تفاصيل الخبر

الحكومة تواجه تحدي التعيينات الادارية فهل تعتمد معايير جديدة أم تكون مثل سابقاتها؟

12/03/2020
الحكومة تواجه تحدي التعيينات الادارية فهل تعتمد معايير جديدة أم تكون مثل سابقاتها؟

الحكومة تواجه تحدي التعيينات الادارية فهل تعتمد معايير جديدة أم تكون مثل سابقاتها؟

 كثيرة هي التحديات التي تنتظر حكومة الرئيس حسان دياب، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وفي كل هذه التحديات يمكن للحكومة الثالثة في عهد الرئيس ميشال عون أن تثبت أنها مختلفة عن تلك التي سبقتها على أساس أنها تواجه حالات استثنائية تحتاج لاجراءات غير مسبوقة. مسألة واحدة يمكن للحكومة أن تظهر تميزها، هي مسألة التعيينات التي تأجل بعضها من الحكومتين السابقتين، فيما يبلغ عمر البعض الآخر أكثر من عشر سنوات مع وجود مؤسسات وادارات تُدار وفق نظرية <استمرار المرفق العام> بمعنى ان ولاية من يتولون ادارتها انتهت منذ سنوات، لكنهم استمروا في مواقعهم لتسيير المرفق العام!

في الجلسة ما قبل السابقة للحكومة كان من المفترض أن يدرس مجلس الوزراء آلية للتعيين مستوحاة من الآلية السابقة التي عرفت بـ<آلية فنيش>، وهي التي وضعها الوزير السابق محمد فنيش عندما كان وزيراً للتنمية الادارية، واعتمدت في ما بعد على نطاق ضيق في أواخر عهد الرئيس ميشال سليمان، في حين ظلت معلقة طوال السنوات الثلاث الأولى من عهد الرئيس ميشال عون. إلا ان مجلس الوزراء ارتأى تشكيل لجنة وزارية برئاسة الرئيس دياب وعضوية عدد من الوزراء لدرس الآلية انطلاقاً من تلك الموجودة أساساً مع تعديلها وفقاً للحاجات الراهنة، أو وضع آلية جديدة إذا اقتضى الأمر. لكن سرعان ما تبين ان لا جهوزية بعد للمباشرة في التعيينات الادارية العالقة منذ سنوات، وان الأولوية هي لتعيين نواب حاكم مصرف لبنان، ورئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، والأعضاء الثلاثة المتفرغين في هيئة الأسواق المالية التي يرئسها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومفوض الحكومة لدى المصرف المركزي... إلا انه وما إن طرحت هذه التعيينات <المالية> حتى بادر وزير المال غازي وزني بالقول، وفق مصادر حكومية، انه غير جاهز بعد لطرح الأسماء التي يقترحها على مجلس الوزراء، على أن يكون جاهزاً في الجلسة المقبلة... ولما سئل الوزير وزني عن المعايير التي سيعتمدها في اختيار المرشحين لملء هذه المراكز، قال إنه لم يحددها بعد، وعندما قيل له ــ ودائماً حسب المصادر الحكومية ــ إن ثمة معلومات تشير الى ان بعض نواب الحاكم السابقين سيعود الى مركزه، رد الوزير وزني انه لا يستطيع أن يمنع أي نائب حاكم سابق من أن يترشح من جديد، من دون أن يعطي المزيد من الايضاحات، ما دفع الرئيس دياب الى القول إن هذه المسألة سوف تدرس في حينه!

طريقة تقليدية... أم صدمة؟

وبدا من خلال النقاش، وفق المصادر الحكومية نفسها، ان ثمة من يرى من الوزراء ان اللجوء الى الطريق التقليدية في التعيينات عموماً ومنها تعيينات نواب الحاكم، من شأنه أن يحدث <صدمة> في الشارع الذي ينتظر الحكومة <على الكوع> ليحكم على أداء الوزراء الاختصاصيين على أمل أن يكون مختلفاً عن أداء من سبقهم من <الوزراء السياسيين>. لذلك <يفاضل> هؤلاء الوزراء في الدعوة الى اعتماد أسلوب آخر في التعيينات غير الأساليب التقليدية، وهو أمر غير مؤكد لاسيما بالنسبة الى نواب الحاكم حيث تنقل أكثر من جهة ان نائب الحاكم الأول وهو شيعي سيكون نفسه السابق أي السيد رائد شرف الدين، والنائب الثاني (السني) هو نفسه محمد بعاصيري (المدعوم أميركياً حسب بعض المصادر)، على أن يحصل التغيير في نائب الحاكم الدرزي ونائب الحاكم الأرمني. السؤال هل ستتمكن حكومة دياب من اجراء التغيير على مستوى نواب الحاكم، وهل يمكن ألا تقف على رأي الحزب التقدمي الاشتراكي في نائب الحاكم الدرزي، وعلى رأي حزب الطاشناق في ما خص نائب الحاكم الأرمني؟ هذا التحدي ترى مصادر وزارية انه سوف يضع الحكومة أمام امتحان صعب، فإن استمرت في الأسلوب نفسه المعتمد في الحكومات السابقة، تكون هذه الحكومة امتداداً للسابقة، وإذا قررت التغيير فهل تستطيع مواجهة السياسيين الذين اعتادوا التدخل في كل شاردة وواردة؟... من هنا دقة الاستحقاق الذي ينتظر الحكومة لأنه سيكون المؤشر في التوجه الذي ستعتمده في التعيينات الأخرى لاسيما في الادارات والمؤسسات العامة حيث يكون تدخل السياسيين أكثر حراجة... والتزاماً.

