تفاصيل الخبر

الحكومة تجاوزت ”الثلث المعطل“ لمواجهة غائلة التعطيل!

07/02/2019
الحكومة تجاوزت ”الثلث المعطل“  لمواجهة غائلة التعطيل!

الحكومة تجاوزت ”الثلث المعطل“ لمواجهة غائلة التعطيل!

بقلم علي الحسيني

 

منذ أيام قليلة وتحديداً في الحادي والثلاثين من كانون الثاني/ يناير الماضي، صار بإمكان اللبنانيين ان يتغنوا ببلدهم الذي أصبح فيه حكومة وذلك بعد مخاض عسير ومعاناة طويلة استمرت لمدة تسعة أشهر بالتمام والكمال، ولأن الجميع يعتبر نفسه قد خرج منتصراً من <معركة> المراوحة والمماطلة، يبقى الأهم والأبرز الذهاب بموقف سياسي موحد نحو البيان الوزاري الذي على أساسه ستنال الحكومة الثقة وإلا فإن حصول العكس يعني أن الامور ستعود إلى ما قبل نقطة الصفر.

مبروك... إجاكم حكومة!

بعد مضي تسعة أشهر من <الحمل التكليفي>، أتت الولادة الحكومية من <المستشفى الرئاسي> في قصر بعبدا، فبعد تعثر المخاض، الذي عقّدته مؤخراً، عملية تبديل الحقائب، افرج عن <الجنين الوزاري> وقطع حبل خلاصه من طبيب معراب سمير جعجع، الذي حلّ اجتماع تكتله النيابي آخر معوقات التأليف، معلنا أن تكتل الجمهورية <اتخذ القرار بقبول تبديل حقيبة الثقافة بحقيبة التنمية الإدارية>، فبحل العقدة القواتية، التي كانت آخر العقد، انطلق قطار التأليف متجاوزاً محطات عقد الماضي.

وعلى الخط نفسه، انتهت عقدة <اللقاء التشاوري> وصار حسن مراد نجل النائب عبد الرحيم مراد، الوزير السني <الملك> وبذلك تكون الحكومة العتيدة قد استعادت زمن الوزير عدنان السيد حسين الذي كان انسحابه من الحكومة في العام 2011 كفيلاً بإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، طبعاً مع فارق بسيط بين الشخصيتين في لعبة التوازن السياسي والمذهبي. ويبقى الأبرز أن صفحة العقد والمساعي وعمليات التشاؤم والتفاؤل قد طويت حتى إشعار آخر وقد تكون إلى الأبد. لكن في صريح العبارة، فإنه إذا كان لا بد من الوقوف عند أهمية تأليف الحكومة، فلا بد من الوقوف ايضاً عند الرئيس سعد الحريري الذي صبر في وجه الاعاصير السياسية وعاند المطبات الإصطناعية التي كانت توضع في وجهه إلى أن حسم الأمر، وقد جاء هذا الحسم بعد أن تنازلت <القوات اللبنانية> عن حقيبة الثقافة لمصلحة حركة <امل> وارتضت بنصيبها في التنمية الإدارية. كما كان لافتاً أن التركيبة الحكومية وسعت بيكارها النسائي واعطت حيزاً مهماً لهذا العنصر بعد اجحاف طاوله لسنوات طويلة بتمثيل لم يصل الى حد طموحاتها الفعلية، ولذلك كان التعويض بأربع نساء هن على قد <الحمل وزيادة>.

المُلاحظ أن التشكيلة الثلاثينية التي جاءت كما اشتهت سفن أغلبية السياسيين، كان سبقها يوم ماراتوني طويل بدأ بحركة اتصالات مكثفة في محاولة لتذليل العقبات وافساح المجال للوصول الى النتيجة المرجوة بعد أن ذللت عقبة <اللقاء التشاوري> قبل أن تعود وتصطدم بعقدة مبادلة الحقائب التي عاد وذللها رئيس حزب <القوات> سمير جعجع بعد اتصال أجراه به الرئيس الحريري طالباً منه التنازل لصالح البلد. لكن وبحسب مصادر سياسية بارزة أن تأليف الحكومة لا يعني على الإطلاق ان مشاكلنا قد انتهت، بل على العكس فبمجرد اعلان التشكيل فهذا يعني أن المواجهات السياسية قد بدأت بين أركان الحكم، فهناك مصالح حزبية وشخصية لدى البعض، تفوق مصلحة البلد لسبب وحيد هو ان هذا الحزب أو ذاك <التيار> هو من اختارهم

لهذه الحقيبة أو تلك وبالتالي لم يتم اختيارهم عن طريق الكفاءة>.

