تفاصيل الخبر

الحــــوار القــــائـم لــن يــنـتـــــج أي حلـــــول وهـــو للـتـهـدئــــة والاستيعـــــاب لا أكثـــــر!

23/09/2015
الحــــوار القــــائـم لــن يــنـتـــــج أي حلـــــول  وهـــو للـتـهـدئــــة والاستيعـــــاب لا أكثـــــر!

الحــــوار القــــائـم لــن يــنـتـــــج أي حلـــــول وهـــو للـتـهـدئــــة والاستيعـــــاب لا أكثـــــر!

 

بقلم حسين حمية

SAM_6381يشكك كثيرون بجدوى مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس المجلس نبيه بري ويرون أنه لتمرير الوقت لا أكثر بانتظار وضوح ما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة، وبالتالي فهو لن ينتج رئيساً للجمهورية، هذا إن استمر في جلساته ولم ينسحب منه بعض الاركان.

<الأفكار> التقت النائب السابق إميل إميل لحود داخل مكتبه قرب مبنى كهرباء لبنان عند منطقة النهر وحاورته في هذا الملف، بالإضافة الى شؤون وشجون الوضع الداخلي بما في ذلك الحراك المدني بدءاً من السؤال:

ــ عقدت الجولة الثالثة من الحوار الوطني يوم الثلاثاء الماضي، فهل ترى أن هذه الجلسات ستصل الى نتائج إيجابية، لاسيما بما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، أم أن ما يحصل هو لتقطيع الوقت بانتظار حصول التسوية في المنطقة؟

- لا شك أن الحوار وسيلة للتهدئة والاستيعاب، إنما بصراحة لا ننتظر منه أي نتيجة، حتى ان المتحاورين أنفسهم غير مقتنعين فعلياً بالوصول الى نتيجة إيجابية. وهذا الحوار هو مجرد شكل أكثر من  كونه مضموناً. وأنا مقتنع بأن التسويات او الحلول المؤقتة لا تنهي المشكلة، بل تراكمها مع الوقت، وبالتالي فالحوار هو بمعنى آخر تشجيع لتراكم المشاكل بدل حلها لأنه حصل فقط للتهدئة ولتأجيل حل الأمور، ولو كان جدياً لكنا معه على أمل الوصول الى النتائج المرجوة، إنما هو فقط يحمل في طياته تأجيل الحلول، علماً بأن البلد لم يعد يحتمل هذه المعالجات المؤقتة.

 

رابح وخاسر ولا تسوية

ــ إذا كان للتأجيل ولتمرير الوقت، فماذا ينتظر اللبنانيون، وهل أصبح الوضع مرتبطاً بالخارج أم ماذا؟

- الأمور أصبحت واضحة، وهي ان الواقع اللبناني أصبح مرتبطاً بشكل مباشر بالوضع الإقليمي، لاسيما في ما يحصل في سوريا، علماً بأن سياسة النأي بالنفس التي اعتمدها لبنان سخيفة وتآمرية لأن الهدف منها ليس تحييد لبنان عن المشاكل التي تحصل في المنطقة، بل كانت الفكرة منها توريط لبنان بالمشاكل من خلال استخدامه كمنصة وقاعدة للمجموعات الإرهابية والتكفيرية، وبالتالي فسياسة النأي بالنفس ورّطت لبنان أكثر مما حيّدته وفُرض علينا أن نتأثر بحلول المنطقة بعدما أصبحنا جزءاً من الحرب القائمة، وبالتالي متى انتهت الحرب في المنطقة ستنعكس إيجاباً على وضعنا وتبدأ الحلول لمشاكلنا.

ــ يعني لا رئاسة في المدى المنظور حتى انتهاء الحرب السورية أو نضوج التسوية الإقليمية؟

