تفاصيل الخبر

الحب في زمن "كورونا"... واشتياق الجيوب الى الليرات

03/06/2020
الحب في زمن "كورونا"... واشتياق الجيوب الى الليرات

الحب في زمن "كورونا"... واشتياق الجيوب الى الليرات

بقلم عبير انطون

  [caption id="attachment_78494" align="alignleft" width="250"] اجواء حميمية[/caption]

الحب لا يؤجل... لكن الاحتفال به يفعل، وكذلك جميع الخطط والأحلام السعيدة باتت رهينة الظروف الصحية اولا مع ما فرضه "كوفيد 19"، والظروف الاقتصادية الصعبة. في هذا الإطار، كانت طريفة دعوة مَن قرروا الارتباط احباءهم الى مشاركتهم فرحهم عبر بطاقات نشروها على وسائل  التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، مع الاشارة الى ان الازمة في لبنان كانت قد بدأت ما قبل "كورونا" حتى، خاصة مع انسداد الافق لقروض الاسكان...

وما خلف فرحة العروسين، قطاع كبير ومهم في الاقتصاد اللبناني بات يرزح تحت وطأة  ثقيلة، لا بل انه حتى يهدد مئات العائلات التي تعيش من قطاع الاعراس والاحتفالات، اكان في المنتجعات والفنادق التي تستقبلها - وهنا نستحضر اقفال فندق البريستول الذي كان يحيي ارقى الاعراس البيروتية والعربية - او شركات تنظيم الاعراس التي تشغّل المئات ايضا، الطلاب منهم بشكل خاص فيجعلون من عملهم الصيفي الموسمي قوتا لاقساطهم الجامعية في الشتاء، هذا فضلا عن الاستغناء عن مواكب السيارات وتنسيق الزهور والموسيقى والراقصين والزفة والمفرقعات النارية والمصورين الذين باتوا بغالبيتهم يستخدمون التقنيات الحديثة والطائرات المسيرة...

فأين اعراسنا اللبنانية اليوم؟ ماذا عن القطاع واهله؟ وهل سيتغير شكل الاحتفال بها لاحقا؟

مع منتجع "تانيت فينيو" الخلاب في منطقة زكريت لصاحبته ماريان خلاط المقدمة التلفزيونية الناجحة، وشركة "كريستيز" لتنظيم الاعراس والمؤتمرات كانت وقفة الـ"الأفكار"..

تقول ماريان ردا عن سؤالنا اذا ما كان موسم الأعراس قد ضُرب بكامله ولا نوى منه لهذا الصيف، ان ذلك قد ينطبق على الاعراس الكبرى حيث المدعوون بالمئات. هذه ما عادت موجودة في المدى المنظور، والكثيرون من الذين حجزوا لدينا قاموا بالتأجيل نظرا للظروف التي نمر بها، ولا اعتقد انها ستعود الى سابق عهدها قبل عام من الآن. فمَن فرضنا ان لديه  القدرة مثلا، هل سيمتلك الشجاعة لجمع عدد كبير من المدعوين؟ الا أن الجيد في "تانيت فينيو"، انه ومنذ افتتحناه، لا يقتصر نشاطنا فيه على استقبال الاعراس والاحتفالات الضخمة، وانما يشمل ايضا الاحتفالات الصغيرة العائلية والحميمة في أروقة عندنا تحتضن كل الجمال كـ"جنينة الزيتون"مثلا، وهذه تكتسب روعتها من سحرالطبيعة حولها، وكأنها بتكوينها الجغرافي تحرص

[caption id="attachment_78496" align="alignleft" width="201"] الحب بالكمامة[/caption]

على أن تظلّل الحميميّة في هذه الجلسات فتجعل الفرحة مضاعفة.

منذ مدة وجيزة، تزيد ماريان، استقبلنا احتفالا لعرس لم يتعد الموجودون فيه العشرين شخصا. لا يمكن ان اصف لكم كان جميلا، وقد فرح فيه الجميع مع الجميع. لم تُتخذ فيه احتياطات خاصة ـ وحتى اكون صادقة – ولا حتى الكمامات، فلا العروسان ولا مدعووهما لبسوها لانهم "أهلية بمحلية" وأتوا بثيابهم المريحة، اما طواقمنا في "تانيت" فهي جميعها جاهزة وتراعي افضل سبل الوقاية الممكنة.

