تفاصيل الخبر

الـجـيــــــش يـحـســـــــم خـيــــــــاره فـــي الـجـــــــرود وعـنـــد الـحـــــدود وهـــو جـاهـــــز لـقـطـــــاف الـنـصــــــــر

05/05/2017
الـجـيــــــش يـحـســـــــم خـيــــــــاره فـــي الـجـــــــرود  وعـنـــد الـحـــــدود وهـــو جـاهـــــز لـقـطـــــاف الـنـصــــــــر

الـجـيــــــش يـحـســـــــم خـيــــــــاره فـــي الـجـــــــرود وعـنـــد الـحـــــدود وهـــو جـاهـــــز لـقـطـــــاف الـنـصــــــــر

 

بقلم علي الحسيني

أخر-ملاذ-للارهاب----4

يُسمع صدى المعركة المقبلة في القلمون السورية والجرود اللبنانية المتاخمة لها في كافة أنحاء البقاع الشمالي. تحضيرات لوجستية وعسكرية تتزامن مع استعدادات كبيرة للجيش اللبناني الذي يبدو ان قراراً كبيراً قد اتخذته قيادته يهدف الى انهاء حالة الوجود العسكري لكافة المسلحين الارهابيين. وهذا الواقع يؤكده سير المعارك التي يخوضها الجيش في تلك المنطقة بشكل يومي والمحاولات المتكررة للإرهابيين لإحداث خرق ما ليتمكنوا من خلاله النفاد الى الداخل اللبناني خصوصاً وأن حالة الطقس هذه الفترة، تسمح لهم بالتحرك بشكل أفضل مما كان عليه خلال الشهرين الماضيين.

 

قرار بالضرب بيد من حديد

من الواضح أن ثمة قراراً داخل قيادة الجيش يقضي التعامل بحزم وحسم مع الحالة المسلحة في الجرود اللبنانية كافة وخصوصاً عرسال التي يعتبرها هؤلاء بمنزلة رهينة بين أيديهم على الرغم من قرار أهلها غير الخاضع للشك ولا حتى للتأويل في ما خص دعمهم اللا متناهي للشرعية ولمؤسسة الجيش على وجه الخصوص. وإلى جانب هذا القرار داخل قيادة الجيش، تأتي الأوامر بالتعاطي بكل مسؤولية مع الحالات الشاذة التي يحاول المسلحون فرضها على بعض مخيمات النزوح في محاولة للإحتماء بالنازحين الذين يؤكدون على الدوام، عدم تبنيهم لأي عمل ترتكبه هذه الجماعات بحق لبنان. واللافت أن قدرة الجيش على تعزيز الأمن وتثبيت الإستقرار والمعطوفة على ضرب الإرهاب أينما حل وأينما وجد، تزداد يوماً بعد آخر وتتعزز قوة حضوره بأروع مشاهدها خصوصاً عند المناطق الحدودية التي لا تنفك تحاول الجماعات الإرهابية، التسلل من خلالها إلى الداخل اللبناني. ويُضاف إلى هذه القدرة، قوّة مميّزة على اختراق مواقع الإرهابيين واصطيادهم، وآخرها عملية الاسبوع الماضي النوعية في منطقة وادي الحصن في عرسال، والتي أدت إلى مقتل ما يسمى الأمير الشرعي لتنظيم <داعش> الملقّب بـ<المليص>، وهو من بلدة قارة السورية، وأحد الإرهابيين الذين أفتوا بإعدام العسكريين اللبنانيين.

ومن هذا المنطلق، يخوض الجيش معاركه الشرسة شبه اليومية في الجرود البقاعية من دون أن تشكل عوامل الطقس، أي عائق أمام عملياته الأمنية والعسكرية. فلا الصقيع يبرد من حرارة همة الجنود التي تتفاعل خلال المواجهات التي تشتعل على جبهات الحرب، ولا حرارة الشمس الحارقة يُمكن أن تطفئ برودة أعصاب العناصر التي تكمن في المواقع المتقدمة بدءاً من العملية الأمنية التي أدت في السابق إلى توقيف أمير <داعش> في عرسال أحمد يوسف أمون المعروف بـ<الشيخ> في محلة وادي الأرانب في بلدة عرسال، وصولاً إلى عملية الاسبوع الماضي التي أفضت إلى توقيف 10 إرهابيين من بينهم <المليص>.