شدياق: يشتمونني وأنا التي قدمت التضحيات!

 

من نافل القول إن التعيينات التي جاءت بعد مخاض عسير، عكست ارتياحاً نوعياً في نفوس اللبنانيين استعادوا من خلاله الأمل بعودة النهوض بالبلد وانتشاله من الواقع السياسي والاقتصادي المزري، لكن الأبرز في التشكيلة أنها حملت على متنها أربع نساء لكل منهن مسؤولية محددة، ولعل التحدي الأبرز هو الذي ينتظر وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق التي هاجمتها مجموعة من الاقلام إما لأسباب تتعلق بانتمائها الحزبي (القوات اللبنانية) أو لوضعها الصحي والتي عبرت عنه بأنه شرف لي ولمن امثلهم وبأن ما قدمته من اجل القضية التي أحملها ومن أجل لبنان، يفوق إدعاءات الكثيرين في هذا البلد.

ما ينتظره البلد بعد تسعة أشهر من المراوحة وغياب القرار السياسي الموحد، هو أكبر بكثير من المعارك الجانبية التي تُخاض سواء على خلفيات حزبية أو شخصية، ولأن الوزيرة شدياق وضعت في حساباتها التعالي على التهجمات التي تستهدفها والتركيز على العمل السياسي والخدماتي، أكدت لـ<الأفكار> أن رئيس حزب <القوات اللبنانية> سمير جعجع اختارني من قبل لتولي احدى الوزارات المطروحة على القوات، وهذا يعني أنني لست طارئة على العمل السياسي وتاريخي يشهد لي بهذا الواقع. ولفتت إلى ان الذين يهاجمونني إنما ينطلقون من اخلاقياتهم وتربيتهم، ولانني اتعالى عن الصغائر لا يجب أن اتوقف عند أشخاص تعرف كيف تنتقد ولا تعرف كيف تعمل. انا أكثر شخص أعطى للبلد، لكن يبدو أن شغلة البعض فيه أصبحت محصورة بعرقلة عمل الغير بدل ان يشجعوهم. <فليمتوا بغيظهم>.

في السياسة أكدت شدياق أن للقوات اللبنانية مبادئ تسير عليها خلال العمل السياسي ولن نتخلى عن هذه المبادئ تحت أي من الظروف، والجميع يشهد لعمل وزراء القوات ومدى شفافيتهم وحرصهم على الوطن والمواطن. نحن أكثر الفرقاء الذين دفعوا أثماناً باهظة في مسيرة هذه الدولة ولهذا نحن مرتاحون مع أنفسنا الى اقصى الحدود وندرس خطواتنا بكل تأنٍ، كاشفة بأننا لن ندخل إلى مجلس الوزراء بنية المواجهة، وإلا نُصبح وكأننا نتحضر لمشكل مع الغير، بل على العكس سنعمل وفق خطط مدروسة ومتقنة لا تصب الا في خدمة الصالح العام وتفعيل مكانة الدولة والنهوض بها. أما في حال مواجهتنا، عندها سنطبق المثال القائل <لكل مقام مقال>.

وأوضحت أن ثمة تحديات تنتظرنا وهي كبيرة والدليل الوضع الذي مر به البلد خلال التسعة أشهر الاخيرة خصوصاً التصنيفات الخارجية للبنان، لذلك نطلب من خصومنا ان يعملوا لمصلحة البلد وليس لمصالح خاصة او خارجية. وأكدت أننا نمد يدنا لكل من يريد مصلحة البلد، والتعاطي مع الغير يتم من خلال كيفية تسيير الامور، أما في حال حاول البعض استهدافنا بالسياسة فالجميع يعلم انه وقت الخطر <قوات>، موضحة أننا سنجتمع قريباً لوضع دراسة للمرحلة السياسية المقبلة والعمل الذي

سنخوضه داخل المجلس.

