تفاصيل الخبر

الحوار بين "المستقبل" وحزب الله إستمر… ولو من دون نتائج!

15/01/2016
الحوار بين "المستقبل" وحزب الله إستمر… ولو من دون نتائج!

الحوار بين "المستقبل" وحزب الله إستمر… ولو من دون نتائج!

 

Mohammad-Fathali إذا كانت تداعيات إعدام المملكة العربية السعودية للشيخ نمر باقر النمر جمدت الرعاية الاقليمية التي كانت متوقعة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وفق مبادرة الرئيس سعد الحريري تأييد ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية (راجع العدد السابق من <الأفكار>)، فإنها لم تجمّد الحوار بين تيار <المستقبل> وحزب الله الذي عاود جلساته في عين التينة برعاية الرئيس نبيه بري الذي أجرى اتصالات بين الجانبين أبقت جلسة الحوار قائمة ولو لم تحقق أي نتائج ملموسة، ذلك ان مجرد انعقاد الجلسة يعتبره الرئيس بري من <الانجازات> المهمة حالياً لأن حوار حزب الله ــ <المستقبل> هو الوحيد المستمر بصورة غير مباشرة بين السعودية (من خلال تيار <المستقبل>) وإيران (من خلال حزب الله)، وهذا أمر يدعو رئيس مجلس النواب الى عدم الاستهانة به في هذا الظرف الدقيق الذي تمر فيه دول المنطقة بعد إحياء الخلافات التاريخية بين السنة والشيعة.

وفيما بدا ان الحوار بين <المستقبل> وحزب الله هو من أجل الحوار فقط في المرحلة الراهنة على الأقل، تبين ان وجود رغبة لدى الفريقين بالإبقاء على الجلسات الحوارية لم يكن بالأمر السهل خصوصاً بعد الاشتباك السياسي العنيف الذي قام بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وأركان المقاومة من جهة، والرئيس سعد الحريري وأركان <المستقبل> من جهة ثانية والذي كاد يطيح بالحوار الثنائي ويعيد عقارب الساعة الى الوراء مع تجدد القطيعة وما يمكن أن يستتبعها من ردود فعل. وفي هذا السياق تقول مصادر متابعة ان قيادة <المستقبل> درست <بجدية> مسألة وقف الحوار مع حزب الله، بعد بروز مواقف متشددة من جناح <الصقور> داخل <التيار الأزرق> رداً على ما أعلنه السيد نصر الله ضد السعودية، وما أطلقه رئيس <كتلة الوفاء للمقاومة> النائب محمد رعد بحق الرئيس سعد الحريري من <نعوت> و<توصيفات> غير مسبوقة وصلت الى حد وصفه بـ<المفلس الذي يجب ألا يكون له مكان في لبنان>! واعتبر <الصقور> ان رفض حزب الله عودة الحريري الى لبنان لترؤس الحكومة العتيدة، يشبه الى حد بعيد قرار ازاحته عن رئاسة الحكومة العام 2011 وإسقاط معادلة <س.س> التي نتجت عن تأزم في المفاوضات بين سوريا والسعودية، حيث قيل يومذاك ان طهران وقفت خلف هذا التأزم الذي تطور لاحقاً الى خلاف سعودي ــ سوري ــ إيراني كانت له تداعياته السلبية على الساحة اللبنانية.

 

استمرار الحوار خوفاً من نتائج التصعيد

إلا ان حماسة فريق <الصقور> في تيار <المستقبل> لم تكن كافية لاتخاذ قرار بوقف الحوار مع حزب الله لاسيما وان فريق <الحمائم> أجرى تقييماً <واقعياً> للأوضاع في المنطقة خلص في نتيجته الى ضرورة استمرار الحوار ولو من دون نتيجة لأن وقفه سيندرج في إطار التصعيد الذي تستفيد منه إيران المقبلة على انتخابات الشهر المقبل يحاول المتشددون في النظام الإيراني كسب أكبر عدد ممكن من الأصوات على خلفية <تأليب> الرأي الإيراني على <المعتدلين> الذين يسعون الى معالجات <موضوعية> للخلافات الناشئة.

وأشارت مصادر <المستقبل> الى ان الرئيس الحريري <حسم> الجدل الذي كان قام حول ملف الحوار مع حزب الله بين أركان تياره على خلفية ان السيد نصر الله، وعلى رغم لهجته التصعيدية ضد القيادة السعودية والعائلة المالكة، تحدث عن ضرورة تجنب أي تأزم مذهبي في لبنان، وان الحريري <جاراه> في هذا التوجه متجاوزاً <الحساسية> الكبيرة التي أحدثتها العبارات التي استعملها <السيد> في معرض مهاجمته الدور السعودي والقيادة ككل. وقد لعب التواصل بين <المستقبل> والرئيس نبيه بري دوراً مهماً في الوصول الى جلسة الحوار بـ<عقول منفتحة> بعدما اقتنع فريق الرئيس الحريري بأنه إذا كان لا بد من توقف الحوار الثنائي فليكن المبادر حزب الله وليس تيار <المستقبل> ليتحمل هو ــ أي حزب الله ــ ما يمكن أن يترتب من نتائج في حال توقف الحوار وعادت لغة الشارع لتسود من جديد.

