تفاصيل الخبر

الحفاظ على الخصوبة لحماية فرص المرأة في الحمل والانجاب

09/12/2020
الحفاظ على الخصوبة لحماية فرص المرأة في الحمل والانجاب

الحفاظ على الخصوبة لحماية فرص المرأة في الحمل والانجاب

بقلم وردية بطرس

 

الاختصاصية في طب النساء والتوليد والعقم الدكتورة غنى غزيري: حفظ الخصوبة يمنح المرأة الدافع الأكبر لكي تنجح في عملها ويمكن تجميد البويضات حتى 15 سنة

[caption id="attachment_83789" align="alignleft" width="369"] نصائح للحامل في زمن الـ"كورونا".[/caption]

 الحفاظ على الخصوبة هو التدخّل الطبي لحماية فرص المرأة في الحمل والانجاب وتكوين عائلتها في المستقبل. يُشار الى الحفاظ على الخصوبة يستعمل لأسباب عدة لأنه يقدّم خيارات مختلفة للنساء الراغبات في تأخير الانجاب أو لديهن حالات طبية قد تؤثر على خصوبتهن في المستقبل.

ولقد أصدرت وحدة هيفا ادريس للخصوبة في المبنى الرئيسي للمركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت كتيّباً مخصصاً للمرضى وأسرهم لمساعدتهم على فهم كل ما يحتاجون لمعرفته حول الحفاظ على الخصوبة وتزويده بمعلومات دقيقة. ويشير الكتيّب الى أن النساء المصابات بالسرطان يستطعن الخضوع للحفاظ على الخصوبة، وأيضاً النساء المصابات بمرض او اللواتي سيخضعن لعلاج او جراحة قد تؤثر على صحتهن الانجابية، وأيضاً النساء الراغبات بتأجيل الحمل والانجاب لأسباب اجتماعية. ويتناول الكتيّب الحفاظ على الخصوبة لدى النساء المصابات بالسرطان، وأيضاً علاجات السرطان التي قد تؤثر على الخصوبة.

ويتناول الكتيّب أيضاً خيارات الحفاظ على الخصوبة للنساء اللواتي لديهن حالات طبية (السرطان او أمراض\ علاجات أخرى). اذ هناك خيارات مختلفة للحفاظ على الخصوبة حسب ظروف المرأة، وحالتها، وعمرها، والعلاجات التي تحتاجها. في بعض الأحيان يلزم الجمع بين خيارين او أكثر من الخيارات بناءً على رغبتها ونصيحة طبيبها وهي أولاً: تجميد البويضات \ الأجنة. ثانياً: تجميد أنسجة المبيض. ثالثاً: نقل المبيض لحماية المبايض أثناء العلاج الاشعاعي. رابعاً: الأدوية (منبّه هرمون GnRH لحماية المبايض أثناء العلاج الكيميائي).

ويتطرق الكتيّب الى موضوع الحمل والانجاب، وأيضاً الحمل بعد علاج السرطان، والحمل بعد علاج قد يؤثر على خصوبتها، وأيضاً التخطيط الانجابي للحالات الطبية (السرطان أو الأمراض الأخرى)، وخيارات الحفاظ على الخصوبة للنساء اللواتي لديهن ظروف اجتماعية (تأخر سن الانجاب)، والتخطيط الانجابي للظروف الاجتماعية.

الدكتورة غنى غزيري وأسباب تأخر الانجاب

[caption id="attachment_83788" align="alignleft" width="167"] الدكتورة غنى غزيري: المركز يقدم خدمات تحفيظ البويضة للأشخاص الذين يودون تأخير الحمل والانجاب.[/caption]

فما هي الأسباب التي تؤدي الى تأخر الانجاب؟ وكيف يتم الحفاظ على الخصوبة عند الاصابة بأمراض؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها (الأفكار) على الاختصاصية في طب النساء والتوليد والعقم الدكتورة غنى غزيري، وسألناها بداية:

* ما الجديد في مجال الخصوبة لمساعدة الأشخاص الذين لديهم مشاكل بالانجاب؟

- تقوم وحدة هيفا ادريس للخصوبة (وهو مركز عقم وأطفال الأنابيب) على مساعدة الأشخاص الذين لديهم تأخر بالانجاب لأسباب عديدة منها ضعف الاباضة او ضعف الحيوانات المنوية عند الرجل او بسبب انسداد الأنابيب عند المرأة. كما يقدم المركز خدمات أخرى مثل خدمات تحفيظ البويضة للأشخاص الذين يودون تأخير الحمل والانجاب، وتحفيظ الحيوانات المنوية لدى الرجال الذين لديهم مشاكل أو أمراض معينة ويستوجب أن يتناولوا أدوية كيميائية، وتحفيظ البويضات لدى النساء اللواتي قد تحتجن للعلاج بالأشعة أو أدوية كيميائية لمشاكل وأورام سرطانية، ففي هذه الحالة يقوم المركز بتحفيظ البويضات بحال أدى العلاج الكيماوي الى التأثير السلبي على الخصوبة. بالنسبة للأمور الجديدة في مركز الخصوبة والانجاب فهو لا يهتم بالخصوبة والانجاب فقط، بل يقوم بتشخيص حالة الجنين. وأيضاً يساعد المركز الأشخاص الذين لديهم مشاكل بالانجاب اذ باستطاعته ان يساعد الأِشخاص الذين يعانون من أمراض وراثية معينة قد تفيد بتشخيص حالة الجنين حتى ما قبل الانجاب. كما ان المركز يساعد الثنائي اللذين لديهما أطفال مصابون بأمراض وراثية معينة في أن يجنبّهما ان ينجبا أطفالاً لديهم الأمور الوراثية نفسها التي كانوا يعانون منها في وقت من الأوقات.

تأخير الحمل والانجاب

* في وقتنا هذا تضطر المرأة ان تؤخر الحمل والانجاب لأسباب مهنية فالى اي مدى يؤثر ذلك على الخصوبة؟

- طبعاً المرأة منذ أن تبدأ حياتها المهنية قد تكون على مفترق طرق فتكون أمام خيارات اذا ارادت ان تنجب الأطفال ولكنها تريد ان تكمل حياتها المهنية وتحقق نجاحاً بمهنتها، وفي بعض الأحيان النمو المهني لدى المرأة قد يؤخر الانجاب والأمومة لأنها لا تملك الوقت لنفسها ولعائلتها وبالتالي تؤخر الحمل والانجاب. ولكن نعلم ان قدرة المرأة على الانجاب لها مخزون معين ومع مرور الوقت تضطر أن تخسر هذا المخزون بسبب التقدم في السن وبالتالي بعد سن معين لا تعود لديها القدرة على الانجاب خصوصاً بعد انقطاع الدورة الشهرية.

* عندما تتلقى المرأة العلاج الكيميائي يصبح الانجاب صعباً بهذه الحالة، على الرغم من تطور العلم فهل يمكن ان تحمل المرأة بعد خضوعها للعلاج الكيميائي وما شابه؟

- حتى اليوم لم نتمكن من الوصول الى علاج هذه المشكلة اي تأثير الدواء الكيميائي أو العلاج الاشعاعي على الخصية عند الرجل أو المبايض عند المرأة، لأنه كما نعلم ان الدواء الكيميائي يؤذي الخلايا بشكل متسارع وبالتالي قد يؤثر على الاباضة وعلى انتاج الحيوانات المنوية.

 

العلاج الكيميائي والانجاب

[caption id="attachment_83790" align="alignleft" width="417"] نموذج عن البويضات وطريقة حفظها.[/caption]

* عند تلقي المرأة العلاج الكيميائي وهي لم تنجب الأطفال بعد فهل من طريقة تساعد في هذا الخصوص؟

- هذا يعتمد على نوعية العلاج الكيميائي او الاشعاعي الذي خضعت له المرأة، فهناك بعض السيدات يكون العلاج الكيميائي لطيفاً وقد لا يؤثر بشكل كبير على قدرتهن على الانجاب، اي حسب نوعية الورم السرطاني لدى المرأة . فعلى سبيل المثال بعض أنواع الأورام تضطر المرأة أن تأخذ دواء كيميائياً معيناً قد يكون قاسياً جداً على البويضات ومن مجرد 6 او 7 دورات من العلاج يُقضى على الدورة الشهرية. بالاضافة الى تأثير العلاج الكيميائي يعتمد أيضاً على عمر المريضة. فمثلاً اذا كانت الشابة بعمر 17 قد أخذت علاجاً كيميائياً معيناً فالعلاج الكيميائي نفسه قد يكون له تأثير سلبي على مريضة بسن 35 لأننا نعالج مبيضاً أضعف من مبيض الشابة بسن 17 او 18. وبالتالي كلما كان سن المرأة أصغر كلما كان التأثير السلبي للعلاج الكيميائي عليها قليلاً، وكلما كانت المرأة متقدمة في السن يكون تأثير العلاج الكيميائي عليها كبيراً.

