تفاصيل الخبر

الحدائق النباتية في الجامعة الأميركية في بيروت هي الأولى من نوعها...

06/09/2019
الحدائق النباتية في الجامعة الأميركية في بيروت هي الأولى من نوعها...

الحدائق النباتية في الجامعة الأميركية في بيروت هي الأولى من نوعها...

بقلم وردية بطرس

مديرة المشروع البروفيسورة سلمى نشابة تلحوق:

الجامعة الأميركية هي بالأساس غنية بالنباتات مما سهل تحويل الساحة الخضراء الى حديقة نباتية ”Ancillary Botanic Garden“!

 

الحدائق النباتية <Botanic Garden> ليست مجرد حدائق بالمعنى المتداول بل هي مؤسسات علمية نباتية تمثل فيها الحديقة جزءاً يسيراً بجانب الصوب الزجاجية، والمعشبة، والمكتبة، ومعامل الأبحاث. وتعد حديقة النباتات متحفاً حياً يعكس المفاهيم العلمية والثقافية والتربوية والتعليمية لحياة النباتات المختلفة، ولها مكانة بارزة في اجراء البحوث العلمية المرتبطة بعالم النبات على الصعيدين الوطني والعالمي في مجال حفظ وصيانة الأنواع المهددة بالانقراض. ويتم توثيق النباتات في الحدائق النباتية حسب تصنيف المملكة النباتية بزراعتها في أرض واسعة والتي تضم أعداداً هائلة من النباتات الطبيعية الشائعة مع وجود معلومات كاملة بجانب كل نبات تكون بمثابة هوية موثقة يتم فيها التعريف بالنــبـات، وكتابة الاسم العلمي، والفصيلة والشعبة النباتية التي تنتمي لها، وعادة ما تكون مرجعاً للهواة والدارسين لعلوم النبات، ويُزود كل نموذج نباتي بلوحة يُكتب عليها الاسم العلمي للنبات وفصيلته التي ينتسب اليها مع تحديد موطنه الأصلي.

ومنذ سنتين كانت الجامعة الأميركية في بيروت قد أعلنت حرمها حديقة نباتية، منضمّة في ذلك الى لائحة 2500 مساحة خضراء مشابهة لها موزّعة على 165 بلداً في العالم. وجاءت هذه المبادرة لتكون بمثابة تكريس لأدائها التثقيفي في المجال البيئي، واستغرق التحضير لهذه الخطوة نحو ثلاث سنوات، فوضعت لها خطة كاملة تنفّذ على مراحل عدة، استهلّت بوضع حجر الأساس لها مؤخراً في مناسبة مرور 150 عاماً على تأسيسها. وتضم هذه الحديقة أكثر من 150 صنفاً من النباتات الشرق أوسطية وأشجاراً يعود تاريخها الى ما قبل تأسيس الجامعة في العام 1866.

مديرة المشروع البروفيسورة سلمى نشابة تلحوق وتنوع النباتات!

وعن تنوع النباتات تستهل البروفيسورة سلمى نشابة تلحوق حديثها قائلة:

- أعمل في الجامعة الأميركية في بيروت منذ العام 1992 بعدما تخصصت في النباتات. وعندما بدأت بالأبحاث قمت ببحث عن <Genetic Diversity> تنوع النباتات. وبعد ان عملت لمدة عشر سنوات على تنوع النباتات نقلت البحث أكثر على <Field Research> يعني أصبح لدي اهتمام أكثر لأعرف المزيد في هذا المجال، وأصبحت أقوم ببحث عن تنوع النباتات في لبنان، واين تتواجد؟ وهل هناك نباتات برية الى ما هنالك؟ وفي المرحلة الثالثة سألت نفسي كوني عملت عشرين سنة في هذا المجال ليس ما أراه أنا ولكن ما الذي يراه الناس؟ اي ليس كافياً ماذا يرى العالم او العالمة بل ماذا يراه الناس، لأنه بحسب خبرتي كعالمة يمكن ان يقوم العالم بالبحث ويوثقه، ولكن لا يقدر ان يحمي النباتات، ما لم يكن الناس منخرطين أيضاً... مثلاً اذا كان الشخص في محمية فسيحافظ عليها لأنه يستمتع بمشاهدة المناظر الطبيعية الجميلة والهواء النظيف اي لا تتعلق المسألة بالعلوم بل هي تجربة وعلاقة الشخص مع النباتات، والآن وصلت الى مرحلة من أبحاثي حول كيفية تحفيز الناس للاهتمام بالنباتات وليس فقط الاستمتاع بمناظر جميلة.