 

مراد: سأصوت كممثل

لـ<اللقاء التشاوري>

 

وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد الذي شكله فريقه السياسي عنواناً أساسياً في تأخير التأليف، والذي تجمعه صداقات شخصية مع مختلف الأفرقاء السياسيين، يظهر ليونة سياسية في مقاربة العمل الحكومي، ويقول لـ<الأفكار>: بداية أود أن أشكر رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل وجميع الحلفاء على اختياري لتولي المنصب الوزاري، مع التأكيد أن خلافات ما قبل التشكيل أصبحت خلفنا، فقرارنا حاسم ومتقاطع مع كلام الرئيس الحريري لناحية ضرورة العمل والإنتاج حكومياً، ونأمل ان يكون هناك تعاون داخل مجلس الوزراء. ويرى أن ظروف البلاد تستوجب وضع الخلافات جانباً والانكباب على العمل للإهتمام في الوضع الإقتصادي الضاغط. ويأمل في تمكنه من إحداث صدمة إيجابية في العمل الحكومي تحقق ازدهاراً إقتصادياً ينعكس على جميع فئات الشعب اللبناني.

ويؤكد مراد أنه سيمد يده إلى جميع أفرقاء الحكومة على قاعدة تغليب هموم الناس على الاختلاف السياسي داخل الحكومة، مع المحافظة على الثوابت السياسية. ومع استبعاده بأن يشكل البيان الوزاري مادة خلافية، رجح أن يكون الإتفاق عليه سهلاً وكما جرى التوافق على التشكيل قد ينسحب أيضاً على البيان الوزاري. اتفهم وأعلم الاختلاف السياسي بين أعضاء الحكومة، لكن هذا الإختلاف لن يعيق الإنتاجية أقله من قبلي، فطاولة مجلس الوزراء هي للعمل وليست للمصارعة. وحول تموضعه السياسي داخل الحكومة، يشير إلى أنه سيصوت كممثل لـ<اللقاء التشاوري>، وبهذه الصفة سيحضر اجتماعات تكتل لبنان القوي، ويستبعد حصول تباينات سياسية بينه كممثل لـ<اللقاء>، وبين كتلة رئيس الجمهورية.

وعن فرضية تماثل تجربة حسن مراد السياسية بتجربة أبيه النائب عبد الرحيم مراد، يقول حسن: مسيرة خدمة الناس ستستمر، أما كوني ابن عبد الرحيم مراد فهذا يخلق تحدياً ومسؤولية بالنسبة ليس فقط في السياسة العامة، بل أيضاً داخل بيتي، لكي أكون على مستوى الحمل السياسي.

طرقات خارجية على أبواب الحكومة

في بداية ظهور التأليف ومع انقشاع الغمامة التي كانت تحجب الرؤية الحكومية، حطت شخصيات اميركية رفيعة المستوى رحالها في لبنان آخرها مساعد وزير الخزانة الاميركية لشؤون مكافحة تمويل الارهاب <مارشال بيلينغسلي> الذي شن هجوماً عنيفاً على حزب الله في رسالة واضحة بعدم رضا الأميركي على تولي <الحزب> وزارة الصحة. <بيلينغسلي> شدد على أنه إذا حاول حزب الله ان يستغل وزارته وهو سيفعل ذلك من اجل الحصول على أموال أو دعم انشطة تخدم أعماله الارهابية فعندها سنكون أمام مشكلة حقيقية. وقال: ان سياسة الولايات المتحدة حيال احتواء خطر ايران واضحة وجدية، والعقوبات أثرت على تدفق الاموال الى حزب الله وهذا سيخلق مشكلة حقيقية لنصر الله وجماعته.

أما من الباب السوري، فبعد أقل من 24 ساعة على اعلان الحريري عن تشكيلته الوزارية وتطرقه إلى ما ينتظر حكومته من عمل مُضن وصعب وإصراره على مواجهة التحديات بوحدة الموقف، رمى النظام السوري أولى سهامه غير المباشرة باتجاه الإنجاز الذي جاء بعد مخاض عسير استمر تسعة أشهر. واللافت أن التصويب السوري تركز بمدح وزيرين هما، وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب الذي قال فيه النظام إنه <القادر على التواصل المباشر مع المسؤولين السوريّين>، ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهوريّة سليم جريصاتي <القادر على زيارة دمشق وتمثيل الرئيس ميشال عون في أي اتصال مباشر مع القيادة السوريّة>.