- أنا لا أؤمن بحصول تسوية بل سيكون هناك رابح وخاسر، فالاتفاق النووي الإيراني هو انتصار ايراني وفشل أميركي إذا لم نقل أكثر، وذلك بعد 35 سنة من الحصار وفرض العقوبات ضد إيران ومحاولة تركيعها، لكن في النهاية أنجز الاتفاق ولم تغير إيران من سياستها، علماً أن إيران لم تكن يوماً في وارد صنع أسلحة نووية، وبالتالي فمن ربح فعلياً هي إيران، ولذلك فلا تسوية ستأتي، بل سيربح محور المقاومة، حتى ان الغرب عموماً يقبل اليوم فكرة مكافحة الإرهاب وإعلان الحرب على <داعش> وأخواتها، تماماً كما سبق للدولة السورية أن قالت إن ما يحصل في سوريا هو حرب على الإرهاب، وبالتالي سينعكس هذا الأمر على لبنان وسيربح الخط الممانع الذي يؤمن بلبنان الوطن والذي يريد قانوناً عادلاً للانتخابات من خلال اعتماد لبنان دائرة واحدة مع النسبية لكسر الفورة الطائفية، بما يؤمن إنهاء المؤامرة على لبنان والتي بدأت أساساً من قانون الانتخاب الذي كان على الدوام يفصّل على قياس البعض للإتيان بمجلس نيابي مطواع لا يمثل شرائح المجتمع بشكل عادل ومبني على الطائفية والاستزلام والمال والمناطقية، وهذا ما ينعكس سلباً على هيكلية الدولة.

قانون الانتخاب هو الأصل

ــ العماد ميشال عون طرح القانون النسبي حالياً واشترط السير به أولاً، ومن ثم انتخاب رئيس للجمهورية. فأين أنتم من ذلك؟

- نحن نرى أن المدخل لحل الأزمة هو إصدار قانون انتخاب عادل مبني على النسبية ومن بعده إجراء الانتخابات الرئاسية، لاسيما وأن التمديد للمجلس نتجت عنه جملة تراكمات خاطئة بما في ذلك الحكومة العرجاء التي لا تزال تعمل رغم الفراغ الرئاسي، وبالتالي فالخطأ بدأ من قاعدة التمديد والبناء عليها، ولذلك فالتصحيح يبدأ من الأساس من خلال قانون انتخاب والإتيان بمجلس وطني سليم ويتم انتخاب رئيس للجمهورية بغض النظر عن قانون الانتخاب، وكان يجب حصول انتخابات نيابية، لكن التمديد حصل كلعبة سياسية من قوى 14 آذار لإبقاء الأكثرية النيابية لديهم، خاصة وأنهم مقتنعون أنهم لن يأتوا بأكثرية نيابية جديدة نظراً لشح التمويل بعد الحديث عن إفلاس بعضهم، لاسيما وأن معاشات الموظفين لديهم لا تدفع منذ أشهر وبعض شركاتهم تفلّس، وهناك حديث عن بيع قصور وما شابه، وبالتالي طالما أن الأموال غير متوافرة، فالزخم الشعبي سيكون أقل تأثيراً، وقانون الانتخاب لو عدّل قليلاً سينعكس سلباً على قوى 14 آذار التي لن تحصل على غالبية المقاعد كما حصل في الأعوام السابقة، ولذلك هم حريصون على الاستمرار في أكثريتهم، وكان التمديد خيارهم، حتى انهم وافقوا على الحوار لحرصهم أيضاً على إبقاء هذا <الستاتيكو> القائم بغية وصول الرئيس سعد الحريري مجدداً الى رئاسة الحكومة في ظل المجلس النيابي الحالي الممدد له بعد حصول انتخابات رئاسية والإتيان برئيس لا طعم له بحجة أنه توافقي ووسطي ويحظى بدعم أغلبية الكتل النيابية.

لبنان ليس خزان نزوح!

ــ يعني المعادلة التي تحدث عنها العماد ميشال عون: الفوضى أو الرئيس الدمية صحيحة؟

- ان هذا الطرح يسوّق له الغرب وتحديداً الولايات المتحدة. وجاء الإنكليزي عبر رئيس الوزراء <دايفيد كاميرون> ليقول الشيء نفسه، وغداً سيأتي الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند> ليقول الخبرية ذاتها. فالغرب يريد من لبنان أن يكون مستوعباً للنازحين، لاسيما وأن لبنان حسب آرائهم هو الحلقة الأضعف بعدما استقبل أكثر من مليون ونصف المليون نازح، واستطاع استيعابهم، وهم يعيشون حياة أفضل مئة مرة من النازحين الذين يتوجهون صوب الغرب ويعرضون حياتهم للخطر ومات المئات منهم، ويعيشون الذل بكل أشكاله.