وتتوجه الأنظار الى اللجنة الوزارية التي عليها ان تدرس الخيارات الخاصة بآلية التعيين التي هي غير قانونية وفقاً للأنظمة المرعية الاجراء، إلا انها باتت مطلباً لعدد من الوزراء الجدد حفاظاً على نمط التغيير الحكومي وعلى الشفافية في ملء المواقع القيادية في الادارة العامة التي يفترض أن تبقى بعيداً عن التسييس وتكون معايير الكفاءة والخبرة هي الأساس، خصوصاً ان الشغور في وظائف الفئة الأولى وما يعادلها في مجالس ادارة المؤسسات العامة والمستشفيات الحكومية يزيد عن 50 موقعاً في مختلف المؤسسات والادارات. ويراهن وزراء في الحكومة بأنهم سيفرضون التغيير، وستكون هناك آلية واضحة وشفافة للتعيينات الادارية، فيما يرى آخرون ان ثمة مواقع لا يمكن أن تُترك من دون تدخل المراجع الرسمية والسياسية على حد سواء.

تجارب الماضي غير مشجعة!

في المقابل، ثمة من يرى ان الآلية القديمة التي كانت معتمدة لم تكن سوى <واجهة> شكلية ولطالما تم تجاوزها في العهد السابق للإتيان بمن يحظون برضى المرجعيات السياسية، وبالتالي كان يصار الى التفاهم على الاسم ويُعطى المركز الأول في التصنيف، وفي إحدى المرات، تم تجاوز هذه القاعدة وعُين الذي حلّ ثالثاً حسب تقرير اللجنة ما يؤكد الروايات حول ان لجنة الآلية كانت تعمل <a la carte> وليس على قواعد ثابتة ومعايير دقيقة. وفي أحيان أخرى جرى تجاوز رأي اللجنة في اختيار صاحب الحظ الذي دخل الى جنة الادارة اللبنانية بمغرياتها ومميزاتها على حد سواء.. ويروي أحد الوزراء السابقين ان لجنة الآلية اجتمعت مرة لاختيار <الأوفر حظاً> لشغل مركز مدير عام في الدولة، ولم تجد من بين المتقدمين من يستحق

هذا المركز، لكن أحد أعضاء اللجنة كان <يركز> على مرشح معين، ثم في النهاية تم اختياره وتعيينه وسط ممانعة أحد أعضاء اللجنة وتحفظ العضو الثاني!

يذكر ان آلية التعيين في وظائف الفئة الأولى كانت تلحظ إعطاء الأولوية للتعيين من داخل الملاك لموظفي الفئة الثانية الذين يستوفون الشروط، وفي حال تبين ان العدد لا يكفي يصار الى الاستعانة بمرشحين من خارج الملاك بهدف تجديد دم كبار الموظفين واعتماد التغيير. وتنص الآلية كذلك على ان تنشر وزارة التنمية الادارية اعلاناً عن كل وظيفة من الوظائف المطلوبة مع تفاصيل عن المواصفات المطلوب توافرها بالمتقدمين على أن يتم النشر في ثلاث صحف محلية إضافة الى صحف أجنبية لاسيما في دول الاغتراب، ويصار التقدم الى الوظائف عبر الموقع الالكتروني لوزارة التنمية الادارية، ثم ترسل الطلبات الى مجلس الخدمة المدنية من دون أسماء ويصار الى وضع علامات لها استناداً الى المستندات التي تتضمن المؤهلات العلمية والسير الذاتية، ويتم تأهيل المرشحين للمقابلة النهائية التي تجريها لجنة من ثلاثة أعضاء هم وزير التنمية الادارية والوزير المختص المعني بالوظيفة المطلوب تعيين مدير عام لها ورئيسة مجلس الخدمة المدنية. وبناء على المقابلة يتم اختيار ثلاثة مرشحين لكل منصب، وتحال الأسماء الى مجلس الوزراء ليختار الاسم <الأنسب> وفقاً للمعطيات التي تكون اللجنة قد وفرتها للوزراء... ويقر اداريون سابقون ان هذه الآلية لم تُحترم إلا نادراً في عهد الرئيس ميشال سليمان، وتم استبعادها في عهد الرئيس عون.

في اي حال، الحكومة أمام تحد أساسي في موضوع التعيينات، وهي على المحك فإما أن تكون تقليدية مثل من سبقها في ما خص التعيينات، وإما أن تكون متجددة بالممارسة والمفهوم... تلك هي المسألة، وان غداً لناظره قريب!