* وماذا عن "العقود" التي أُبرمتموها مع الذين حجزوا وأُرجئت بسبب الظروف؟

- نحاول ان نجد افضل السبل لكي يستفيدوا منها ولديهم الفترة الكافية لذلك، اذ ينص العقد على ان لا عودة عن الدفعة الاولى الا اننا في المقابل نحاول ان نكون مرنين جدا فيتم الاتفاق بين اصحاب العقد وبيننا على الصيغة الأفضل، خاصة واننا نقيم العديد من النشاطات الممتعة والمفيدة في مختلف المجالات.

وحول طبيعة اعراسنا واذا ما سيغيّرها الفيروس الذي فاجأنا على حين غرة، وكانت له ايضا،  عطفا على الأزمة اللبنانية التي نمر بها، نتائج اقتصادية سلبية على الكثير من الصعد، تقول ماريان:

- من ناحيتي، أفضّل الاعراس الحميمة والتي تقتصر على عدد محدود من المدعوين لانها تتمتع بميزات خاصة، الا اننا نحن اللبنانيين نحب "البهورة" و"الفرح ع اصولو"، وهذا يليق بنا ويميّزنا. لا اعتقد اننا سنفتقد للاعراس الكبيرة لكنها لن تكون في المدى المنظور. وربما تولّد الازمة الحالية ردة فعل عكسية لاحقا فنشهد كمّاً من الأعراس والاحتفالات مع زوال الخطر المحدق جراء "كوفيد – 19" حيث نشعر ان من حقنا الاحتفال بالحياة ومراحلها وبالطريقة التي تليق بها.

اما عن الأفراح التي كانت تجرى خارج لبنان، خاصة الضخمة منها، بحيث يقوم المقتدرون ماليا بحجز رحلات طيران خاصة لنقل مدعويهم

[caption id="attachment_78498" align="alignleft" width="375"] ماريان خلاط قد نشهد ردة فعل عكسية تنعكس ايجاباً على لبنان[/caption]

الى إيطاليا أو باريس او اليونان وغيرها من الدول، فإنها لا تزعج ماريان "لأن لكل شخص رزقتو"، الا انها برأيها، وبعد ازمة "كورونا" ستعود الى ربوع الوطن وإحياءها فيه سيكون على نطاق اوسع، وسط الاجراءات الكثيرة المطلوبة في السفر وقلق المسافرين، لذلك فقد ينعكس الامر ايجابا أيضا على لبنان لهذه الناحية.

انعكاس الأزمة إيجابا على لبنان ذكّرنا بالرسالة التي وجهها الاسبوع الماضي وزير الاشغال الكويتي الأسبق الشيخ بدر ناصر الحميدي الى اللبنانيين داعيا اياهم الى الوحدة ولو لمرة والالتفاف لجعل الموسم السياحي لهذا الصيف الخزان الذي ينهل منه بلد الأرز اذ بحسب قوله: "الدول السياحية الاخرى والتي تعتمد على السياحة لن يكون لديها المجال مفتوحاً للسياحة هذا الصيف، وبإمكان لبنان ان يقطف هذا الأمل عبر تهيئة البيئة الملائمة لاستقبال افواج السياح اليه".

هذه الرسالة، أثنت عليها ماريان فضمت صوتها اليها داعية الجميع الى الوحدة والدعم لانقاذ القطاع السياحي والقطاعات الاخرى، علما انها، وعلى عكس الكثيرين من المتشائمين، متفائلة بمستقبل افضل للبنان وتقول في هذا الصدد: اللبنانيون سبق وعاشوا الامرين في فترات سابقة كثيرة وعادوا وانتفضوا كطائر الفينيق لانهم مجبولون بالفطرة على حب الحياة والعيش الكريم اللائق.

ولا يغيب عن ذهن ماريان تشديدها على السياحة الداخلية حيث يزخر لبنان بالاماكن الخلابة التي يمكن التوجه اليها وتنشيط هذا القطاع واكتشاف البلد بمختلف روائعه.