وعن الحديقة النباتية تشرح البروفيسورة سلمى تلحوق:

- مثلاً اذا وضعنا نباتات كثيرة في المدينة فذلك يفيد، ولكن اذا كان سؤالك ماذا يرى الشخص؟ فهذا لا يكفي لأنه عندما تقولين <URBAN GREENING & GREEN> يعني اللون اذ بالنهاية عندما ينظر الانسان الى النباتات يجد الألوان، ولكن ينسى الشخص ان هذه النباتات حية وتحيا بيننا، ولهذا منذ فترة بدأت أعمل على فكرة <Botanic Garden> او الحديقة النباتية اذ الانسان يقصدها لكي يستمتع بوقته ويرتاح نفسياً، ولكن الأهم وأثناء تواجد الانسان في الحديقة النباتية من المهم ان يشعر بارتياح، وان يقرأ اسم النبات او الشجرة، وما هو مصدرها؟ وماذا تقدم؟ اي يتم تحديد هوية النبات اي لا يقتصر الأمر على النظر الى مكان أخضر بل يجد معلومات عن تلك النباتات، وبالتالي يصبح لها وجود خاص بها، ولكن المشكلة ان هناك العديد من البلدان وليس فقط في لبنان ويتطلب الأمر الكثير من المال لانشاء حديقة نباتية، اذ يجب الحصول على قطعة ارض كبيرة وان يُزرع فيها الى ما هنالك.

ــ وكيف انطلقت فكرة الحديقة النباتية في الجامعة الأميركية في بيروت؟

- أولاً الحديقة النباتية هو مكان تجدين فيه نباتات التي يُهتم بها اي هناك مسؤول ينتبه لهذه النباتات ويسميها وما شابه، والزائر يستفيد من جمال الحديقة النباتية ولكن أيضاً يستفيد من حيث الحصول على المعلومات، ولهذا توصلنا الى فكرة جديدة، اذ لم يكن باستطاعتنا انشاء حديقة نباتية من حيث ايجاد قطعة الأرض وتأمين التكاليف الى ما هنالك، وهناك مفهوم آخر لدى الجامعة الأميركية في بيروت إذ هناك مساحات عديدة وهي غنية بالنباتات اي هي بالأساس موجودة، ولهذا قلنا لمَ لا نحولها الى حديقة نباتية اي بدلاً من ان نبدأ من الصفر وننشىء الحديقة فـ<بالموجود جود>، وتُعرف بـ<Ancillary > اي <Secondary> ونسميها ذلك ولكن ليس بمفهوم الثانوي المبهم بل بمفهوم الثانوي بالمساحة، يعني مثلاً الجامعة الأميركية في بيروت هي أيضاً <Ancillary Botanic Garden>

وماذا يعني ذلك؟ يعني ان هذه الأرض أول هدف لهذه الجامعة، وثاني هدف هي الحديقة النباتية بمعنى انها ثانوية باستعمال التسهيلات والأرض وبالتالي ليس بمعنى ثانوي انها غير مهمة.

وتتابع:

- نحن نتعاون مع <Royal Botanic Garden> في <ادنبرة> اسكوتلندا بهذا المجال ونبدأ بتطويره، طبعاً نبدأ بأنفسنا في الجامعة الأميركية في بيروت اذ كيف يتمكن الشخص من تحويل المساحة الى حديقة نباتية؟ وما هي الطريقة؟ وكيف سيستقبل الناس؟ وكيف ستكون حديقة نباتية؟ ونحن بدأنا منذ خمس سنوات بهذه العملية. وكنا قد اطلقنا المشروع منذ سنتين وادارة الجامعة دعمتنا. يسألنا الناس اين هي الحديقة النباتية عندما نقول ان الجامعة الأميركية في بيروت هي حديقة نباتية؟ ان الحديقة النباتية موجودة بالأساس ولكن الفكرة هي ان التغيير يتطلب الوقت يعني مثلاً كنا نقوم بتقرير هذه السنة اذ زارنا حوالى 500 شخص ليقوم بجولة. اذا كان الشخص يملك المساحة ويريد ان يحولها الى حديقة نباتية، فهذا يحتاج لفترة إذ عليه ان يسمي النباتات، وعليه ان ينظم من سيعمل بها اذ يحتاج لمتطوعين وأشخاص مهتمين من المؤسسة بدون ان يؤثر ذلك على عمل المؤسسة. مثلاً نحن كجامعة أميركية ننظم جولات ما بعد ساعات الدراسة والعمل وخلال نهاية عطلة الاسبوع والعطلات اذ لن نقوم بجولات أثناء الدوام. الى جانب ذلك نطور التدريب اذ لدينا اليوم <Dosent Program> اي نقدم شهادات للمتطوعين الذين يأخذون 20 ساعة كورس و20 ساعة عمل تطوعي بكل ما يتعلق بادارة الحديقة النباتية ككل مثلاً عن التاريخ، وكيف يتم التواصل مع الناس، وكيفية الحصول على التمويل الى ما هنالك، اي لدينا برنامج تدريبي كل سنة نقوم به اذ يتسجل به الأشخاص ويحصلون على الشهادات. وأهم ما في الأمر أننا نشجع الآخرين للقيام بالمثل. وما يميز <Ancillary Botanic Garden> انه يمكن لكل مؤسسة ان تحوّل المساحة الخضراء لديها الى حديقة نباتية بمساعدة الجامعة الأميركية، كما يمكن تحويل ساحة الحي الى حديقة نباتية يستفيد منها الطلاب والمجتمع ككل. ولدينا الآن لائحة بالمؤسسات والأشخاص الذين يريدون تحويل ساحة خضراء الى حديقة نباتية، وسنقيم مؤتمراً وورش عمل في تشرين الثاني (نوفمبر) لكل الحدائق النباتية الثانوية اي المدرسة التي لديها مساحة وتهتم بأن تصبح <Ancillary Botanic Garden> وتفتح أبوابها خلال نهاية عطلة الاسبوع، والأمر نفسه بالنسبة للمؤسسات السياحية التي لديها نباتات وتريد تحويلها الى حدائق نباتية. وبدل ان ننتظر اين سنجد المكان لاقامة حديقة نباتية يقدر اي شخص مثلاً يقيم في الهرمل ولديه مساحة خضراء ولو صغيرة ان يحولها الى حديقة نباتية وأي شخص آخر يقيم في الجنوب مثلاً او الشمال يقدر أن يقوم بالمثل، عندها لن تكون هناك حديقة نباتية في مكان واحد، اذ سنجد في كل منطقة حديقة نباتية حتى لو كانت صغيرة من حيث المساحة.

ــ كونها اول حديقة نباتية ثانوية في لبنان، فما الذي يميز الجامعة في هذا الخصوص؟

- مهم جداً انها في الجامعة الأميركية لأنها خرجت من أبحاث، لأنه تعلمين يُردد دائماً تُجرى الأبحاث ولكن ماذا يستفيد الناس، لكن هذا العمل ناتج عن عمل وأبحاث وهناك حلول أيضاً. بالنسبة الينا هناك حوالى 20 أستاذاً وادارياً نعمل سوياً لتطوير المشروع، والآن ننسق مع <رويال بوتانيك غاردن> في <ادنبرة>. ومن مميزات هذا التعاون مع <ادنبرة> انه بدل ان نأخذ كل الوقت أفكاراً من الخارج نقوم نحن بتطويرها هنا. بالنسبة الينا فان الطاقات محدودة وأيضاً الأراضي والأموال محدودة، اذاً كيف سنحل هذه المشكلة؟ لقد وجدنا طريقة لحل هذه المشكلة، وكما ذكرت <بالموجود جود> لذا كان الهدف اطلاق الحديقة النباتية. فالناس تهمهم الطبيعة وبالتالي كل من يحب ان يتعلم عن النبات يمكنه ذلك من خلال البرنامج الذي نقيمه في الجامعة. وأيضاً اذا أرادت اي مدرسة ان تحول المساحة لديها الى <Ancillary Botanic Garden> فيمكن ذلك. وهنا قد يأتي أحدهم ويقول لنا ان الجامعة الأميركية ليست بحديقة نباتية، ولكي نتفادى ذلك قمنا بأمرين أولاً هناك مؤسسة تدعى <Botanic Garden International> (BGCI) التي تجمع كل الحدائق النباتية في العالم ومقرها في انكلترا، وما قمنا به أولاً اننا تسجلنا فيها، و<Ancillary Botanic Garden> تقدر ان تتسجل فيها، والأمر الثاني عقدنا اجتماعاً مع رئيس المؤسسة وعرضنا الفكرة ووجدوا انها فكرة مهمة وسيدعموننا بتطويرها. وبالتالي الحلول مختلفة، اي ليس هناك اما هذه الطريقة او تلك، هناك خيارات ولهذا يدعموننا بهذا التوجه، فهل الحديقة الثانوية اقل أهمية؟ الجواب هو لا، لأن <Ancillary Botanic Garden> لن تكون أقل أهمية من الحديقة النباتية.