واستطرد قائلاً:

- بالتالي يريدون لهذا الطرح أن يكون عبر دولة تؤمن ذلك، ولذلك يريدون شكلاً للدولة بدءاً من رئيس يتعاطى بإيجابية مع هذا المطلب ويستطيع تسيير الأمور بما تيسر، ويريدون حكومة على الخط ذاته ولا مشكلة لديهم في أن يجدد المجلس لنفسه، لكن ليسمح الغرب لنا بذلك، فنحن أولاً لسنا خزاناً للنازحين، وثانياً هؤلاء بشر ولديهم وطن ومن حقهم العودة الى بلدهم وبيوتهم، وإذا كانوا قد نزحوا من بلادهم فالسبب هو الغرب الذي تآمر على بلدهم. ودعم المعارضة بالمال والسلاح، المعارضة حيث تحوّلت الى كابوس يهدد الجميع، وإذا جاء <كاميرون> ليتفقد النازحين في البقاع ويأخذ صورة تذكارية معهم لينال التعاطف في بلاده، فإن أزمة النازحين بدأت تصل الى الغرب وتدق أبواب الجميع. وتشكل مشكلة لدى دول أوروبا، خاصة وأن قسماً من النازحين هو من المجموعات الإرهابية التي حاربت في سوريا والتي لا يمكن لأي دولة أن تتحمّل هذا النمط من الإرهاب، لكن الحل يكمن من خلال وقف دعم الجماعات الإرهابية وإقامة تحالف دولي جدي ضد الإرهاب بالتعاون والتنسيق مع النظام.

ــ نفهم أن لا رئيس في سنة 2015؟

- لا أرى رئيساً للبلاد، لا بل أرى أن الحركات المطلبية ستزيد لأن الكوارث تعم البلد، والدولة غائبة عن المعالجة والنائب الممدد لنفسه لا يهمه أي شيء، والوزير يعرف أن الحكومة لن تتغير وهو مرتاح لوضعه...

الحراك محقّ

ــ على ذكر الحراك المدني، تُطرح علامات استفهام حوله، حتى ان مجلس الأمن عقد جلسة طارئة بخصوص الوضع في لبنان، فيما يتهم البعض دولاً باحتضان هذا الحراك. فماذا تقول أنت؟

- لا شك أن أي تحرك شعبي ستشوبه أخطاء وسيشارك فيه الجميع وتدخل على الخط أجهزة ودول، لكن لا بد من النظر الى الشق المطلبي المحق خاصة عند حصول أولى التظاهرات على أثر تراكم النفايات في الشوارع حيث نزل مواطنون مع عائلاتهم وأطفالهم وهؤلاء ليسوا متآمرين ولم يتأثروا بأحد في الداخل والخارج، ولا تزال هذه الحالة موجودة، خاصة مع نزول حملات مدنية أخرى وأحزاب ونقابات، وبالتالي لا بد من التمييز بين من يستغل الظروف لأسباب سياسية، وبين من يشارك في التظاهرات لأسباب مطلبية ومعيشية، وهؤلاء هم القسم الأكبر من الناس الذين يعيشون حالة كارثية من تراكم النفايات الى انقطاع الكهرباء والمياه الى البطالة والشكوى من الأقساط المدرسية مع بدء العام الدراسي الجديد، وصولاً الى تلوّث البيئة في كل مكان. وفي تقديري أن الأمور ستبقى على هذا المنوال والناس سيلجأون الى الشارع، إن لم تعالج هذه المشاكل، ولا بد من البدء بمعالجة أزمة النفايات على الأقل.

الفساد والمظلة الواقية

ــ لماذا لم يتخذ الرئيس لحود موقفاً آنذاك طالما أن <سوكلين> عملت في عهده؟

- لأن <سوكلين> وجدت مظلة حامية من الجميع، حتى انه عندما كان مجلس الوزراء يطرح هذا الموضوع، لم يقف ضد هذا المشروع سوى بعض الوزراء والباقي كانوا مع <سوكلين>، لا بل أقول بصراحة إن الرئيس لحود اصطدم بما يسمى النظام المالي اللبناني السوري، وليس كما يقول البعض بالنظام الأمني حيث كان هناك اتفاق ما بين أركان 14 آذار اليوم وما بين بعض أركان النظام السوري الذين كانوا يمسكون بالوضع اللبناني لاسيما أولئك الذين خانوا النظام وهرب أكثرهم ومات بعضهم، حتى انني أجزم أن الرئيس حافظ الأسد لم يكن يعرف ماذا يحصل، وكان يهتم بالوضع الداخلي السوري، وابنه باسل قد توفي والدكتور بشار الأسد كان جديداً في المعترك وتبين أن الشراكة اللبنانية السورية ركبت وكانت المغانم توزع على الجميع بما في ذلك الهاتف الخلوي والنفايات والإعمار وكل شيء آخر.