 

هل يعترف الحريري بشرعية الأسد؟

بدا ترحيب دمشق وكأنه صبّ بالاتجاه الذي يخدمها ويخدم مصالحها ويُلمّع صورتها أمام الرأي العام الدولي. لكن المؤكد أن التطبيع مع النظام السوري هو من أكثر المسائل خِلافية بين الأطراف اللبنانية يعود طرحُه إلى الواجهة في كل مرة تمر بها البلاد بلحظات سياسية حساسة وملتبسة. وإذا كان مؤيّدو التطبيع يعتبرونه فرجاً للبنان سياسياً واقتصادياً، إلا أنّ معارضيه يرون في هذا الطرح رسالةً بالغة السلبية تستهدف بشكل رئيسي الرئيس سعد الحريري و<القوات اللبنانية> والحزب <التقدمي الإشتراكي> وغيرها من الاحزاب والشخصيات السياسية. واللافت أن ما يجمع بين الأسماء المذكورة، وضعهم على القائمة التي كانت أصدرها النظام السوري من خلال <هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب>.

 مصادر سياسية بارزة أوضحت بداية لـ<الأفكار> الشق المتعلق بالتصريحات السورية على الشكل الآتي: أولاً إذا كان الترحيب معطوفاً فقط على وزيرين فهذا أمر نرحب به أيضاً لأنه يُعد انتصاراً لكل الجهات التي هي على خصام مع هذا النظام، خصوصاً وانه في السابق كان يتمكن من الحصول على الثلاثين وزيراً. الحقيقة من المؤسف أن هذا النظام المتهالك المسنود على قوى دولية تستعمله خلافاً لإرادة شعبه، ما زال يحلم بأن يمد يده على السيادة اللبنانية ودون ذلك فإن أرداتنا ونيتنا وعزمنا أن لا تُمس هذه السيادة

مجدداً.

وشددت على ان مواجهة الهجمة غير <النظامية> هذه تكون بإرادة لبنانية صلبة، وهناك رئيس حكومة لديه مواقف واضحة من هذا النظام الذي لا يتمتع بالشرعية الشعبية الكافية في سوريا، وهناك قوى سياسية لن تتهاون في موضوع العودة الى الوراء وتحديداً التدخل سواء النظام السوري أو اذنابه في السياسة اللبنانية أو السيادة. نعم نحن جيران محكومون بالجغرافيا ونتطلع إلى أفضل العلاقات لكن في ظل دولة سويّة ونظام يتمتع بالشرعية وليس نظام مُحافظ عليه من اجل استمرار حالة الحرب والنزف في سوريا. ماذا عن الاحتكام الى <لعبة> التصويت بالاكثرية داخل مجلس الوزراء والضغط للذهاب الى تطبيع العلاقات بين لبنان وسوريا؟ تُجيب المصادر: إن هذا الموضوع دونه خروج من مجلس الوزراء. ليس سعد الحريري الذي تُسيّره الغالبية للذهاب الى الشام والاعتراف ببشار الأسد. أما موقفنا كقوى كبيرة ومستقلة فهو حاسم جداً فنحن عانينا ما عانيناه من هذا النظام الذي لم ولن يعترف يوماً بشكل فعلي بسيادة لبنان وحرية الشعب اللبناني في تقرير مصيره.

 

قصف <تقدمي> على جبهات الحكومة

عند عتبة الحزب <التقدمي الاشتراكي>، فقد لوحظ ليس فقط عدم وجـود رضـا لـدى أهل <المختارة> من الطريقة التي تم خلالها استيلاد الحكومة، بل أن اهل <الجبل> شنوّا هجوماً عنيفاً على التأليف أبرزه ما جاء من رئيس الحزب وليد جنبلاط الذي عبّر عن امتعاضه بالقول سيستمر الحزب الاشتراكي، ولو لوحده كما يبدو، في الدفاع عن الملك العام ويرفض هذه الخصخصة المتوحشة. وإذا كنت بالامس قد استبعدت تشكيل الوزارة فمرده انني لم أعلم بخفايا <باريس2>.. هفوة ودرس مرير. أما رئيس <اللقاء الديمقراطي> النائب تيمور جنبلاط فقد تحدث عن <خناجر زرعها الاقربون قبل الابعدين، في هذه الحكومة>.