 

الجيش يرسم خط سير معاركه

الجيش-يطوق-الجرود-----1  

في جرود عرسال، عاد الجيش ليرسم من خلال العملية النوعية التي قام بها في الأسبوع الماضي، خطوط سير المعارك التي يخوضها هناك بريشته هو، وليقول للقريب قبل البعيد، أن الممرات التي كانت تعتبر في ما مضى آمنة، ما عادت كذلك اليوم، وأن محاولات التسلل إلى داخل الوطن ذهبت إلى غير رجعة بعدما أصبحت قصصاً من نسج الخيال، وبالتالي لم يعد تطبيقها مُمكناً على أرض لبنان. واللافت في نوعية الصيد الثمين الذي تمكن الجيش من قتله، هو ان <المليص>، كان قد شارك مع المجموعات المسلّحة في مهاجمة مراكز الجيش واقتحام مبنى قوى الأمن الداخلي وخطف عسكريين في بلدة عرسال منذ ثلاث سنوات تقريباً.

ومن رأس بعلبك الى عرسال وعلى كامل الحدود الشمالية وخصوصاً الجرود، لا تقل أهمية الاتكال على الجيش وقدراته بين هذه البلدة أو تلك. فمن على هذه البقعة كانت أولى المعارك التي يخوضها الجيش ضد الارهاب، ومن هنا أيضاً زُفّت طلائع شهدائه. إشارة واحدة من الجيش كانت كفيلة بتعبئة «العراسلة>، لكن الضباط والعناصر لم يطلبوا في كل معاركهم التي يخوضونها في مواجهة الإرهاب، سوى الدعاء لهم. هذا ما يؤكده «العراسلة». يتحدث الأهالي عن قوّة ومنعة اللواء الثامن الذي ينتشر في الجرود. يحاولون بين الحين والآخر ولو بشكل غير منظم مد جيشهم بأطعمة وبمؤن غذائية لكن جميعها تُرد مع شكر وتقدير كبيرين لتعاطفهم، إذ أن للجيش قيادة تهتم بأدق التفاصيل المتعلقة بجنودها المنتشرين عند المرتفعات.

كما وأن كل المعطيات تفيد بأن الجيش على أهبة الاستعداد لأي محاولة يقوم بها المسلحون لإحداث خرق ما للنفاذ منه إلى داخل الحدود اللبنانية، وأن غالبية الأسلحة التي كان تسلمها في الفترات الأخيرة من مدافع وذخائر يتم استخدامها لتعزيز الجبهات التي ينتشر عليها في البقاع خصوصاً مواقع المواجهة في مشاريع القاع وجرود عرسال. كما عمد الجيش إلى تدعيم العديد من المراكز التي كانت تعتبر ضعيفة نوعاً ما كموقع <تلة الحمرا> في جرود رأس بعلبك الذي سبق أن سقط بيد الجماعات المسلحة قبل أن يعود الجيش ويسترده. أما في الشأن المتعلق بطبيعة العلاقة بين أهالي البقاع عموماً والجيش، يقول وجهاء البلدات <نحن في حماية الجيش وندعمه بجميع الوسائل المتاحة لنا وإن سمح لنا بمساندته الميدانية، فلن نتردد على الإطلاق، من صغيرنا حتى كبيرنا>.

 

جثث شبان معلولا تشهد على الاجرام

تنسيق-ميداني-في-الجرود----3

كان لافتاً خلال الاسبوع الماضي اعلان جهاز الامن العام اللبناني العثور على رفات خمسة شبان من أبناء معلولا السورية موجودة في لبنان، وذلك بعد ان اختطفوا من بلدتهم في العام 2013 على يد المجموعات المسلحة التي هاجمتهم. هؤلاء الشبان كان يُعتقد في البداية، ان جثثهم تعود لعسكريين لبنانيين مُختطفين على يد <داعش>. وقبل نهاية العام الماضي، كان طلب الامن العام من أهالي العسكريين إجراء فحوص الحمض النووي، ليتبين بعدها أن الجثث ليست عائدة لأبنائهم الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى الساعة. وتقول المعلومات إنه بعد ذلك كان لا بد من البحث عن هوية الجثث لإعادتها الى حيث يجب أن تدفن، وهذا ما دفع بالأمن العام الى طلب إجراء فحوصات الحمض النووي من قبل عدد كبير ممن فقدوا أبناءهم أو اقاربهم، في لبنان وسوريا، ليتبين اخيرا أن خمساً من هذه الجثث تعود لشبان معلولا هم: جهاد تعلب وهو شقيق الراهب الأب طلال تعلب، وابن شقيقته شادي تعلب، غسان شنيص، عاطف قلوما وهو شقيق الراهب الأب مكاريوس قلوما، وداوود ميلانة.

