تفاصيل الخبر

الـحــل الـسـيـاســـي فــي سـوريـــــا مـوجـــــود تـحـت الـطـاولــــة في مـنـظـــور الـــرئـيـس الـرومـانـــي!  

22/10/2015
الـحــل الـسـيـاســـي فــي سـوريـــــا مـوجـــــود  تـحـت الـطـاولــــة في مـنـظـــور الـــرئـيـس الـرومـانـــي!   

الـحــل الـسـيـاســـي فــي سـوريـــــا مـوجـــــود تـحـت الـطـاولــــة في مـنـظـــور الـــرئـيـس الـرومـانـــي!  

بقلم وليد عوض

3 الرئيس نبيه لاعب <بلياردو> من الطراز الأول، مثلما كان الرئيس الراحل اميل إده: وهو ماهر في اللعبتين: <كارامبول>، أي تصادم الكرة الحمراء مع الكرتين البيضاويين، كما هو حاذق أيضاً في لعبة <السيكستي وان> (الواحد والستين) بحيث يملك القدرة على إصابة الطابة التي يراها مناسبة للنزول في خرج الطاولة. ولاعب <البلياردو> في السياسة يستطيع أن يصيب الكرة الحمراء، مثلما يملك الذكاء للاسقاط في الخرج أو الثقب الكبير.

   وبعدما قال أكثر رجال السياسة <أمان>، كما التعبير باللغة التركية، بمعنى ان السيل وصل الى الزبى، يظل الرئيس نبيه بري (79 سنة) خارج أي يأس أو قنوط، ويستطيع تدوير الزوايا، والوصول الى النتيجة التي ترضي أكثر الفرقاء. وما زاد قوته وتأثيره انه انتُخب في جنيف للمرة الثانية رئيساً لاتحاد البرلمانات العربية، أي له امتداد الى الدول العربية عبر برلماناتها، أو ما يُسمى مجالس الشورى عند بعض الدول الخليجية، كما استطاع وهو يزور جمهورية رومانيا ويلتقي رئيسها <كلاوس يوهانس> أن يفرض حضوره في الدول الشرقية، ويكون الدعامة السياسية الكبرى للجالية اللبنانية في <بوخارست>، والمدن الرومانية الأخرى، مثل آل قانصوه من بعلبك، وآل نصار من بلدة جون الشوفية، وآل الطويل في الجنوب، فضلاً عن سلسلة مطاعم يملكها لبنانيون. وفي لقائه مع رئيس البرلمان الروماني <فاليريو ستيفان> استطاع أن يوسع بيكار نفوذه البرلماني على مستوى أوروبا الشرقية.

   ولأن الأزمة السورية هي الوقود المستمر للحالة التي يتخبط فيها لبنان، فقد كان على يقين من أن الحل السياسي للأزمة السورية من تحت الطاولة، كما توافق على العبارة مع الرئيس الروماني <يوهانس>، هو المخرج للمعاناة التي يعيشها لبنان سياسياً واقتصادياً، بدءاً من أزمة اللاجئين السوريين الذين وصل عددهم الى مليون ونصف مليون رجل وامرأة وطفل، وشغور الموقع الرئاسي الأول في البلاد، والشلل الذي يصيب السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومتى وضعت الأزمة السورية أوزارها، أمكن للبنان أن يتنفس الصعداء، وللحراك الشبابي في شارع بيروت ان يهدأ، وأن يضع تصوراته للمستقبل بالتعاون مع السلطة التشريعية.

   وإذا كان إنهاء الشغور الرئاسي ممراً الى المستقبل السياسي الذي يحلم به شباب لبنان، ويحتاج الى دعم اقليمي ودولي، فمن باب أولى، حسب الرئيس نبيه بري، ان ينسكب هذا الدعم الاقليمي والعالمي في صحن إطفاء الأزمة السورية. وحول هذه الحقيقة إلتقى الرئيس بري مع الرئيس الروماني <يوهانس> ورئيس البرلمان الروماني <زغونيا> ورؤساء المجالس النيابية العربية الذين التقاهم الرئيس بري في جنيف.

 

بري-11 عقدة عون وقيادة الجيش

 

   بعد هذه المقدمة لا بد من السؤال: ماذا يستطيع الرئيس نبيه بري أن يفعل؟ وهل يملك القدرة على تذويب الحديد السياسي؟

   لنبدأ من المشكلة السنية ــ الشيعية، والحوار الدائر في قصر عين التينة بين تيار <المستقبل> وحزب الله، وفي الأول نهاد المشنوق وسمير الجسر، وفي الثاني علي حسن خليل ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب الله الحاج محمد رعد. فالرئيس بري يرى ان هذا الحوار هيئة اطفائية لأي نار قد تأخذ الشكل المذهبي، ولنا في حوادث أيار (مايو) 2008، المثل والمثال. والنفوس مشحونة بالعصب المذهبي بكل أسف. وميزة الرئيس نبيه بري انه شيعي المذهب ولبناني الهوى، وهذا الدور مطلوب في هذه المرحلة الدقيقة جداً من تاريخ لبنان.

