تفاصيل الخبر

الحرائق تتسبب بأضرار كبيرة بالثروة الحرجية في لبنان

01/11/2019
الحرائق تتسبب بأضرار كبيرة بالثروة الحرجية في لبنان

الحرائق تتسبب بأضرار كبيرة بالثروة الحرجية في لبنان

بقلم وردية بطرس

 

الناشط البيئي فادي غانم:  لتقليل نسبة الحرائق يجب تنظيف الأحراج في أواخر فصل الصيف وتوعية الناس بضرورة الحفاظ على نظافة الأحراج!

قبل ان ينتفض الشعب اللبناني على الواقع المزري في البلاد بيومين، احترقت قلوب اللبنانيين وهم يشاهدون نيران الحرائق تلتهم الأحراج والغابات في مناطق متعددة أبرزها بلدتا المشرف والدامور في قضاء الشوف التابع لمحافظة جبل لبنان. ولقد تزامن اندلاع الحرائق مع ارتفاع في درجات الحرارة ورياح شديدة شهدتها البلاد حيث شهد لبنان اندلاع حرائق كبيرة في كل من بلدات: المشرف والدبية ــ الشوف، جعيتا، القرنة الحمراء، بنشعي، مزيارة، وفق بيان صادر عن الجيش اللبناني الأمر الذي دعاهم الى استخدام أربع طائرات هليكوبتر تابعة للقوات الجوية وبمساعدة طائرتين متخصصتين في اطفاء الحرائق استُقدمتا من قبرص وبالاشتراك مع عناصر من الدفاع المدني لمحاصرة الحرائق.

ولقد نشر اللبنانيون على موقع <تويتر> صوراً وفيديوهات تظهر حجم الدمار، وتطرق المغردون من خلال منشوراتهم الى الاهمال الحاصل في ما يتعلق بعدم اخماد الحرائق في العديد من المناطق، وعبّروا عن استيائهم من فقدان مساحات خضراء شاسعة في قراهم ومدنهم، ومن عجز السلطات اللبنانية عن السيطرة على الحرائق في ظل امكانات محدودة.

الناشط البيئي فادي غانم وسبب الحرائق!

<الأفكار> تحدثت مع رئيس جمعية <غدي> الناشط البيئي الأستاذ فادي غانم حول الأضرار التي خلفّتها هذه الحرائق، وعن خسارة لبنان جزءاً كبيراً من احراجه وغاباته ونسأله:

ــ تقريباً كل سنة تندلع الحرائق في الغابات ولكن الحرائق التي شهدتها البلاد في منتصف شهر تشرين الأول (اكتوبر) كانت كبيرة فما الذي حصل؟

- أولاً المساحات الخضراء هي الأحراج والمشاعات التابعة للبلديات والتي يجب ان تُنظف بأواخر فصل الصيف، فحتى فلو اندلعت الحرائق لا يضر ذلك بالأشجار خصوصاً ان لدينا صنوبريات مرتفعة، انما لا يتم تنظيف هذه الأحراج، وبالتالي عندما تصل الحرائق وبفعل الهواء والرياح تنتقل فوراً الى الأشجار وتقع الكارثة. ثانياً: لدينا قلة وعي إذ هناك أماكن من المفروض ان يكون فيها الراعي المنظّم، فالراعي المنظّم يساعد بالتقليل من نسبة الحرائق. ثالثاً: طبعاً هناك غياب لكل ما يتعلق بالشرطة البيئية ومأموري الأحراج. مع العلم انه يجب ان تتوافر هذه الأمور وبالتالي عندما تندلع الحرائق ويتم التبليغ عنها يمكن الوصول اليها واطفاؤها. والأمر الثاني انه في المناطق الواسعة المفروض ان تكون هناك فجوات او برك صغيرة وان تتوافر فيها هليكوبتر مع الجيش اللبناني لنقل الماء من تلك البرك الصغيرة الى مكان الحرائق وبالتالي تسير الأمور بشكل أسرع وأسهل. وأخيراً وأهم ما في الأمر هو وعي المواطن اذ يجب ان يُوضع هذا بالمقام الأول، اذ للأسف أحراجنا مباحة للـ<Picnic> حيث يرمي الناس النفايات بدل تنظيفها، فهذه أيضاً من المسببات مثلاً عندما يرمي الشخص قنينة زجاج او <التنك> في الأحراج وبالتفاعل مع حرارة الشمس تحترق فتؤدي لزيادة الحرائق.