في "تانيت فينيو" اليوم، تقوم ماريان بما يمكن ان يراعي الاوضاع الحالية حيث تعمل على ابتكار طرق جديدة لتبقي "جنتها المعلقة" مفتوحة امام مَن يقصدها. ها هم فيها بصدد الانتهاء من النموذج الأول من مشروع "يورت" "Yurt" وهو عبارة عن منزل قابل للتنقل، تقليدي الهيكل، مُحاط بإطار من الخشب المقوس (كان يتم استخدامه من جانب تركماني قبائل البدو الرحل في سهوب آسيا الوسطى) يتمتع بمقومات الراحة ويشكل متعة لا تضاهى، سبق وجربتها ماريان خارج لبنان. بذلك، يمكن لاي عائلة او مجموعة ان تعيش تجربة فريدة، كذلك فانها تسعى في "تانيت" (الآلهة القرطاجية الفينيقية الأصل) الى استحضار "المطعم المفضل" لكل شخص الى المكان بحيث يتم تقديم الأطباق من المطاعم المفضلة لطالبيها، "فنحن سنتعاون مع مجموعة من المطاعم في هذا الصدد، اذ يطلب الاشخاص او المجموعات ما  يريدون تناوله من اطباقهم المفضلة ونؤمنها لهم الى "تانيت" ليجتمعوا حولها في اجواء الطبيعة الساحرة التي يتميز بها المكان".

وعن اشتياقها لعالم الاعلام الذي عُرفت من خلاله، تقول ماريان:

- اشتقت كثيرا واشعر بحنين كبير وما من مانع عندي ابدا للعودة الى عالم التقديم الذي احبه والمسرح الذي املك ايضا الشغف له لا بل سأكون بغاية السعادة والحماس، انما بالصيغة والفكرة التي تلائمني بعد النجاح غير المسبوق الذي حققناه في برنامج "يا ليل يا عين" على مدى سنوات.

 تنظيم... جديد؟!

[caption id="attachment_78495" align="alignleft" width="252"] اعراسنا المميزة[/caption]

من المكان الخلاب لاستقبال الاعراس والاحتفالات ننتقل الى شركات تنظيم الأعراس (والاحتفالات والمؤتمرات)، لنرى كيفية عملها والتأثيرات التي طرأت عليها في ظل الازمة الحالية. هل من بروتوكولات جديدة ستراعي معايير التباعد الاجتماعي واعداد المدعوين؟ وهل من حلول مبتكرة؟

قد يبدو غريبا ان شركات تنظيم الأعراس والحفلات والمؤتمرات متفائلة باستعادة القطاع نشاطه، علما ان تراجع أعمالها تجاوز الـ95 بالمئة... وهي تبدي التفاؤل بعودة النشاط مع بدء  انحسار وباء "كورونا"، بعد أن بلغ تراجع أعمالها أكثر من 95 بالمئة، ولامس التوقف التام احيانا لولا بعض الحلول التي ابتكرتها، ومنها الحفلات الإفتراضية عبر الإنترنت (أونلاين) مثلا. لكنها في المقابل، تتوقع نمطاً جديداً يتمثل في التوجه نحو الحفلات الصغيرة ذات العدد المحدود من المدعوين، سواء بفعل الأزمة الاقتصادية أو مراعاةً لضرورات التباعد الاجتماعي.

تقول باميلا منصور مهنا التي تملك مع آخرين شركة "ماين" المختصة بتنظيم الأعراس والمناسبات أنه تمّ إلغاء أكثر من 75 بالمئة من الحفلات في لبنان والخارج جراء تفشّي الفيروس، ونحن امام تحد مزدوج فإذا انتهت أزمة "كورونا" علينا أن نرى كيف سنتعامل مع الأزمة الاقتصادية التي بدأت معالمها منذ الصيف الماضي، وبعد "كورونا" سنعمل على تقوية عملنا في الخارج.

اما كريستينا خاطر صاحبة شركة "كريستيز" التي تأسست في العام 2007 وباتت من أبرز شركات تنظيم الأعراس والحفلات والمؤتمرات والأنشطة التجارية، فتقول:

- لقد تراجع عملنا بدرجة 70 إلى 80 بالمئة منذ 17 تشرين الأول 2019، وفي ظل ظروف التعطيل لمواجهة تفشّي فيروس "كورونا" ارتفعت نسبة التراجع إلى ما بين 95 ومئة بالمئة، علماً انه لدينا فريق عمل ميداني يضم أكثر من 200 طالب لبناني ويصل عددهم في موسم الذروة إلى نحو 400، جميعهم توقف عملهم بسبب تراجع النشاط.