الأم أنييس عبرت في وسائل الاعلام عن حالة تململ يعيشها أهالي معلولا من الفاجعة التي حلت بهم، اذ لا يمكن بحسب رأيها إلقاء التهمة على جبهة <النصرة> وتنظيم <داعش> فقط، فمن اختطف الشبان تقول إنهم سوريون معروفون كانوا في يوم من الأيام جيران معلولا وقد يعودون الى بيوتهم بشكل طبيعي في المستقبل. وتقول: نحن نعلم من اختطف الأهالي واذا لم نواجه هذه الحقيقة المُرة فلن تنجح المصالحة، لأن التصالح يقوم على الحقيقة والشفافية، والتسامح يقوم على الاعتراف، وهذا جرح لا يتحدث عنه اهل قرية معلولا. ويُذكر أنه وبعد فحص الجثث تبين أن الشبان الخمسة تعرضوا لأبشع انواع التنكيل، فقُطّعت أجسادهم وتشوهت. والفظاعة هذه استدعت امنية لوالدة أحد الشبان وهي: أتمنى أن لا يكونوا قد قُطعوا وهم احياء.

أمس نفّذ الجيش عمليات عسكرية واسعة في جرود القاع ورأس بعلبك، وقصف  بالمدفعية الثقيلة والراجمات مواقع المسلحين بعد رصد تحركات مشبوهة للمسلحين أرادو من خلالها التسلل إلى الداخل اللبناني، وقد تزامنت المعركة التي امتدت حتى ساعات الفجر الأولى، مع تحليق كثيف لطيران الجيش المروحي بهدف تعقّب حركة انتشار الجماعات الإرهابية في الجرود. ويُضاف إلى هذه العمليات العسكرية، عمليات أمنية أطلقها الجيش على مقربة من الحدود اللبنانية - السورية والتي أدت إلى توقيف العديد من الأشخاص ينتمون إلى تنظيم <داعش>، كانوا يُحاولون تهريب أسلحة والتخطيط لاستهداف أحد مراكز الجيش في منطقة وادي. وفي السياق عينه، أفيد أمس عن مقتل أبو قاسم التلة المسؤول عن التفخيخ وإعداد العبوات الناسفة في جبهة <النصرة>، اثر تعرضه لانفجار عبوة ناسفة أمام مقره الكائن في خربة يونين بجرود عرسال، وإصابة معاونه أحمد أبو داوود المعروف بـ<أبو دجانه اللبناني> الذي فقد ساقيه وحالته حرجة.

أين تنتشر الجماعات المسلحة؟

راهبات-معلولا

يردد البعض بأنه لدى الجماعات المسلحة ورقة ضغط تستعملها في وجه الدولة اللبنانية تتمثل بالعسكريين المخطوفين، وأن هذا الأمر يُمكن أن يُعيق أي عملية عسكرية للجيش ينوي تنفيذها ضد هذه الجماعات سواء كانت هجومية أو دفاعية. إلا أن السؤال الذي يبرز في هذا المجال، هل الأمر متاح لهذه الجماعات بالتوغل ضمن الأراضي اللبنانية في ظل الانتشار الذي يتبعه الجيش؟ من المفترض أن مسلحي الجرود هم إما موجودون داخل الأراضي السورية أو عند اطراف جرود عرسال ورأس بعلبك، وتقدمهم بإتجاه العمق اللبناني سيواجه بخط انتشار طويل ومتين للجيش من شأنه ليس فقط أن يُصعب عليهم الأمور، بل سوف يُكبدهم خسائر فادحة خصوصاً في ظل الانتشار المحكم الذي ينفذه اللواء الثامن. وعطفاً على الدعم السياسي غير المتناهي للجيش، فهو سيمكنه من الدفاع بشراسة عن كافة الحدود ومواقعه والنقاط التي يتمركز فيها وذلك من خلال تنسيق ميداني مع عدة اطراف.