ويتابع:

- إذا عدنا 7 او 10 سنوات الى الوراء نرى ان مثل هذه الكارثة حلت في الأحراج بسبب الحرائق، اذ ان التاريخ يعيد نفسه بغض النظر عن الأمور الطبيعية، فالأمور الطبيعية لا تحصل في الأماكن نفسها. ولا نريد ان نستبق الأمور اذ اننا ننتظر التحقيقات، ولكن الأمر ليس بريئاً ان تحصل هذه الحرائق في مناطق عديدة وبالمكان نفسه، ليس بريئاً ان تُولع الحرائق بعد منتصف الليل في الأحراج لأنه من غير الممكن ان تحدث الحرائق ليلاً إذ عادة تندلع الحرائق خلال التفاعل مع حرارة الشمس وبالتالي القصة ليست بريئة، بالاضافة الى عدم وعي الناس في هذا الخصوص.

 

الأضرار جسيمة!

ــ كناشط بيئي، ما هي الأضرار التي لحقت بالثروة الحرجية؟ وكم تحتاج النباتات والأشجار من وقت لتنمو من جديد؟

- بالعودة لتقييم الدفاع المدني والجيش فالاضرار كبيرة جراء هذه كارثة. ثانياً ما سمعناه من الجهات الرسمية او شبه الرسمية بما يتعلق بالتفاعل اذ ان الجميع يريد ان يقوم بالتشجير، فهذه ليست علمية أولاً بهذا الوقت قبل فصل الشتاء إذ لا أحد يقدر ان يتحرك. ثانياً: يجب ان تُترك الأمور لتأخذ مجراها الطبيعي يعني التربة ستتخمّر وتأخذ مجراها الطبيعي. ولا ننسى انها ليست خسارة حرجية وحسب بل خسارة حيوانية أيضاً، وهذه الغابات تحتاج أقله سنتين او ثلاث سنوات لتأخذ حجمها الطبيعي. نقدر ان نتدخل قبل سنتين ولكن على الأقل ليس قبل سنة، هناك أماكن قريبة مثلاً في الدامور وهناك مناطق بمنتصف الطرقات وعلى جنب الطرقات وبالقرب من البيوت نقدر ان نتدخل بسرعة، اي في المكان القريب الذي نقدر ان نصل اليه ونسقي الشتلة بالماء، ولكن في الأحراج لا نقدر ان نضع شتلة كما هي بل تحتاج للصيانة والكثير من الماء الى ما هنالك، اي يجب ان يمر فصل الشتاء وأول الربيع، كما حصل مثلاً منذ 7 او 8 سنوات عندما وقعت الحرائق في سوق الغرب والشحار وعاليه والشوف الساحلي، يومها تدخل طيران الجيش بالهليكوبتر التي رمت بذور الصنوبر وبذور البلوط اي بذور النباتات البرية التي زُرعت في الأرض. ولكن حينئذٍ نكون قد بدأنا بالتدخل في الأحراج القريبة التي تصلها البلديات وصهاريج المياه او المنظمات البيئية التي ستعمل بها، وبالتالي في الأحراج القريبة يمكن ان يُزرع فيها ويتم الاعتناء بها من خلال وضع خطة خمسية او عشرية لأنه خلال سنة او سنتين لا يمكن القيام بشيء، اذ أقله ستُوضع خطة العمل من 5 سنوات وما فوق وعلى هذا الأساس تبدأ بالنمو. ونرى أيضاً ان حجم الأضرار كبير اذ هناك أشجار عمرها 40 و60 سنة ولا يمكن ان تُعوض بأشجار أخرى. وأيضاً سيكون هناك أمور منظمة اي لا نقدر ان ندخل نباتات مكان النباتات التي كانت مزروعة من قبل، فذات مرة أتوا بالأشجار المستوردة من الخارج التي تنمو بشكل سريع ولكن البيئة هنا لا تناسبها، اذ لا نقدر ان نقوم بتطعيم شجر بالقرب من الصنوبر بعيداً عن بيئته، اذ يجب ان يتم كل ذلك وفقا لدراسات صحيحة، اذ من ضمن اهتمامات وزارة البيئة أن تقوم بدراسة ومن ثم توزع على البلديات والمزارعين لكي يساهموا باصلاح الضرر الكبير.

ــ وبرأيك هل خسر لبنان جزءاً كبيراً من غاباته بسبب الحرائق التي اندلعت في السنوات الأخيرة؟

- على مستوى الساحل فلقد خسرنا تقريباً معظم الغابات، وعندما نتحدث عن الحرائق القريبة من الساحل وحتى البعيدة قليلاً فهي غير بريئة، لأنه كما تعلمين اذا كان لدى الشخص شجر الصنوبر او شجرة من الأشجار المعمرة ويريد ان يبني فإنه يحتاج لرخصة من وزارة الزراعة، واذا اراد قطعها فإنه يدفع ثمن الشجرة ويتعهد بزراعة واحدة أخرى، وبالتالي بحالة الحريق يُقدم له صك لكي يبني على المكان الذي نشب فيه الحريق بدون ان يدفع اي مبلغ وهذا أمر مؤسف جداً. بالنسبة لتراجع الغابات فنحن في لبنان لدينا دائماً تراجع مستمر سواء من حيث التغيير المناخي الحاصل او بفعل جشع الانسان وعدم رؤية مخطط توجيهي مهم للاعمار ولاقامة المصانع وكل هذه الأمور.