تحاول الشركة بحسب خاطر التكيّف مع الواقع الراهن من خلال الابتكار:

- نعمل مثلاً على تحويل الأنشطة الميدانية إلى أنشطة افتراضية أو هجينة تجمع الميداني والافتراضي ونوفّر حلولاً خلاّقة في هذا المجال. كذلك سعينا في الشركة إلى إيجاد طرق جديدة لتأمين استمرارية عمل الطلاب الذين يتعاونون معنا، ونقيم لهم لهذا الغرض دورات تدريبية على طرق العمل الجديدة عبر الإنترنت، في انتظار انتهاء هذه

[caption id="attachment_78497" align="alignleft" width="245"] كريستينا خاطر جعلناها فرصة للأفضل[/caption]

المرحلة الصعبة. إننا نحاول أن نجعل من هذه المرحلة فرصة لتطوير عملنا، ولذلك أطلقنا هوية جديدة في شركتنا فباتت تضم فرعا للاعراس والحفلات وآخر لانشطة المؤسسات التجارية فضلا عن فرع ثالث لتعريف المستهلكين على اصناف تجارية.

وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب، فنحن متفائلون بانطلاق العمل مجدداً بعد انتهاء مرحلة "كورونا"، تقول خاطر، ولا شكّ في أن الكثير من الأمور ستتغير من الآن فصاعداً، في كل الأنشطة التي ننظمها، فالحفلات والمؤتمرات وسواها لن تكون بعد اليوم كما كانت.

نحن نعمل على التكيف مع المتطلبات الجديدة التي فرضها الفيروس، وبالتالي ثمة بروتوكولات جديدة سنطبقها تراعي معايير السلامة والتباعد الاجتماعي وفق إرشادات منظمة الصحة العالمية.

وعن ذلك تشرح:

- طبعاً قبل دخول المدعوين سيتم فحص حرارة أجسامهم، وسنبقي على الطاولات الكبيرة ولكن بدلاً من أن يجلس إليها عشرة أشخاص مثلاً سنكتفي بأربعة، أما الـ"بوفيه" فلن يكون في مكان واحد بل سيتم توزيعه على جهتين أو أكثر من موقع الحفلة، وستكون الشوك والسكاكين معقمة وموضوعة داخل أكياس، كما سنحرص أن يضع المدعوون كمامات على أن تكون ذات تصميم مميز عن الكمامات العادية الموجودة في السوق.

وتوقعت خاطر أن يكون الاتجاه في المرحلة المقبلة نحو الأعراس الصغيرة مع عدد محدود من المدعوين سواء بسبب وباء "كورونا" أو بسبب الضائقة الاقتصادية: "لن يخشى المحتفلون بعد الآن عتباً من أحد، فالجميع سيتفهّم سبب حصر الدعوات، وهذا أمر ينطوي على تغيير اجتماعي كبير".

توجيهات السلامة...

في النهاية، وللمصرين على الاحتفال باعراسهم مع الاحبة والأصدقاء، ينصحهم الخبراء بإقامة الاحتفال في مكان مفتوح، وترك مسافة بين المقاعد ما يقلّل من احتمال العدوى. اما بالنسبة للطعام، فتخصيص وجبات للضيوف بدلاً من اعتماد "بوفيه" مفتوح قد يكون خياراً أفضل، وفي حال الإصرار على خيار الـ"بوفيه"، فيُنصح الضيوف باستخدام ملاعقهم وشوكهم في السكب بدلاً من الأدوات المشتركة. كذلك يجب أيضاً توفير جيل التعقيم في مواقع عدة. ولا داعي لارتداء الكمامات أو توزيعها، فـ"منظمة الصحة العالمية" دعت إلى عدم ارتدائها إلا إذا ظهرت على الشخص أعراض الفيروس أو إذا كان يقدم الرعاية لشخص يُحتمل أنه مصاب بـ"كوفيد - 19".