ــ يقال إن هذا النظام لا يزال قائماً من دون وصاية بعدما اعتاد اللبنانيون على الأمر رغم انسحاب سوريا من لبنان. فهل هذا صحيح؟

- هذا صحيح، لسوء الحظ نحن نعيش في بلد أثبت أنه لا يستطيع ان يدير نفسه، بل يحتاج الى وصي بشكل دائم، ونحن لا نملك حتى اليوم قرارنا، بدليل أن كل شيء مؤجل لدينا بانتظار كلمة الخارج. والمؤسف ان الذين استفادوا من النظام المالي اللبناني السوري هم أنفسهم الذين يحكمون لبنان اليوم ويتقاسمون المغانم فيه على حساب الشعب ومقدرات الدولة، ونحن التقينا مع الرئيس بشار الأسد على المبادئ، حتى انه عندما اتخذ الرئيس لحود قراراً وقال إنه لا يجوز في الهاتف الخلوي أن تكون حصة الشركات مليار دولار وحصة الدولة 200 مليون دولار، بل بالعكس، ذهب الجميع الى سوريا للتوسط مع الرئيس الأسد وإقناع الرئيس لحود بهذه الصيغة، لكن الرئيس الأسد رفض ذلك وقال إن هذا شأن لبناني داخلي لا تتدخل سوريا فيه، ولذلك فرض الرئيس لحود هذه المعادلة في مجلس الوزراء.

ــ ماذا عن الوضع الحكومي ألا يفترض تفعيل عملها طالما ان الفراغ الرئاسي مستمر؟

- أنا مع بقاء الحكومة كحكومة تصريف أعمال لتسيير أمور الناس فقط، وليس لإجراء تعيينات وما شابه لأن الحكومة غير شرعية وهي تجتمع في غياب رئيس الجمهورية، وإذا شرّعت بالأمر الواقع لكن حسب الدستور فهي حكومة تصريف أعمال ليس فقط في غياب الرئيس الماروني، وهنا المسألة عندنا تتخطى ذلك الى الشأن الوطني ونحتكم الى الدستور وإلا فليعدّل الدستور وليفعلوا آنئذٍ ما يشاؤون. فالدستور يقول بوجود رئيس الجمهورية لا أن يتحول 24 وزيراً الى رؤساء للجمهورية ويقتسموا قالب الكاتو على بعضهم البعض بغض النظر عن وجود وزراء أوادم ووطنيين، لكن أتحدث وفق الدستور  ولا يجوز الاجتهاد هنا، وبالتالي في غياب الرئيس تتحول الحكومة الى تصريف أعمال فقط.

ــ والحل هل يكون بانتخاب رئيس من الشعب كما يقول العماد عون؟

- الذهاب الى مؤتمر تأسيسي على أن يكون في لبنان لا في الطائف ولا في الدوحة، ولا في أي دولة أخرى...

ــ البعض يتخوف من المؤتمر التأسيسي ويتمسك باتفاق الطائف، ويتهم أطرافاً بأنها تريد ذلك لتحقيق المثالثة، ألا تتخوف من ذلك؟

- أبداً... هذه هواجس وهمية لتخويف الناس من التغيير، ومن يفعل ذلك هو المستفيد من الواقع الحالي الذي لا يريد التغيير وهم جماعة 14 آذار بالذات، لأن أي تغيير سيجعلهم خارج الحكم. أما فكرة انتخاب رئيس من الشعب، فهي فكرة جيدة إنما لا بد أن تتم من خلال سياق دستوري بحيث يجلس الجميع الى طاولة الحوار ويقررون تعديل الدستور، خاصة وأن اتفاق الطائف خدم عسكريته ومن الضروري أن يعدّل لاسيما وأن هناك  ثغرات تشويه ولا بد من تصحيحه، علماً بأن لا شيء مقدساً، ويمكن إجراء استفتاء شعبي كما يحصل في كل بلدان العالم لتغيير الدستور من جوهره.