تحضيرات الجيش واستعداداته لكافة الاحتمالات بما فيها المبادرة لإنهاء الوجود الإرهابي على حدوده، يُمكن قراءتها من خلال عمليات التنسيق بين الوحدات وكيفية الانتشار، بالإضافة إلى شبكة نيران مدفعيته التي سيكون من الصعب على المسلحين التعامل معها أو اختراق مداها ودقتها. ويضاف إلى هذه العوامل، أمر غاية في الأهمية بحيث أصبح للجيش قدرة هائلة على استقدام تعزيزات عسكريّة بسرعة فائقة تمكنه من التحول من موقع الدفاع إلى موقع المهاجم بفترة قياسية وهذا خيار قد يعتمده في أي وقت وبحسب ما تتطلب الحاجة. هذا مع العلم أن الحدود اللبنانية - السورية في جرود عرسال وحدها، تمتد على مسافة تراوح بين أربعين وخمسين كيلومتراً. وتبعد عرسال عن أقرب بلدة سورية وهي بلدة قارة حوالى عشرين كيلومتراً (خط نار). ومساحة عرسال مع جردها تساوي تقريبا واحداً على 22 من مساحة لبنان ككل، ولذلك يتباهى <العراسلة> ببلدتهم التي تبلغ مساحتها 5 في المئة من أصل مساحة لبنان الإجمالية 10452 كيلومتراً مربعاً.

وفي عرسال يؤكد الأهالي أن أي شخص يُلقى القبض عليه من قبل الجيش، لا يعني أن البلدة تتحمل أوزاره، ففي كل منطقة من هذا العالم، يوجد الصالح والطالح. والملاحظ أنه ولدى التوجه بالسؤال إلى أطفال عرسال عن نظرتهم إلى مستقبلهم، فيُجيبون على الفور، أن أمنيتهم أن يُصبحوا جنوداً في الجيش ذات يوم.

 

ماذا عن دور حزب الله؟

 

أجواء البقاع تغلي على نار حامية على عكس حرارة الطقس المنخفضة إلى ما دون الصفر في الجرود، إذ إن كل الأنظار متجهة إلى الجماعات المسلحة التي تنتشر داخل بقع جغرافية متفرقة ضمن مساحة تتجاوز خمسين كيلومتراً على طول الحدود مع سورية وما زالت تُشكل مصدر قلق كبير للجيش اللبناني وحزب الله على حد سواء، وأيضاً لأهالي البقاع الشمالي الذين باتوا يستشعرون بخطر يتهدد حياتهم أكثر من أي وقت خصوصاً في ظل المعلومات التي ترد تِباعاً عن نية هذه الجماعات التحضير لعملية عسكرية باتجاه بلدات لبنانية حدودية كسراً لعملية تضييق الخناق التي يقوم الجيش اللبناني من الجهة اللبنانية، والنظام السوري وحزب الله من الجهة التي تمدّهم بالسلاح من جهة أطراف درعا والقنيطرة.

أعداد من مقاتلي حزب الله داخل البلدات والقرى البقاعية المحسوبة عليه إداريّاً ومذهبياً تم وضعهم في أجواء حصول اي معركة بشكل مُفاجئ، وذلك منذ فترة وجيزة، وقد سرت أخبار أخيراً تقول ان قيادة الحزب أصدرت توجيهاً خاصاً إلى هؤلاء وتحديداً في منطقة البقاع - الهرمل طلبت فيه ضرورة التحضير للدفاع عن قراهم على خلفية وجود معلومات تفيد عن تحضيرات عسكرية كبرى لدى الجماعات الارهابية  للقيام بهجوم على عدد من المناطق اللبنانية انطلاقاً من الجرود عبر عرسال وصولاً الى رأس بعلبك والقاع، كما تمت دعوة عدد كبير من الشبان البقاعيين للالتحاق بمراكز التدريب التابعة لـحزب الله تحضيراً للأيام المقبلة وما يمكن ان تحمله على هذا الصعيد. ورغم عدم نفي أهالي هذه البلدات أو تأكيدهم لهذه الدعوات، تجدهم في حال تأهب دائم ومستعدين للذهاب إلى أي معركة يمكن ان يدعوهم حزب الله لخوضها.

