والفاسدين. ومثل هذا الموقف لفرنجية ــ دائماً حسب "التيار" ــ لجهة حماية مطلوبين الى العدالة ــ يجعله جزءاً من منظومة المصالح السياسية التقليدية التي تضم شركاء متعددي المواقع والطوائف والانتماءات التقوا على عرقلة مشاريع الاصلاح والتغيير وتجمعهم في كل مرة مسألة الدفاع عن متورطين في ملف فساد، وبالتالي فإن موقف فرنجية من باسيل يعبّر عن تلاقي قوى سياسية تعتبر رئيس "التيار الوطني الحر" لا يشبه هذه القوى لا بل بات يشكل خطراً على شبكة المصالح المشتركة التي تجمع بينها وإن تبدو متباعدة بمعايير الاصطفاف السياسي. ويرفض "التيار" اتهامات فرنجية لرئيسه بأنه ينظر الى قصر بعبدا ويتصرف للوصول إليه، معتبراً ان هاجس الرئاسة لا يحرك باسيل الذي يعطي الأولوية لبقاء الجمهورية وليس للتنافس على رئاستها بعد انتهاء الولاية الحالية، إذ ما نفع الرئاسة إذا تحولت الجمهورية "كومة أنقاض"؟ ويشدد فريق "التيار" على ان باسيل لن يتعرض لفرنجية بالشخصي ولن يسميه في ردوده على رغم الاستهداف المباشر الذي يصر عليه فرنجية حيال باسيل.

"المردة": المعركة سياسية!

[caption id="attachment_78309" align="aligncenter" width="563"] القاضية غادة عون وملف الفيول المغشوش[/caption]

أما فريق "المردة" فهو على "قناعة راسخة" بأن "التيار الوطني الحر" والعهد يتحركان ضد فرنجية في معركة سياسية بامتياز ويستغلان أي عامل قضائي أو سياسي لتكثيف هذا التحرك كلما دعت الحاجة. من هنا فإن اتهام سركيس حليس بملف النفط هدفه إصابة فرنجية كمرشح قوي لرئاسة الجمهورية من خلال الترويج بأنه يحمي متهمين بالفساد ما يؤدي الى تشويه صورته أمام الرأي العام والمحافل الدولية، لاسيما وان فرنجية يعتبر ان ملف حليس "فارغ" ولا يوجد فيه أي دليل يدينه... وان مَن حرّكه هو ناشط عوني (المحامي وديع عقل) ومَن يتولى التحقيق فيه القاضية عون والقاضي نقولا منصور القريبان من الرئيس عون و"التيار الوطني الحر". ويؤكد فريق "المردة" ان ما يعزز مخاوفه من تسييس القضية، ان التحقيق توقف على مستوى مدراء عامين وموظفين ولم يقترب من الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الطاقة والمياه وجميعهم إما من "التيار" أو من حلفائه، على أساس ان يتم تقديم هؤلاء المديرين "كبش محرقة" لحماية الوزراء... ويعتبر فريق "المردة" ان رئيسهم رفض أن يشارك في هذه اللعبة وبقي ثابتاً على الوفاء لمَن يثق بهم وبنزاهتهم كما فعل مع حليس بصرف النظر عن الكلفة السياسية لهذا الموقف وتأثيره على سباق الرئاسة. وفي قناعة "المردة" ان فرنجية ليس "أسير" طموحه الرئاسي ولن يخضع لأي ابتزاز في هذا المجال ولن يدع خصومه في "التيار الوطني الحر" يستوطون حائطه لأنه لو فعل فسيكون من السهل الانقضاض عليه سياسياً وشعبياً. ولذلك كانت اطلالته الاعلامية قاسية بحق الرئيس عون والنائب باسيل ليقول للرجلين بأنه ليس من السهل "اصطياده" وهو الخبير بالصيد ومن أبرز هواته.

في أي حال، لا شيء يدل بأن المواجهة ستنتهي بين باسيل وفرنجية لا بل ان كل المؤشرات تدل على اتساع المواجهة بين الرجلين، ما يخدم طرفاً ثالثاً يريد أن يتخلص منهما ويعمل ليل نهار لإبقاء النار مشتعلة بين بنشعي وميرنا الشالوحي الى أن يحين موعد الاستحقاق الرئاسي فيبقى باسيل وفرنجية خارجه بصرف النظر عن القدرة التمثيلية لكل منهما لاسيما في صفوف المسيحيين!