ويتابع:

- انما يجب ان ننتبه لأمر انه في بعض المناطق المحمية وعندما نقول مناطق محمية ليس فقط على الورق بل مكتوب محمية مثل محمية جبل موسى، محمية الشوف، واذا توجهنا نحو الشمال هناك حرج اهدن، فهذه المناطق لا تزال مُحافظ عليها خصوصاً محمية ارز الشوف التي هي تقريباً 3 بالمئة من مساحة لبنان، فهذه القطعة هي المتنفس الطبيعي القريب او بنصف لبنان ولا يزال المتنفس الحيوي الذي يزال كما هو وهناك اناس يسهرون عليه وهذه أيضاً اذا استطعنا اضافة المساحات الخضراء بالمحمية فأقله نجعلها متنفساً للناس... ويجب ان يكون كل شيء مدروساً، فأنا اتفهم اندفاع الناس ان فلاناً يريد زرع مليون شتلة وفلاناً مئة شتلة ومشكورين سلفاً انما ليس هكذا تسير العمليات بعد الحرائق، بل يجب ان تُجرى دراسات شاملة لهذا الوضع وتُوضع خطة اقله خمسية والحد الأقصى 10 سنوات لاعادة ما خسرناه بالتعاون مع المجتمع المدني ومع البلديات وطبعاً مع الدولة، ولا يجب ان يقوم اي شخص باي خطوة قبل إجراء دراسة من قبل اختصاصيين.

نشاطات جمعية <غدي>!

 

ــ وما هي أبرز النشاطات التي تقوم بها جمعية <غدي> المعنية بالبيئة منذ عشرين سنة؟

- ان جمعية <غدي> هي من أوائل الجمعيات التي بدأت بالتربية البيئية ونعتز بأمر اننا قمنا في العام 2002 ببرنامج يُدعى <Green Student Green Teacher Green School> او التلميذ الأخضر ــ الاستاذ الأخضر ــ المدرسة الخضراء، اذ يعمل هذا البرنامج على تعليم الجيل الصاعد حب الطبيعة، فمن يعتاد ان يزرع شجرة يصبح من غير الممكن ان يقوم بقطعها لاحقاً، وهكذا نجعله يتعلق بالأرض بهذه الطريقة. لقد بدأنا بمدارس قريبة من بيروت واستطعنا ان نقوم بمشاتل بيئية نموذجية تربوية بالمدارس إذ بالنسبة الينا التربية البيئية هي جزء لا يتجزأ من كل ما يحصل، يعني الآن لدينا مشكلة النفايات فأهم ما قمنا به هو اننا بدأنا بالتربية يعني عندما نتحدث عن الفرز من المصدر: اي قبل الفرز هناك المصدر الذي يستطيع تقليل كمية النفايات بعد الفرز من المصدر، فهذه تحتاج لثقافة تبدأ من البيت الى المدرسة ثم الى المجتمع، اي التربية تخفف فاتورة كبيرة على كل شيء نقوم به، ويجب ان نبدأ بالمدرسة لكي نبني جيلاً واعياً بكل هذه الأمور التي نتطرق اليها الآن.

ويتابع:

- أيضاً الجمعية عقدت اتفاقيات خصوصاً مع وزارة البيئة الأردنية وبدأنا نعمل بالتوازي في المدارس في لبنان والمدارس في الأردن وشجعنا زراعة الصنوبريات والصنوبر اللبناني في الأردن خصوصاً في عمان . وهناك تبادل بيننا وبين الأردن اذ يذهب طلابنا الى الأردن كما يأتي الطلاب من الأردن الى لبنان فيتعلمون من بعضهم البعض ويتبادلون الخبرات سواء الثقافية او الجبلية والسياحية الجميلة عن لبنان وذلك طبعاً تحت مظلة وزارة البيئة. ومن ضمن برامج جمعية <غدي> أنشأنا موقع <غدي نيوز> وهو موقع بيئي متخصص تقريباً منذ 16 سنة، وكنا من الأوائل في المنطقة حيث فكرنا ان نعمل بالتربية البيئية وان نصل الى كل بيت لأنه ليس لدينا الامكانيات لندخل لكل المدارس، وذلك من خلال التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي إذ قلنا يجب ان ندخل الى قلوب الناس وبيوتهم بطريقة جيدة وعلمية، فأنشأنا الموقع لهذا الهدف وحققنا النجاح على مر الأعوام لنصبح كمرجع بيئي اول في لبنان والمنطقة. والجمعية هي عضو في الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة وهو اكبر شبكة في العالم للبيئة، ونفتخر بأن جمعية <غدي> عضو في هذا الاتحاد.