* ما هي المشاكل التي تعاني منها المرأة في وقتنا هذا أكثر بما يتعلق بالحمل والانجاب؟

- أتصور ان المشكلة في لبنان هي نفسها في العالم كله، اذ  تضطر النساء أن تتأخر بالانجاب لاستكمال حياتها المهنية أو الاجتماعية، وبالتالي تضطر ان تؤجل الانجاب الى ما بعد سن الخامسة والثلاثين، وبعد سن الخامسة والثلاثين تحدث مشاكل بسبب تقدمها في السن، وأيضاً نوعية البويضات تصبح أقل جودة مما لو كانت أصغر من 35 سنة. صحيح ان هناك سيدات ينجبن بسن الأربعين ولكن هذا الأمر لا يحدث كل يوم، على العكس فالسيدة عندما تتجاوز سن الأربعين تصبح قدرتها على الانجاب قليلة، وليس هذا فحسب بل اذا اصبحت حاملاً يكون هناك احتمال للإجهاض المتكرر أكثر من غيرها.

* هل ازدادت المشكلة في هذا الوقت العصيب اذ في الماضي كانت النساء ينجبن بدون علاجات؟

- اذ تابعنا الدراسات الطبية العالمية فهي تفيد بأن القدرة على الانجاب سواء عند المرأة او الرجل تتراجع الى الوراء بسبب أمور عديدة: أولاً نمط الحياة، بالاضافة الى ان التدخين الذي يزداد بين الشباب قد يؤثر سلباً على القدرة على الانجاب، وأيضاً الطعام لأن هناك الكثير من المواد المضافة المضرة بالخصوبة.  

توصية للسيدات للحفاظ على الخصوبة

* هل من توصية للسيدات بما يتعلق بالحفاظ على الخصوبة؟

- أود أن أوجه توصية للسيدات اللواتي يحاولن تأخير الانجاب بسبب ظروف معيشية واجتماعية صعبة، أولاً اليوم هناك أمل بحفظ الخصوبة لديها، وهذا يمنحها دافعاً أكبر بأن تنجح في عملها لأنه بامكانها ان تلجأ الى تجميد البويضات لمدة 10 سنوات وحتى 15 سنة. بالنسبة لتجميد البويضات لدى المرأة فإن أفضل عمر للقيام بذلك هو ما بين سن الـ 35 و 37. اذا كانت المرأة تحت سن الثلاثين فلا أنصحها باللجوء الى تجميد البويضات لأنه لا يزال أمامها وقت بما يتعلق بالانجاب او التفكير بعملية الانجاب. عادة أفضل سن لتجميد البويضات لدى المرأة هو بين سن 30 و 37. والتوصية الثانية هي للسيدات اللواتي يتلقين العلاج الكيميائي، وطبعاً السيدات اللواتي لا يزال لديهن أمل بالسفر والعمل في الخارج فإن ذلك يعتمد على نوع العلاج الكيميائي الذي سيخضعن اليه سواء كان شديداً او خفيفاً لأن تأثيره على المبيض قد يستمر لفترة طويلة. وطبعاً نحن ننصح المريضة بأن تقصد الطبيب لتقييم الحالة قبل ان ينصحها اذا كانت بحاجة لحفظ البويضات قبل أن تخضع للعلاج الكيميائي او الاشعاعي.

* هل ستزداد المشاكل أكثر بما يتعلق بالحمل والانجاب خصوصاً في ظل الوباء؟

- عند بداية جائحة الكورونا كنا ننصح السيدات بألا يحملن، ففي أشهر شباط وآذار ونيسان لم نكن نعلم تأثير فيروس كورونا المستجد على الجنين في المستقبل، او اذا كانت الأم قد أصيبت بالفيروس في أول الحمل او في منتصف الحمل أو آخره، ولكن لا ننسى انه قد مرّت سنة على بداية جائحة الكورونا عند الاعلان عن اول اصابة امرأة حامل في الصين. فهناك نساء حوامل انجبن أطفالاً طبيعيين ليست لديهم مشاكل، ولغاية الآن ليست هناك درسات تفيد ما اذا كان فيروس كورونا يؤثر على صحة الجنين سواء اذا كانت المرأة الحامل قد اصيبت بالفيروس في بداية الحمل او في منتصفه او آخره. ولكن طبعاً نخاف من ان يؤثر الكورونا على صحة الأم سلباً لأن هناك دراسات كثيرة أثبتت أن المرأة الحامل التي تُصاب بالكورونا هي عرضة أكثر من غيرها لأن تكون ولادتها مبكرة أو قد تحتاج للتنفس الاصطناعي. وبالتالي السيدة التي ترغب بالحمل او التي تحاول ان تحمل نطلب منها ان تحمي نفسها قدر الامكان. الآن أعدنا فتح المركز لأنه كنا نلغي كل عمليات أطفال الأنابيب، ولكن الآن ما نواجهه هو ان السيدات اللواتي نكتشف أنهن مصابات بالكورونا خلال فترة علاج أطفال الأنابيب نلغي لهن العلاج الى أن يشفين من الكورونا.