ــ وبماذا تتميز الحديقة النباتية في الجامعة الأميركية في بيروت؟

- عندما بدأنا ننظم الحديقة النباتية بدأنا ننظر الى النباتات المتوافرة في الجامعة، اذ قلنا ماذا سنسمي هذه الحديقة، هل ستكون <Mediterranean Garden>؟ وعندما بدأنا بالعمل قمنا بتقييم كل الشجر والنباتات في الجامعة، ووجدنا ان أفضل تسمية هي <Global Garden> والسبب انه كما تعلمين ان عمر الجامعة الأميركية 150 سنة، فكان كل استاذ وكل طالب وكل شخص يسافر الى اي بلد يأتي بنبتة ويزرعها في حرم الجامعة اذ لدينا نباتات وأشجار من أميركا والهند وأوروبا وغيرها، وميزة هذه الحديقة انها مثل الجامعة اي حديقتنا هي انعكاس للمؤسسة اذ انها عالمية ومفتوحة أمام الجميع. مع العلم ان الجامعة الأميركية اقيمت على أرض صخر وقد تطلب سنوات عديدة الى ان أصبحت خضراء بهذا الشكل الجميل. ففي بداية انشاء الجامعة كانوا يزرعون فيها أشجار الصنوبر والشربين والخرنوب والزيتون اذ لم يكن هناك ماء ولكن لاحقاً تحولت الى مساحة خضراء مميزة. وتجدر الاشارة الى ان اول رئيس للجامعة قال: <يجب ان نزرع> وبالتالي هذه الأشجار والنباتات نمت بالتزامن مع الجامعة، ولهذا كان هناك دائماً من يهتم بالأشجار والنباتات سواء المدير او الأساتذة مثلاً كان هناك أستاذ يقصد الجبال دائماً ويجمع النباتات ويزرعها في ارض الجامعة، طبعاً الى جانب النباتات التي أتى بها طلاب وأساتذة وخريجو الجامعة من مختلف بلدان العالم وزرعوها في حرم الجامعة.

وختمت البروفيسورة تلحوق حديثها قائلة:

- قد يقول لنا الشخص انه يريد ان يحول مساحة الى حديقة نباتية، لكنه غير خبير بالنباتات ولا يعرف أسماء النباتات، لهذا نقوم بأمر سهل اذ هناك تطبيق خلوي عالمي اي عندما يصور الشخص النبات يزوده باسمه، ومن جهتنا اشتركنا في هذا التطبيق ونطبقه في الجامعة الأميركية، وسنساعد كل الأشخاص الذين يودون ان يكونوا شركاء معنا ويريدون انشاء <Ancillary Botanic Garden> من خلال استعمال هذا التطبيق، اي نحن نقدم الدعم للقيام بكل هذه الأمور من حيث تدريب الأشخاص وكيفية تنظيم جولات في الحدائق النباتية الى ما هنالك... وكما ذكرت اننا سنعقد مؤتمراً لانشاء <Ancillary Botanic Garden> خارج الجامعة الأميركية في بيروت، اي نشجع القيام بالمثل في أماكن أخرى ونود أن يصبح لبنان نموذجاً في هذا المجال، ولدينا خطط عديدة لتحفيز الناس للاهتمام بالنباتات وتحويل المساحات الخضراء لديهم الى حدائق نباتية.