وفي رأي المصادر المعنية ان الرئيس بري استطاع اللعب على وتيرة إعادة جمع شمل المتحاورين بعدما ميّز نفسه في الموقف الذي اتخذه مع حركة <أمل> من اغتيال الشيخ نمر باقر النمر، ولم يذهب الى التصعيد كما حصل مع السيد نصر الله. ولعل اللقاء الذي جمع الرئيس بري مع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أعاد <ضبط إيقاع> ردود الفعل <المستقبلية> ما حال دون <نعي> الحوار مع حزب الله، علماً ان وزير الداخلية كان واضحاً بأن <الجهد> الذي قام به كان بتكليف من الرئيس الحريري الذي <تمسك> بالحوار مؤكداً على أهميته، خصوصاً في هذه المرحلة بالذات، رافضاً أن ينتقل الصراع السعودي ــ الإيراني على خطورته وأهميته في آن، الى الشارع اللبناني حيث لا مصلحة لأحد بضرب الاستقرار الذي من شأنه أن يجعل البلد مفتوحاً على أسوأ الاحتمالات في ظل البراكين المشتعلة من حوله ووجود الارهاب على حدوده.

 

<فتحعلي>: بلادي تعزل خلافها مع السعودية

 

وبالتزامن مع انعقاد الجولة الـ23 من الحوار الثنائي بين <المستقبل> وحزب الله، كان السفير الإيراني في بيروت <محمد فتحعلي> يستبق انعقاد الجلسة ويؤكد أمام زواره في السفارة الإيرانية ان بلاده ترفض ان يتأثر الحوار اللبناني ــ اللبناني بالتوتر مع السعودية على رغم <الأسباب الجوهرية> التي أدت الى تدهور العلاقات بين البلدين ووصلت الى حد قطع العلاقات الديبلوماسية وكل أشكال التواصل. وأشار السفير <فتحعلي> الى ان بلاده لن <تدخل> الأزمة مع السعودية على الساحة اللبنانية، وهي تعتبر ما صدر عن الأمين العام لحزب الله هو بمثابة مواقف لمسؤولين وسياسين لبنانيين، خصوصاً ان طهران تعتبر الحزب مستقلاً وإن كانت تجمعه بإيران علاقات مميزة. واستبعد السفير الإيراني، ضمن هذا السياق، ان يتأثر سلباً الحوار بين حزب الله و<المستقبل> وإن كان الوصول الى نتائج حاسمة ليس بالأمر السهل بين الطرفين، لافتاً أمام زواره ان لا نية لطهران بخفض نشاطها من أجل دعم لبنان وكي لا يحصل أي خلل في مسألة الحوار يوحي بأن إيران تريد زعزعته والاستمرار في عرقلة اتمام الاستحقاق الرئاسي.

 

مصلحة الطرفين في استمرار الحوار!

المشنوق-بري

وفيما أكدت مصادر حزب الله ان مسألة وقف الحوار <خطرت> على بال بعض القياديين في الحزب لكنها لم تصبح حقيقة قائمة، تتحدث مصادر متابعة ان حزب الله و<المستقبل> ليسا في وارد وقف الحوار الثنائي بينهما، فالأول (أي حزب الله) يريــــد  استمرار <الهدنة الأمنية> مع <المستقبل> مهما بلغت <الحرب الكلامية> مستوى متقدماً، لأنه لا يرغب في حصول تطورات تزيد من الحملات ضده وصولاً الى حد المطالبة بـ<عزله> (كما يحصل حالياً بين السعودية وإيران)، خصوصاً ان المشاركة العسكرية في الحرب السورية وربما أيضاً في المواجهات العراقية، جعلت قدرات الحزب مشتتة و<ظهره مكشوفاً> ولا حاجة بالتالي لمزيد من الأعباء تضاف على ظهر المقاومة. أما تيار <المستقبل> فليس في وارد القيام بأي <قفزة في المجهول> لاسيما وانه بعد كل <خناقة> مع الحزب كان الحوار سيد الأحكام خصوصاً ان لدى الطرفين قناعة بضرورة إبقاء لبنان بعيداً عن الصراع الاقليمي، قدر الامكان، وبأن أي اشتباك من أي نوع بينهما لن يخرج أحد منه منتصراً بل سيفتح الجرح أكثر ويجعل من المستحيل دمله. وبالتالي فإن <العقلاء> في حزب الله و<المستقبل> يدركون بأن لكل من الطرفين مصلحة في إبقاء الوضع في لبنــان مستقراً وليس ساحة اشتباك لن يكون من السهل معرفة المدى الذي سيبلغــه وحجم التداعيات والسلبيات التي ستتأتى منه. وثمة من يضيف الى هذه الاعتبارات، حاجة الحزب و<التيار> في زمن العواصف في الجوار، الى ساحة آمنة تحتضن الحوار بينهما ولا تكون ساحة <تشغلهم> وتربكهم وهم على خطوط النار في سوريا وفي الجنوب اللبناني في آن. ولا يسقط المطلعون من الحساب مسألة رغبة الرئيس الحريري بالعودة الى لبنان رئيســاً للحكومة، وهذا أمر من الصعب تحقيقه إذا لم يبقِ على شعرة معاوية مع <الحزب>، خصوصاً ان العلاقة جيدة مع الرئيس بري الشريك في <الثنائية الشيعية>، والذي تربطه بالمسؤولين السعوديين علاقات تسمح له في  أن يلعب الدور الذي يجيده كـ<اطفائي> سبق لــه أن عمل على خط السعودية ــ إيران سعياً لإمكانية التقارب بينهما وعدم تجاوزهما الخطــوط الحمر، لاسيما وان بري يعتقد ان ايجاد مناخات ايجابية بين البلدين يساهم في ضبط الأوضاع على أكثر من ملف ولاسيما في لبنان على رغم الخلافات وانعدام الثقة بينهما والذي ينسحب أوتوماتيكياً على العلاقة بين <الحزب> و<المستقبل>.