   ثم نأتي الى العقدة والحل، أي الى العماد ميشال عون، والمنطق يعترف لهذا الرجل بدائرته الحيثية الواسعة في القطاع المسيحي، وهو في قرارة نفسه يعتقد أن هذه الحيثية تؤهله ليكون رئيساً للجمهورية، مثلما مؤهلات نبيه بري ليكون رئيساً للبرلمان، ومؤهلات الرئيس سعد الحريري ليكون رئيساً للوزراء. ولكن الرئيس بري لا يريد أن يتعاطى مع هذا الموضوع بالعقلية المذهبية. فهو رئيس شيعي، بالمعنى السياسي، ولكن جسوره ممتدة الى كل الأطياف. ففي ديوانه كل أربعاء يوجد الشيعي، والسني، والماروني، والكاثوليكي، والدرزي، والأرمني، وهو ما لا يملكه العماد عون، لأن المسلم الوحيد في عقده الذهبي هو نائب جبيل عباس الهاشم، وحبذا لو كان معه من جبل لبنان مثلاً نائب مسلم، أو نائبان مسلمان، إذن لكانت الصورة قد تغيرت.

   ومطلوب من العماد ميشال عون أن يطرح نفسه كمرشح رئاسة عن كل اللبنانيين، ولكل اللبنانيين، ولا يتكلم اللغة الطائفية والمذهبية، وإذذاك يتنبه اللبنانيون الى أن الرجل يستحق كرسي الرئاسة في قصر بعبدا، وهي تجربة مرّ بها الرئيس كميل شمعون في نهاية الخمسينات، وتركت تأثيرها عليه في انتخابات الرئاسة عام 1970، فتبين أنه لا يملك الأصوات الكافية من النواب المسلمين، كما نصحه الرئيس صائب سلام وهو يعقد معه الاجتماع الشهير في فندق <فاندوم> بأن الأصوات الاسلامية في البرلمان قد يحصل عليها وزير الاقتصاد سليمان فرنجية، وهكذا كان.

 

كوة في الأفق المسدود

 

عادل-الجبير2   نعود الى السؤال: ماذا يستطيع الرئيس نبيه بري أن يفعل؟!

   أولاً يستطيع أن يعيد العلاقة الباردة بين تيار <المستقبل> وحزب الله في قصر عين التينة، بغض النظر عن الأثر الذي تركه تصريح وزير الداخلية نهاد المشنوق قطب الحوار مع حزب الله في قصر عين التينة، وتهديده بالانسحاب من مائدة هذا الحوار وحتى من الحكومة، إزاء ما اعتبره تعنتاً وابتزازاً من جانب حزب الله والتيار الوطني الحر، الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، ويجري الحوار بين حزب الله والرئيس سعد الحريري. وهذا ما يعمل له الرئيس نبيه بري، إضافة الى العماد ميشال عون، وإذا حضر الثلاثة الى طاولة حوار واحدة ذهبت شياطين.. الأزمة.

   وفي مستطاع الرئيس بري أن يفتح كوة في الأفق المسدود بعدما هيأت له ظروف المنطقة ومستجداتها فرصة فتح هذه الكوة محلياً، ذهاباً من قول وزير خارجية المملكة العربية السعودية الدكتور عادل الجبير في مؤتمره الصحفي الذي عقده في الرياض مع وزير خارجية ألمانيا <فرانك فالتر شتاينماير> ان الرئيس السوري بشار الأسد محكوم بالذهاب، وعدم دخول المرحلة الانتقالية الجديدة، بمعنى ان حكمه ينتهي بمجرد قيام الهيئة الانتقالية على أساس مقررات مؤتمر <جنيف واحد>.

   ولكن الوزير الجبير من جهة أخرى، حين سُئل عن دور إيران في المرحلة الانتقالية، قال إن دخول إيران في المرحلة الانتقالية، مشروط بانسحابها من سوريا التي تتعامل معها كأرض محتلة.

المنقذ من الضلال

 

   ومثل هذا المناخ الجديد لمصلحة الحل المطلوب للأزمة السورية يهيئ للرئيس نبيه بري أن يقوم بالمبادرة التي تنقذ من الضلال، و<المنقذ من الضلال> هو عنوان كتاب الإمام أبو حامد محمد الغزالي، إضافة الى كتابه الآخر <أيها الولد>. وما يساعده على التقدم بهذه المبادرة أن دول المنطقة، أو القوى الاقليمية، مشغولة بقضاياها الداخلية. فالعراق مشغول بمعاركه الحاسمة مع تنظيم <داعش> في منطقة الرمادي. ومصر مشغولة بنتائج المرحلة الأولى من انتخاباتها البرلمانية التي جاءت وكأنها تشبه المقاطعة أي من الضعف بمكان، وتركيا تلملم جراحها بعد الانفجار الدموي الذي أصاب أنقرة، والسعودية ذات التأثير القوي على مسرح السياسة في لبنان مشغولة بمعاركها في اليمن، ولا شيء عندها يتقدم على هذا الموضوع، قبل أن تضع معارك اليمن أوزارها وينجح الوسيط الأممي الموريتاني المنشأ اسماعيل ولد الشيخ في إيجاد صيغة التفاوض السياسي بين الحوثيين الانقلابيين ورئيس الشرعية عبد ربه منصور هادي.

   وإيران ذات الحضور الاقليمي ولو سلبياً، منهمكة أيضاً في تجميع غلال سقوط العقوبات المالية عنها تنفيذاً لـ<اتفاق فيينا>.

   وانتظروا أن تبدأ هذه المبادرة من خلال حركة الاتصالات التي يجريها الرئيس بري مع فرقاء المشكلة والحل، بدءاً من العمال ميشال عون، والدكتور سمير جعجع، والرئيس سعد الحريري، والرئيس أمين الجميّل، والنائب سليمان فرنجية رئيس حركة <المردة>، إضافة طبعاً الى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي..

   وإذا نجحت المبادرة التي يسوقها رئيس مجلس النواب اللبناني، فإن الغيوم لا بد أن تنقشع من حول الشغور الرئاسي ويكون لنا رئيس <صُنع في لبنان>!