وزير الصناعة وائل أبو فاعور سأل: ما هي خلفيات هذا التصعيد؟ وهل من قطبة مخفية؟. وبالعنف نفسه أطلق مفوّض الاعلام في <الاشتراكي> رامي الريّس عياراً نارياً من النوع الثقيل: <الخيانة ليست وجهة نظر، شأنها شأن العمالة والاستزلام، أعمال لا يقوم بها سوى الوصوليين والجاحدين وصغار النفوس>. وفي السياق نفسه رأى أمين السر العام في <التقدمي> ظافر ناصر أن <هناك ملامح ومؤشرات بأنها حكومة الصفقات في هذا العهد، وهذا ما يخيفنا ويقلقنا ويشكّل هاجساً كبيراً لنا>.

وبعيداً عن التنافس السياسي الحاصل ولدغات أبناء التوليفة الحكومية الواحدة وعلى قاعدة ان ما يُجمعهم هو أكثر مما يُفرقهم، سواء في المصالح العامة أو الخاصة، ركزت العديد من التصاريح السياسية، على إيجابية الحدث الذي أتى بعد تسعة أشهر من المواجهات والخلافات والعواصف السياسية والكوارث الطبيعية، وقد شددت المواقف على ضرورة النهوض بالوضع الإقتصادي والمالي خصوصاً وأن كل أشكال الدعم السياسي قد توافرت اليوم وتجمعت في قالب واحد، تمهيداً للذهاب برؤية واضحة باتجاه تحقيق مندرجات مؤتمر <سيدر> والاستفادة من مبلغ الـ11 مليار و800 مليون دولار.

 

من الخاسر ومن الرابح؟

في اليوم التالي على تشكيل الحكومة، انطلقت عملية تقويم للرابح والخاسر من التركيبة النهائية التي تم التوصل اليها. التحليلات والقراءات تضاربت وتفاوتت. وفي وقت آثر أكثر من طرف سياسي الابتعاد عن <لعبة> الارقام والاحجام في المواقف التي أطلقت في أعقاب التشكيل، بدا لافتاً، وفق ما تقول مصادر سياسية ان مجموع الوزارات التي حصل عليها رئيس الجمهورية و<التيار الوطني الحر> برئاسة الوزير جبران باسيل تخطى الأحد عشر وزيراً الى 11 وزيراً ونصف الوزير، على حد التعبير. لكن المصادر عادت لتؤكد ان الصحيح هو ان تنازلات متبادلة قدّمتها الأطراف السياسية كلّها، من دون استثناء، سمحت بإبصار الحكومة النور. فالجميع تراجع خطوة الى الوراء: الرئيس الحريري وافق على تمثيل اللقاء التشاوري، التيار الوطني الحر قبل بأن تكون للوزير شخصيته السياسية <الخاصّة> وإن كان سيشارك في بعض اجتماعات تكتل <لبنان القوي>، وحزب الله تدخّل لدى <التشاوري> مُليّنا حدّة موقفه من مسألة رفضه المُطلق لحضور اجتماعات <التكتل> وتنازلت <القوّات> لـ<أمل>.

وفي الارقام، يتبين من خلال التوزيعة، ان أي فريق لم ينتزع الثلث المعطل في الحكومة. وإن كان من طرف حصل عليه، فهو حزب الله. ذلك ان ولاء وزيري اللقاء التشاوري والحزب اللبناني الديموقراطي (برئاسة الوزير طلال ارسلان) السياسي الاول والاخير هو للحزب، خاصة وأن أكثر من محطة داخلية <سياسية> و<أمنية> أظهرت مدى تماهي الفريقين المذكورين مع <الضاحية الجنوبية> التي كادت في بعض الاحيان، تذهب الى حدّ التدخل <عسكرياً> لحمايتهما عند الحاجة.