أما بالنسبة الى الاخبار التي يتم تناقلها عن حزب الله وخسارته للعديد من العناصر، فلا وقت لدى حزب الله بحسب مصادره، للالتهاء بالتسريبات الإعلامية هذه، فالهدف الأساسي بالنسبة اليه هو حتمية إنهاء حالة الجماعات المسلحة الموجودة ضمن نطاق خطير لطالما اعتبره هو والنظام السوري نقاطاً استراتيجية بالغة الأهمية نظراً لمدى ترابطها وتلاصقها بالحدود مع إسرائيل التي تموّل وتسلح هذه الجماعات بأشكال مختلفة، وهذا ما يؤكده سير الأحداث الواقعة منذ اغتيال إسرائيل مجموعة من عناصر الحزب في القنيطرة لغاية اليوم، حيث يُحكى عن زج الحزب بأربعة آلاف مقاتل من قواته الخاصة، بالإضافة الى ألوية أخرى من جيش النظام والحرس الثوري الإيراني لإنهاء وجود جاهزون-في-كل-المواسم-لقطاف-النصر-----2الجماعات المسلحة في درعا والقنيطرة بإشراف قيادتي الحزب والحرس الثوري الايراني.

وعن دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله السابقة، إلى التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري لمواجهة الإرهاب، تتقاطع معلومات شبه مؤكدة، بأن حزب الله يُدير في غالبية الأحيان التنسيق الميداني بين الجيشين اللبناني والسوري من خلال غرفة عمليات ميدانية يُديرها هو بنفسه لكن بالتعاون والتنسيق بين الجهتين. وهنا تؤكد مصادر الحزب، انه في كثير من الأحيان، كان لطيران الجيش السوري الدور الأبرز في ضرب الجماعات الارهابية التي كانت تحاول التقدم باتجاه نقاط للجيش اللبناني ومراكز تابعة لحزب الله في العديد من مناطق الجرود.

جولة الحريري على رجال النصر

كثيرة هي الأسباب التي تدفع قيادة الجيش إلى التعامل بحرية ومسؤولية كعادتها، مع الأحداث التي تطرأ على الساحة الداخلية وتحديداً لجهة التعاطي مع ملف الإرهابيين عند الحدود. الدعم السياسي يأتي في المرتبة الأولى في ظل حكومة وحدت قرارها في جميع المسائل التي تتعلق بأمن الوطن والمواطن بالإضافة إلى الثقة التي منحتها الحكومة للجيش لناحية تعاطيه مع ملف الإرهاب من دون رحمة، وقد تتوج هذا الدعم منذ أيام قليلة، بالزيارة التي قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري إلى جنوب الليطاني بمرافقة وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزف عون. وقد مدت هذه الزيارة الجيش بجرعة ثقة كبيرة خصوصاً في ظل تأكيد الحريري على أن مهمة الجيش لا تقتصر على منطقة واحدة، إذ إن حماية كل بقعة من هذا الوطن، هي من مسؤولية مؤسسة الجيش وحده.

رجال من أبناء تراب الوطن، يطلّون من خلف الجبال ويُطلقون صرخات باسم الوطن تُردّد الوديان صداها. هم أصحاب جباه ما تعوّدت إلا النظر شطر السماء وما عرفت الانكسار يوماً، وها هو نهر البارد ما زال يشهد على رجال عاهدوا وطنهم بالدفاع عنه تحت عنوان <شرف تضحية وفاء>. رجال تمتزج دماؤهم بلون الأرض فتُنبت اقحواناً يبقى أبد الدهر ليُصبح رفيقاً لتراب يشهد مع كل طلعة شمس، على قصص الرجال الرجال الذين يتحملون وحدهم أوزار حروب تفرض عليهم ولا يختارونها، لكن يُكتب لهم فيها النصر على الرغم من الإمكانيات المتواضعة في قلّة العديد والعتاد.